بناء الثقة من جديد

Picture1.png

ريك بِينكستِن

 عبدالرحمن السليمان (أستاذ الترجمة في جامعة لوفان في بلجيكا)

    لا يكاد يمر يوم إلا وتطالعنا وسائل الإعلام الغربية بأن الغرب قد أصبح مرهقًا، وأن الناس فيه قد أصبحوا يائسين. لقد أصبحت السياسة معقدة جدًا وفقد المواطن ثقته في الأحزاب التقليدية التي تصدرت المشهد السياسي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الآن. وتجزَّأ عالم الاقتصاد حول العالم وتقوقع في حسابات مصلحية معقدة نتيجة للعولمة الجارفة حتى استعصى فهمه على المواطن العادي. وجاء التطور التكنولوجي السريع ليدق إسفينًا بين الأجيال ويحدث شرخًا بين الأجيال الناشئة وبين من تجاوزوا العقد الخامس من عمرهم حتى فقدت شرائح مهمة من المجتمعات الغربية عمومًا ومن المجتمع البلجيكي خصوصًا بوصلتها السياسية والاجتماعية والأخلاقية. لذلك يوجه عالم الأنثروبولوجيا البلجيكي ريك بِينكستِن كتابه هذا إلى "اليائسين والمحبطين والذين فقدوا بوصلتهم الأخلاقية" بهدف مواساتهم وطمأنتهم بأن ثمة بدائل للحالات التي سببت لهم اليأس والإحباط، تساعدهم في إعادة بناء الثقة التي تعينهم في مواجهة تحديات الحياة برؤية وعزيمة. يقتضي بناءُ الثقة من جديد الاختيار بوضوح بين القومية الشعبوية من جهة، والعالَمية اللاقومية من جهة أخرى. كما يقتضي تغييرَ العالم من خلال المشاركة الفعالة على مستوى الحي والاهتمام الحقيقي في العالم ومشاكله. من أمثلة هذه المشاركة الفعالة: المواد الغذائية. لقد كانت المواد الغذائية لقرون عديدة نشاطًا أُسَريًا محليًا. أما اليوم فتسيطر عليها صناعة الأغذية العالمية التي جاءت مع العولمة. ولعل في إعادة صناعة المواد الغذائية إلى السياق الأسري المحلي عنصر من عناصر توحيد المجتمع وإعادة بناء الثقة فيه على مستوى الغذاء. وهذا مثال من أمثلة كثيرة يطرحها الكتاب في سبيل إعادة بناء الثقة عند مَن جعلتهم العولمة وتحدياتها الكبيرة، بل وتغولها في سياقات كثيرة تمس الحياة اليومية للمواطن الغربي (وغيره)، يقعون فريسة سهلة لليأس والإحباط ثم لليمين الشعبوي المتطرف.             

 

يتألف الكتاب مقدمة بعنوان "قصة أوروبا"، ومن جزءين عَنوَن الكاتبُ الجزءَ الأول منهما بـ "عناصر التحليل"، والجزءَ الثاني بـ "دعوة إلى السيناريوهات التقدمية"، ثم ختم الكتاب باستنتاجات عامة. ويستهل الكاتب الجزء الأول بكلمة موجهة إلى القارئ يقول فيها: "عزيزي القارئ، إذا واجهت في كتابي هذا نقدًا، فجيب عليك أن تكون سعيدًا لذلك، ذلك لأن حرية التعبير مستهدفة اليوم أيضًا كما كانت مستهدفة في الماضي". ويضيف: "لا يمكن لأي عاقل اليوم أن ينكر أن الغرب خلّف وراءه تاريخًا حافلاً بخنق الحريات وخصوصًا حرية التعبير عن الرأي المخالف". ويرى الكاتب أن "المحرقات والسجن والتعذيب في العصور الوسطى والتالية لها، واحتلال مناطق الذين يُختلف معهم في المعتقد، وأخيرًا الفاشية وشيوعية الدولة "، وما نتج عن ذلك من حروب ومآسٍ كونية، "إنما نشأت وتغولت في ثقافتنا" الغربية. لا يحصر الكاتب هذه التطورات السلبية بالغرب وحده، "ذلك أن الحالة في أماكن أخرى من العالم ليست أفضل بكثير" مما هي عليه في الغرب. لكن الكاتب يحصر الكتاب في الحالة الغربية لأن تأثير القارات الأخرى على النظام والسلم العالميين ليس بحجم تأثير الغرب عليهما.  ويرى أن هذا التأثير كان ولا يزال بسبب قوة الغرب الاقتصادية والعسكرية. لكنه يستدرك قائلاً: "إن التفوق والشعور الزائف بالأمن" اللذين نتجا عن القوة الاقتصادية والعسكرية للغرب "في تراجع مستمر"، ثم يختم بالقول "إن الغرب يمر اليوم في مرحلة تحول واضحة".

