تأليف: سوزانه كايزر
عرض: رضوان ضاوي باحث في الدراسات الثقافية المقارنة/ الرباط - المغرب
الكتاب والقضية
أصدر الناشر النمساوي برومديا Promedia مؤخراً كتاباً موسوماً بـ"لماذا يعتنق الشباب الألماني الإسلام؟ المسلمون الجدد "لسوزانه كايزر الصحفية والكاتبة من برلين، المتخصصة في الدراسات الرومانية والإسلامية والعربية، وتهتم بالسياسة والأدب العربي- الإسلامي، كما تكتب عن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعن الإسلام في ألمانيا للكثير من الصحف مثل دي تسايت والمجلة المتخصصة zenith. وهي أيضًا مستشارة البرلمان في السياسة والاقتصاد والمجتمع للدول العربية والإسلام. ويتألف هذا الكتاب من أربع مُقابلات موضوعها الشباب الألماني المتحول دينياً إلى الإسلام، ذلك أنَّ عدد الذين تركوا حياتهم السابقة واعتنقوا الإسلام، لم يجدوا من يهتم كثيرا بهم. وفي الحقيقة لا توجد أرقام موثوقة، ناهيك عن إجراء مسح محترم لعدد المسلمين في ألمانيا بشكل عام. أمّا الاهتمام الألماني المتزايد بهذه الفئة اليوم فيأتي في مقدمة انشغالات المؤلفة. فكيف توصلت الباحثة إلى فكرة تأليف كتاب عن المتحولين إلى الإسلام؟ وما الذي يجعل من السيرة الذاتية لهؤلاء الشباب مهمةً للقارئ والباحث؟ ما الذي يجذب الشباب الألماني عموماً إلى الإسلام؟ توجد أسباب شخصية أم أن التحول عند هذه النماذج في الكتاب لها علاقة بنقد المجتمع، أي بالبحث عن نماذج بديلة للعيش المشترك؟
تناولت الباحثة في كتابها قصص حياة هؤلاء الشباب وبحثهم عن البدائل والنماذج الاجتماعية، وشرحت سبب تفهمها لقرار التحول إلى الإسلام. ويمثل هذا الكتاب دراسة اجتماعية عميقة ومثيرة للاهتمام، تتخلص فيها الباحثة من صفة "كليشيه"، التي تنص على أن جميع المتحولين إلى الإسلام هم شخصيات غير مستقرة باستمرار. ويتعلق الأمر بالألمان الذين لم يكتفوا فقط باعتناق الإسلام، بل توغلوا في النهج الروحي، وفي حياة التأمل والسلام، فهم يقيمون كل الصلوات باللغة العربية، حيث يظهر مستواهم في اللغة العربية مع استثناءات قليلة. أما معرفتهم الإسلامية فقد تكونت انطلاقاً من قراءاتهم وحواراتهم مع الآخرين. وقبل سنوات، خصوصاً بعد عام 2011، ازدهر التأليف في سيرة المسلمين المتشددين في العراق وسوريا وأفغانستان، الذين انضموا إلى الحركات الأصولية، وتحدثت الكثير من هذه القصص عن المسلمين المتحولين، أي الألمان الشباب الذين اعتنقوا الإسلام، وكان هناك اهتمام إعلامي كبير بالموضوع، مما أدى إلى نشر تمثلات سيئة جداً عن المتحولين بالمجمل من وجهة نظر الباحثة. بالنسبة للباحثة كايزر، فإن المتحولين إلى الإسلام الذين تعرفهم هم أشخاص عاديون جدا، وانطباعها كان بأنّ الألمان يعالجون قضية الإسلام والمسلمين دائماً من وجهة نظر التشدد ومن منطلق وسم الإسلام بالرجعية والإرهاب، مما قاد الباحثة إلى إعطاء الكلمة في كتابها لأصوات جديدة ومختلفة، أي لمتحولين عاديين جداً، لكي يساهموا في تصحيح تلك التمثلات التي يضج بها الإعلام الألماني-الأوروبي عن المسلمين والمتحولين إلى الإسلام. وقد جاء مفهوم التحول إلى الإسلام في هذا الكتاب بصفته رقيباً وموجها للبحث عن معنى للحياة، وعن معنى للذات والعيش في سلام مع الذات ومع الآخرين. ورغم أهمية الصدفة عند بعض المتحولين، إلا أن أغلبهم يبحث عن المعنى الدقيق وعن العمق. جاء في هذا الكتاب: "يجد الكثيرون المعنى والتعاون في الدين، حياة يومية جيدة التنظيم. إنهم يلجؤون إلى الإسلام لمُساعدة أنفسهم، وليس بسبب غضبهم من مجتمع الأغلبية أو لأنهم قد تم إغراؤهم. هناك أسباب وجيهة لقرارهم، يُمكن فهمها في السيرة الذاتية لهم"(28).
