المغرب-ألمانيا: تواصل، وتبادل، وتطور.

Timatarin.jpg

تأليف: مجموعة باحثين

عرض: رضوان ضاوي - باحث في الدّراسات الألمانيّة

نقدم في هذا الكتاب "المغرب-ألمانيا: تواصل، وتبادل، وتطور"(Marokko-Deutschland, Begegnung, Austausch, Entwicklung)، من منشورات جمعيّة تيماتارين "Timatarin Verein"- إطار ثقافي مغربي لها مجلّة ناطقة باللّغة الألمانيّة-، أشغال الدورة الأولى للمنتدى الثّقافي المغربي الألماني الذي انعقد في مدينة أغادير بالمغرب. وقد جاءت فكرة تنظيم منتدى ثقافي مغربي ألماني، لكي يفتح مجالا للحوار والتّبادل المشترك باعتباره قنطرة تواصليّة تقويّ رصيد العلاقات المغربيّة-الألمانيّة وتؤسّس شكلا جديدا من التّواصل الثّقافي والفكري والعلمي يدرج ضمن المثاقفة والتبادل بين البلدين.

حرص الباحثون المغاربة والألمانيون في مقالاتهم المعروضة في هذا الكتاب، على طرح بعض أوجه العلاقات التّاريخيّة والبشريّة والثّقافيّة والاقتصاديّة بين المغرب وألمانيا، والتي تظهر مدى أهميّة هذه العلاقات وتنوّعها، ويأمل هؤلاء الباحثون في تطويرها وتقويتها مستقبلا.

يضم هذا الكتاب إذاً تقليد التّبادل العلمي بين باحثين مغاربة وألمان. على أنه لم تكن هذه أول مرة يشتغل فيها الألمان والمغاربة سويّة على موضوع اللقاء الألماني المغربي المغاربي، ففي سنة 1991 صدر مجلد "المغرب وألمانيا، دراسات في العلاقات البشريّة والثّقافيّة والاقتصاديّة" ومجلد "مغاربة وألمان، حضور الآخر " في 1995، وكلها أشغال ملتقيّات من منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة بالرّباط. بالتالي هذا الكتاب امتداد لهذه الأعمال العلميّة ويهدف إلى مزيد من تقويّة التبادل العلمي بين ألمانيا والدول المغاربيّة.

تتوزع صفحات كتاب "المغرب-ألمانيا: تواصل، تبادل وتطور" على ثمان مقالات ومقدمة وخاتمة. والمؤلّفون هم باحثون في العلاقات الألمانيّة المغربيّة والثّقافة الأمازيغيّة والتّاريخ، وإتقانهم للّغة الألمانيّة، إضافة إلى تجاربهم في المجال الثّقافي، عاملان جعلاهم يطّلعون على العلاقة الثّقافيّة التي تربط ألمانيا بالمغرب والنّصوص التي وثّقتها، كما تتبيّن دقّة الباحثين بدءا من عنوان كتابه، ومن ثم حصر هذه الدّراسة المقارنة في تتبع واستقراء العلاقة الألمانيّة المغربيّة المغاربيّة انطلاقًا من القرن التّاسع عشر وحتّى اليوم.

إذن اعتمد المؤلّفون على الدّراسة المقارنة والقراءة التّطبيقيّة والحسّ النّقدي الواضح من أجل إضاءة موضوع اللّقاء الألماني المغربي والعلاقات الألمانيّة بشمال إفريقيا فعملوا على وضع هذه العلاقة في سياقاتها التّاريخيّة والفكريّة، وتوضيحهم لها، وتصويبهم للمعلومات وبتعقيباتهم على الكثير من أوجه القصور والنّقص التي تتميّز بها هذه العلاقة الألمانيّة-المغربيّة-العربيّة، كما طرحوا مسألة "الاستفادة المغربيّة والعربيّة من التّجربة الألمانيّة المميّزة في شتّى الميادين".

فألمانيا والمغرب ترتبطان بعلاقات إنسانيّة تعود جذورها إلى أكثر من ثلاثة قرون، وبين البلدين في الوقت الحالي علاقات اقتصاديّة وتجاريّة قابلة للتّطور، فبينما كان المغرب ولا يزال بالنّسبة للكثير من الألمان وجهة سياحيّة، تبقى ألمانيا بالنّسبة للكثير من المغاربة وجهة مفضلة من أجل العمل أو الدّراسة. ولكن يؤكّد المشاركون في هذا الكتاب أنّه على الرّغم من عمق العلاقات بين الجانبين إلاّ أنّها تبقى ضعيفة على المستويين الثّقافي والأكاديمي.

