تأليف: آن.هـ.كيلي و فريدريك كيك و خريستوس لاينتريس
عرض: فينان نبيل | كاتبة وباحثة مصرية
شكل تفشي الأمراض المعدية، والأوبئة في العقود الماضية تحديات صحية عالمية كبرى للإنسانية. تطغى الآن التهديدات الوبائية والجائحة على واقعنا السياسي،والعقلي، والاجتماعي؛ فالأمراض الناشئة والتي تظهر من آن لآخر منذ الطاعون الدبلي الأوروبي، مرورابفيروس" نقص المناعة البشرية(الإيدز)،ثم المتلازمة التنفسية الحادة "سارس"، و"إيبولا "،إلى فيروس (كوفيد -19) المستجد تؤجج مشاعر القلق، والخوف بشأن الأوبئة المستقبلية والتي تزداد سوءا وخطورة .
تقترب الانثروبولجيا من الأوبئة كظواهر اجتماعية كلية، تشمل العمليات والأحداث التي تؤثر على الحياة الاجتماعية. يضع هذا الكتاب الأوبئة في مقدمة النقاش الأنثربولوجي،من أجل دراستها وتحليلها من الناحية العلمية والاجتماعية.
حتى نضع جائحة الفيروس التاجي- كورونا(كوفيد19) في إطاره يجب أن نعود إلى العصور الوسطى عندما ضرب الطاعون الدبلي لندن عام 1665. ظهر المرض فجأة، وأصبح على أرض الواقع "أشخاص مصابون، ومعاناة في الأماكن العامة، توقفت المتاجر، واختفي كل نشاط اقتصادي،وأقيمت المستشفيات لعزل المرضى،وحُرق الكبريت في الشوارع واستخدمت النيران لتنقية الهواء"توفي ما يقرب من ربع سكان لندن، وانتحر بعض المصابين بإلقاء أنفسهم في نهر التايمز جراء الرعب مما حدث لأجسادهم، وانهار النظام الاجتماعي مع فرار السلطات،وذهب سائقو "عربات الموت من بيت إلى بيت،وجمعوا الجثث مقابل رسوم،بينما نهب بعض الناجين الممتلكات.
كانت إيطاليا أكثر الدول تضررا في القرن الرابع عشر من "الموت الأسود" وهي من الدول الأكثر تضررا في القرن الحادي والعشرين من "فيروس كورونا المستجد" فقد كانت إيطاليا مركزًا للتجارة المتوسطية، ووصل الطاعون على متن السفن التجارية، فكان الناس يمرضون عندما يتنفسون أو يصابون بالمرض من خلال مسامهم.
على الرغم من براعة الغرب الطبية الحيوية الحديثة، فإن بعض أدواته الواضحة تشبه ما تم تجربته لأول مرة في القرن الرابع عشرمثل “الحجر الصحي"، حيث تم عزل مئات الملايين من الأمريكيين والأوروبيين في منازلهم في محاولة لإبطاء انتشار الفيروس التاجي".نشأت فكرة العزل كآلية للدفاع ضد الأمراض المعدية في دولتي البندقية، وفلورنسا حيث بدأت البحرية البندقية في إجبار البحارة على النزول على جزيرة قريبة، والبقاء لمدة أربعينيوما" "كوارنتا".تم اختيار المدة لأهميتها في الكتاب المقدس، فيشرع الناس في "أربعين يومًا من التوبة والعقاب الذاتي والصلاة". نجحت الاستراتيجية،وماتت البراغيث الموبوءة بالمرض وانتهىالمرض،وتعافى الناس. كذلك فعل الأمريكيون العائدون من ووهانا، الصين، في أوائل فبراير 2020".تم حجرهم في قواعد الجيش لفترة الحجر الصحي"أربعة عشرة يومًا.
