تأليف: توماس باور
عرض: رضوان ضاوي باحث في الدراسات المقارنة والمكتوبة بالألمانية/ الرباط
استقبل القراء والمتخصصون والنقاد في العالم الناطق بالألمانية والعالم العربي كتابات المستعرب الألماني باور بكثير من الاهتمام، بما في ذلك كتابه المهم "ثقافة الالتباس. تاريخ آخر للإسلام" (2011). في كتابه "توحيد العالم: عن فقدان تعدد المعنى والاختلاف"، يعرض الكاتب تأمله النقدي الجديد في معاني الغموض والالتباس، وكيف تم القضاء على الغموض بشكل متزايد منذ الحداثة الأوروبية. ولكي يبرر الباحث الألماني أطروحته، تناول أمثلة كثيرة من مجالات اجتماعية وسياسية ودينية وفنية متعددة. ويمكن اعتبار هذا الكتاب مدخلاً علميا إلى مسألة الغموض، ويستهدف بطريقة سلسلة وبسيطة شريحة واسعة من القراء بمختلف اهتماماتهم، كما يحتوي على معلومات تهم الباحثين المهتمين بالعلوم. إذاً يفتح هذا الكتاب مجالاً معرفيا للوصول إلى البحوث الحالية في مجال التعددية الثقافية والتنوع ويشجع على تحمل الغموض والتناقضات، فكتاب "توحيد العالم: عن فقدان تعدد المعنى والتنوع" يحفز بالتأكيد هذه العملية، ويعد بمعرفة مميزة ومنصفة لهذا المجال البحثي الفتي في مجال الدراسات المقارنة والعلوم الإنسانية. وأطروحة توماس الجديدة تزيل عدم قدرتنا على التعامل مع التناقضات، وتساعد على تحمل التقلبات، والسماح للمشاعر المتناقضة بالظهور: فالالتباس والغموض والتناقض يعني كيفية استعصاء الأشياء والأشخاص على التصنيف والوضوح. فانطلاقاً من الفهرس يمكن أن ننتبه إلى أهمية مواضيع هذا الكتاب وأهم القضايا التي يدرسها، وهي قضايا ومواضيع تنتمي إلى مجالات مختلفة من حيث غموضها أو الحد من غموضها. هذا الفهرس يتيح إمكانية الجمع بين مواد معرفية وفكرية مشتركة ومتقاطعة: فهناك حديث عن عصر التنوع والبحث فيه عن التفرد، وعن ثقافات الغموض والالتباس، وعن الالتباس في الأديان بين الأصولية واللامبالاة، وعن الأصالة في الفن والموسيقى، إضافة إلى العديد من المواضيع ذات الصلة. ويختتم هذا الكتاب بملحق مع المراجع والمصادر وتصنيف قصير للسيرة الذاتية والعلمية للمؤلف.
يقول باور إن استعمال مفهوم "الالتباس" أو "الغموض" في اللغة الألمانية نادر مقارنة مع استعماله في الفرنسية أو الإنجليزية، فهي من الكلمات الشائعة في هاتين اللغتين، لكن هذا لا يعني أن المصطلح يمكن التخلي عنه في الألمانية باعتباره مفهوماً يدل في تفاعله مع البشر على كل ظواهر التعدد واللاتحديد والغموض. ويكون الالتباس في الغالب لا إرادياً، لكنه يكون أيضا إراديا كما في الأدب الذي يعبر فيه الكاتب عن صور مليئة بالمعاني المتعددة وبالغموض والالتباس، أو في الاتفاقيات السياسية التي يعمد فيها الساسة إلى إبرام معاهدات لا تحيل على معنى موحد، وذلك من أجل التوصل إلى مكسب سياسي ما.
