قررتُ أنْ أعيشَ كما أنا

Picture1.png

تأليف: كيم سو هيون

عرض: محمود عبد الغفار (مدرس الأدب الحديث والمقارن، كلية الآداب- جامعة القاهرة)

يتميز غلاف الكتاب بأنه يوحي بشكل كبير بما يتوقعه القارئ من عنوانه. يأتي العنوان أعلى الصفحة ليشير بجملة واضحة تدل بصيغة تعكس درجة من درجات التحدي: "قررتُ أنْ أعيش"، تتبعها جملة "كما أنا" أو بعبارة أخرى "على نحو ما أنا عليه"، وتحتها صورة لسيدة في مرحلة الشباب من عمرها، حولها ما يشبه النجوم، الأمر الذي يضع الصورة كلها في إطار حالم. تحت الصورة جملة: " خطوات يجب اتباعها لأعيش شابةً في واقع شديد البرودة". أمّا خلفية هذه اللوحة فبلون يشد انتباه العين ويرتبط بصور الأزهار والورود بشكل ما.

المؤلفة كيم سو هيون تعشق الرسم رغم أنها لم تتخصص في دراسته. فقد التحقت بجامعة "إيهوا" للبنات في كلية الاقتصاد، غير أنها تركتها لتلتحق بقسم التصميم بجامعة سيول للعلوم والتكنولوجيا. لها بعض الكتب المهمة مثل: "في عُمر العشرين بنسبة 100%"و"وداعًا عُمر العشرين"، وهذا الكتاب "قررتُ أنْ أعيشَ على نحو ما أنا عليه".

تتسم كتاباتها بأسلوب رشيق يتناسب تمامًا مع ما يمكن تسميته فن التنمية البشرية، ولعل هذا هو السبب في الاحتفاء بكتاباتها لدى القراء. يتألف الكتاب من ستة فصول. يغطي كل فصل عددًا من النقاط التي تقدم على شكل نصائح يجب اتباعها لأجل تحقيق الغرض المبين بعنوان كل باب من تلك الأبواب.

تشير مقدمة الكتاب إلى برودة العالم وقسوته على مَن يعيشون فترة الصبا والشباب في حياتهم، لأنّ أحلامهم المثالية تصطدم بذلك الواقع غير المبالي. أمّا لمَن يريدون استرجاع تلك الفترة بعد أن مضى بهم قطار العمر إلى ما هو أبعد فالمسألة في غاية الأهمية والصعوبة في آن واحد. يقيم الناس روابط بينهم وبين الآخرين لإشباع حاجاتهم العاطفية والإنسانية في عالم مادي، لكنهم مع الأسف يقيمون الحواجز ويميزون بين الناس حالما يحسون بعدم الحاجة إلى أولئك الآخرين، أو عندما تستولي عليهم المادية في هذا العالم الذي نصارع كلنا لأجل العيش فيه على النحو الذي نود أن نكون عليه.

يركّز الكتاب بشكل أساسي على النقاط أو الخطوات التي يحتاجها كل إنسان لأجل أن يعيش على نحو ما هو عليه بالفعل. كما يركز على الأمور التي يجب تجنبها أو التخلي عنها حتى لا يقع المرء ضحية التغيير الذي يجعل منه شخصًا آخر باستمرار حتى يصل إلى اللحظة التي يجد نفسه فيها مختلفًا تمامًا عن أي صورة يعرفها عن نفسه، وعند هذا الحد تصبح العودة إلى الحالة الأولى كما يصبح تصحيح المسار صعبًا إن لم يكن مستحيلاً. الكتاب من هذا المنظور فرصة لتأمل الذات والعودة بها إلى حالة من الاتزان والتقدير المرتبطين بكونها الذات التي يألفها صاحبها ويحترمها ويطيب له أن يعيش في كنفها عمره كله.

كما أنّه محاولة لإقناع القارئ عبر خطاب متماسك نفسيًّا ومنطقيًّا بأن عليه أن يدرك تميزه بنفسه ولا ينتظره من الآخرين فحسب، فضلاً عن أنه لا يجب أن يكون سريع التأثر بأي طاقة سلبية يصدرها له الآخرون تحت أي ظرف من الظروف.

أخيرًا نشير إلى أن الخطاب موجه غالبًا في صيغة المُخَاطَب، وهو هنا القارئ الكوري بشكل خاص، والقارئ أو الإنسان في هذا العالم بشكل عام.