يمكننا أن نرى جذور العديد من جوانب الصحة الحديثة بالفعل في عصر النهضة، مثلزي الشمعالذي كان يرتديه الأطباءالذي يشبه الثوب الطبي الحديث، أو هذا النوع الذي يشبه بدلة الفضاء" ولكن مع منقار طويل يحتوي على الأعشاب الرنانة. والتي كان يعتقد أنها “تنقي الهواء الذي يتنفسونه". لقد كان للزي، في الواقع، بعض القيمة الوقائية"، لأن الشمع ضد البراغيث التي حملت المرض. كان الطاعون أكثر ضراوة من الهجوم العسكري، وكانت الاستجابة غالبًا تشبه الحرب، فكانت إحدىالاستجابات هي "التطويق الصحي"للمدن،وعدم السماح لأي شخص بالدخول أو الخروج، وأوامر بإطلاق النار عند العبور"، تم نشر الجيش النمساوي في القرن الثامن عشر"لمنع الطاعون الدبلي من التحرك إلى أعلى شبه جزيرة البلقان إلى أوروبا الغربية" عن طريق إيقاف المسافرين الذين ربما يحملون المرض.
تصنع الأوبئة نظاما بيروقراطيا كما تصنع الحروب الدولة،فكلاهما يتطلب الإدارة والتمويل، فكذلك يحتاج الحجر الصحي إلى "قوة الشرطة واحتكار القوة على مساحة واسعة، وقد تدعو الحاجة إلى تمركز الحراس خارج منازل الأشخاص الذين أصيبوا بالطاعون،ولا يُسمح لأحد بالدخول أو الخروج.
يمكن للأمراض المعدية أن تغير المشهد المادي،فعندما أعاد نابليون بناء باريس في منتصف القرن التاسع عشر، كان أحد أهدافه هو الحماية ضد الكوليرا، فصممت شوارع عريضة، حيث يمكن نفاذ الشمس والضوء. أصبحت فيروسات الجهاز التنفسي سمة أكثر ثباتًا للحياة في الغرب، فيمكن أيضًا تنفيذ التغييرات في وسائل النقل العام وتقسيم المناطق استنادًا إلىذلك.
كانت هناك ثقة حقيقية في أن جميع الأمراض المعدية ستكون شيئًا من الماضي بعد الحرب العالمية الثانية، وستبقى الأمراض المزمنة والوراثية، وأنانتشار العدوى، والأوبئة، لنتبقى بسبب تطور العلم"،إلا أن التطور لحق بمسببات الأمراض التي يمكن أن تنشر الأوبئة العالمية كما لحق بالعلم. حتى في بيئات الاستشفاء الغنية بمضادات الميكروبات في أوروبا والولايات المتحدة، تعد الأوبئة هي الجانب المظلم للتطور والتقدم الطبي والسياسي،في حين يحتل تسرب الفيروسات من الحيوانات البرية لسكان القرى النائية مكان الصدارة في التكهنات بنهاية العالم. إنها تمثل استحالة تأمين الكيان السياسي في عالم يزداد ترابطه من الناحية التكنولوجية أكثر من أي وقت مضى.لم يطلق مفهوم "الوباء" "أو "الجائحة"على الأمراض التي تنتشر في أنحاء العالم إلا منذ أواخر القرن التاسع عشر. أصبح التصدي والاستعداد لظهور الأوبئة الجديدة أمرا لا مفر منه، وأصبح مادة خصبة يمكن التنبؤمن خلالها بمستقبل البشرية.
لا تعتبر دراسة الأوبئة من المنظور الأنثربولوجي مجرد دراسة للمرض وإنما تطرحتساؤلا حول الآليات التي يمكننا من خلالها أن نعيش معا،وطريقة تأثيره في العلاقات الاجتماعية، التي يتم تشكيلها من خلالالمعلومات،والاتصال، والمفاهيم الفيروسية المستحدثة.
