فاطمة بنت ناصر
المجلد 5 بعنوان "الماء والمستوطنات القبلية في جنوب شرق الجزيرة العربية"
رغم عمومية العنوان في ظاهره، إلا أنه يتناول الماء وعلاقته بالتوزيعات السكانية القبلية في سلطنة عُمان تحديداً. ويعدُّ هذا البحث من الدراسات النادرة والسباّقة في هذا المجال، ومؤلفه هو الباحث المعروف (J.C Wilkinson)، وهو غنيٌّ عن التعريف خاصة للشغوفين بالتاريخ العماني. وقد نشرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مشكورة هذه الدراسة في 2013، ضمن سلسلة الدراسات العمانية والإباضية، وهي المجلد الخامس في هذه السلسلة، إلا أنها إعادة نشر لمادة كتاب نشر في 1977. وهنا سنتناول أهم ما جاء في هذه الدراسة التي تتكون من 10 مداخل؛ هي:
1- الإطار المكاني ووصفه الجغرافي.
2- المناطق الجبلية وطبيعتها المائية/ الهيدرولوجية.
3- مقدمة الأراضي الصحراوية والتجمعات السكانية المتاخمة لها.
4- الطرق التقليدية للكشف عن وجود التجمعات المائية.
5- تنظيم الأفلاج.
6- مزون.
7- تأثير حكومة الإمامة على النظام الاجتماعي والاقتصادي للمناطق السكانية.
8- التأسيس الرسمي للهيكل الاجتماعي.
9- توطين الرُحّل.
10- التجمعات السكنية والتنظيم القبلي.
لعلَّ ثنائية البحر والصحراء وما تمثله من فصل بين الخارج المطل على البحر والداخل الذي يشرف على الصحراء، هو ما يُميز جغرافية عمان بشكل كبير، ولعب دوراً مهمًّا في التوزيع السكاني وتشكيل طرق العيش والمهن التي يقوم عليها المجتمع.. الكتاب يركز على واحد من هذه الثنائية، وهو الجانب المرتبط بالجبل وبالحدود الجغرافية لعُمان الداخل وليس حدود مسقط. وكما نعلم، فإنَّ هذا التقسيم كان قائماً قبل السبعين، وله تأثيرات كبيرة على أسلوب الحياة والاقتصاد القائم في كلتا المنطقتين. كما لعب المناخ دوراً كبيراً في تشكيل التجمعات السكانية؛ فمن خلال قراءة كميات الأمطار التي تتساقط في هذه المناطق على مدار العام، نجد أنها كميات متذبذبة وحتى في أفضل مواسم سقوط الأمطار كميات الأمطار مركزية وتسقط في مناطق معينة. وهذا يعود للطبيعية الجبلية لهذه المناطق التي تشرف على حيزين مختلفين من التأثيرات الجوية؛ الأول: جانب يشرف على المحيط الهندي ورياحه الموسمية، والثاني: يشرف على الصحراء العربية، وهذا التباين أثر بشكل كبير على كميات وتوزيع المطر المتساقط في تلك المناطق. الزراعة والمياه العذبة تعتمد بشكل أساسي في عُمان على مجاري تصريف المياه الطبيعية. فهذه الممرات التي قامت الطبيعة بنحتها شكلت مع الزمن وديانا وسواقي طبيعية للمياه واستغلها الناس لاختيار مواقع زراعة المحاصيل. غير أن هذا التصريف الطبيعي للمياه ينعدم في بعض المناطق كمنطقة الباطنة التي لا تحتفظ الأرض بشيء من الذي يتساقط فيها وهو يذهب هدراً متجهاً صوب البحر. ويقول الكاتب إن العناية وتحسين نظم الري ساعد في إنعاش الزراعة، غير أن هذه العناية لا تلبث كثيراً حتى يتم تخريبها بالحروب الأهلية الطاحنة كما حصل بعد عناية دولة اليعاربة بالزراعة؛ حيث أتت الحرب ودمرت كل ذلك الجهد، وبعدها أتت دولة البوسعيد وأولت عناية بها حتى انهارت مجدداً في منتصف القرن التاسع عشر. ويختم الكاتب قوله إنَّ عُمان بحاجه ماسة اليوم -بلا شك- لإعادة استثمار وإحياء للقطاع الزراعي (ملاحظة: كَتَب الكاتب هذا في أوائل السبعينيات). كما أنه أضاف في خاتمته الخطر المتمثل في اللاتوازن الذي أحدثته مركزية التطوير والتوسع في مسقط وهجرة المواطنين إليها وركود التطوير في المناطق الأخرى.
