الشرق في الذاكرة الحضارية الألمانية في القرنين التاسع عشر والحادي والعشرين

media_84481986.jpeg

تأليف: زهير سوكاح

عرض: رضوان ضاوي باحث في الدراسات الثقافية المقارنة | الرباط  - المغرب

يرصد هذا الكتاب مسار تطور الكتابة الاستشراقية في القرن التاسع عشر والقرن الحادي والعشرين، إذ يسلط الضوء على كيفية تعامل الرحّالين مع الشرق، كما يعرض حصيلة أعمالهم وآفاق تصوراتهم، وأشكال تفاعلهم مع الثقافة الشرقية، وذلك من خلال مواصلة الباحث زهير سوكاح الحفر في قضايا الاستشراق والرحلة باللغة الألمانية، وينطلق الباحث من أطروحة كون الاستشراق الألماني للقرن التاسع عشر لم يكن فقط خطابا علميا خالصا وأكاديميا بل أيضا خطاب استعمار عن الشرق وخطاب هيمنة ذا خلفية أورومركزية باعتباره وسيلة تثبت بها ألمانيا هويتها الجديدة من حيث هي جزء من العالم الغربي. كذلك أكدت نصوص في القرن الحادي والعشرين استمرارية هذا الخطاب من خلال التسويق الهيمني عن الشرق، من أجل تحقيق وظيفة إثبات الهوية زمن ما بعد الاستعمار والعولمة والإرهاب. وكان من الضروري البحث أيضا في العلاقة بين أدب الرحلة لأوروبا الغربية والاستشراق، فقد اعتبر سعيد أدب الرحلة أهم مؤسس نصي ومنتوج استشراقي، وهي أداة ووسيط نصي للاستشراق، فالرحلة جزء أساسي منه، وهي إلى جانب القصة والخرافة والكليشيهات من العدسات التي رأى بها الغربيون الشرق. بالتالي قام الأساس التحليلي والنقدي لهذا البحث على فحص الوظيفة الاستشراقية للنصوص الستة التي اختارها الباحث بعناية لهذا الغرض، من أجل مقارنتها وتتبع تطور ووظيفة خطابات الرحلة الاستشراقية.

تناول زهير سكاح في القسم الأول من كتابه الأفكار الأساسية لأديولوجية الاستشراق وتطورها التاريخي، واهتم الباحث بجنس الرحلة وعلاقتها بالاستشراق وبالسفر إلى الأجبني الشرقي. واستند الباحث على هذا التأطير النظري لكي يحلل في الجزء الثاني ستة نصوص رحلية من القرن التاسع عشر وبداية القرن الحادي والعشرين. ويعود اختيار الباحث فترة القرن التاسع عشر لأنها تمثل العصر الذهبي للاستشراق وظهرت فيه نصوص رحلية كثيرة عن الشرق خاصة في النصف الأخير من القرن التاسع عشر مما ساهم في تكثيف اهتمام أوروبا الثقافي بالشرق. أما فترة القرن الحادي والعشرين، فقد اختارها الباحث لأنها عصر مكافحة الإرهاب وتصاعد وثيرة العنف والصراع في الشرق الأوسط، مما جعل المشرق مرة أخرى قوة جذب للاستشراق الحديث.