 

ثم يشير الكاتب إلى نقطة تحول إيجابية نشأت نتيجة لأعمال المفكرين الإنسانيين في القرنين السادس عشر والسابع عشر وكذلك نتيجة لعصر التنوير، "وهي ثقافة النقد التي صِيغت فيما بعد في مبادئ أخلاقية وقانونية لترسيخ حرية الرأي وحقوق الإنسان وإدارة الخلاف بفضل نظام الشورى الديموقراطي". لكن هذه المبادئ تتراجع في العالم هي الأخرى نتيجة لتراجع القوة السياسية والاقتصادية للغرب الذي أعيد بناؤه بعد الحرب العالمية الثانية. وإذا كانت الحرب الباردة التي كانت منذ نهاية حرب فيتنام سنة 1960 حتى هدم جدار برلين سنة 1996 قد ألقت بظلالها على عملية إعادة البناء، "فإن الغرب بنى في أعقاب الحرب العالمية الثانية مجتمعًا مزدهرًا تطول فيه أعمار الناس، ويزدهر فيه العلم والاقتصاد، ويكثر فيه الاستهلاك، ولا تنشب فيه حروب" أو نزاعات مسلحة. ويربط الكاتب التحولات في الغرب بانهيار الاتحاد السوفييتي بداية التسعينيات من القرن الماضي ثم هدم جدار برلين الذي تلاه. "لقد ترجمت هذه التحولات نفسها بعولمة رأسمالية متوحشة ذات تطورات داخلية (عسكر في الشوارع الأوربية) وخارجية (حروب الخليج) لم تنته بسلام دائم". لكنها – أي تلك الحروب – "بقيت تلقي بظلالها على مناطق تتفكك شيئًا فشيئًا". وزادت موجات الهجرة نتيجة للنزاعات المسلحة وتغير المناخ في العالم من حدة هذه العولمة المتوحشة أصلاً. وصار الاقتصاد بمثابة الفزاعة التي يوظفها "خبراء اقتصاديون يظهرون من وقت لآخر" للتأثير في المواطنين بهدف إسكاتهم. وهكذا يبدو أن مشاكل العالم كله تختزل في الاقتصاد فقط. ويرى الكاتب أن المعلومات التي يقدمها الخبراء الاقتصاديون ومراكز الخبرة ليست دائمًا صحيحة، وأن المواطنين لا يفهمون دائمًا شروح هؤلاء الخبراء بسبب التعقيد الكبير في عالم الاقتصاد والمال الذي نعيش فيه. وعبر الكاتب – وهو عالم أنثروبولوجي مرموق – عن عدم ثقته المطلقة في المعلومات التي يقدمها خبراء الاقتصاد، وأنه يطمئن أكثر لموقع (Real-World Economics Review Blog) الذي يشرف عليه "علماء اقتصاد ذوو رؤية مخالفة للرؤية الاقتصادية السائدة،  تمكنوا من وضع علامات استفهام حول القواعد والخيارات الأساسية للعبة الاقتصادية الدولية المعقدة". ثم يدعو الكاتب إلى التخلص من الحقيقة المسلم بها بأن الاقتصاد هو النشاط الوحيد المهم للإنسان لأن هذه الحقيقة المسلم بها تعني بأن "القيمة الرئيسة للإنسان" إنما هي "قيمة السوق" فقط. ويمثل الكاتب على خطورة هذه الحقيقة المسلم بها بنشاط منظمة (OESO) التي تضم أغنى أربعين دولة في العالم. تبحث هذه المنظمة باستمرار في المهارات الرياضية في تلك الدول من خلال البحث الحصري في مهارات الأطفال التسويقية (ما يعرف ببحث PISA)، ثم تصيغ بناء على النتائج توصيات للعمل بها في أنظمة التربية والتعليم لتلك الدول الغنية بهدف تنمية تلك المهارات التسويقية. إن "حلم" هذه المنظمة هو تطوير امتحان موحد للعالم كله، الشيء الذي يؤدي إلى ترسيخ تعليم المهارات التسويقية وآليات السوق. ويستنتج الكاتب بأن هذا يعني "أن التربية والتعليم تختزلان في تعليم الاقتصاد والتسويق في سياق تنافسي شرس". ويبرهن على نتائج هذه المقاربة بانتخابات بعض الدول المهمة في العالم "التي لم تعد تنظم حول رؤى اجتماعية وإنسانية واسعة" كما يقرر الكاتب، "بل حول السؤال فيما إذا