دوافع اعتناق الإسلام
في مستوى جديد من التحليل، يظهر عند قراءة الكتاب عامل "الحياة المهنية" باعتباره عاملاً أساسيا في عملية التحول إلى الإسلام عند بعض الفتيات. يلعب البحث عن البدائل دورا مهما عند المتحاورات في هذا الكتاب، فقد طورت شكل إسلامهن باعتباره مشروع مستقبل ضد الليبرالية الجديدة في المجتمع المعاصر، الذي عانين فيه كثيرا، فقد تركن جميعاً حياة فاشلة وراءهن ووقفن اليوم ضد الاستغلال المهني، وضد المادية، وأيضا ضد الحب حسب القيم الليبرالية الجديدة. كذا ينتقدن الطابع الاستهلاكي للعلاقات، ومن الأمثلة التي ذكرت للمؤلفة مسألة "تغيير شريك الحياة" للوالدين. وهناك أشخاص حققت معهم الكاتبة قد حققوا لأنفسهم نجاحا مهنيا باهراً، فالشابة "إيله" Ele كانت مديرة، و"بين" Ben كان محاميا، وكلاهما في منصب مهني واجتماعي مهم. تغير كل شيء في حياة إيله، فارتدت الحجاب، وتخلصت من وظيفتها وانفصلت عن زوجها، وكانت تربي ابنها وحدها، وعاطلة عن العمل، فوجدت في التحول إلى الإسلام تحقيقاً للنجاح، وهو ذلك المعنى المختلف لحياتها حسب قيم جديدة ومختلفة. لم تعد لديهما الرغبة في جمع المال، وكان كل هدفها هو تحقيق شيء ذي معنى، ولهذا أيضاً اشتغل بين مع الشباب في مجال "الحوار بين الديانات" في ألمانيا. نقرأ في الكتاب: "السير الذاتية لإيل وفريد وبن ومارأيك هي قصص عن الفشل، إن لم يكن بالمعنى الاقتصادي فقط. سواءً أكانت مخدرات أو إخفاقات في المدرسة أو عائلات مُحطمة، فقد شعروا جميعاً بالفشل الدائم. كانوا يتجولون بلا هدف لفترة من الوقت، وليس لديهم سيطرة على حياتهم ولا يستطيعون تحمل الضغوط الاجتماعية بطريقة أو بأخرى"(121).
ولكن هل كان هذا الخروج من المنطق النيبوليبيرالي من وجهة نظر المشاركين في المقابلات سهلاً وناجحا؟- من هذه النماذج نرى بأن المتحولين الألمان إلى الإسلام كان لديهم نقط مشتركة كثيرة أبرزها تغيير حياتهم بشكل جذري، على عكس ما يروج له الإعلام على أنَّ الأمر يتعلق بمسلمين متطرفين، ذلك أن حياة هؤلاء المتحولين الألمان إلى الإسلام عادية أخذت حياتهم الجديدة طبيعة راديكالية مختلفة وأقل إثارة، فقد نجحوا في تطوير ذواتهم من خلال تسلسل مفتوح، متحررين في مسار مختلف مع دين جديد يحقق لهم معنى جديداً وحياة أكثر تحرراً. لم تكن البطالة أمرا سهلا بالنسبة لإيله، لكنها وجدت في الإسلام البدائل: أن تستيقظ باكرًا وتصلي الصلاة الأولى ليومها في الفجر، يجعلها تبني لحياتها بناءً ملموساً. إحدى المشاركات في اللقاءات التي عقدتها المحررة للكتاب كايسر، تقول إن أسباب التحول بالنسبة لها التي جعلتها تختار الدين أن صوتها لم يكن يُسمع في المناقشات العمومية، ما جعله من الأسباب السوسيولوجية والنفسية للتحول.