     ويمكننا حصر مقالات هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء مترابطة مع بعضها البعض، كما يمكننا أن نقتصر في هذا العرض النّقدي على أهم القضايا والصوّر المتداخلة والمختلفة والمتنوّعة في هذا الكتاب ممّا يوضّح لنا في النّهاية معالم هذا الاهتمام الألماني بالمغرب واهتمام المغاربة والمغاربيين والعرب أنفسهم بألمانيا.

المعرفة المغربيّة العربيّة بألمانيّا

 كرّس الباحثان الألماني "بيتر فيسلر" والمغربي "أوبها إبراهيم" مقاليهما لتحديد سياق المعرفة العربيّة والمغربيّة بالتّبادل الثّقافي الألماني العربي، وقد طرح المؤلفان مسألة الاهتمام الألماني المتنامي بشمال إفريقيا في الفترة الأخيرة، ممّا ساعد على تعزيز موقف ألمانيا في شمال إفريقيا بصفة عامّة والمغرب بصفة خاصّة. ففي مقال "بيتر فيسلر" بعنوان "النموذج الفيدرالي في الجمهورية الألمانيّة الاتحاديّة" يتحدّث الباحث في التّاريخ الألماني عن النّظام الجمهوري الفيدرالي الألماني وعن أهم مميّزاته وآفاقه ومستقبله. ومعروف أنّ القانون الأساسي للجمهوريّة الفيدراليّة الألمانيّة في المادة20 ينصّ على ما يلي: "الجمهورية الفيدراليّة الألمانيّة هي دولة اتحاديّة ديمقراطيّة واجتماعيّة".

يؤكّد الباحث الألماني على أنّ الدّولة الفدراليّة الألمانيّة هي امتداد لإرث تاريخي عريق. ويتّسم النّظام الفيدرالي الألماني بالتّعاون الوثيق وتنسيق وطيد بين الاتّحاد وباقي الولايات من خلال مبدأ الإعانة والتّضامن والتّعاون الفيدرالي والإعانات، ويسمّى هذا النّوع من الفيدراليّة، بالفيدراليّة التّعاونيّة، والمقصود بهذا التّعاون خلق التّوازن في الموارد الماليّة بين الولايات دون استثناء. وتكمن إيجابيّات النّظام الفيدرالي في التّنوع والوحدة ومنح فرصة للمواطنين للمشاركة السياسيّة مع مراعاة المطالب الإقليميّة والمحليّة ويمنح لها الشّفافيّة والنّزاهة.

وفي مقال "وبها إبراهيم" بعنوان "الديمقراطيّة الألمانيّة بعيون مغربيّة"، نقرأ عن تجربة الباحث في البرلمان الألماني في برلين في إطار المنحة الدوليّة البرلمانيّة التي عقدها البرلمان الألماني للمهتمين بالسياسة الألمانيّة من دول شمال إفريقيا والشّرق الأوسط في 2013. وقد شارك في هذه المنحة الدوليّة المنظمة من طرف البرلمان الألماني أربع وعشرون شاب وشابة من دول شمال إفريقيا والشّرق الأوسط، ممّا يعطي لهذه التّجربة بعداً عربيّا إفريقيّا وشرقا أوسطياً. وكان الهدف من هذه الدّورة التّكوينية التي استمرت شهرا كاملاً التّعرف على النّظام السياسي الألماني وكذا عمليّة صنع القرارات السيّاسيّة في "البوندستاغ" وكيفيّة الممارسة الديمقراطيّة في الحياة السياسيّة الألمانيّة ومتابعة ورصد الانتخابات النّيابية في ألمانيا. وكان ضمن برنامج المنحة زيارات لمؤسّسات تاريخيّة ومتاحف ومؤسّسات تعليميّة، وعقد لقاءات مع شخصيّات سيّاسيّة بارزة في المشهد السّياسي الألماني مثل رئيس البرلمان الألماني الدكتور "نروبرت لامارت"، والمشاركة في المحاضرات والورش التّكوينيّة. والهدف من كل هذه الأنشطة هو معاينة من داخل البرلمان لكيفيّة دارسة القضايا السّياسيّة والاجتماعيّة للشّعب الألماني، وكيف تمكّنت ألمانيا من ضمان مجموعة من الحقوق اللّغويّة والثّقافيّة للأقليّات.