يأتي الفصل الأول بعنوان: "قائمة بما يجب القيام به من أجل أن أحترم ذاتي وأعيش حياتي". وتشتمل هذه القائمة على ما يلي: لا يجب على المرء أن يكون كريم الخلق مع مَن لا يعاملونه بالقدر ذاته من الكرم. علينا أن نصنع مسافة تحمينا من الأشخاص الذين يُحتمل أن يسيئوا إلينا. لا يجب أن نكون بائسين حتى وإن كنا في موقف صعب أو نمر بمرحلة حرجة. على المرء أن يكون ودودًا وأن يهتم بتفاصيل حياة الآخرين لا أن يكون متفرجًا طوال الوقت. عليك أنْ تتحلى بالثقة بالنفس بل وأن تعتز بذاتك دائمًا، فالفخر ليس حكرًا على الأغنياء وحدهم، الفقراء أيضًا من حقهم أن يفخروا بأنفسهم. لا يجب أن يبقى المرء متألمًا من أشخاص عابرين في حياته؛ فكثيرًا ما نبدد طاقتنا ونهدر وقتنا ونخرج مشاعر سلبية من الغضب والكراهية تجاه آخرين لا قيمة لهم في حياتهم لأنّهم مجرد عابري سبيل في طريق حياتنا الطويل. إنْ كنتَ تريد أن تكون شخصًا لا يضاهيه أحد، عليك أن تمحو الأرقام من حياتك تمامًا ونهائيًا. لا يجب أن تُضعفك كلمات الآخرين أو تقلل من اعتزازك بنفسك. لا تعش الحياة وأنت دائم اللعن والسباب لها، فمن طبيعة الحياة أنّها لا يمكن أن تستمر فيها الأحوال على ما هي عليه، فلن يدوم لها فرح ولن يبقى لها حزن. لا تقدّم الأعذار لنفسك، فذلك يفتح باب التقاعس والهروب من تحمّل المسؤولية على مصراعيه، فبرغم ما قد يحلّ بك من أوجاع وخيبات أمل، ليس عليك أن تواجه ذلك بإحساس البائس، بل بإحساس القادر على مواصلة المسير بشموخ. تذكر دائمًا أنّه ليس هناك أحد يتمتع بحياة مثالية. لا تبقَ حبيسًا لفترة التشكل في طور الشباب عندما يمضي بك العمر، بل استثمر أفضل ما في تلك المرحلة لتكون مصدر طاقة دائمة. إن لم تستطع أن تحتفظ بمشاعرك وتصونها لأنك منشغل بمشاعر الآخرين، فلن تبقى لك فضيلة في نهاية المدى. لا تتواضع وأنت في موقف المُحرَج أو المتردد. انطق بالحق إن كنت تريد أن تحترمك الحياة. لنا جميعًا حقوق متساوية في الاحترام المتبادل لحياة كل منا.

الفصل الثاني بعنوان: "قائمة بما يجب القيام به لأجل أنْ أعيش على نحو ما أنا عليه". الخطاب في هذا الفصل موجه بصيغة المتكلم؛ الذي يحيل إلى المؤلفة كما يحيل إلى القارئ في العموم، كما أنهّ موجه بصيغة المخاطب أيضًا. على المرء أن يتحلّى بحس السيطرة على الذات، وهي طاقة داخلية يتم اكتسابها عبر عدة خطوات وعبر المرور بمواقف تعكس تحمل المسؤولية واحترام الذات. عليك أنْ تجد الحياة على النحو الذي أنتَ عليه وعلى النحو الذي هي عليه كذلك. لا تؤجل سؤال الحياة لأجل غير مسمّى، فالذين يقعون في فخ القيام بما يجب عليهم القيام به فحسب، لا يتمكنون في النهاية من عمل الأشياء التي يحبونها أو يتمنون القيام بها. اجعل سؤالك واضحًا ومحددًا تجاه شيء واحد فحسب. إننا في حاجة لما يشبه غسيل المخ لكي نعيد شحن طاقتنا الإيمانية في فضاء يحيطنا به الألم. لن أكون شيئًا آخر غير ذاتي. لستُ في حاجة لإثبات أي شيء عن نفسي للآخرين، أنا في حاجة لأظل ذاتي فقط. لا تستهجن إجابات الحياة عن أسئلتك. ليس هناك إجابات خاطئة عن أسئلة الحياة لدى كل منا، لدينا فقط إجابات مختلفة. واجه حقيقة ذاتك واختر أن تكون كما أنت عليه. امكث في المكان الذي يمكنك أن تبدو فيه مشرقًا.

