عالم لما بعد الليبرالية: فلاسفة اليمين الجذري

العالم بعد الليبرالية.jpg

ماثيو روز

محمد الشيخ

ثمة قناعة راسخة لدى العديد من عشاق الفلسفة، لا سيما منها الفلسفة الحديثة والمعاصرة، تقضي بأن الفلاسفة يصطفُّون، في ما يخص انتماءاتهم الأيديولوجية، في اليسار السياسي. وقد كرّس التزام "المثقفين" الفرنسيين والألمان والإيطاليين، على وجه الخصوص، هذه الصورة عن الفلاسفة من حيث إنهم يساريون بالقوة. ومما طم الوادي على القرى أن فلسفة الاختلاف الفرنسية (فوكو، دولوز، دريدا...)، وفلسفة مدرسة فرانكفورت الألمانية (هوركهايمر، أدورنو، هابرماس...)، فضلا عن فلسفة اليسار الإيطالية المتطرفة (جرامشي، نيجري، بوبيو....)، اصطفت دوما إلى جانب اليسار الأوروبي. لكن هذا الكتاب يرسم لنا صورة مخالفة عن اصطفافات بعض فلاسفة الغرب وولائهم الجاحد لليبرالية التائق إلى تجاوزها.

 

يفتتح هذا الكتاب بالتساؤل: "تُرى، ما الذي يأتي بعد الليبرالية؟" إذ لَئِنْ كنا نعلم ما الذي أتى قبل الليبرالية ـ وهو عند المؤلف: القمع والجهل والعنف والشعوذة ـ أي إِنْ كنا نعلم ما يسميه المؤلف "أسطورة أصولنا السياسية" التي تخبرنا عن كيف بنيت المجتمعات الليبرالية الحديثة على قيمتي "الحرية" و"المساواة" -وهما "أقدس الأقداس"- وذلك بدلًا من أن تُبنى على صدف الميلاد وجائبات الزمان ومحن السلطات، وكنا نحتفي بتحررنا من السلطة الإكراهية، وتنامي وعينا باستقلالنا، فإن سلطان هذه الأسطورة على أنفسنا لم يمنعنا أبدا من مساءلتها والتشكيك في أمرها. وضمن هذه المساءلة يقع سؤال الافتتاح الذي عُدَّ لزمن طويل السؤال غير المفكَّر فيه، بله السؤال الممتنع. أما طرحه اليوم، فدال على إمكان افتراض تغيير مجرى التاريخ، وفيه مساءلة عميقة لما اعتقدنا أنه طبيعة الكائنات البشرية ومستقبلها المنظور.

وهكذا، يعمد مؤلف الكتاب إلى صب الماء البارد على قناعاتنا الكثيرة بإعلانه التالي: "ها نحن أَوْلَاءَ لحظة ما بعد الليبرالية بعد عقود من هيمنتها المطلقة على الأذهان الغربية". والحال أن التهديد الأجسم ما بات قادما من الصين وروسيا وأوروبا الوسطى، التي ما فتئ زعماؤها يعلنون "نهاية الحقبة الليبرالية"، وإنما صار يأتي من داخل الديمقراطيات الغربية نفسها؛ حيث أن "نقادا نبهاء"، بل وحتى "شعبويين حانقين"، أمسوا يبدون شكوكا حول معايير الليبرالية الأشد رسوخا. وإذا كان نقد الليبرالية أمرا قديما؛ إذ لقرون ساءلها الفلاسفة من مختلف المناحي، وعابوا عليها سعيها إلى العمل على استشراء التفاوت بين الناس واستفحال استغلال بعضهم لبعض، وإفسادها للثقافة وللدين، متشككين، على وجه الخصوص، في تصورها للكائنات البشرية بحسبانها أفرادا حاملة لحقوق تتحدد بمقدرتها على الاختيار؛ فإن نقاد زمننا هذا باينوا نقاد الأمس من حيث أنهم دعوا إلى مراجعة جذرية لمبادئ الليبرالية الأساس؛ شأن مبدأ المساواة بين البشر، ومبدأ حقوق الأقليات، ومبدأ التسامح الديني، ومبدأ التعدد الثقافي.

