كيف ستكون أوروبا في 2020؟

61yVH9pyTCL.jpg

خريطة العالم المستقبلي (تقرير مشروع 2020)

كما يُشير العنوان الفرعي لهذه الطبعة الفرنسية، فإنَّه وقبل كل شيء مسألة تخيُّل: كيف سيكون العالم في العام 2020؟، بينما يسألنا مثل خبراء وكالة المخابرات المركزية (الصفحة 166) عمَّا إذا كان "هل يُمكن أن تصبح أوروبا قوة عظمى؟".

حيث يتمُّ تصنيف أوروبا -وقبل كل شيء- على أنها "قوة الشيخوخة" في حالة تراجع (الصفحة 157).. فأوروبا "في حالة تراجع" منذ خضوعها للتغييرات الديموغرافية ذات العواقب الواضحة -وإن كانت متوقعة- لهياكلها الاجتماعية والاقتصادية.. ففي العام 2020 ومع ما يقرب من 7.8 مليار شخص من المجتمع الأوروبي أو من خارج أوروبا وروسيا، يُمثلون فقط حوالي 10 إلى 15% من سكان العالم.

وهكذا يُشير المؤلفون (الصفحة 166) إلى الاختلالات الهيكلية الكبيرة القائمة اليوم بين العمَّال "المساهمين" والعاملين غير النشطين المستفيدين من دولة الرفاهية، التي هي على حافة الإفلاس الآن؛ بسبب بلوغ جيل المولود (خلال طفرة المواليد ووصولهم إلى سن التقاعد)، ولكن لم يتم استبدالهم في سوق العمل بأرقام قابلة للمقارنة على الأقل.

وهذه الوثيقه -التي شاركَ في صِياغتها خمسة وعشرون أكاديميًّا وخبيرًّا دوليًّا آخرين -وتسمى في البداية "خريطة العالم المستقبلي: تقرير مشروع 2020"- تهدف توفير سُبل للتأمُّل والتفكُّر للقادة الأمريكيين فيما يُمكن اتخاذه من إجراءات للسنوات الخمس عشرة المقبلة.

وإنه من المهم، وفيما يتعلق بنا، يبدو من المناسب جدًّا إلقاء نظرة سريعة على ما يعتقده هؤلاء الخبراء الأمريكيون، من أنَّ الدور المستقبلي سيكون لأوروبا في العالم على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة. وبعد قراءة وإعادة قراءة الصفحات القليلة التي تلمس الموضوع عن كثب أو من بعيد (الصفحات 157-160، والصفحات 163-171، والصفحات 166-168 والصفحات 175-177)، سنتذكَّر بشكل أساسي النقاط التالية:

هناك ابتكارات تكنولوجية كبيرة.. شريطة أن تحتفظ أوروبا بقدرتها على إقامة علاقات قوية مع روسيا (التي يمكن أن تتفاوض معها على شراكة مثمرة...) (صفحتي 170-171)، وكذلك مع "العالم الأوراسي". (ط.هـ: تركيا) ومع "جميع دول الساحل الجنوبي" في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

لكنَّ المؤلفين لا يخفون حقيقة أنَّ تحقيق هذا السيناريو المتفائل بشكل أو بآخر يمر، في نظرهم، من خلال إصلاحات اجتماعية وسلوكية عميقة وضرورية.

وبخلاف ذلك، ستُواجِه دول أوروبا فترة من الركود الاقتصادي المطول "التي يمكن أن تهدد (الصفحة 160) "الإنجازات الهائلة" الناتجة عن العملية الحالية للبناء الأوروبي؛ لذلك، وفي الوقت الحالي، دعونا نحتفظ فقط بالسيناريو "الوردي" المعروض علينا هنا مع وعي واضح بالتحديات السياسية والاجتماعية.

ولكن أيضًا -الأمر الذي يهمنا أكثر هنا- أنَّ هذا بشرط أنْ تستمر في دفع تعميقها المؤسسي؛ من خلال تبسيط عملية اتخاذ القرار المعقدة للغاية" (الصفحة 168).