قام الباحث بعرض مقارن لصورة الشرق في نصوص رحلية شاملة من القرن التاسع عشر وبداية القرن الحادي والعشرين، وسد ثغرة مهمة في الإلمام بالعلاقة بين الاستشراق والرحلة ما بعد الاستعمارية. هذا العمل يصبو إلى الإحاطة بجنس الرحلة القديم والجديد من أجل التعامل مع الشرق المتخيل من خلال منهج الكاتب المتجاوز للتخصصات، مثل الأدب والبحث ما بعد الاستعماري، والعلوم الثقافية وعلم التاريخ، ذلك أن البحث يتناول فترة واسعة تشمل نصوصا رحلية من القرن التاسع عشر وبداية القرن الحادي والعشرين. ويصعب تصور واستيهام الشرق بدون جنس الرحلة، فالرحلة وسيلة توثيق نصي مهمة في تجربة الشرق باعتبارها عدسات نرى بها الشرق، بالتالي يتم تناول هذا النوع من توثيق السفر والرحلات كوسيلة لتبيان مدى إدراك الأوروبي للغريب الشرقي، ليس فقط كوجهة سياحية بل أيضا كصورة مضادة للهوية الأوروبية الخاصة، المتمثلة في المركزية الأوروبية التي تعيد اكتشاف آليات استعمار دول تلك البقاع البعيدة، فقد تعرف القراء الأوروبيون على "الشرق" بشكل مكثف، وتم نشر الكتب والصحف والمجلات وكان "الشرق" مقصدا للمسافرين، كما كان للرحلة شعبية كبيرة بين القراء، وكان عمل المستشرقين المسافرين إلى "الشرق" المستعمر هو وضعه في ميزان الوعي الجماعي للمتلقي الأوروبي أثناء وبعد القرن التاسع عشر، في قالب صورة ثابتة للمشرق. وكان المسافر/ الرحّالة في الغالب عضوًا في المجتمع الاستعماري، مساهما في النهاية في تكوين الأساطير حول العالم الشرقي، ومشكلاً للرأي العام في الغرب في اتجاه معين، فبقي "المشرق" - وحتى بعد إنهاء الاستعمار - راسخًا في الذاكرة الأوروبية أو الألمانية باعتباره مقابلاً لهوية أوروبا الثقافية. والرحلة وسيلة نصية قديمة وحديثة ومستقبلية للاستشراق وتحتل مكانًا ثابتًا في التقليد الإيديولوجي المستمر للاستشراق الأوروبي الغربي، لأنها تعمل دائمًا كوسيط نصي مناسب للخطاب الاستشراقي وتطوره. وبالتالي فإن تقرير السفر، حسب إدوارد سعيد، الذي استعان الباحث بنظريته عن الاستشراق في هذا البحث، هو أحد وسائل الإعلام المهمة التي كانت متاحة للاستشراق، خاصة في القرن التاسع عشر، مما مكن الكاتب من طرح إشكالية مركزية حاولت العديد من الدراسات ما بعد الاستعمارية الإحاطة بها، على النحو التالي: كيف يمكن اعتبار أكثر من مليار شخص يعيشون في مناطق مختلفة ومتباعدة من العالم، من بيئات اجتماعية وثقافية غير متجانسة،نعتبرهم ممارسين للعنف وأعداء للمرأة ومتخلفين وخطيرين؟"- وحتى في عصر الرقمنة، يبدو أن هذا النوع من التوثيق النصّي الاستشراقي (أي تقارير الرحلة) لا يزال الحامل والمنتج لانشغال المستشرقين ب"الآخر" غير الغربي. من هنا يأتي طرح الباحث لفرضيتين عالجهما في هذا الكتاب، الأولى تقول بأن الاستشراق الألماني في القرن التاسع عشر لم يكن أقل هيمنة وامبريالية من الاستشراق الإنجليزي أو الفرنسي، والثانية تؤكد على أن هناك استمرارية معاصرة لهذه المواجهة المهيمنة مع الشرق في الذاكرة الثقافية للألمان، ذلك أن ظاهرة الاستشراق تجسد ذلك الاهتمام المستمر لأوروبا بالشرق الذي لا يزال يعمل حتى اليوم بصفته آلية من آليات المواجهة الاستشراقية مع الآخر غير الأوروبي. بالتالي يمكن فهم هذا الجزء باعتباره مكملا ومتمما لأطروحة سعيد في مجال أدب الاستشراق الألماني في علاقته بالهيمنة المستمرة في الاستشراق المعاصر، فقد استعان الباحث في التحليل بستة نصوص رحلية من الرحلة الألمانية للقرن التاسع عشر التي لم يعالجها سعيد في كتابه الذي استبعد الاستشراق الألماني رغم سلطته المتفردة في الموضوع الشرقي. لهذا يوضح هذا العمل مدى إثبات أدب الرحلة الألمانية للقرن التاسع عشر للطابع الاستعماري المهيمن، والأورومركزية واستعمارية الاستشراق الألماني.