يصنف باور التفرد والدقة ضد الحرية الدينية، أما الغموض الذي يخفف -في تقليد الحداثة الأوروبية- من الصرامة فيقدم دائمًا فرصة لمزيد من التسامح مع الالتباس. على سبيل المثال فيما يتعلق بموقف الإسلام من النساء هناك قدر كبير من الغموض والتسامح مع الغموض حتى القرن العشرين. كما أن هناك اعتقادا أساسيا في الإسلام بأن الناس يمكن أن يفسروا "كلمة الله" بشكل مختلف، إضافة إلى التسامح المرتبط بقراءات مختلفة ، وهو ما يعترض عليه اليوم بعض القادة الدينيين بدهاء، وهذا راجع، حسب باور، إلى أنه بالنسبة لكل من الديانات المسيحية والإسلامية، ينحسر التدين الحقيقي، ولكن في الوقت نفسه فإن الأصولية الصارمة التي تتظاهر بأنها "الحقيقة" نفسها في ازدياد. بالإضافة إلى التنوع البيولوجي واللغات والأديان، يعتبر توماس باور الموسيقى والفن التشكيلي نموذجاً حيّاً لمعالجة إشكالية الغموض وتوحيد العالم والتعددية الثقافية؛ فالفن والموسيقى - تقليديا - هما أكثر المجالات الإبداعية التي فتحت مساحات واسعة وممتدة للغموض. وما ينطبق على التنوع البيولوجي وكذلك على الإنجازات الثقافية للشعب، ومع انخفاض عدد الأنواع الحيوانية والنباتية بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، كان هناك انخفاض مماثل في لغات الناس، حيث تم تهديد ثلث اللغات "بالانقراض".
كما يعكس هذا الكتاب أيضا الحالة الراهنة للمجتمع الألماني، فإذا كان السياسيون قلقين من أن يكونوا "أصليين" بقدر الإمكان، فإن هذا الأمر لا يترك مجالًا للعمل السياسي الفعلي في مجتمع ديمقراطي، فالتضييق على الاحتمالات مرتبط بصرامة الحقيقة والوضوح، ولها علاقة بتراكم البضائع في المجتمع الرأسمالي. يؤكد باور أن المجال الحقيقي للغموض هو السياسة. فهي تجمع بين العديد من الدوافع المتعارضة التي يمكن أن توحد في الغالب بالقوة رغم أن "الإحجام عن تحمل الغموض" يساهم في تآكل الديمقراطية.
في ألمانيا ومدينة مونستر تحديداً، يرى باور كنزاً خاصاً من التنوع الثقافي، أي ما كان موجوداً في القاهرة في القرن الخامس عشر، وهو الأمر الطبيعي للعالم: أشخاص من الديانات الأخرى، والأصول الأخرى، يرتدون الملابس والأزياء الأخرى، يتحدثون لغات مختلفة، وهذا هو الشيء الأكثر طبيعية، وهو ما ينطبق على معظم دول العالم. وحتى القرن العشرين كان لدى ألمانيا "العمال الضيوف"، فكانت مدن مثل فرانكفورت مليئة بالتنوع الثقافي، وهو تنوع لم تعرفه ألمانيا في تاريخها من قبل، ولا في أي مكان آخر في العالم. لكن هذا التنوع بدأ في إزعاج الناس فأصبح التفاعل مع "التسامح مع الالتباس" يسري من خلال هذه الدراسة على مختلف المجالات مثل الدين والفن والسياسة. ويضيف باور أن مفهوم الأصالة نفسه - بمعنى "أن يكون المرء نفسه" - هو رسمي جدا وبالتالي فهو غامض تماما: "إنه أمر واعد للغاية لأنه يمكن فهمه بطرق عديدة ومختلفة". وبخصوص وسائل الإعلام وما تحاول أن تصوره لنا من توافر مظاهر التعدد في ألمانيا والعالم يصرح باور أنه توجد مئات البرامج الحوارية عن الإسلام واللاجئين، ولكن على حد علمه، لم يكن هناك موضوع واحد كان موضوعه على سبيل المثال: هل توجد أية بدائل للرأسمالية؟". غير أنه تحدث أيضًا عمّا وصفه بـ "لامبالاة" المجتمعات الحديثة في وقت متأخر: هل يمكن لهذا "اللامبالاة" أن تؤثر على التعددية، وببساطة على الدعوة إلى "التعددية" باعتبارها إنجازًا حضاريًا. تقول المتخصصة في الإعلام نينا هاجن Nina Hagen إن تنوع برامج التلفزيون لا تدل بالضرورة على تصاعد التنوع في المحتوى: فالبرامج الحوارية أو المسلسلات البوليسية قامت منذ 1978 بزحزحة توقيت البرامج الثقافية إلى منتصف الليل أو إلى قناة منعزلة. ينطلق باور من معطى وجود مئات البرامج الإعلامية التي تتناول موضوع التنوع الثقافي والهوياتي، تماماً مثل التنوع الهائل في المنتوجات الاستهلاكية في مجتمع الاستهلاك الرأسمالي. لكن باور يطرح سؤالا مهما عما إذا كنا فعلاً نعيش عصر التنوع في زمن انقراض أنواع كثيرة من النباتات والطيور؟ فالمتخصصون في البيولوجيا يخشون من أن كل خامس نوع معروف سيعرف طريقه إلى الانقراض في أفق 2030، وفي الطبيعة لن يرجع أي شيء إلى أصله. هناك خسارة جمالية بفقدان حيوانات أليفة لظروف طبيعية بيئية لها علاقة بمجال العيش. ومنظمات مثل "جمعية الحفاظ على أنواع الحيوانات الأليفة الكبيرة في السن المهددة" تدق ناقوس الخطر. كما أن الطعام النباتي المفترض أنه طبيعي أصبح معدلا جينيا. وحسب المختصين، فقط بين 1970 و2005 تناقص التنوع البيولوجي لكوكبنا الأرض إلى حوالي 27 في المئة. لهذا السبب يصرخ باور بأنه "لا يمكن أن يكون عصرنا عصر تنوّع !". وإذا كان لا يوجد في الطبيعة تنوع، ألا يمكن أن نجد هذا التنوع عند البشر؟ وماذا عن الثقافة؟ والمجتمع المتعدد الثقافات؟
هنا أيضا يسجل الكاتب "صدمته" بحديث الناس بقليل من التنوع؛ فقد أقرت جمعية اللغات المهددة بأن ثلث ما يقارب 6500 لغة مُتحدث بها عالميا "ستنقرض في غضون العقد المقبل"، فاللغات واللهجات ما هي إلا لغات مهددة حسب ما أعلنت عنه الجمعية. فهي ليست فقط من خصائص الثقافة الإنسانية والفكر البشري، بل أيضا هي وسيلة فهم/إدراك العالم والفعل الاجتماعي للمتحدثين، وتقدم قيمة في ذاتها ويجب-بوصفها تظاهرة للإبداع والتنوع للفكر الإنساني- المحافظة عليها وتوثيقها.
يذكرنا باور بأن أوروبا كانت منذ قرون من الجهات المتعددة الثقافات في العالم. وأوروبا تقع منعزلة على هامش غربي على آسيا ولهذا نزح إليها القليل من المهاجرين مقارنة مع منطقة الشرق الأوسط. وبسبب التجانس الديني وعلى إثر نتائج التنصير سارت أوروبا إلى مزيد من الانغلاق الديني لم يعرفه العالم في أي منطقة أخرى. أما اليهود فقد عانوا كثيرا في أوروبا، لكن بحضور الإسلام استرجع اليهود كرامتهم. وعلى أساس معطى حضور الإسلام في أوروبا قام الغرب بتنظيف أوروبا بسرعة، بمجرد تمكنهم من القيام بذلك عسكريا، خاصة في إسبانيا المسلمة. وحين بدأت إرهاصات التنوع المسيحي في القرن السادس عشر في أوروبا قامت الحروب التي لا يمكن مقارنتها بأي حال بحروب السنة والشيعة في العالم الإسلامي، لأن حروب المسيحية كانت حروبا أشد فتكاً وتدميراً على البشرية. وقبل العصر الحديث لم تكن أية قارة في العالم موحّدة ثقافياً وعلى مستوى محتواها مثل أوروبا، وهذا يعني تبرير طريقة إعلان الألمان عن تذمرهم من عادات الأكل وعادات أخرى اجتماعية ودينية وثقافية جلبها "العمال الضيوف" معهم. وقد مثل هؤلاء العمال الضيوف أملاً عند الأوروبيين في تحويل المدن الأوروبية إلى مدن متعددة الثقافات.