بدأت في منتصف التسعينات دراسة فيروس نقص المناعة البشرية(الإيدز) ضمن مجموعة واسعة من الأمراض المعدية مثل "الكوليرا والطاعون،والأنفلونزا، وفيروس الإيبولا"، لتقديم نموذج عام في الأنثربولجيا الطبية، والتحديات المنهجية، والمعرفية التي يواجهها هذا التخصص.يرى الكاتب أن التوسع الأمبريالي استغل تفشي الأوبئة لخلق سياقات ومبررا لسياسات الفصل وإعادة التوطين والحجر الصحي، ومراقبة السكان،كما كانت الأوبئة محفزا للاكتشاف والابتكار العلمي،والتطور في علم الجراثيم والطفيليات، وكان السكان الأصليون محورا لهذا المجال الجديد من البحث العلمي، وتم تصنيف التقاليد المحلية،وطرق المعيشة، على أنها موارد علمية للطب الاستوائي. والالتزام المنهجي بالعمل الميداني طويل المدى فعندما ضرب الطاعون الدبلي الهند، وهي مستعمرة بريطانية، في أواخر القرن التاسع عشر، اتخذ المستعمر البريطاني تدابير مضادة للأوبئة - شديدة القوة والسلطة، ولكن من قبل حكومة استعمارية، على السكان الأصليين". اعتبر سكان الهند ذلك أكثر خوفًا من الطاعون نفسه" وقاوموافي ظل قلق بريطاني من أن "تكون هذه بداية القومية الهندية الحديثة". تراجعت عن الإجراءات التي كانت غير فعالة على أي حال، وقد ذهب البعض إلى تورط الأنثربولوجيا في السيطرة الاستعمارية على السكان الأصليين.
توصل " ليفي برول" في كتاب"نهاية العقلية البدائية" إلىأنّ التطعيم الجماعي يفشل إذا لم تتغير المفاهيم المحلية للأوبئة، وهو درس استخلصه "ليف اوناكو" من زيارته للفلبين كخبير في الحكومة الاستعمارية الأمريكية للأوبئة، فقد عزز الاهتمام الإثنوغرافي بسبل العلاج وطقوسه متخذا خطا استدلاليا تجريبيا مقارنا بين الطب النباتي والطب الغربي،إلى جانب التفسيرات الثقافية لتفشي المرض وطرق انتقالها، وتوفير متطلبات الحد من انتشارها، مثل توعية الفرق الصحية، بمعتقدات المرض عند السكان الأصليين، والممارسات التي قد تسبب معوقات، وتعزيز الثقة في الأطباء. ويربط بين الممارسات الثقافية باعتبارها عاملا في نقل المرض،كالاهتمام بالنظافة. يرتبط الأمن الصحي بالأمن العالمي؛ فاستراتيجيات احتواءالمرض لا تعتمد فقط على برامج صحية،بل على تعزيز الملاءمة الثفافية والخبرات المحلية للأحداث الوبائية، التي تفسر الأهمية البالغة لاستقصاء الآثار الاجتماعية المختلفة لتفشي الأوبئة وأشكال الإقصاء الاجتماعي ضد المرض، وانتشار الذعر، وإلقاء اللوم على المرضى الذين يسود بينهم نتيجة الوباء.
حاول الاستقصاء الأنثربولوجي فهم الأوبئة وما لحقها من وصمات،وعزل للمرضى، فوجد أن الأوبئة لديها القدرة على إعادة ترتيب العلاقات الاجتماعية،واستحداث أمور لا تتعلق فقط بالمعاناة الجسدية،ولكن أيضا بالأزمات الأخلاقية التي يمكن أن تقلب الوجود الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، أدى تفشي فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب "الإيدز"إلى تغيير أبعاد الارتباط الأنثربولجي مع الأوبئة وإعطائها مكانا أكبر.من ناحية أخرى، فإنّ فاعلية العلاج المضاد للفيروسات ساهم في إزالة خطر السلوك الاجتماعي تجاه المرضى؛ لأنّه أصبح من الممكن السيطرة على توزيع الأدوية المنقذة للحياة، مهما كلف الأمر من معاناة على الاقتصاد السياسي العالمي من أجل إنقاذ الأرواح. جدير بالذكر أنّ مجلس الأمن أعلن في خطوة غير مسبوقة أنّ مرض نقص المناعة البشرية "الإيدز" يشكل تهديدا للأمن الدولي في أفريقيا.إنّ إدراج الأمراض المعدية في المخاطر الأمنية جعل المصابين شكلا من أشكال التهديد الوطني،ووصل الأمر إلى عسكرة ممارسات الصحة العامة أحيانا.
ألقى علماء الانثربولجيا الضوء على الأبعاد الجيوسياسية والأمنية للبيولوجيا، وكيف تشكل الأوبئة تهديدا وشيكا دائما، مما يؤكد سلطة الحكومات من أجل السيطرة على سبل المعيشة،كما ركزت على التوسع في استراتيجياتالاحتواء، وتضييق ممارسات الصحة العامة وإعطاء الأولوية للمخاطر المتوقعة التي تشكلها الأوبئة.
