تأليف: ويلاو فيركرك
عرض: محمد الشيخ
يُؤثَر عن الحكيم اليوناني أرسطو أنه كان يقول: "أيها الأصدقاء، لا يوجد أصدقاء!"، ويؤثر عن الحكيم الألماني نيتشه أنه كان يرد عليه، بعد انصرام اثنين وعشرين قرنا ونصف، بالقول: "أيها الأعداء، لا يوجد أعداء!"، وما جعل القول الأول من أرسطو منكرا للصداقة بإطلاق، لا ولا جعل القول الثاني من نيتشه منكرا للعداوة بإطلاق، بل جعل منهما مثبتين للصداقة والعداوة -الواقعيتين- معا بنسبة منكرين لهما بنسبة. على أن لا هذا ولا ذاك شهد ما يشهد عليه زماننا هذا بدون نمط جديد من الصداقة هو "الصداقة الافتراضية" التي تعقد بضغط على زر "أقبل"، وتحل بضغط على زر "أرفض" في جهاز الحاسوب! والحال أن مفكري الصداقة، عبر تاريخ الفكر البشري، من الكثرة بمكان: من أرسطو إلى دريدا، مرورا بفلوطرخيس وشيشرون وابن الخمار والتوحيدي ومونتيني وغيرهم عدد. لكن، ما أكثر المفكرين في الصداقة، وما أقل المتميزين فيهم!
وصاحبة هذا الكتاب -الفيلسوف النسائية الكندية التي درّست الفلسفة بأوربا (لندن وباريس)وبالولايات المتحدة وبكندا ويلاو فيركيرك- تدعي أن نيتشه كان "متميزا" في تفكيره في موضوع "الصداقة".وتنطلق في تفكيكها لهذا المفهوم عند نيتشه من حديث الرجل عن "الحاجة إلى الصديق" -تلك الحاجة التي يعبر عنها بالقول: نحن نحتاج إلى الصديق حتى نتحمل الحياة، ونخبر أفراحها بملئها، ونعلي من شأن قدراتنا على التعلم منها. بما يشي عن أن الصداقة "صناعة أًدَوية" "علاجية": فمن شأنها أن توفر لنا الراحة من العذاب، وأن تدفعنا إلى أن نتجاوز أنفسنا، وأن تُقدرنا على أن نتحمل قدرتنا على الإبداع الفردية والجماعية. وهذا يعني أن نيتشه فكر في موضوع "الصداقة" في زمن اجتياح العدمية للعالم بأثر من حركة الحداثة العاتية، وما رافقها من ضمور الحس الديني، ومن فلسفة "هز الكتف" التي لسان حالها يقول: انهارت القيم. فليكن، المهم أن نبدع قيما جديدة نتجاوز بها مزاج عصرنا العدمي الخنوع الخمول.
والحق أنه عادة ما تم اعتبار فكر نيتشه، من جهة نظر شائعة، أنه فيلسوف فرداني، مؤثر للوحدة وللعزلة، مجانب للخلطة وللرفقة، وما تم النظر إلى فكره من جهة نظر "أخلاقيات الصداقة". وهي جهة النظر التي جعلت فيها ويلاو فيركرك وكدها، فسعت إلى أن تبدي وجه نيتشه الخفي هذا. ذلك أن الرجل، ولا سيما في مرحلة فكره الوسطى، كان شديد الاهتمام بصداقة مرحة، وبصحبة منازعة، وبرفقة سخاوة؛ بحيث يسخو الصديق على صديقه من فائض قوته وتدفق عطائه.