يبدو أنَّ هذه النماذج التي عرضتها الباحثة كايزر تكسر حاجز الكليشيه عن الشباب الألماني المتحول إلى الإسلام، فهؤلاء يعيشون دينهم بحيوية، فهم متحولون بسطاء، ويطرحون أسئلة من قبيل: ما هي القواعد التي أتبعها؟ كيف أنظم يومي؟ ما هو المسار الذي يجب أن أتبعه؟- وهذه أمور يتسوجب على المرء المتحول بناءها بكثير من الإرادة، الحماسة والانضباط. فقد أرادت الباحثة بناء جسر بين القرار الديني والتيار السائد الواسع، لهذا السبب حاولت أن تأخذ وجهة نظر غير دينية وعلمانية. ففي هذا الكتاب حاولت الكاتبة ألا تسيء فهم ماريك المحبة للسلفية، التي تشعر أن ما تفعله هو الصحيح، وأن الكثير من الأمور ليست من الاسلام الصحيح. فانطلقت من أطروحة أساسية مفادها أن التحويل يساعد في السيطرة على مسار الحياة، أي أنه يعوض شيئاً ما، وهناك العديد من القصص التي لم تدرج في الكتاب تدعم تلك الفرضية. أرادت الكاتبة أن تثبت أن تطرف المتحولين لم يكن تلقائيا، لهذا السبب ركزت على الأشخاص الذين واجهوا صعوبات، فالدين لم يكن جزءا من المشكلة، ولكن جزءا من الحل، واستخدام المصطلح "متطرف" لوصف المتحاورين في الكتاب جاء بمعنى مختلف عن المفهوم الشائع؛ يكون هؤلاء الناس "متطرفين" بالنسبة للكاتبة لأنهم قرروا في مرحلة ما تغيير حياتهم جذريًا. قرار تعتقد الباحثة أنه شجاع للغاية من أجل حياة مختلفة جذريًا عن ذي قبل. وهذا بالضبط ما يجعل حياتهم تحت السيطرة. فماريك نشأت في علاقات أسرية غير مستقرة نسبيًا، ولم تكن في مكان إقامة دائمة، مع نفس الأشخاص في العائلة، وفقدت والدتها في سن السابعة عشر عامًا، ومررت بالكثير من العلاقات غير المستقرة في الحياة، وهذا الشكل من الدين الصارم يوفر لها بشكل خاص الأمن والمنزل. من ناحية أخرى، يعيش الشباب الألمان ببساطة في عالم تعددي، حيث يجب عليهم دائمًا اتخاذ القرارات، ومواجهة ما لا نهاية له من الاحتمالات، والإسلام هو البوصلة الواضحة التي تمنحهم الاستقرار والقواعد التي ترتب وتهيكل حياتهم وتوجهها.
قضايا أخرى
من أهم أطروحات الكتاب، أن الدين يجذب النساء، لأنها تتيح للرجال الانضباط. وهذه إشارة ملموسة إلى أوضاع حياة المرأة. ومن المغري للعديد من النساء تمكين أنفسهن من القواعد الدينية، فهن ينجحن في إقناع أزواجهن بالتوقف عن الشرب، والعمل، ورعاية الأطفال، والعيش حياة منظمة. هذه صورة كلاسيكية جدا لكنها وسيلة لتحرير نفسها من التوقعات المتناقضة التي تعرفها المرأة في الحياة المعاصرة. والإسلام يحقق للكثير من الشابات والشباب الألماني تحقيق الذات والتعبير عن الشخصية المستقلة والفردانية المتخلصة من قيود الحياة اليومية التي تفرضها النيوليبرالية الجديدة في ألمانيا وفي الغرب، لهذا يتناول الفصل "أن تكون مسلماً في العالم النيوليبرالي" محاولة المتحولين للهروب من الآليات الليبرالية الجديدة فيصبح الدين بديلاً للنجاح الاقتصادي الضائع، ويرتبط بالتقوى باعتبارها اقتصاداً أخلاقيا. ومن القضايا التي أثارتها الباحثة في كتابها مسألة الحجاب، وما تقدمه المؤتمرات الخاصة بالموضوع في الجامعات الألمانية رغم أن الدراسات الإسلامية اليوم تُعرف في ألمانيا بأنها توفر صورة متمايزة جدًا عن الإسلام، لهذا تكتب الباحثة أن الحجاب هو أيضا رمز للمقاومة لبعض النساء. وتلبس النساء كذلك ملابس فضفاضة، وكذا الحجاب لتغطية رؤوسهن، وهن يشعرن بأنهن استعدن أنوثتهن مع الإسلام، ويؤكدن أنهن لم يتعرضن لأية مضايقات، أما في المدرسة فهناك من تعرضت لمضايقات بسبب الحجاب، لأن الفكرة السائدة في المجتمع الألماني هي أن الإسلام دين المتعصبين.