جمع الكاتب بين الانثربولجيا ومجال الأوبئة،فقدم دراسة للأمراض ذات الأصل الحيواني وانتقال أنواع منها للإنسان وهي فكرة طبية حديثة، ولكنها اكتسبت كامل قوتها فيما يتعلق بمرض الطاعون في العقود الأولى من القرن العشرين، وهي تعتبر اليوم أكثر المسائل الوبائية إلحاحا، بسبب التطورفي علم الفيروسات، التي أصبحت قادرة على التحول والوصول إلى البشرمما يؤدي إلى وفاة أعداد كبيرة من السكان حول العالم.لم يعد الأمر لغزا علميا، بعد زيادة التغطية الإعلامية لتلك الأمراض ذات المنشأ الحيواني مثل "السارس، والإنفلونزا، والإيبولا" وتصوير الحيوانات على أنها مصدر الفيروسات القاتلة التي تهدد البشرية بالانقراض،وتعرض السياسة الصحية العالمية وطرق مواجهةالاتجاه العام لاعتبار الحيوانات مصدر خطر،مع محاولة الفهم التاريخي والإثنوغرافي والعلمي، إضافة إلى التوضيح الاستقرائي لتطور الأمراض ذات الأصل الحيواني في القرن الحادي والعشرين.
لم تعد الحيوانات مجرد ناقلات سلبية بل أصبحت ينظر إليها كأطراف فاعلة في شبكات التعايش، مما يثير أسئلة في علم الأحياء التطوري عن تطور الميكروبات في النظم البيئية المعقدة،مع إيلاء الانتباه إلى تجاوز ما يبدو أنه حدود بيئية؛ فقديما انتقل السل من الأفيال للبشر كمرض حيوي عكسي بعد صعود السياحة البيئية،والآن انتقال فيروس كوروناالمسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية. ازدادت الحاجة للتعاون بين الأطباء البيطرين وعلماء البيئة وعلماء الأحياء الدقيقة وعلم الأوبئة لتوفير المعرفة حول أسباب انتقال الأمراض من الحيوانات إلى البشر.
لعب التصويرالفوتوغرافي دورا هاماأثناء تفشي الأوبئة في إقرار الثوابت الوبائية في الاستجابة للأمراض المعدية، فاستخدم التصوير في رسم خرائط للمناطق الوبائية، من خلال صور حية لأسواق الحيوانات الطازجة في الصين باعتبارها منطقة تصوير وبائي؛ فإنّ الصور ومردودها البصري يلعبان دورًا رئيسيًا في التواصل الوبائي ليس فقط من حيث التعليم والإقناع، ولكن الأهم من ذلك، كوسيلة لتحديد وضبط ما يعتبر معرفة وما يمكن يتم حذفه على أنه شائعة أو قصص أو حكايات من منظور أنثروبولوجي بصري. يشير هذا بوضوح إلى حقيقة أن صور الأوبئة والأمراض الحيوانية المنشأ ليست مجرد تمثيل للأمراض المعدية وتأثيرها الاجتماعي، بل هي بالأحرى أمور فاعلة في ساحة سياسية اقتصادية أوسع للمعرفة.
قد تثير الجائحة الحالية بوصفها خطرا وجوديا على البشرية تصورات خيالية عن نهاية العالم، مما يطلق العنان للخيال (روايات، وأفلام،وبرامج تليفزيونية، ورسوم متحركة وألعاب الفيديو)،لا ينبغي النظر لهذا الأمر كونه أوهامامروعة،بل كتابات معيارية عن العلاقة بين البشر والعالم تولد رؤى راسخة للهيمنة على العلاقات الإنسانية/غيرالإنسانية.
تستدعي الأوبئة ممارسات التبادل العلمي وتدفق المعارف، وتداول المعلومات ونظم الاتصال، التي تؤدي إلى استقرار الأزمة، كما يستدعي الاهتمام بالبنية التحتية الحضرية.طور علماء الأوبئة مصطلحات مثل "البقعة الساخنة "أو "الزخم الفيروسي" لتعكس الزمان والمكان الذي يمكن أن يؤدي إلى ظهور مرض وتوطنه في مجتمع بشري؛ مما يدل على أن انتقال العدوى ليس “لحظة واحدة" أو نقطة "اتصال واحدة".