وتلك علمناها أوجه الصداقة الثلاثة عند نيتشه: صداقة التفارح والتباهج، وصداقة التنافس والتزاحم، وصداقة التعاطي والتساخي. وقد انتدبت صاحبة الكتاب نفسها لفحص هذه الأنماط الثلاثة من الصداقة، وذلك من وجهين:
1- من وجه تطور فكر نيتشه تاريخيا: هل، يا ترى، تغايرت هذه أوجه الصداقة الثلاثة هذه عنده تغايرت حسب أطوار تقلب فيها فكره (متقدم ومتوسط ومتأخر)، أم أنها بالضد تداخلت وتمازجت؟
2- من وجه فلسفي محض: أي توصيف وضعه نيتشه للصداقة؟ وأي نوع هو الأفضل عنده؟ وما مساهمة وقيمة آراء نيتشه بالقياس إلى أنظار أغياره من فلاسفة الصداقة ومفكريها؟
هذا وقد انقسم الكتاب إلى مدخل وستة فصول:
الفصل الأول:
عطاء نيتشه الأدبي في الصداقة: قراءة نيتشه بحسبانه صديقا مرحا نزوعا سخيا
ترسم المؤلف هنا ما يشبه خريطة طريقة في غابة قراءات نيتشه، ماسكة بالخيط الناظم لقراءته باعتباره مفكرا استشفائيا أنشأ "أخلاقية صداقة" لكي يعلم إياها قراؤه المصطفين. وتقوم دعوى هذا الفصل على فكرة أن نيتشه مفكر نفساني استعمل منهجه الجنيالوجي بغاية بناء مروية عن الصداقة تحتفي بوجهيها: المنازعة والبهجة. وقد توجه نيتشه بخطابه إلى "فلاسفة المستقبل" الذين تحرروا من إرث الماضي، حتى أمكنهم مساءلة أنفسهم في كل مجالات حياتهم. ههنا تصير الصداقة منهجا نحو تجاوز الذات والعلو عليها. وقد ركزت المؤلفة هنا على نصوص الطورين المتوسط والمتأخر من أطوار فكر نيتشه. ترى ما الذي كانه نيتشه هنا؟ وأي نوع كان من الكُتاب؟ والجواب الذي يأتينا: ههنا نيتشه هو الصوت التنازعي، الذي يناضل ضد القارئ، في مقاربة نفسانية للفلسفة. هو منشئ أخلاقية صداقة تنازعية، حيث يطفح ثمة فيض قوة وفضل طاقة يستخدم التنافر والجدل كي يدفع القارئ إلى تجاوز نفسه، ويخرجه من قوقعته، ويقذف به إلى بحر خضم. يخرجه نحو الصداقة بحسبانها الفرحة والبهجة والسخاوة.
الفصل الثاني:
إعادة تقويم نيتشه للصداقة
مدار هذا الفصل على فحص السجايا التي يقر نيتشه بوجودها في فضيلة "الصداقة". ويركز على نصوص نيتشه المنذورة إلى غاية الصداقة. ويبرز كيف أن البغية من الصداقة إحياء الشعور الفكري بشغف البحث عن المعرفة ودعوة المرء إلى تجاوز نفسه. إذ ليس من الصداقة في شيء، مما أدى إلى منزلقين قد تنزلق إليهما صداقة فاشلة: قمع المرء في نفسه تطوره الذاتي، وكبحه في ذاته تطوره من حيث هو مفكر حر. إنما الصداقة الحقة ـ الصداقة التنازعية ـتلك التي نعثر على توصيف لها في أعمال نيتشه المتوسطة، حيث تقترن الصداقة بالبهجة. هي ذي الصداقة العلاجية الاستشفائية -التطييبية/التطبيبية- التي تكسب المرء صحة نفسية. إذ من أهم مزايا الصداقة أنها تشفي، كما تجعل إحساس الإنسان الفكري قادرا على تحمل الصيرورة، وتنقل الإنسان من حال الإنسان الأخير ـ العدمي ـ إلى حال الإنسان الأعلى الذي تجاوز العدمية.