وحسب الكاتب فإن أهم شيء يدركه المرء في هذا البرنامج هو أنّ الحنكة السّياسيّة لدى الألمان تقاس بدرجة القدرة على تنظيم العلاقة بين المسؤول عن تسيير الشأن العام في جميع مستوياته وبين المواطن الذي هو في الأخير هدف ما يقدّم من الخدمات.

فهل يمكن للمغرب أو حتى للدّول العربيّة الاستفادة من هذه التّجربة الديمقراطيّة الألمانيّة؟ وكيف يمكن أن تستفيد المبادرة السّياسيّة المغربيّة "الجهويّة المتقدّمة" من النّموذج الفدرالي الألماني؟

إنّ ما تعلّمه هؤلاء الشّباب العرب عموما في ألمانيا يمكن أن يتم توظيفه في المغرب وفي الدّول العربيّة من خلال تقديم عروض عن التّجربة الديمقراطيّة الألمانيّة في الجامعات وفي إطار الأسبوع الثّقافي الألماني عن طريق تقديم ورشات تدريبية للاستفادة من التّجربة الديمقراطيّة الألمانيّة.

لهذا يؤكّد الباحث "وبها" على أنّ التّجربة الألمانيّة رائدة في مجال التّسيير المحلي، وتعدّ نموذجا يمكن الاستفادة منه بالنّظر إلى كونه يراعي الترّكيبة المجتمعيّة والخصوصيّات الاقتصاديّة والثّقافيّة لجميع المنّاطق ويحمي حقوق الجماعات والأفراد.

ألمانيا والمغرب

يركّز كتّاب المقالات التي صنّفناها ضمن القسم الثاني على صيّاغة صور مغربيّة وألمانيّة عن طريق الآخر، وأسهبوا في الحديث عن معالم الدّيمقراطيّة والممارسة السّياسيّة في ألمانيا، ولعلّ المؤلّفين يركّزون على اهتمام الألمان بالدّيمقراطيّة وحقوق الأقليّات ممّا يؤسس لمشروع ديمقراطي مميّز، لأنّه مكوّن حضاري وتحوّل في ثقافة أوروبا.

ففي مقال "لحسن حندي" بعنوان "العلاقات الألمانيّة المغربيّة بعد الربيع الدّيمقراطي"، تطرّق الباحث إلى مدى تطوّر العلاقات الألمانيّة المغربيّة بعد أحداث ما سمّي بالرّبيع العربي في الدول العربية ومن بينها المغرب، وأفق التّعاون بين البلدين، وكذلك مجالات اهتمام السّياسة الخارجيّة الألمانيّة في شمال إفريقيا في مجالات التّعاون ذات الأولويّة في المنطقة المغاربيّة مثل تقويّة العلاقات الاقتصاديّة والتّعاون في المجال الأمني إضافة إلى العمل على تقويّة دور المجتمع المدني وتقديم دعم كبير لهذه البلدان التي تتواجد في مرحلة الانتقال الدّيمقراطي، ثم العمل الثّقافي في المغرب، من خلال دعم تعلّم اللّغة الألمانيّة والتّعاون الأكاديمي عن طريق المعهد الثّقافي غوته وملتقى الحوار الثقافي في طنجة ومراكش ووجدة ومدراس "شركاء المستقبل" ومؤسسة DAAD ومؤسّسات ألمانيّة أخرى تعمل في البلدان المغاربيّة.

وفي المجال الاقتصادي احتلّت ألمانيا المرتبة السّابعة في الميزان التّجاري المغربي لسنة 2013. ومن أهم الصّادرات الألمانيّة نحو المغرب نجد السيارات والشّاحنات والآلات إضافة إلى المنتجات الكهربائيّة، في حين نجد أنّ أهم مواد الصّادرات من المغرب نحو ألمانيا تشمل المنسوجات والأحذيّة والمواد الغذائيّة، فالمغرب شريك رئيسي لألمانيا في القطاع الفلاحي.

وتتّصف صورة ألمانيا في أوساط المجتمع المدني بكونها صورة جد إيجابيّة، باعتبار النّموذج الدّيموقراطي الألماني ناجحا يمكن الاستفادة منه بطرق شتى. فبالنّسبة للمغرب الذي يشق طريقه إلى الانتقال الدّيمقراطي، فإنّ الاطّلاع على التّجربة الألمانيّة في مجالات الدّيمقراطيّة وبناء دولة الحق والقانون والحكامة الجيّدة ستكون عنصرا إضافيّا لإغناء وإنجاح التّجربة المغربيّة.