كان النموذج الاقتصادي العالمي (كما ترى هيلاري كلنتون ويرى إيمانويل ماكرون على سبيل المثال) أو الاقتصاد الوطني (كما يرى دونالد ترمب وفيكتور أوربان على سبيل المثال) هو الأنموذج الذي يجب أن يحتذى به". انعكست هذه الرؤية الاقتصادية الضيقة على النظرة السائدة اليوم إلى مشكلة اللاجئين "التي تُختزل (عند الأحزاب الشعبوية القومية) في عنصر تهديد للازدهار الاقتصادي أو – في أحسن الأحوال – في تأمين ذلك الازدهار الاقتصادي" كما ترى المستشارة الألمانية أنجلينا ميركل. والنظرتان محض اقتصاديتين. ويتوقف الكاتب في تحليله عند تراجع النظرة إلى الإنسان التي تبلورت بعد حروب قومية مدمرة والتي اعتبرته مواطنًا مساويًا لغيره من المواطنين في الحقوق والواجبات، وعند عدم جدواها في النقاش الدائر. تتمثل تلك النظرة في اعتبار الإنسان كائنًا بيولوجيًا واجتماعيًا وأخلاقيًا ومعتقدًا وأيضًا اقتصاديًا. ويدعو الكاتب إلى الحفاظ على هذا التنوع داخل الكائن الإنساني وعدم اختزاله في نوع واحد هو الاقتصاد كما يحدث الآن في الغرب، "لأن هذا الاختزال للإنسان في الاقتصاد عديم الجدوى مثله في ذلك مثل اختزاله في الدين عند بعض التيارات الأصولية في اليهودية والنصرانية والإسلام والهندوسية في الهند اليوم" كما يستنتج الكاتب. ويختم الكاتب بالقول بنبرة تقريرية إن التركيز المبالغ فيه جدًا على الإنسان المنتج اقتصاديًا يصبح مع مرور الوقت منفصلاً عن الواقع، ذلك لأن المكننة تقضي بسرعة فائقة على وظائف كثيرة  من جهة، ولأن الإنسالة[1] تحل – جزئيًا – محل  الإنسان في ممارسة بعض وظائفه التقليدية من جهة أخرى. وهذا السبب بالذات أدى إلى نشوء طبقة البريكاريا، وهي طبقة اجتماعية متزايدة بدون تخصص اقتصادي أو تسويقي دقيق أو فريد يمكن أفرادها من تأمين موقع لهم في سوق العمل.  أضف إلى ذلك أن مدة التعليم تطول وأن أعمار السكان تطول بحيث يصبح عدد كبير من السكان غير منتج اقتصاديًا. ويضيف الكاتب: "إن مجتمعًا يتطور هكذا لا يمكن له – سياسيًا – أن يحافظ على تركيزه على العمل المأجور عليه ماديًا فقط، ذلك لأن نصف السكان سيكون ضد هذه الفكرة" لأنهم سيكونون غير منتجين اقتصاديًا، إما بسبب أعمارهم المرتفعة، أو بسبب قلة تعليمهم أو تخصصهم الدقيق أو لأن الإنسالة حلت محلهم في ممارسة وظائفهم وأعمالهم التقليدية.  ويرى الكاتب في نهاية فصله هذا أن الساسة اليوم لا يستوعبون خطر هذا التطور الذي يؤدي إلى تهميش نصف المجتمع على المستقبل، لأن هذا النصف هو الذي يصبح القاعدة العريضة للأحزاب الشعبوية والحركات القومية المتطرفة. يتزامن التطور مع إعلان موت الإيديولوجيتين القديمتين: الليبرالية التقليدية والاشتراكية، هما وكل إيديولوجية انبثقت عنهما مثل حركة الديموقراطيين المسيحيين وحركة الديموقراطية الاجتماعية وحركة الليبرالية الاجتماعية، ومعهما كل الاقتراحات الرامية إلى التسوية الاجتماعية. والإيديولوجية الوحيدة المتبقية هي الليبرالية الجديدة بتيارَيها الاثنين: التيار الكوني العولمي الذي يعطي الفرد الحق المطلق في استغلال العالم وما فيه من مواد أولية وخيرات ويرى أن على المجتمع الدولي أن يسهل هذا الاستغلال؛ والتيار القومي الذي يربط الخطاب الاقتصادي الليبرالي بالهوية الثقافية للشعب أو الثقافة المحلية، وبوضع حدود واضحة لحقوق الآخرين.