الفصل الثالث:
في صيرورة المرء نفسه (صر ما أنت إياه): نيتشه ومفهومه العلاجي للذات
هذا الفصل دائر على مفهوم "الذات" عند نيتشه، وعلى ما يعنيه تحويل الذات. ولتشكل الذات عند نيتشه، أساسا، روافد ثلاثة: حياة بيولوجية، وتربية مجتمع، وإرادة قوة. فأنى لهذه العوامل المتناقضة المتداخلة أن تجعل الذات تعي صيرورتها؟ الذي عند نيتشه -وفي صلة بموضوع الصداقة- شأن "تصيير الذات" شأن تشاركي: لا تتغير الذت إلا في شركة بالغير. ذلك أن أحد غايات الصداقة، بمعناها الأسمى، ما يعين النفس على تجاوز نفسها. وترد المؤلفة على من يدعي أن نيتشه قد آمن بالحتمية البيولوجية والاجتماعية والوجودية، بأن الإقرار بعوامل تشكيل الذات هذه لا يمنع أن تبقى هذه العوامل ذات هدف مفتوح، وهي تؤهل النفس إلى انبساط، بحيث تسهم القوى الخارجية والداخلية معا في وعي المرء بنفسه. مما يقدرنا على فهم كيف أن نيتشه اعتبر أن الصداقة يمكن أن تغير الذات، ويشي بفهم للذات يتوافق مع تصور نيتشه العلاجي والاستشفائي للصداقة.
الفصل الرابع
نيتشه وأرسطو: في الطبع والفضيلة وحدود الصداقة
تقف المؤلفة في هذا الفصل على الجوامع والفوارق في تصور الصداقة بين هذين المفكرين. والذي تنتهي إليه أن أحد مفاتيح الفوارق يكمن في تصور الرجلين المختلف لما الذي يعنيه انفتاح الشخص وإزهاره وتفتقه. وهي تحفر فيما خلف ما تسيمه "تفاهماتهما السطحية" المتمثلة في أن كليهما يرى أن حب النفس نافع للصداقة وليس مهددا لها، وفي أن نيتشه كان يقدر الحكمة الإغريقية أيما تقدير، وكان يعتد بفكرتها عن الصداقة التي تقتضي فكرة تفتق الشخص وإزهاره نحو غاية عليا، وذلك بما يحدث توافقا بين بعض ملامح تصورات كل من نيتشه وأرسطو للصداقة. على أنه خلف سطح التآلف ثمة عمق التخالف: ذلك أن نيتشه رأى أن الفضيلة جود يفيض عن إرادة القوة التي تحكم الإنسان. وبناء على هذا التصور للفائض -الجود- تصور هو "أخلاقيات الصداقة". ولئن كان الحكيمان قد اعتبرا أن سخاوة حب النفس تؤسس للصداقة، على عكس ما قد يعتقد، فإن الإنسان القوي الساخي، عند نيتشه، والرجل العظيم الطبع، عند أرسطو، كلاهما يجد صعوبة في إيجاد أصدقاء. لكن الباحثة ترصد بعض أنحاء التخالف في تصور الرجلين بين الفضيلة الفردية، عند أرسطو، والصداقة الجودية، عند نيتشه. إذ لئن أعلن أرسطو أن: "لا أحد يختار أن يحيا في استغناء عن كسب الأصدقاء، حتى وإن هو كسب كل الخيرات الأخرى"، ولئن شدد نيتشه على أهمية الصداقة في ازدهار الإنسان وصيرورته، فإنهما تخالفا في تصور البغية من ذلك. ذلك أن الرجل العظيم الطبع، عند أرسطو، يحتاج إلى من يصغي إليه ويحترمه، إذ هو منذور إلى نهاية مأساوية في سعيه، قبل كل شيء، إلى تحقيق ما يعتبره أعلى شأن في حياته؛ هذا بينما الصعوبة التي يواجهها ذو الجود غير هذه: يحتاج إلى الأصدقاء لكي يفيض عليهم من حكمته التي استملاها من استقوائه، ومن دون هؤلاء تبقى حياته بلا جذوة وبلا جدوى. فهو يحتاج إلى كيف يبث عطاياه إلى الأغيار، وأن يحي فيهم جذوة المعرفة، مثلا، بينما عند أرسطو الحقيقة ترتبط بالمعرفة الكاملة، بالتحصيل، ولا تحتاج إلى توصيل.
