بي. بي. ساتيان
فيلابوراتو عبد الكبير
مؤلف هذا الكتاب يساري معروف في كيرالا وله عشرون كتابا تقريبا في مختلف الموضوعات. منها " ألتوسير ومستقبل الشيوعية" و"شري نارايانا جورو" باني ولاية كيرالا الحديثة" و "تاريخ الجنس" و "المسرحيات الكلاسيكية العالمية" و "ما ذا يُعنى بالديموقراطة" بالإضافة إلى خمسة عشر كتاباً مترجمًا. وجدير بالذكر أنَّ هذا الكاتب قد حازت مقالته "الإسلام من وجهة نظري" على جائزة مركز الدراسات الإسلامية في ولاية كيرالا كما حازت دراسته "الإسلام الذي أعرفه" باللغة الإنجليزية جائزة على مستوى عموم الهند.
أما كتابه الجديد "السيكولوجية السياسية وراء الفاشية" فهي دراسة عميقة عن الظاهرية واتجاهاتها على خلفية الحالة السياسية الراهنة في الهند بعد صعود القوى الفاشية الهندوسية المتطرفة واستيلائها على سدة الحكم.
يقول ناشروا الكتاب إن تكتيكات الفاشية ووسائلها تتغير حسبما يتغير الزمان وإن المعرفة بالفاشية الكلاسيكية فقط لا تكفي لإدراك لون وجه الفاشية الذي يتغير حسب الزمان والمكان. فلابد من التعمق في المصطلحات الجديدة التي تظهر أمام أعين القراء. ويدعي الناشرون أن هذا الكتاب يُساعد القراء على فهم الأشكال المختلفة للفاشية التي لا تزال تتغير حسب الظروف الدولية التي تتغير باستمرار.
وبعد الاستقلال من السلطة البريطانية حدثت تغيرات هائلة في المجتمع الهندي تأثرت بها المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الهند. وفي مقدمة الكتاب يقول المؤرخ الهندي الدكتور " ك. ان. بانيكار "إن التحولات التي مرت بها الهند بعد فترة الاستقلال كان أبرزها النمو الاقتصادي الذي أحرزته الطبقة الوسطى في المجتمع. أما الطبقات الأخرى في هذه الفترة فكانت حصتهم في التقدم زهيدة جدًا حيث ظلوا يعانون من التخلف باستمرار . وإن كان الدستور الهندي مبنياً على أسس المساواة والعلمانية والاشتراكية، إلا أنها في الحقيقة ليست إلا صورا من بقرات داخل صفحات كتاب لا تأكل العشب ولا تدر الحليب".
تلعب الفاشية في المجتمع بدورها في صورتين. أولاً بتداخلها في القضايا الاجتماعية. وثانياً بتحكم قبضتها على المؤسسات الحكومية. وفي ألمانيا وإيطاليا بسطت الفاشية نفوذها باستخدام العنصرية والكراهة الدينية. وفي الهند أيضًا نرى المتعصبين الهندوسيين يستخدمون عظمة الهند الماضية وجنون القومية العريقة والكراهة الدينية نحو الأقلية وخاصة الأقلية المسلمة لتحقيق أغراضهم السياسية. وهذا واضح في برامج وسياسات "راشترييا سويام سيفاك سنجه" المعروف باسمه المختصر "آر اس اس" الذراع اليمين الهندوسي المتطرف الذي يدير الحزب الحاكم الحالي "بهارتييا جاناتا". ولا شك أن "آر اس اس " حزب فاشي قلبًا وقالبًا.
يقوم الكاتب في هذا الكتاب بدراسة نقدية جادة للفاشية المتعصبة التي نمت في المجتمع الهندي على خلفية النظريات والاتجاهات التي ترعرعت على مسرح العالم منذ فترة. ومن هذه الناحية قلما نجد تحليلا دقيقا باللغة المالايالمية يتناول هذا الموضوع بهذا العمق.
الكتاب في قسمين.. يتضمن القسم الأول 13 عنواناً، وهي كما يلي: القومية الديموقراطية والقومية الهندوسية، والهندوسية والهندوسي القديم، والفاشية الأوربية والفاشية الهندوسية: المشابهات والمفارقات، المجتمع السياسي والمجتمع المدني، الفاشية الجديدة والسلطة الحيوية، الفاشية الدقيقة والفاشية المُجسدة والفاشية التعددية، نعوم تشومسكي والفاشية الجديدة الأمريكية، الديموقراطية الانفتاحية، الفاشية الانفتاحية الجديدة، ميشيل فوكو - الانفتاحية الجديدة والسلطة الحيوية، وجهات نظر سمير أمين تنتقد، الفاشية والسلطة الشاملة، جرامشي والفاشية الإيطالية.