الفصل الثالث بعنوان: "قائمة بما يجب فعله كي لا تسقط في فخ القلق". ابقَ خارج نطاق الخواء مثل الحياة تمامًا. تعلّم واكتسب مهارة مواصلة الحياة رغم المشكلات. تأكد أنّ الآخرين لهم مشكلاتهم أيضًا وبالتالي فمشكلاتك لا تعني أن الحياة تأخذ منك موقفًا خاصًا. لا تخطط للمستقبل بشكل عشوائي. جِد حلولًا حقيقية وواضحة. لا تكن شخصًا يعيش بحساسية مفرطة، لأنّ ذلك يؤدي إلى تفسخ الروابط تدريجيًّا بينك وبين الآخرين وفي كثير من الأحيان لأسباب سطحية. عِش حزنك كاملاً لأنّ الطاقات السلبية القابعة داخلك لن تتحرر دون ثمن. قُل للآخرين إنك مُتعَب عندما تشعر فعليًّا بالتعب. لا تفرط في الكد في العمل لأنك لا تشعر بالأمان الكافي.

الفصل الرابع عنوانه: "قائمة بما يجب القيام به لتعيش مع الآخرين وتتعايش معهم". كُن مهذبًا مع الآخرين قدر استطاعتك. دع فضولك تجاه حياة الآخرين جانبًا وادخر طاقتك لنفسك. لا تحاول أن تبدو واضحًا ومفهومًا لدى الجميع، لأنّه وفي ظل وجود بعض الناس من ذوي العقول المتزمتة والأفق الضيق سيكون من المستحيل أن يفهمك الجميع. حافظ على الروابط التي بينك وبين الآخرين. لا تفصل بين النجاح والفشل باستمرار لأنّهما قرينان غالبًا. احفظ نفسك قدر المستطاع مما يسببه الآخرون من ألم بمواصلة تحمل مسؤولياتك والقيام بالأمور على الوجه الصحيح. لا تشعر بالخجل تجاه ما تعجز عن فعله. لا تكن طماعًا بحيث ترغب في أن يحبك الجميع. قم بتصنيف الانكسارات والآلام. وثِّق علاقاتك بالآخرين قدر المستطاع. واصل المسير عندما تكون الإشارة خضراء. كن مع شخص واحد على الأقل حتى لا تبقى بمفردك.

الفصل الخامس بعنوان: "قائمة بما يجب القيام به لأجل أن يكون العالم أفضل". احكِ قصصًا غير ممتعة أحيانًا، فطبيعة الحياة نفسها ليست ممتعة دائمًا. لا تكن قاسيًا في انتقاد ذاتك، فاعترافك بخطئك هو السبيل الأهم والأوحد لدفع الدين عن هذا الخطأ وليس انتقاد الذات بشدة. تماسك عندما تستدعي الضرورة ذلك. ليس من المخجل أن تعمل بكد لأجل المال. اطرح كل ما يقلقك بعيدًا. تعلّم فن المواجهة والنضال على نحو مميز. اجعل الأمل شيئًا ملموسًا في حياتك دائمًا. اصنع ولو مجرد شيء واحد لأجل أن يكون العالم أفضل. ثق أنّ مدك يد العون لمحتاج سيعود عليك بمثلها وقت الحاجة للمساعدة. لا تشارك في الألعاب الوحشية التي يمارسها الناس هذه الأيام. عِش شبابك ولو كنتَ تائهًا خلاله أحيانًا.

الفصل السادس عنوانه: "قائمة بما يجب القيام به من أجل حياة جيدة ذات مغزى". لا تجعل السعادة هدف الحياة الوحيد لديك، فأهم أهداف الحياة هو الحياة نفسها. عِش بخفّة فراشة. عزز من أرقام ما يشير إلى الحيوية في حياتك. حاول ألا تجفّ. تعلم كيف تسعد نفسك بنفسك ولا تنتظر أن يمنحك الآخرون السعادة. فكّر فيما اكتسبته باستمرار. ودّع الماضي ولا تنظر خلفك كثيرًا وبخاصة وأنت في حالة ضعف. أن تكون كريمًا مع نفسك لحظة ارتكابك الخطأ سيعزز من وجودك حرًّا وآمنًا. افهم نفسك وتفاهم معها مهما كانت الأحوال. تعامل مع اللا كمال بحبّ. اسأل نفسك باستمرار كيف ستواصل الحياة.

----------------------------------------------------------

الكتاب :

عنوان الكتاب: قررتُ أن أعيشَ كما أنا

المؤلفة: كيم سو هيون

دار النشر: مائميسوب

اللغة: الكورية

عدد الصفحات: 288 صفحة

سنة النشر: 2017

 

 

 

أخبار ذات صلة