الفصل الخامس
النساء والحب واضطرابات النوع في الصداقة بين نيتشه وإريغاري
بعد أن عقدت الباحثة الفصل السابق للمقارنة بين أرسطو وأحد أبرز أسلافه -أرسطو- عادت إلى عقد المقارنة بينه وبين إحدى أهم أخلافه الفيلسوف والمحللة النفسية واللسانية والنسائية الفرنسية ليس إريغاري (1930-). هذا مع تقدم العلم أن زمننا هذا شهد العديد من المحاولات لتقويم "اعوجاج تاريخ الفلسفة الذكوري" بإحداث قراءة جديدة "نسوية" لتاريخ الفلسفة. وما كانت هذه المحاولة ببدع من ذلك. إذ يفحص هذا الفصل كتابات نيتشه في الحب والنساء ودور الجنسين، ويستقصي علاقة كل ذلك بالصداقة عنده. يدعي نيتشه أن من الدواعي المتحكمة في الحب طغيانيته وتملكيته، وأن الحب نازع أناني يسعى إلى تملك الغير، بينما الصداقة تؤدي إلى "تسامي" هذا النازع نحو غاية مشتركة، وأن الثقافة هي ما يهذب نزوع الحب هذا فيتبدى للنظر نزوعا متساميا رائعا، كما يرى أن اختلاف النوعين -الذكر والأنثى- إنما هو ثمرة النوازع؛ مما يفسر الفارق بين عشق الذكر وعشق الأنثى. ويرى نيتشه أن هذه الفوارق لا زالت قائمة لا انفضاض لها. مما يكشف، في رأي المؤلفة، عن محدودية فكر نيتشه في استكشاف طرق البحث في الحب والصداقة والهوية والجندر. وقد استعانت مؤلفة الكتاب بليس إريغاري لتوضيح كيف أن أفكار نيتشه هذه -ويا للمفارقة!-أنعشت الفكر النسوي المعاصر، وحملته على يطرح أسئلة من قبيل: كيف نفكر في الحب من وجهة النظر الأخرى -أي وجهة نظر نسوية؟ والجواب: ببيان أن من شأن المرء ألا يعرف غيره معرفة تامة. وتعتبر إريغاري، بحسبانها مفكرة نسوية، أن الصداقة تتطلب كف الذات عن الجموح إلى اجتياج الغير، لكنها تعبر عن كبح الذات هذا بوفق اصطلاحات جديدة: الاستمتاع والاعتراف بالحدود بيني وبين السوى، وتطوير التساؤل، والشغف بالفوارق مع الصديق. وذلك على الرغم من محدودية فكرها المتمثل في التركيز على الصداقة العابرة للنوع، غير متنبهة إلى صداقة النوع (صداقة امرأة بامرأة مثلا).
الفصل السادس:
احتجاز المرأة: تلقي تنازعي لعطايا نيتشه ودريدا
تواصل المؤلفة، في هذا الفصل، فحص التلقي النسوي لفكر نيتشه وأشكال تطور هذا التلقي في زمن ما بعد الحداثة والنزعة النسوية والدراسات العابرة للجندر. وتركز على الردود النسوية على كتاب دريدا الفاصل -مهمازات: أساليب نيتشه- الذي أول فيه صورة المرأة تأويلا، بحيث جعلها كناية عن المرأة: ووجه الشبه بينهما التقلب. وقد وقفت الباحثة على محدودية كتابات نيتشه في المرأة، رغم وجاهة الكناية. وأظهرت كيف أن ثمة وجهين لنيتشه:
أ- وجه نيتشه العاشق الذكوري، ومحاولته تجاوز ذكوريته نحو تصور عشق أنثوي.