 

ينطلق الكاتب في الجزء الثاني من كتابه، الذي عنونه بـ "دعوة إلى السيناريوهات التقدمية"، من ضرورة الاعتراف بالحالة العاطفية لذلك النصف الذي يشعر باليأس والخوف والذل أيضًا. ويقرر بأن "الاغتراب والخوف زادا وأن الشعبويين يثبتون كل يوم أن هذا الاغتراب وهذا الخوف يشكلان مصدرًا فعالاً ليس من أجل الوصول إلى السلطة فحسب، بل ومن أجل بث مشاعر الكراهية ضد الآخرين". ويرى الكاتب أن على التقدميين أن يعترفوا قبل كل شيء بتزايد قاعدة ظاهرة القلق في المجتمع بدلاً من فسلفتها أو تفسيرها ضمن أطر نظرية عقلانية معروفة. ويمثل الكاتب على ذلك بالنقاش الدائر حول مشاكل المناخ في العالم ويلاحظ في هذا الشأن بأن "تاريخ النقاش الدائر في المناخ اليوم يعلمنا بأن البراهين العقلية لوحدها لم تعد مجدية"، وأنه لم يعد كافيًا "أن نعرف بأننا سنجعل الملايين من الناس يغرقون في البحار بسبب الحروب، وأننا سنجذب إلينا الملايين من اللاجئين بسبب التطورات المناخية إذا لم نترجم هذه المعرفة إلى إجراء ملموس على الصعيدين العاطفي والعقلاني" كما يرى الكاتب. ثم يتوقف الكاتب عند النقطة التي يجب على التقدميين أن ينطلقوا منها، "وهي ما يربط الناس في المحيط المباشر لهم، والإنسانية جمعاء، ببعضهم خارج الأطر الإيديولوجية التقليدية "، وبالتحديد "ما يربط الناس ببعضهم في الرأس والقلب" معًا. بكلام آخر: يجب توظيف العاطفة إلى جانب العقل في عملية استعادة الثقة وبنائها من جديد. ويضيف الكاتب أن توظيف القلب في الأعمال الخيرية عمل مهم وجليل بجميع المعايير "حتى وإن بدا أن نتائج هذا التوظيف للقلب في التضامن قد أبطله قمار رجال المال ومغامرات الحكومات اليمينية التي تحتقر الفقراء وتمجد الأغنياء" في مجتمعاتهم. لكن الكاتب يستدرك بالقول إن العمل التطوعي الذي مبعثه "حب الإنسان الآخر" لوحده غير كافٍ ولا بد من مأسسته ضمن خطة عمل يُوظَّف فيها العقل والقلب معًا لتكوين مسار تقدمي أكثر فعالية مما هو عليه الآن. ثم يوظف الكاتب مقاربته الأنثروبولوجية المفضلة وهي "معرفة الآخر وفهمه إنسانيًا" ويضيف: "عندما أقترب من أية مجموعة بشرية بهدف تعلم شيء من أفرادها وبالتالي التعرف عليها، فإني أنطلق دائمًا مما يجعل الناس – رغم كل تنوعهم – كائنات إنسانية" قبل أي شيء آخر. ثم يذكر الكاتب بعض الحالات الإنسانية المشتركة ومنها:

  • اشتراك جميع الناس في العالم في رغبتهم أن يحيوا – اليوم وغدًا – حياة كريمة. لكن العالم لم يعد مستقلاً عن بعضه وأصبحت مصالح الناس متداخلة ومشتركة. السؤال المطروح هنا نتيجة لذلك هو: كيف يُترجم تداخل المصالح هذا نفسه في الواقع؟ ينطلق الكاتب في إجابته على سؤاله هذا بأنه لا بد لكل أحد أن يتعلم كيف يتعامل مع التنوع المفروض نتيجة لتداخل المصالح وتشابكها من أجل العيش بسلام على الصعيدين المحلي والعالمي. ويضيف الكاتب: "وينبغي ترجمة هذه الحقيقة في برنامج تربوي وفي منظومة أخلاقية واجتماعية على المستوى المحلي".
  • اشتراك جميع الناس في العالم في الطعام والشراب. "لقد أصبح الناس في بلادنا يعيرون اهتمامًا كبيرًا للطعام والشراب الجيدين والصحيين والآمنين. وكلما تنشأ أزمة في قطاع الغذاء"، مثل جنون البقر والحمى القلاعية وغيرهما، "فإننا نشهد تأثيرًا كبيرًا لتلك الأزمة على الحياة الاجتماعية والسياسية" بسبب السرعة التي تنتشر بها المعلومات المتعلقة بتلك الأزمة على الصعيدين المحلي والدولي.
  • اشتراك جميع الناس في العالم في سعيهم الدؤوب لحماية أنفسهم من الكوارث الطبيعية، فلا يكتفون "بملاذ آمن" لهم يؤويهم من العواصف والبرد، بل يطمحون إلى "مسكن" مريح ذي مواصفات بيئية وصحية جيدة يمكنهم من الحياة فيه حياةً كريمةً وذلك دون إهمال الجانب الثقافي للبناء أيضًا.               
  • اشتراك جميع الناس في العالم "في تنظيم رغباتهم الجنسية وإنجاب الأطفال ضمن أطر معينة يتفقون عليها".
  • اشتراك جميع الناس في العالم في عيشهم في مجتمعات "تخضع العلاقات الإنسانية فيها إلى قواعد تنظم تلك العلاقات الإنسانية" داخل تلك المجتمعات.
  • اشتراك جميع الناس في العالم في محاولتهم المستمرة لمنح حياتهم معنى روحيًا، "فنشأت – إلى جانب الديانات – أشكال جديدة من منظومات عقدية تعين الإنسان في تجاوز حدوده الضيقة إلى آفاق أخرى تعرفه بثقافات وسياقات أخرى" تمكنه من التعايش معها.         

 

ثم يختم الكاتب كتابه بأهمية الغذاء بصفته عنصرًا موحدًا للإنسانية، فيستعرض علاقة الإنسان بالطبيعة في كوكب الأرض منذ نشأته، حيث كان مصدر الحياة فيه ما يجنيه الإنسان مما تقدمه الطبيعية من نبات وحيوان. ثم نشأت الزراعة المنظمة في العراق ومصر وغيرهما قبل اثني عشر ألف سنة، لتصبح اليوم صناعة مُعَولَمة يسيطر عليها أرباب المال في العالم الذين يتحكمون بآليات معالجتها وتجارتها في مناطق كثيرة من العالم. ويدعو الكاتب من جديد إلى التركيز على أهمية الانطلاق من العناصر التي يلتقي الناس على اختلافهم حولها، وتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية في التعاطي مع تلك العناصر المشتركة، وفي مقدمتها الموارد الغذائية، "ذلك أن الذين يموتون من التخمة ومما يسمى بأمراض الحضارة" في المناطق الغنية من العالم اليوم، "أكثر بكثير من الذين يموتون من الجوع" في المناطق الفقيرة منه.

-------------------------------------

الكتاب:    

العنوان: "بناء الثقة من جديد"

الكاتب: ريك بِينكستِن / Rik Pinxten

الناشر: دار إيبو / Epo. بلجيكا

اللغة: الهولندية

عدد الصفحات: 198 صفحة

سنة النشر: 2018

 


[1] الإنسالة: كلمة منحوتة من (إنسان) و(آلة) للدلالة على الـ robot.

أخبار ذات صلة