وتجدر الإشارة إلى أن المؤلف ركز في بحثه على نصوص من القرن التاسع عشر والقرن الحادي والعشرين، وعدم اختياره لنصوص من القرن العشرين أو حتى من القرن الثامن عشر لم يكن إهمالاً علميا منه، بل هو مرتبط بالمنهجية المقارنة التي تركز على اختيار فترات زمنية أو أماكن محددة وغيرها للتحليل المقارن، ذلك أن هذا العمل ليس دراسة مسحية، وقد أشار الكاتب بوضوح إلى كل هذه الإجراءات المنهجية في مقدمة كتابه، خاصة أن النصوص الثلاثة المختارة من القرن التاسع عشر قد عرفت استقبالا نقديا كبيرا في ألمانيا وحتى في العالم العربي، فقد ترجمت إلى اللغة العربية (كتاب مالتسان، وكتاب رولفس)، بينما ما زالت تنتظر النصوص الحديثة من القرن الحادي والعشرين دورها في الترجمة إلى العربية، وهذا دور الباحثين العرب المتقنين للغة العربية.

  خصص الباحث زهير سوكاح القسم الثاني من كتابه لدراسة تقارير الرحلات الألمانية الستة المختارة من التاسع عشر وبداية القرن الحادي والعشرين ومقارنتها من أجل تحديد طبيعة وتطور ووظائف خطاب الاستشراق. ففي الجزء الأول من القسم الثاني لهذا الكتاب، استطاع المؤلف أن يستخلص الاختلافات الخيالية بين أوروبا المتفوقة حضاريا والمشرق المهزوم والمتخلف من منظور الاستشراق الاستعماري في القرن التاسع عشر، فقد اتفق كل من الرحالة الثلاث هاينريش فون مالتسان (رحلة حجّي إلى مكة: رحلة إلى المناطق الساحلية والداخلية لبلاد الحجاز- 1873) والأمير بوكلار موسكاو (رحلات شرقية-1838) وغيرهالد رولفس (إقامتي الأولى بالمغرب- 1865) بوضوح تام على صورة المشرق الأجنبي ووظيفتها. وكان هاينريش فون مالتسان قد وصف في كتاب رحلته إلى السعودية حيث تنكر في صفة مسلم، واعتبر أفضل "عارف بالشرق دون منازع" في زمنه إن لم يكن في عصره كله. كما عبر الأمير بوكلار في رحلته إلى الجزائر عن حلمه بشرق رومانسي حالم، وعن انبهاره بالطبيعة الشرقية باعتباره عالم الأنقاض والبدو. أما رولفس فقد دوّن أول رحلة إلى المغرب، وشيد صورة الشرق في مثال رحلة المغرب، فعبر عن انبهاره بالطبيعة الخام والمهملة، وعن خيبة أمله في المشهد الثقافي الشرقي المتهالك في المغرب، وصورة المدينة المغربية الخادعة. وقد اعتبر هؤلاء الرحّالة الثلاثة المشرق فضاء بدائيا، ومتخلفا عن زمنه وواجهوا شرقاً لم يتغير، ولم يتطور منذ أزمنة غابرة، ولم يتأثر بالتحديث الذي عرفته أوروبا في القرن التاسع عشر، كما أنه لا يتماشى مع منزلة المسافر الأوروبي، وهو شرق مدنه متسخة وحدائقه مهملة، ويعرف أدنى مستوى له تقنيا واقتصاديا مقارنة مع وطنهم الحديث، ورغم ذلك من صورة الشرق الحالم المفقودة انبهر بوكلار ورولفس بالطبيعة الرومانسية للشرق. تجدر الإشارة إلى أن المسافرين الثلاثة يستخدمون مصطلح "شرق" لكل ما هو غير أوروبي، وغير متحضّر. كما أنّ مصطلح "المشرق" غامض ولا يحتوي سوى كلام معمم للغاية عن مجتمع "شرقي" واحد في النصوص الثلاثة. ويشير مالتسان ورولفس إلى أن الشرقيين لا يمكن أن يكونوا عقلانيين مثل الأوروبيين بسبب دينهم. ويتعاطف هؤلاء الباحثون مع ثقافتهم الأوروبية الحديثة والحضارية، على الرغم من أنهم يصفون الأخير بأنه مضياف. كما تتفق أحكام المسافرين الثلاثة على النساء اللواتي يتعرضن للقمع "المحمدي"، فيحاولون التأكيد على عدم القدرة المفترضة على التطور أو وحشية "الشرقيين". وهذا ينبغي أن يعزز تفوقهم الأوروبي في جميع مجالات الحياة من خلال الإحساس الناتج عن التفوق أو تفوق الأوروبيين على المسافرين الثلاثة الذي يتحول عندهم  إلى النقد السلبي باعتباره مجالاً غير أوروبي وبالتالي غير متحضر، فمصطلح الشرق مرادف للانحطاط الثقافي، ويرى مالتسان أوروبا تجسيدا للثقافة المثالية بطابعها المسيحي، وأن الشرق غير المتحضر يجب أن يعتمد على أوروبا، وقد أضاف كل من بوكلار ورولفس شرعية على استعمار المشرق باعتبارها رغبة كامنة في نفوس/كتابات المستشرقين والرحالة الألمان ويمكنها إنقاذ البؤس "الشرقي". ويمثل بوكلر أيضًا مفهومًا متطابقًا، حيث يرى أن موطنه الأوروبي مرادف للحضارة والحداثة. تبعا لذلك، فإن أوروبية "الشرق" هي خطوة ملموسة نحو التحديث والحضارة الإيجابية وتشمل كل ما يمكن أن يكون أوروبيا فقط، وهو ترسيم استعماري عنصري وطبقي مارسه الاستعمار على شعوب الشرق وإفريقيا.