المجلد 6 بعنوان "الفقه الإباضي: أصوله وتطوراته وقضاياه"
يتناول المجلد 6 العديد من القضايا التي تتعلق بالفقه الإباضي، والتي ناقشها المؤتمر الدولي للفقه الإباضي الذي عُقِد في كراكوف البولندية عام 2013. وهو يقع في أكثر من 25 صفحة ومقسم إلى 3 فصول؛ هي:
1- منابع الفقه الإباضي وأصوله ومرحلة تشكله:
ويتكون من عدد من البحوث؛ يتناول بعدها مناقشة المصادر التاريخية مثل كتاب أقوال قتادة وسيرة أبي المؤثر الصلت بن خميس. وقد محصت هذه البحوث القضايا التي تناولها الفقه الإباضي وكيفيه تعامله معها وأبرز آراء العلماء الإباضية والمقارنة بينها. فنلاحظ أن تطور الفقه الإباضي وتشكله ارتبط بشكل كبير بأحوال الناس المادية من زكاة والأمور التي تتعلق باستلاف الأموال وحقوق الأفراد من القنوات المائية كالأفلاج؛ كل ذلك وأكثر كان له أثر في تشكل الفقه الإباضي لضمان حقوق الناس في ظل الإمامة. كما أن الفقه لعب دوراً في تحديد علاقة الإمام بالأمة وواجباته وحدت من سلطته كي لا تكون مطلقة غاشمة. كما لعب الفقه دورا كبيرا في تنظيم أمور الوقف وتصريف أمواله، وكانت السياسة تؤثر على طرق وأوليات صرف الوقف. ومن الأمثلة على ذلك كما حدث في 1913، ونظراً لشح الموارد اللازمة، أمر الشيخ العالم عبدالله بن حميد السالمي بجمع الوقف الخاص بالقراءة على قبر المتوفى. أما عن المصادر الإباضية القديمة فيعرض هذا الفصل ورقة بخصوص مخطوطة أقوال قتادة. هذا المخطوط الذي استخدمته بعض فرق كالفرقة النكارية لم يكن صاحبه إباضياً. وهذا أمر مثير ويدل على تقبل هذه الفرق لما يوافق آراءهم، وإن كان من مصدره مخالفاً لمذهبهم. هذا المخطوط رغم أهميته لايعد من مصادر الإباضية في عمان ولا في المغرب إلا أنه مخطوط مهم لم ينشر بعد.
2- التطور المذهبي والجغرافي:
ويستعرض هذا الفصل نماذج للفقه الإباضي في شمال إفريقيا، وتأثره بمحيطه والثقافات من حوله كعلاقته بالمسيحية واليهودية، وتأثير الشرائع اليهودية على النص الفقهي الإباضي في شمال إفريقيا. والمجتمع الإباضي في صقلية الإيطالية حين سادها الإسلام التي دخلها المسلمون عام 827 وهزموا 1061. وجود المسلمين في صقلية لم ينتهِ بهزيمتهم بل بقيت جماعات من المسلمين بها لأكثر من قرن ومنهم الإباضية. كما يطلق هذا الفصل التقاطع الشيعي الإباضي وبعض المتشابهات بين المذهبين في الشعائر. وفي بحث للدكتور هلال الحجري يناقش الشعر العماني القديم وعدم تقيده بالعرف الديني في حالات كثيرة كذكر الخمر والوصف الدقيق للمحبوبة من قبل شعراء لهم وزنهم العلمي والديني كالشيخ عبدالله بن علي الخليلي وغيره، وللاستزادة حول هذا الموضوع يمكن العودة إلى كتاب "حداثة الأسلاف" للباحث نفسه.
3- نظرة حول تطبيق الفقه الإباضي
في هذا الباب، يتم التطرُّق لمراحل زمنية مختلفة كانت فارقة للفقه الإباضي وتطبيقه، إضافة إلى المجالات التي تعرض لها هذا الفقه كالقانون البحري وقانون المرأة والمياه. ومن الأمثلة المطروحة هنا: القرنان 19 و20 في عمان، وترسيخ فقه نور الدين السالمي لمبادئ التعايش والتسامح. والقرنان 11 و12 وكيف تأثرت العمارة في عمان وعمليات البناء بالفقه الإباضي، وأهم كتاب يتعرض لهذا الأمر هو "موسوعة بيان الشرع للشيخ أبي عبدالله محمد بن إبراهيم الكندي"، وأغلب ما ذُكر فيه يتمحور حول بناء المساجد والأفلاج. أما إباضية المغرب فيعد باب "القسمة وأصول الأرضين للفرسطائي"، من الكتب المهمة في هذا الموضوع. كما يحتوي الفصل على أوراق مهمة تتعرض للمرأة والنظرة الفقهية لأمور الطلاق والخلع في قانون الأحوال الشخصية العماني، إضافة لموضوع وكالة المرأة في القانون العماني.
* (المجلدان 5-6).