في مرحلة لاحقة من الكتاب اهتمت الباحثة بردود فعل الأشخاص الذين يقررون التحول إلى الإسلام. فكيف تتفاعل العائلات مع هذا القرار؟ وهل كانت هناك ردود فعل إيجابية أيضًا؟ كانت الحالة الأكثر تطرفاً بين محاوري الباحثة هي أن الأسرة قطعت الاتصال بالكامل مع الإبن الذي كان يهوديًا من قبل، لقد ولد يهوديًا، لكنه كبر ملحداً. قالت له والدته ذات مرة: "إن أسوأ شيء يمكنك القيام به بالنسبة لي هو أن تصبح حاخامًا". لم تكن تعلم حينها أن ابنها بين يمكن أن يصبح مسلماً منذ أكثر من عشر سنوات. كما ستكون بيئة فريد حيدر، الذي أصبح داعية في مختلف المساجد ببرلين، مثالاً على رد الفعل الإيجابي. لقد أرسله والداه إلى المنفى في مصر فاتصل عن غير قصد بالدين لأن المصريين اعتبروه مسلما.كانت الأسرة التي كان يعيش فيها تدعوه دائمًا إلى الصلاة، ولم يرغب في التمرد على الدعوة. لقد كان في مصر لمدة خمس سنوات، وعندما عاد، كان مخلصًا لما تعلمه في مصر، لكنه تخلص أيضًا من مشاكل المخدرات ومنذ ذلك الحين عاش حياة كريمة في عيون والديه كإمام، جعل الدين مهنة، والتي هي أيضًا من وجهة نظر الوالدين قصة نجاح. بالتالي عندما يخبر الشاب الألماني عائلته بتحوله إلى الإسلام هناك من توافق، ويمكن أن يتضايق بعض أعضاء العائلة، وقد يلجأ الشاب إلى ترك عمله وإنشاء مشروع خاص به يناسب وضعه الروحي الجديد. وبخصوص المدرسة فقد قررت ماريك عدم وضع الحجاب حتى لا يبدأ الناس في الحديث عنها، وانتظرت حتى اعلان تحولها للجمهور. لكن كيف يمكن للمعلم أن يتحاور مع طالب متحول إلى الإسلام في ألمانيا؟ قد لا يأتي النقاش بنتيجة، وأهم شيء هو ما إذا أراد الطلاب الحديث عن التحول ومناقشته. على المعلم الانتباه لأمور عديدة منها أن يعرف أن المتحول يحتاج موقفاً تقديرياً غير سلبي، ثم معرفة مدى تعامل الشخص مع الدين من جانب ديني أو من جانب معرفي، وهل يحدث فرقًا فيما إذا كان المتحولون يهتمون حقًا بالدين الجديد ويريدون أن يجدوا طريقًا فيه، أو ما إذا كان الأمر يتعلق بالعادة - الملابس والإيماءات الورعة والقواعد- فقط. وإذا كان الطالب المتحول لا يريد المشاركة في الأسئلة المتعلقة بالمحتوى، ينبغي على المعلم المتحاور أن يسعى للحصول على مقابلة مكثفة وربما على نقاط اتصال احترافية. ومن المهم للمعلمين أن يتعاملوا بلباقة مع موضوع الإسلام والتحول، فالتفاهم والانفتاح مهمان في مثل هذه الظروف.