أمّا "التّعاون المغربي الألماني في مجال البيئة " لـ:عمر ابــو حــزم  فإنّه يتطرّق إلى مراهنة المملكة المغربيّة على النّهوض بمجال البيئة من خلال التّعاون المغربي الألماني في مجال البيئة والصناعات المعتمدة على الطّاقات الصديقة للبيئة والذي يجب أن يواكبه تعاون في مجال التّوعيّة البيئيّة وخلق مجتمع محترم للبيئة، إضافة إلى إدماج قضايا البيئة وحماية الطبيعة في العمل الجمعوي ومنظومات التّعليم بجميع مراحله.

وفي مقال "دور الإعلام في تعزيز الحوار الثّقافي المغربي الألماني مجلة تيماتارين نموذجا"، يتحدّث عبد الرّحيم بوكيو عن جمعيّة تيماتارين المغربيّة النّاطقة بالألمانيّة والتي تهدف إلى تحقيق الحوار الثّقافي بين ألمانيا والمغرب. و"تيماتارين" وسيلة إعلاميّة تؤمن بالاختلاف والتّعدديّة الثّقافيّة والدّينيّة والإثنيّة واللّغوية، وقد قدمت مجلة "تيماتارين" للثّقافة إلى حد الآن خمسة إصدارات منذ سنة 2010 ونظّمت تكوينات حول تجارب الطلبة المغاربة في ألمانيا وطلبة ألمان في المغرب.

وفي الأخير جاء تقرير عن العرض الفوتوغرافي يحمل عنوان "بين عالمين" أو "بعيون الآخر" الذي قدمته الفنّانة الألمانية أولي رود بالاشتراك مع الفنّان المغربي رشيد تاكلا، كونهما يتقاسمان حبّ السّفر والاكتشاف والتّصوير الفوتوغرافي، فقد استطاعا أن يمتلكا نظرة خاصّة لهذا العالم كلّ من زاويته بواسطة التّصوير الفوتوغرافي، كتعبير عن انمحاء تام للحدود.

ويعكس هذا العرض صوّر متنوّعة عن البلدين الزّاخرين بالتّعدد والاختلاف، فتمّ تقديم التّنوع الثّقافي والحضاري لألمانيا وللمغاربة والخصوصيّات الثّقافيّة والمجتمعيّة الخاصّة بالمغرب للمجتمع الألماني. ويبقى الفن الفوتوغرافي الوسيلة الرّائعة للتّواصل بين الثّقافات.

 

الخطاب الثّقافي الألماني عن المغرب

وفي هذا القسم الأخير تأتي مقالة خالد أوبلا "صورة الجنوب المغربي من خلال مؤلّفات الألماني هانس شتومه" لتلقي الضّوء على دراسات هانس شتومه للأدب واللّغة الأمازيغيّة ضمن التّقليد الإثنو- فلكلوري الذي تبنّته الجامعات الألمانيّة نهاية القرن التّاسع عشر وبداية القرن العشرين.

هدف شتومه كان أن يجمع أكبر قدر من النّصوص من الحكايات والأساطير والألغاز والأمثال الشّعبية، فالنّص الأدبي بهذا المعنى يعتبر وثيقة شأنه شأن الوثائق الأخرى التي تساعد في دراسة اللّغة والعقليّات والمجتمع. ففي سنة 1895 أصدر هانس شتومه كتاب Dichtkunst und Gedichte der Schluh "فنّ الشّعر والقصائد عند الأمازيغ"، ثمّ Märchen der Schluh von Tazrwalt "حكايات أمازيغ تازروالت".

وقد حرص كاتب هذا المقال على التطرّق للخطاب الإثنوغرافي الألماني عن الدّول المغاربيّة، ويريد الكاتب من هذا المقال توضيح بنيّة رؤية الآخر للمغرب التي يحتاج فيها القارئ إلى بناء تصور نظري مرن وإطار تحليلي يأخذ بعين الاعتبار السّياقات الثّقافيّة والدينيّة والسياسيّة التي أنتجت فيها هذه الكتابات ذات النّفس الإثنو-فولكلوري والأدبي الذي يتجاوز حدود الجغرافيا والمكان.

ويدخل هذا الإنتاج ضمن اهتمام الغربيين بلغات وشعوب المنطقة والحاجة إلى جمع معطيات مكوّناتها الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثّقافيّة في تنافس دولي محتدم بين إنجلترا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا.