أمّا في الجزء الثاني من الشق التحليلي فيطرح الباحث العديد من الأسئلة ساعدته في معالجة فرضيته الثانية التي أعلن عنها في مقدمة كتابه، وهذه النصوص هي نص ( العربية السعودية- في بلاد الإسلام المقدسة- 2001) لغيتسيلا رامينغ ليوبولد، ونص (رحلات في الشرق-2005) لأندرياس بروف، ونص (رحلات في الشرق-2011) لرودولف هوفنباخ، وهذه الأسئلة هي: هل الصورة الحالية للشرق والإسلام في القرن الحادي والعشرين هي استمرار "حديث" لصورة الشرق والإسلام في القرن التاسع عشر؟ بشكل عام - في عصر ما بعد الاستعمار - هل لا يزال هناك حديث عن الاستشراق الثقافي باعتباره استمرارًا تاريخيًا وعقليًا للاستشراق "الاستعماري"؟

يحاول الكاتب الإجابة على هذه الأسئلة من خلال فحص ثلاثة نصوص سفر حديثة مختارة يدعي مؤلفوها أنها واجهت تجارب أجنبية وسفر حقيقية في "المشرق" في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين. وقد عرف تصور "التفوق الغربي على "الشرق" استمرارية مركزية في عصر ما بعد الحداثة وأعطى المؤلفون الثلاثة في نصوصهم وجهات نظر شخصية مختلفة عن الغرباء "الشرقيين" الذين سافروا إليهم، وقدموا دون وعي صورة نموذجية ومتطابقة تقريبًا عن "المشرق" التي تتميز أولاً بطابعها "الاستشراقي" وثانياً بوصماتها النمطية متأثرين في هذا بمن سبقهم من الرحالة في القرن التاسع عشر، وهذا يدل بوضوح على التأثير الهائل للاستشراق. 