بالمقابل يعلن توماس باور أن التعدد الثقافي الحقيقي ساد في العصر ما قبل الحديث على أطراف طرق التجارة الرابطة بين غرب إفريقيا عبر مصر، وصولا إلى الصين وأندونيسيا. ففي كل هذه المدن من مراكش عبر القاهرة، تبريز، مومباي، بوخارى وحتى آتشه دار السلام (أندونيسيا) وشيان (الصين) تم تشييد دور للعبادة للكثير من الديانات المختلفة، وكان الناس يلبسون بطرق مختلفة ومتنوعة، كما كان المرء يستطيع أن يسمع في الشوارع لغات متعددة، وكل هذا كان يبدو بديهيا وعاديا ومتوقعا ومفهوما لذاته. بينما اليوم في برلين أو لندن نرى أشخاصا يتحدثون السواحلية أو الأمازيغية أو يلبس شيخ العمامة، أو يأكل الألمان في مطاعم صينية أرجل الدجاج المقلية، يأتي هذا التنوع الثقافي دون نكهة كنا نجدها في التنوع الثقافي لطرق الحرير في إفريقيا والعالم الإسلامي أو في الإمبراطورية العثمانية قبل الحرب العالمية الأولى، لأن التنوع الثقافي الكلاسيكي القديم يقدم لنا الأصالة. وقد أعلن شتيفان تسفايج في 1925 عن كل هذا في مقال له، حين كتب بأن العادات الفردية للشعوب تراجعت، والتنوع أصبح موحدا، والعادات أصبحت دولية. وقد أصبحت الشعوب تعيش حسب خطاطة مرسومة: إنها ربما الظاهرة الأكثر مهنية وأهمية في عصرنا الحالي. ولهذا كله نتائج خطيرة على الفردانية، فكل البشر تلبس نفس اللباس، ولديها نفس الاهتمامات. وفي كل مكان نلاحظ توجها نحو القليل من التنوع، وتراجعاً عن التعدد. وساهمت الكثير من الأسباب في هذا التوقف المريب لثقافة الالتباس، منها التمدن والتنقل والعولمة الممولة عبر وسائل النقل، الطبيعة المصنعة، التغير المناخي وأقطاب ثكنات المواد الغذائية الكبرى وبشكل عام نمط الاقتصاد الرأسمالي.
هنا تأتي دعوة توماس باور إلى ضرورة وجود سلوك حداثي تجاه تدمير التنوع، فرغم أن الأمر تعلق في ألمانيا بتعدد ثقافي سلس إلا أنه أصبح من أهم المواضيع في النقاشات السياسية العامة وفي الإعلام. بالتالي يمكننا أن نرى بأن هذا الكتاب لا يرسم خرائط للتنوع في ألمانيا وأوروبا الغربية، بل عن مدى قابليتنا أو عدم قابليتنا لتحمل التعدد الثقافي والتنوع في كل تمظهراته: تعاملنا مع التعدد الخارجي مثل التنوع الإثني أو التنوع في العلاقات الحياتية وتعاملنا مع "الحقائق المتنوعة والمتعددة لعالم لا يمكن أن يكون أبدا موحدا. لأنه بالضبط هذا هو عالمنا، غير موحد، فيه الناس مختلفون، يقبلون ويسمحون بتعدد التفسيرات، يظهرون غامضين لا يعطون معنى موحدا، وأحاسيسهم متناقضة كما سلوكاتهم، باختصار: العالم مليء بالغموض والالتباس".