وفي القسم الثاني يناقش المؤلف الموضوعات التالية: السيكولوجية وراء اجتذاب الحشود نحو الفاشية، الفاشية قراءة دقيقة، "أمبيدكار" والنظام الطبقي في الهند، الجهود المبذولة ضد الفاشية، صناعة الثقافة والوسائل الشعبية. عندما نمر بهذه العناوين بهذا الحجم التفصيلي يمكننا أن ندرك عمق الموضوع الذي يتناوله هذا الكتاب.
وفي الفصل الأول يحلل الكاتب المفارقات بين القومية الديموقراطية الفطرية وبين القومية الهندوسية التي تتخذها الفاشية الهندوسية مبدأها الأساسي. ويقارنها هنا بالقومية ذات البعد الدولي التي ترفعها الفكرة الماركسية ويحاول أن يثبت كيف تختلف قيمها من الأخوة العالمية والإنسانية السامية عن القومية الضيقة التي تتبناها الأحزاب الهندوسية أساساً لأفكارها الفاشية، ويرى أن النظرية الماركسية لا تحاول مثل القوى الفاشية الهندوسية أن تسلط على الناس فكرة القومية المبنية على العنصرية والاستكبار وكراهة الآخر. ويقدم أيضًا نموذج القومية الذي طوره لينين في السوفيات السابقة خلال ثورة البلاشفة حيث سمح لجميع القوميات وخاصة القوميات التي تسكن في المناطق الإسلامية في آسيا الوسطى حق تقرير مصيرهم وحكمهم الذاتي. ويشير إلى أن الحزب الشيوعي الموحد في الهند بناء على هذا المبدأ قام بتأييد حركة الباكستان أيام نضال الاستقلال الهندي. صحيح أن فلادامير لينين كان قد أعلن خلال اندلاع الثورة الشيوعية في "خطاب موجه إلى الجميع في الشرق" حق الانفصال من روسيا الكبرى بعد تحرر السوفيات، ولكن الحقائق التاريخية أثبتت فيما بعد أن هذه الوعود لم تكن إلا مواعيد عرقوب ومجرد تحركات تكتيكية. فشهدنا فور سقوط السلطة القيصرية السلطات الكرملينية الجديدة تبلع المناطق المُسلمة مثل الشيشان وتارتارستان وكازاخستان وأذربيجان وداغستان وبخارى وغيرها. حتى بعد سقوط السوفيات شهدنا كيف قامت روسيا بوتين بقمع ثورة جوهر دوداييف لتحرير الشيشان ودمرت عاصمتها جروسني بوابل من القنابل النارية كأنها بلد أجنبي بعد أن رمت المعاهدة التي تمت بين الروس والشيشان عرض الحائط. وكذلك بعد سقوط الشيوعية في يوغوسلافيا لما انبعثت العنصرية الصربية من جديد بمشاركة بارزة من قبل الكنيسة الأرثوذكسية ضد البوسناك المسلمة والكروات المسيحية وجدنا الكنيسية الأرثوذكسية في روسيا والسلطات الروسية تتعاون مع الصرب المجرم في يوغوسلافيا السابقة. وفي ضوء هذه الحقائق الواقعية من الصعب أن نعترف كاملا بمزاعم الكاتب عن الأحزاب الشيوعية بهذا الصدد ولو أن البلاشفة كان لهم دور في مقاومة الفاشية الألمانية خلال الحرب العالمية.