في سياق هذا العمل، يلاحظ الباحث مدى تطابق آراء رامينغ ليوبولد مع مالتسان حول المملكة العربية السعودية في العديد من أوجه التشابه في المحتوى والأيديولوجية، فهي- كما هو الحال في العديد من الكتابات الألمانية الحديثة عن الإسلام- بالكاد يميز بين الإسلام السياسي والإسلام كدين وثقافة. تصف رامينج - لوبولد الإسلام بأنه اختراع خالص لمحمد وتفترض كذباً أن المسلمين لا يعترفون بالأديان الأخرى، ولا سيما الديانة المسيحية، تُظهر صاحبة البلاغ نفسها القليل من التسامح في حوارها - ليس فقط تجاه الإسلام، ولكن أيضًا تجاه الأديان الأخرى. أما هوفنباخ فيرى في التدين السائد لدى الشخص الغريب أنه عالم مضاد لأوروبا الحديثة. تجدر الإشارة إلى أنه في كثير من الحالات، يوفر مالتسان ورامينغ ليوبولد ، على الرغم من اختلاف عصورهما، تصورًا وتقييمًا متطابقين تقريبًا للبلد المستهدف. إنهما يستخدمان نفس الاستراتيجيات تقريبًا: التعميم والسخرية والمبالغة والإنذار والتحذير من خطر الشرق، وهكذا ، فإن القيم والأعراف والتقاليد التي عرفها الناس منذ أكثر من 1400 عام تقاس بالمبادئ الأخلاقية الحالية للثقافة الأوروبية والألمانية. وفي هذا الإطار صور الرحالة بروفه الريفيين في الريف الإيراني باعتبارهم أشخاصا غرباء وأجانب، فيحرص على اختيار وإظهار الأشخاص الذين يرتدون ملابس تقليدية أو فقيرة، ولا سيما البدو العرب أو البدو الرحل في إيران بحياتهم البسيطة المتواضعة الذين يعيشون في خيام مع مواشيهم في البرية، ويقدم المرأة "الشرقية" بوجهة نظر مركزية ، ذلك أن معظم صور بروفه تظهر المرأة الشرقية ضحية لعالمها "الشرقي". ويظهر الرحالة الألماني كيف يعيش المرء هنا في عالم تقليدي يمارس فيه أنشطة بسيطة تماشيا مع عالمه، مما يجعل "المشرق" الحالي مستبعدا من قبل الرحالة بشكل أساسي من متناول الحداثة ومحصنا ضد التحديث والدمقرطة.

يحاول المؤلف أن ينقل للقارئ الألماني تفوق ثقافته من أجل إقناعه بموقف أكثر تشددًا تجاه الإسلام. بمعنى آخر، بالنسبة لإعادة تقييم مركز أوروبا للثقافة أو الدين الأوروبي، فإن شاغل المؤلف الرئيسي هو تخفيض قيمة الثقافة الإسلامية الأجنبية. بهذا المعنى لا يمكن فهم خطاب هؤلاء الرحالة كحلقة وصل بين "الشرق" في القرن التاسع عشر والقرن الحادي والعشرين.

في ختام هذا العرض يمكننا القول إن المؤلف أبرز في مقدمة كتابه –وفي العرض التحليلي للنصوص-  خاصية التجدد المستمر التي تميز صورة الشرق الثقافية في المؤلفات الألمانية المدروسة في هذا الكتاب، رغم تعدد رهانات الحاضر وتجدد الأسئلة حول موضوعات اشتغال الرحّالة الألمان إلى الشرق. كما أوضح الإسهام الكبير لوسائل الإعلام ودور النشر في نشر وتثبيت استمرارية هذه المعرفة التاريخية للألمان بالشرق. فمن خلال صورة المشرق في نصوص السفر الثلاثة في أوائل القرن الحادي والعشرين، التي تم فحصها في هذا الكتاب، يظل السؤال الرئيسي مطروحا وهو: إلى أي مدى يؤدي الرحّالة المعاصرون وظائفهم الاستشراقية في سياق علاقتهم بالاستشراق؟ وتستمر راهنية المواضيع المركزية، أي الاسلام والمرأة والثقافة، في تقليد الرحلة والاستشراق، في تكرار التصور التاريخي الألماني عن الذات الأجنبية. وعليه، فإن الاستشراق الألماني حتى في فترة ما بعد الاستعمار، ظل خطاب مركزية أوروبية ألمانية ولا يختلف كثيرا عن الاستشراق الفرنسي والبريطاني الأمريكي المعاصر، رغم طابعه الأكاديمي الظاهر.

-------------------------------------------------

التفاصيل :

الكتاب: الشرق في الذاكرة الحضارية الألمانية في القرنين التاسع عشر والحادي والعشرين

الكاتب: زهير سوكاح.

اللغة: الألمانية.

السنة: 2019.

دار النشر: بيتر لانغ، 2019، ألمانيا، 228 صفحة.

 

 

 

أخبار ذات صلة