بخصوص حالات الالتباس التي تحيل على أحداث عالمية، تحدث باور في كتابه عن ثلاثة أمثلة: في البداية تقول المقارنة بين الولايات المتحدة وألمانيا إنه في أمريكا يوجد القليل من التسامح إزاء الالتباس، ففي سياستها تميل الولايات المتحدة الأمريكية إلى التدخل المباشر لكي تجعل الأمور واقعية وأكثر وضوحا. كما أن الرأسمالية في أمريكا تميل إلى التجذر. لكن باور يحذرنا من الانخداع بهذا المعطى واعتبار أوروبا نموذجاً للمجتمعات المعاصرة التي تقدم لنا جزراً روحية للتسامح ازاء الالتباس. وفي المثال الديني يمكن اعتبار الكنيسة دليلا جيدا على التسامح إزاء الالتباس في المجتمعات الغربية الأوروبية، فقد أصبحت بسرعة متسامحة مع الالتباس. يقول الصحفي ماتياس دروبينسكي إنه لا توجد أية مؤسسة أخرى فيها الكثير من التناقضات والفروقات الثقافية مثل الكنيسة الكاثوليكية، لهذا لا يجب أن يكون لدى الكنيسة الكاثوليكية خوف من المستقبل: لأنها تتحمل الصراعات عن التنوع والوحدة، التقليد والحداثة. إنها مؤسسة قوية.
وكانت المجتمعات الإسلامية في الشرق تستقبل المسلمين في المجتمع الفارسي متسامحة مع الالتباس، وكانت تستقبل المبشرين باحترام وبلطف، يستقبلونهم في فارس كما في الإمبراطورية العثمانية ويمنحونهم مجالات واسعة للعمل كما لم يفعلها قس في طوائف أخرى في غرب أوروبا. وبما أن المسلمين لا يسمحون بالردة فقد كان الهدف الرئيسي للمبشرين المسيحيين جماعة الأرمينيين الكبيرة في بلاد فارس.
أما في إيطاليا في عصر النهضة فقد حدث تطور مهم وإيجابي في ثقافة الالتباس في التاريخ الأوروبي لم تحدث إلا نادرا، فقد كان البابا متسامحا في الفن والثقافة إزاء الفن. وكان تيار الإصلاح في ألمانيا أكثر تسامحا مقارنة مع الإصلاح الذي تزعمه كالفين في جينيف سويسرا والذي قال إن الإنجيل في كل قضاياه حتمي وذو معنى واحد وموحد ومرتبط بشكل كبير وغير محدود دون أن يتيح أي مجال للتفسير.
اهتم توماس باور في هذا الكتاب بترسانة من المفاهيم، خاصة تلك المتصلة بثقافة الالتباس والغموض، والقادرة على الكشف عن المفاهيم ذات الفعالية والقدرة المنهجية والعلمية في مختلف الميادين العلمية الأصيلة التي لها علاقة بموضوع الكتاب. ولا شك أن نقل تلك المفاهيم من ميادين وسياقات مختلفة ثقافية متعددة يدل على إنسانية المعرفة العلمية لدى توماس باور. والكاتب نفسه لا يفصح عن أطروحته إلا في الصفحة 36-37، أي في نهاية الفصل الثالث، وهو ما يبرر وجهة نظرنا بأن الكاتب يعطي أولوية كبيرة للمفاهيم في هذا الكتاب. وهي المفاهيم التي مكنت من تقديم الأداة العلمية وأطرت هذا العمل منهجيا وحصرت الأطروحة التي دافع عنها باور ومفادها أن عصرنا الحالي هو عصر قليل التسامح نادرا ما يقبل ثقافة الالتباس والغموض.
إن من قدر الإنسان العيش مع الالتباس. ولا يمكن بأية حال تجنب ذلك. ومن العقلانية محاولة العمل على تقليص الالتباس إلى قياس معقول يتيح هامشاً حيوياً دون العمل على محاولة إلغائه كليا. وحسب عالم الاجتماع تسيجمونت باومان فإن الالتباس يتمظهر لنا بصفته القوة الوحيدة التي يسمح وضعها بتقليص مخاطر الحداثة، لكن علم النفس لديه رأي آخر، فالمشكلة هي أن الإنسان بطبيعته يعمل على تجنب الوضعيات الغامضة والمبهمة وغير المحددة والمتضاربة والمتناقضة وهو بهذا يعتبر "غير متسامح مع الالتباس".
----------------------------------------------------
التفاصيل :
الكتاب: توحيد العالم: عن فقدان تعدد المعنى والتنوع.
الكاتب: توماس باور.
اللغة: اللغة الألمانية.
السنة: 2018. (عدد الصفحات:127).
دار النشر: ركلام، سلسلة "ما ذا يعني كل هذا؟"، شتوتغارت ألمانيا.