يسلط الكاتب في هذا الفصل ضوءًا على بعض ميزات النظم الفاشية والسلطات الشاملة، منها أن هذه النظم تعتبر الدولة والحكومة سواء بسواء، وتخلط بينهما حتى تجعل نقد الحكومة جريمة ضد الدولة وتتخذ عليها إجراءات مشددة. وهذا ما نرى الآن في الهند. وهناك آلاف من النشطاء البيئيين وأعضاء الحركات الخضراء والعاملين المنتمين لحركات الحقوق الإنسانية في الهند قد أصبحوا فريسة لإجراءات قمعية أمثال الدكتور "بينايك سين" والبروفوسور " سايي بافا " والبروفوسور "نيفيديتا مينون" و"تيستا سيتيل فاد" وبعضهم لا يزالون حتى الآن وراء قضبان السجن مثل "سايي بافا" المصاب بالشلل والمضطر إلى الكرسي المتحرك. وما كانت جريمتهم إلا أن قاموا بجنب الفقراء والبؤساء الذين قامت الحكومة بإخلائهم من مساكنهم لصالح الشركات الكبرى باسم التنمية الشاملة بلا تميز. ويضاف إليهم كثير من الأبرياء الشبان المسلمين المتهمين بالإرهاب وهم فريسة للكراهية الدينية. والظريف أنَّ القانون الذي يطبق على هؤلاء هو قانون لمقاومة تحريض الفتن ضد الدولة (Sediction Act) الذي كان يستخدمه الاستعمار البريطاني ضد المناضلين لاستقلال البلاد والذي وصفه غاندي العظيم أنه أمير القوانين التي تقوم بقمع الحريات العامة. القوى الهندوسية لا تتردد أن تستعمل أي سلاح قانوني ولو كان عفا عليه الدهر لتسليط عظمتهم الثقافية على الآخرين. القومية الثقافية الاستكبارية الهندوسية متطورة على أساس السلطة الذكورية و "المنليثية" ( Monolithic) وهي في الحقيقة ضد التعددية والثقافة الحيوية والتسامح الديني وقوة استيعاب الآخر المتجذرة في التراث الهندي منذ القدم. الهند هذه هي التي مثلها غاندي العظيم الذي كان يفتخر دائماً "كهندوسي حقيقي" وكتب تفسيرا لكتاب الهندوس المقدس "بهغافاث غيثا". أما الثقافة الهندوسية الجديدة التي تحكم الهند حالياً ليس لها علاقة قريبة ولا بعيدة بهندوسية غاندي العظيم الذي كان يحترمه أيضاً قادة المُسلمين مثل مولانا آزاد العالم الجليل ووزير التربية الأسبق ومولانا شوكت علي ومحمد علي من رواد حركة الاستقلال. الثقافة الهندوسية التي يمثلها القوى الفاشية الجديدة هي ثقافة من قام باغتيال غاندي.
وفي الفصل الثاني يشرح المؤلف شرحا وافيا ليبرز كيف تختلف الفاشية الهندوسية عن الديانة الهندوسية الحقيقية العريقة ويحاول أن يثبت أن الهندوسية الجديدة إنما هي صناعة استعمارية لعب وراءها مستشرقون أمثال ويليام جونز وهينتري كول بروك وشالز ويلكينس. وهي صنيعة مبنية على القيم "البراهمنية" الطبقة العليا في الهندوس. وهي كما تقول المؤرخة اليسارية المشهورة صورة منحرفة تختلف أصلا عن الديانة الهندوسية التاريخية. وهي تحاول فرض فكرتها "المنليثية" على تعددية الديانة الهندوسية التي يتبعها السواد الأعظم في الهند منذ فترة طويلة. ومصلح الديانة الهندوسية المعروف "فيفيكانندا والشاعر الكبير طاغور وغيرهما كانوا ممن عارضوا القومية الضيقة وفكرة الدولة المبنية عليها. وهنا ينقل أقوالهما عن القومية تفصيلا من كتبهما كما ينقل آراء "جرامشي" عما يتعلق بهذا الموضوع.