وهذا.. أثناء معرفة كيفية الحصول على "رؤية إستراتيجية متماسكة ومشتركة" (الصفحة 158)، وكذلك -ولم لا؟- جيش أوروبي؛ من خلال ترشيد وتنسيق نفقاته العسكرية (الصفحة 159).

وهكذا.. "يُمكن لأوروبا "الموحدة" أن تقدِّم نموذجًا للحكومة "المفتوحة" والديمقراطية لبقية العالم، وكذلك للقوى الناشئة الجديدة (الصفحة 159)"؛ بديلًا -لكنه لا يزال غربيًا- لرفضهم السياسي المحتمل للاعتماد.

ولهذا؛ يُطالبون بإعادة تعريف الميثاق الاجتماعي "وإعادة تعريف دولة الرفاهية". فالشركات الأوروبية اليوم جميعها في خطر؛ فمن وجهة نظرهم أنها تتَّجه من العجز تجاه الأزمة، ثم من هذا نحو الإفلاس، وحتى التفكُّك.

ومن بين العلاجات التي يُوصُون بها، حلَّان في مجتمعاتنا المحافظة: اللجوء لمزيد من المرونة في سوق العمل، والترحيب بمزيد من الهجرة القانونية (لملء الشواغر التي سيخلِّفها التقاعد القادم...).

مُواجهة التحديات لتصبح نموذجًا للانتكاس

أَبْعَد من هذه التحديات الهيكلية والسياسية -ولكنها حاسمة- يرى المؤلفون مع ذلك "تحتفظ أوروبا بقوة نفوذ كبيرة في العالم مُتعدد الأقطاب منذ بداية العشرينيات". وهذا، شريطة أن تتمكَّن من إصلاح ميثاقها الاجتماعي، وأن يرافقه دائمًا وتيرة هائلة من الابتكارات التكنولوجية الرئيسية، مع إدراك واضح للتحديات السياسية والاجتماعية التي تنتظرنا للتحرُّك نحو عولمة -إذا كان ذلك مُمكِنًا- أقلَّ حُزنا.

فهو إلى جانب كونه لا أخلاقي، فإنَّ العالم الذي يأتي بسبب تعدُّد الأقطاب، لا يُعلن عن نفسه بأنه عالم هادئ وسلمي بشكل خاص.. فبين تأكيد القوة الأمريكية، واحتجاج الإسلاميين الثوريين، وصعود "العمالقة الجُدد" من ذوي السياسات الديناميكية اقتصاديًّا (الصين، الهند، البرازيل، إندونيسيا، روسيا، جنوب إفريقيا...إلخ)، فإنَّ هذا القرن الجديد الذي يلوح أمامنا يَعِد بأن يكون صعبًا حقًا على أي مجتمع هش غير قادر على الإصلاح.

وعلى أية حال، فإنَّ التشخيص لا يجب أن يتركنا غير مهتمين، وسواء اشتركنا في ذلك أم لا، فمن المؤكد أنَّ هذا التشخيص هو الذي سيوجِّه الإجراء فيما يتعلق بالعالم بشكل عام، والنظر إلى أوروبا على وجه الخصوص.

ومن هذا الإطار، يرى المؤلفون أخيراً أن "أوروبا تتغلب على تحفظاتها الأخيرة فيما يتعلق بتركيا، وتُشارك أكثر في عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية وفي "الاستقرار السياسي".. علامة الصفر "قوس الأزمة" للجمهوريات السوفييتية السابقة والعالم العربي الإسلامي (الصفحات 175-176-177).

------------------------------------

تفاصيل الكتاب
الكتاب: التقرير الجديد لل«سي. آي. ايه»، العالم عام 2025

تقديم: الكسندر ادلر

الناشر: روبير لافون باريس 2009

الصفحات: 299 صفحة

أخبار ذات صلة