على سبيل الختام
لهذا يمكن النظر إلى حدود هذه الدراسة الاجتماعية الصغيرة للسيدة التي تتضمن الجوانب الثقافية في النقاش، وتعمق مرة أخرى المناقشات الأنثروبولوجية الأساسية. فالدراسة التي بين أيدينا هي دراسة اجتماعية مليئة بالأسئلة مما يساهم في إغناء وتعميق النقاش حول الظاهرة. ويعد علم الاجتماع عنصرا أساسيا في هذا العمل، والمنظور الاجتماعي-العلمي والنفسي حول الدين إسهاما ناجحا في النقاش حول الإسلام، من أجل زيادة فهم التنوع الإسلامي في المجتمع. وبالتالي يُنسب إلى المؤلفة حقيقة أن موضوع هذا الكتاب بالكاد تم التحقيق فيه تجريبيًا حتى الآن. ويمكن أن تساعد مؤلفة هذا الكتاب في استكشاف الإسلام الألماني بانفتاحها على هذا الموضوع المعقد. فطوال عقدين من الزمن تقريباً، سيطر الإسلام على العناوين الرئيسية في الإعلام الألماني، لهذا عملت الباحثة سوزان على الإجابة عن أسئلة كثيرة في هذا الكتاب من بينها: من هم هؤلاء الشباب الذين اعتنقوا الإسلام؟ ما الذي يجبرهم على حياة جديدة غير مفهومة؟ ما هو دور الليبرالية الجديدة في هذا التحول؟ وكان غرضها الأساسي هو إظهار أن المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام هم أشخاص عاديون لديهم أسباب عقلانية تعلل قراراتهم، وتصحيح الصورة المشوشة عن الإسلام في ألمانيا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ورغم أن الكاتبة ليست مسلمة، إلا أنها بواسطة أربع قصص ذاتية لأشخاص تحولوا إلى الإسلام في ألمانيا، اقتربت كثيرا من هذا الدين، لقد كان تحديا مثيرا للاهتمام بالنسبة لها، لأنه كان عليها تغيير وجهة نظرها لفهم حقيقة ما الذي يحرك الناس في ألمانيا ليتحولوا إلى الإسلام. ويظل الإسلام جزءً من ألمانيا، لكن صوت المتحولين الألمان إلى الإسلام يظل خافتاً لا يسمعه أحد، فهؤلاء الشباب الألمان لم يكبروا في الإسلام، لكنهم قرروا بوعي وعقلانية تامة تحولهم إلى هذا الدين، وهجر قيم مجتمعاتهم، وقد قدمت سوسان كايزر في كتابها نماذج كثيرة لمثل هؤلاء الذين سلكوا هذا المسار، وذكرت مجموعة من الدوافع التي تختلف من شخص لآخر وبالتالي تختلف التجارب التي تفسر مثل هذا القرار. وكان الهدف الأساسي من هذا الكتاب هو تصحيح تلك النظرة المشوشة عن هذه الفئة وإنصافها وإسماع صوتها من طرف صحفية ألمانية خبرت دهاليز الإعلام والمؤسسات السياسية والثقافية التي تحتضن نقاشات عمومية لمثل هذه المواضيع الاجتماعية الهامة. فالألمان ينظرون للمعتنقين للإسلام نظرة قاسية، والإسلام ليس كما يظن الكثيرون، الإسلام هو السلام، كما يقول بعض المتحاورين في هذا الكتاب. ويؤكد معتنقو الإسلام أن هذا الدين جلب لهم الطمأنينة والأمل، لكن لم يكن ذلك سهلاً، مع استثناءات قليلة. إن جلّ هؤلاء واجهوا عدم الرضا والقبول من طرف عائلاتهم، وكان عليهم أن يشرحوا لهم أن الإسلام لا يمت بصلة للسلفيين والجهاديين، المرتبطين بالعنف والتفسير الحرفي لمعاني القرآن الكريم.
---------------------------------------------------------
التفاصيل :
الكتاب: "لماذا يعتنق الشباب الألماني الإسلام؟ المسلمون الجدد".
المؤلف: سوزانه كايزر.
دار النشر: برومديا، 2018، عدد الصفحات: 200.
لغة الكتاب: اللغة الألمانية