بـ وجه نيتشه صديق القارئ الدافع به الرد... وكلا الوجهين أثر فيه وفي محاولات دريدا التجديدية لوجه المرأة.
وتختم المؤلفة كتابها بذكر أن هدم نيتشه -وهو الذي نذر حياته لكي يُطِبَّ للحضارة ويشفي منها مرض العدمية، ويوقظ فيها العقل الحر والوعي الفكري والصداقة التنازعية كوسائل للاستشفاء والتغييرـ لأسس عقائد الثنائيات الميتافيزيقية التقليدية القائمة على المعارضة بين القيم: الخير/الشر، الحق/الباطل، الرجل/المرأة...إنما شمل أيضا ثنائية الصديق/العدو. وقد ربط الرجل بين الصداقة والعداوة لا لكي ينكر إمكانية الصداقة، بقدر ما لكي يتحدى تماميتها المفهومية ويفتحها على تنوعاتها. إذ لا ننسى أن الرجل، على الرغم من ذكوريته الطافحة، ذكر أن الرجال هم المسؤولون على صورة المرأة، وأنهم هم من يتحفظ على صداقة المرأة، كما لا ننسى أن صداقة نيتشه تبقى أشبه شيء يكون بحديقة أبيقورية تأتيها كل العقول الحرة بصرف النظر عن النوع والعرق والطبقة، وإنما بتوالف قيم عقل حر وصداقة مرحة تقوم على اللعب والتعالق والراحة باعتبارها أساس تجربة الصداقة. وتنوعات الصداقة هذه إنما ترتبط بمشروع نيتشه لتجاوز الذات نفسها. وقد كان أمله معقودا على قراء المستقبل الذين هم بمثابة أصدقاء له لاحقين وورثة فكره الذي سوف يمكن من إحداث تغيير ثقافي ومن بزوغ ضرب جديد من الصداقة عبر الازدهار المشترك.
وتختم بالحديث عن محاولة نيتشه ترويح الصداقة بالعداوة وإعادة ابتداع الصداقة بوصفها ممارسة استشفائية تدعم تجاوز الذات بالشراكة مع الغير. والذي تراه المؤلفة، أننا ما زلنا نعيش لحد الآن عشية آخر إنسان كما تصوره نيتشه. لذلك؛ فإننا نحتاج إلى الصداقة التنازعية بوسمها علاجا من شأنه أن يخرج أرواحنا من خمولها.
وأخيرا، يتبين من عرض تاريخ مفهوم "الصداقة" في الفكر الغربي، وبشهادة دريدا نفسه، أنه كان مفهوما ذكوريا بالأولى. بدأْ بأرسطو الذي عد صداقة المرء وزوجه أدنى الصداقات، وثَنِّ بمونتيني الذي تحدث عن عجز المرأة على أن تصادق، وثَلِّثْ بنيتشه الذي وصف الصداقة بصفات ذكورية: التنازع والتصالب. لكن أين نحن من قول أبي محمد التغمريني: "ولا ينبغي للمسلم أن يبقى بغير صديق يفشي إليه سره، ويشترك معه همومه. فإن لم يجده من الرجال، اتخذه من النساء،والعكس للنساء"؟ بل أين نحن من العلامة أبي حسان الفرسطائي الذي كان كثيرا ما يمكث عند أم الربيع الوريورية، وكانت سخية ومأوى للأخيار، وربما أقام زمانا من الدهر، ويجعل للناس المجلس عندها؟
----------------------
- الكتاب: نيتشه والصداقة.
- المؤلفة: ويلاو فيركرك.
- الناشر:بلومسبوري، 2019.
- عدد الصفحات: 190 صفحة.