ينتبه الأنثروبولوجيون للجوانب الاجتماعية المصاحبة لمحاولات السيطرة على الأوبئة؛فالتوسع الحضري والقدرات والاستثمارات تطرح تحديا واضحا فيما يتعلق بمصداقية مكافحة الأوبئة،وتقديم الرعاية الصحية الأولية،والتدخل الإنساني،والبحوث الوبائية؛فالأمر لايتوقف فقط على نتائج علمية ذات مصداقية ولكن أيضا على كيفية تحقيقها.أشار علماء الأنثروبولوجيا إلى الدور الحاسم الذي يؤديه الفقر في تضخيم الوباء، وأوجه الإجحاف الشديد في مجال الصحة التي تصاحب محاولة السيطرة على الوباء،كذلك التقاليد الثقافية المتعلقة بالدفن، وطرق العلاج البدائية أو السحر.
أثرتالفيروسات المسببة للأمراض في حياة البشر لقرون عدة على الرغم من صغر حجمها، وأنها لا تُرى بالعين المجردة،على الاقتصاد والثقافة وحتى العاداتاليومية، واستمرت هذه الآثار بعد انقضاء فترة طويلة من الأمراض المعدية. لقد غيرت الأوبئة في أعداد السكان فقد قتل الطاعون أو الموت الأسود مالا يقل عن ثلثي سكان أوربا آنذاك؛ مما أدى لبطء التوسع الحضري وعودة السكانإلى الريف.كان للبحث عن علاجات للأوبئة تأثيرات اقتصادية على مر القرون؛ فبمجرد اكتشاف "الكينين"كعلاج للملاريا أصبح أكثر قيمة من الذهب، وفي أواخر الثمانينات من القرن التاسع عشر عانت تونس من عدة أوبئة شديدة مثل الكوليرا، والتيفوئيد مما استنفد مواردها الاقتصادية بشدة لدرجة أنها لم تكن قادرة على سداد ديونها مماجعلها عرضة للاحتلال الفرنسي.كما يبدو أن أصول العديد من العاداتالغذائية مرتبطة بالأمراض المعدية، حيث يعتبر استهلاك الحليب الخام غير قانوني في العديد من البلدان؛ لمنع انتشار مرض السل البقري.
يصعب التنبؤ الآنبالأثر السياسي والاقتصادي الذي سيتركه وباء"كوروناالمستجد" أو "كوفيد19" في أعقابه؛لأن المجهول عنه أكثر مما هو معروف". ولكن مع مزيج من الحدس وقراءة التاريخ الوبائي، ومع قدرة العلم اليوم قد نستنتج بعض الأمور. فإذا كان انتشار الطاعون قد أدى إلى انتقال السلطة من القرى إلى العواصم الوطنية،قد يشجع الفيروس التاجي انتقال السلطة من الوحدات فوق الوطنية إلى الدولة القومية.يتجلى هذا بشكل أوضح في الاتحاد الأوروبي، حيث تحدد الدول الأعضاء استجابات خاصة،فقد تم إغلاق الحدود المفتوحة داخل الاتحاد الأوروبي، وفرضت بعض البلدان قيودًا على تصدير الإمدادات الطبية، وزاد الفيروس من التوترات بين الولايات المتحدة والصين، حيث تحاول بكين حماية صورتها ويقلق الأمريكيون من الوصول إلى الإمدادات الطبية. ويصيب الفيروس أشد الضرر في المدن التي "يسكنها عدد كبير من السكان،ويرتبط بالسفر الجوي السريع، وتحركات السياح واللاجئين.
يهدد الفيروس التاجي "العولمة الاقتصادية والسياسية، ويتسبب في انحلالها إلى حد ما"، إلى حد يمكن اعتبار"الفيروس التاجي" هو مرض يهدد "العولمة".
-----------------------------------------------------------
الكتاب: أنثروبولوجيا الأوبئة
المؤلف: آن.هـ.كيلي – فريدريككيك- خريستوسلاينتريس
الناشر: روتليدج- نيويورك-2019