أمّا مقالة "الرّحلات الألمانيّة إلى المغرب في أواخر القرن 19م وبداية القرن 20م." لمحمد أبيهي فقد تناول فيها الباحث بعض الرّحلات الألمانيّة إلى المغرب مثل رحلة الألماني غيرهارد رولفس (Gerhard Rohlfs) ما بين 1864 و1866م، الذي زار المغرب مرتين متنكرا في لباس مغربي ومدعيّا اعتناقه الإسلام، ووصل إلى مناطق لم يتمكّن نظراؤه من الرّحالة الأوروبيين من ولوجها.

 

أمّا أوسكار لنتس فقد قام برحلة إلى المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء وتومبكتو، وكلفته الجمعيّة الإفريقيّة ببرلين في خريف سنة 1879م بمهمة دراسة مختلف مرتفعات الأطلس المغربي والمناطق الجنوبيّة من تندوف إلى تمبوكتو.

ويعتبر تيوبالد فيشر من بين الرّحالة الألمان الذين زاروا المغرب، وأشرفت الجمعيتان الجغرافيتان بفرانكفورت وبرلين على دعمه في رحلتين إلى المغرب ما بين سنتي 1899م و1901م، ووجه اهتماماته إلى دراسة جغرافيا بلدان إفريقيا الشماليّة، وتفطّن تيوبالد فيشر في كتابه ‹‹المغرب بوصفه مسرح عمليّات حربيّة›› إلى الأهميّة الاستراتيجيّة للمغرب في التّنافس الأوروبي حول البحر الأبيض المتوسط، وتركت جولته صدى كبيرا بألمانيا ونال من خلالها وسامين رفيعين.

كوّنت الرّحلات الألمانيّة رصيدا إثنوغرافيا حول المغرب وجغرافيته ومكوّناته القبليّة ومؤهلاته الطّبيعيّة منذ الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830م، وواكبت المشاريع الكبرى للسّياسة الألمانيّة بالمغرب، مما نتج عنه تكوين نظرة عامّة عن المجتمع المغربي.

خاتمة

إنّ أهمية هذا الكتاب تكمن في الدّعوة إلى المساهمة في تعزيز التّواصل في مختلف المجالات الثّقافيّة والفنيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة بين المجتمعين المدنيين الألماني والمغربي، وتقويّة الأنشطة الثّقافيّة التي تساهم في التّقارب الثّقافي الألماني المغربي، والطّموح إلى إحداث مؤسّسة بمدينة أغادير، بصفتها مدينة بعيدة عن المركز (مثل الرباط والدّار البيضاء) تهتم بتكوين الشّباب والنّساء في الدّيمقراطيّة التّشاركيّة والحكامة الجيدة وتسيير الشّأن المحلي وتساهم في تنويع الأنشطة الثّقافيّة في الحقل التّنموي، وذلك بالاستفادة من التّجربة الألمانيّة في مجال حماية البيئة والتّنوع البيولوجي وفيما يضمن التّنميّة المستدامة للساكنة المحلية. بالإضافة إلى تشجيع الأبحاث، والدّراسات حول المشترك الألماني-المغربي-المغاربي، وكذا تمكين الباحثين من البيبلوغرافيا الألمانيّة حول المغرب وشمال إفريقيا وتشجيع تعليم اللّغة الألمانيّة في المغرب، وكذا تشجيع تعليم اللّغتين الأمازيغية والعربية في ألمانيا، إضافة إلى العمل على ترجمة الدّراسات والأبحاث الميدانيّة الألمانيّة حول المغرب إلى العربيّة والأمازيغيّة ومن هذه اللّغات إلى الألمانيّة.

وفي ختام هذا العرض نتمنّى أن يهتم الباحثون والمهتمون بالبحث في مجال العلاقات بهذا الكتاب القيّم، حيث إنه يطرح مسألة مهمة هي "إعادة النّظر في العلاقة الثّقافيّة المغربيّة-المغاربيّة-الألمانيّة".

----------------------------------------------

الكتاب:

Marokko-Deutschland, Begegnung, Austausch, Entwicklung

تأليف: مجموعة مؤلفين (تنسيق وبها براهيم)

الناشر: منشورات جمعية Timatarin باللغة "الألمانية"

سنة النشر: 2018، أكادير (المغرب).

عدد الصفحات: 104.

 

 

 

أخبار ذات صلة