وما دام الشيء يذكر بالشيء فمن المناسب مقارنة الفاشية الهندوسية بالفاشية الألمانية والنازية الإيطالية. وقد خصص المؤلف فصلاً ليفصل فيه التوافقات والتفاوتات بين الفاشية الأوربية والفاشية الهندوسية ويقول إنه ليس في وسعنا أن نقاوم الفاشية التي تطورت في بيئة الهند بصورة جيدة إلا إذا ميزناها عن صورتها الكلاسيكية التي تشكلت بعد الحرب العالمية في البيئة الأوروبية. وهذا لا يعني أنه لا توجد تشابهات بينهما. هنالك تشابهات جمة بين هاتين الفاشيتين. وينقل الكاتب بعض طبائع الفاشية من كتاب "مقالة عن الفاشية الأبدية" (Eternal Fcism Essay) للمفكر " امبرتو ايكو". ومن هذه الطبائع الإعجاب الشديد الأعمى بالتقاليد. ويضاف إليه الكراهة لحرية الفكر والمواقف العقلانية والحداثة. وهي لا تتسامح مع اختلافات الرأي. وهي مبنية على طقوسات وترهات غير عقلانية. الفاشية ترفض التعددية بلا هوادة. وتستهدف المجتمعات التي تعرضت للإحباط. ومن طبائعها العداوة للبلاد الأجنبية. وهي مشغولة بالمؤامرات ومولعة بصناعة " الآخر ". وترى الحياة نضالاً مستمرًا لاستيعاد العصر الذهبي المفقود وتزدري المرأة والأقليات الجنسية وتعرض عن المستضعفين وتتصف بالسلطة الذكورية وتعد الموت أحلى أماني الحياة وتعتبر عبادة الأبطال فريضة وتحتقر المؤسسات البرلمانية. وإذا حللنا الفاشية الهندوسية المعاصرة في ضوء هذه الطبائع التي يشير إليها أمبرتو إيكو نجدها تتحقق فيها كاملة. هذه هي التشابهات التي تشترك فيها الفاشية الأوربية والفاشية الهندوسية. وأما كيف تختلف عن أختها الأوربية؟ فيشير الكاتب إلى أن أهم اختلافها عن الفاشية الأوربية هو الطبقات الاجتماعية الموجودة فيها والتي تجعل الناس على مرتبات بعضها أعلاها ولادة وبعضها الآخر أدناها في سلم الحياة حتى أنهم محرومون من الكرامة الإنسانية ومن أبسط الوسائل المعيشية. هذا النظام الطبقي الاجتماعي ( Cast System) هو الذي تتميز به الفاشية الهندوسية عن الفاشية الأوربية. أما التشابه فلا ينحصر على المستوى الاجتماعي فقط بل ينتشر إلى التركيب الشخصي للقادة في الحركتين الفاشيتين كلتيهما.
الفاشية كما يعرفها " فيلهيم رايش (Wilhelm Reich) هي تصرفات غير عقلانية تصدر من نفس غير طبيعية، وهي ما نراه الآن في الهند، ولم تسبق للمجتمع الهندي حالة سيطرت عليها أفكار وسياسات غير عقلانية تبنتها أحزاب متطرفة مثلما سيطرت عليها الآن. قبل أن يتولى حزب "بهارتييا جناتا" الحكم لم يتجرأ أي حزب أن يظهر في المشهد العام بسياسات رعناء تفسد قيم التسامح الديني والتعايش السلمي القائمة في الهند طوال تاريخها الفاخر. الحكومة الحالية بقيادة الحزب المذكور أعلاه مشغولة بتنفيذ قوانين تلو قوانين تتعرض لها الأقلية المسلمة والطبقات المنبوذة تمامًا مثل حزب هتلر الذي سن قوانين عديدة ما بين فترة 1933 -1939 تستهدف اليهود في ألمانيا وتحاول محو آثارهم من الدوائر الحكومية والمعاهد العلمية والملاهي العامة والوسائل الإعلامية حتى أعلنت ألمانيا هتلر اليهود مواطنين بدرجة ثانية بموجب تلك القوانين المعروفة باسم " قوانين نيرنبرغ 1933. فنجد سلسلة من القوانين وإجراءات تطبقها الحكومة الهندية مثل منع لحوم البقر وحبس موظفين قاموا بأداء الحلف باللغة الأردوية والتداخل في عقد الزواج بين هندوسية ومسلم وإلقاء العراقيل حيال اعتناق الهندوسيين عقيدة الإسلام وآخرها القانون الجديد الذي يجعل الطلاق بالثلاث جريمة بعقوبة حبس وغرامة ويمكن الشرطة اتخاذ الإجراءات مباشرة دون تلقي شكاية من أي جهة وبدون سماح كفالة ضد من يقوم بذلك.
رغم أن الكاتب يساري وأن كتابه هذا قامت بنشره دار الفكر، الناشر الرسمي للحزب الشيوعي في كيرالا فمن الملاحظ أنه لم يتردد في نقد أخطاء المنظر الشيوعي المصري في تحليل الفاشية الجديدة في كتابه "عودة الفاشية في ظل أزمة الرأسمالية والامبريالية المعاصرة". ويكتب أن سمير قد أخطأ في تحديد الفاشية في الهند كما أنه قد خفف خطورة الفاشية بربطها بالأزمة الرأسمالية. ويقول إن عنوان كتاب سمير ذاته يوحي بأن الفاشية ظاهرة سياسية غابت أو فقدت وجودها في مرحلة من التاريخ حيث تستطيع العودة من جديد. ينقل المؤلف قول سمير هكذا: "ليس من قبيل المصادفة أن يربط عنوان هذا المقال بين عودة الفاشية في المشهد السياسي وأزمة الرأسمالية المعاصرة". وهذا العالم الاقتصادي في بادئ البدء حسب قول الكاتب يرى الفاشية استجابة سياسية معينة للتحديات التي قد تواجه إدارة المجتمع الرأسمالي في ظروف مُحددة. ويشير الكاتب إلى التباين الواضح بين موقف سمير وموقف جرامشي بهذا الصدد. حين قام الأخير بتحليل الفاشية الإيطالية لم ينظر إليها كقضية تتعلق بإدارة سياسية أو اقتصادية مرتبطة بأزمة الرأسمالية. لأنَّ الفاشية إنما ظهرت في إيطاليا في صورة نظرية قومية بحتة. ويوجه الكاتب تهمة نحو سمير بأنه إنما يقوم بتقييم القضايا السياسية المعاصرة وفقاً لحدود الابيستمولوجيا التي شكلتها الحداثة الغربية الرئيسية وأنه يأبى أن يفتح عينيه إلى قوة سلطة الشعب الكامنة حيث يلجأ إلى فكرة تنام في الوعي العام بأن الحكومات هي التي تدير السلطة. وهذا المنظور الذي يخفف الفاشية كمجرد ظاهرة سياسية مجسدة (Macro Phenomenon) لا يكفي في نظر الكاتب أن يكشف عن الممارسات الأخطبوطية الدقيقة والشاملة التي تقوم بها الفاشية في المجتمع. وهو منظور سطحي وجزئي يتم من خلاله تقييم تاريخ سياسة العالم في مرحلة الحداثة ومرحلة مابعد الحداثة باقتلاعه عن التاريخ الإنساني الدقيق المتعدد المتوتر طوال القرون الماضية.
ما موقف الحزب الشيوعي في هذا الصدد؟ وهذا سؤال مهم لأن الجدل لا يزال جارياً على مستوى قيادة الحزب في تحديد الطبيعة الفاشية للحزب الحاكم في الهند، ويرى سكرتير الحزب العام السابق "براكاش كارات" أن الحزب الحاكم الحالي ليس فاشيا في معناه الدقيق ولو أن الاتجاهات الاستبدادية تتغلب فيه. ويختلف عن هذا الرأي السكرتير العام الحالي "ياشوري" حيث يؤكد أن لون الفاشية واضح في ممارسات الحزب الحاكم لأنه ليس إلا جناحا سياسيا ل آر اس اس الفاشي الذي يسيطر عليه كاملاً. بناء على هذا يطلب "ياشوري" وأتباعه في ولاية البنغال المغربي ضرورة اتخاذ موقف تعاون في الانتخابات القادمة مع حزب المؤتمر المعارض ضد الحزب الحاكم الحالي.
الأحزاب اليسارية الرئيسية لا تزال مترددة في اتخاذ موقف صارم في التعاون مع الأحزاب المعارضة الأخرى لمقاومة الحزب الفاشي الحاكم. إن الهند تسير الآن بلا شك بين تعسر اقتصادي ويأس جماعي نحو جهة ما لا يعرف الكثيرون طبيعتها ولا عنوانها على وجه الدقة. وبعد إلغاء بعض فئات ذات قيمة عالية من الأوراق النقدية وبعد تعديل التركيبة الضريبية بتنفيذ نظام ضريبة التجارة والخدمات المعروف بالاختصار الإنجليزي G S T يرى الشعب الخراب بعيونهم ويلمسونه في جيوبهم.
-----------------------------------------------------------------
اسم الكتاب: السيكولوجية السياسية وراء الفاشية
المؤلف: P. P. Sathyan
لغة الكتاب: مالايالام، إحدى اللغات المحلية في الهند
الناشر: Chintha Publishers, Kozhikode, Kerala
عدد الصفحات : 172
سنة الصدور : 2017