وها قد باتت الأفكار التي لطالما اعتُبرت في الماضي محرمة يعاد الاعتبار إليها اليوم، وها هم المؤلفون الذين نُبذوا ذات مرة ما عادوا يُلعنون، وها النقاشات التي أغلقت بالمرة يعاد فتحها. وبالجملة، ها نحن أَوْلَاءَ قوميين وشعبويين وهوياتيين ومستقبليين ومحافظين دينيين يتنافسون في تحديد النزعة المحافظة المستحدثة وفق طرائق ما عُهدت من قبل.على أن هؤلاء -اليمينيين الجدد- ما كانوا على ملة واحدة، وإنما باتوا يشكلون طيفا واسعا: ممن يحيون الوثنية القديمة إلى من يدافعوا عن البابوية الوسيطة. تجمع بينهم نظريات هيمنة النخبة وحكم الجذريين، ويرسمون خرائطية للمستقبل خارج السيناريوهات المعهودة، بل وخارج حياة المدن الكبرى، ويتخيلون سياسات صناعية جديدة ومهنا حرة مستأنفة. وها قد أمست تجمع نقاشاتهم بين ملحدين وكاثوليكيين، وعنصريين وأهل أقليات، وأطر وسطى ومزارعين. وما يسجله المؤلف هنا هو أن ترويجهم لأفكارهم لا يتم عبر القنوات الرسمية؛ إذ لهم إعلامهم ولليبرالية إعلامها. وأعلامهم ما كانوا من ذوي المسارات الأكاديمية، وكتاباتهم لا توجد في المكتبات الجامعية، لا ولا يصوَّرون في الأدب والسينما والمسرح والفن، وإنما هم أشبه شيء يكون بأشباح معنوية: مدونون على شبكة الأنترنت، وكتاب افتتاحيات في مجلات هامشية. ومرة أخرى ما يفرق بينهم كثير: يختلفون حول العرق والدين والاقتصاد والإستراتيجية السياسية، بعضهم يركز على الهجرة والتغير الديمغرافي، وبعضهم على الركود الاقتصادي والسلطان الديني. لكن كلهم يتفق على ما يلي: لقد باتت أشكال جديدة من الحياة السياسية أمرا ممكنا. وذاك جوهر "ثورة في التفكير محافظة" ينشدونها جميعا. موضوعهم الجوهري: التضامن القومي والهوية الثقافية، لا الحرية الفردية، وتركيزهم على "المصالح العمومية"، لا على التوافقات السياسية والمؤسسات الدستورية.

على أن المؤلف، وبالنظر إلى المشهد المتشتت والمتشظي لموجة ما بعد الليبرالية هذه، يقف عند من يمكن أن نعتبرهم "الآباء المؤسسين" لهذا التيار -الجيل السابق لا الجيل اللاحق، جيل شبنجلر ويونجر وشتراوس وإيفولا... لا جيل مغموري اليوم من أمثال كورتيس يارفين وبيتر ثيل وأنجلو كودفيلا وأدريان فرمول وستيف سايلر...-أولئك الذين حطموا "معتقل الليبرالية الذهني" وأبانوا عن "حقائق" كانت قد أخفيت أو ألغيت. ويقدم المؤلف مدخلا عاما لأشد أفكارهم السياسية إثارة للجدل في القرن العشرين؛ أي أفكار من يسميهم باسم "اليمين الجذري" الذي استبق "نهاية الليبرالية" مشكِّلا "فجر العصر ما بعد الليبرالي". إذ نظرياتهم في الاختلافات الثقافية والتفاوت بين البشر والسلطة المرجعية الدينية والسياسيات العرقية الحيوية قد تم النظر إليها، بعامة، على أنها دعوات إلى كراهية الأجانب، بل وحتى إلى العنف، لكن المؤلف يرى أنه يمكن النظر إليها أيضا على أنها محاولة لتصور عالم بعد قرون من الهيمنة الليبرالية.

 

وفي البدء، كان ما حدث في ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، وبزوغ موجة "المحافظين الجدد"، تحت مسمى "الثورة المحافظة" التي كان أهم روادها كارل شميث وإرنست يونجر وأرثير مولر وأوسفالد شبينجلر... وعلى خلاف ما قد يمال إلى اعتقاده، فإن معظمهم رفض النظام النازي، وبعضهم أدى الثمن باهظا على ذلك. وغالبهم رأى إمكان شق طريق بين الليبرالية الأنجلو-أمريكية والشيوعية السوفيتية. وقد عابوا على جمهورية فايمار فوضاها السياسية وانحطاطها الثقافي. واحتجوا بأن الحياة البشرية قد اجتُثت اجتثاثا من لدن الإيديولوجيات السياسية التي تسعى إلى لا شيء أعلى من مجرد الحل السلمي للنزاع وإلى بسط حياة الدعة والاستهلاك. وعندهم أن الليبرالية أفرغت السياسة من معناها، وما دعواها إلى "العدالة" و"المساواة" إلا دليل ينهض على إفراغها روح الحياة البشرية -القائمة على الوفاء والعظمة- من صورتها. وهم ينطلقون من مقدمة ليبرالية: إذا كان العقل عاجزا عن درك الحقائق الكونية والقيم الخلقية المطلقة، فإن السلطة المرجعية والأسطورة، وليس النقاش أو التوافق، مهمان في السياسة.

ولَئِنْ كان السعي إلى السلطة هو ما يحرك طبيعة الإنسان بالأساس، فإن عالما مسالما -على نحو ذاك الذي تنشده الليبرالية- ما كان هو العالم الذي يناسب الإنسان. إنما الإنسان بالماهية كائن غير عقلاني، يحتاج إلى جرعة فائقة من المخاطرة والمغامرة، كما ينقاد إلى نخبة يمكن أن تلهم الجماهير السعي إلى قيم تتجاوز قيمة "السعادة الفردية" التي تنشدها الليبرالية. وقد نظروا إلى البشر لا بنظرة الليبرالية، وإنما بكونهم كائنات قَبَلية بالطبيعة، وليست كائنات مستقلة بالاختيار، واعتبروا الأفراد متفاوتين بالسليقة وليسوا أكفاء أسوياء، وأدركوا أن السياسة إنما شأنها أن تنهض على السلطة لا على الوفاق، وأن المجتمعات كيانات منغلقة لا بنيانات منفتحة، وأن التاريخ دائري وليس خطيا. أكثر من هذا، الذي عندهم أن الليبرالية، من حيث هي نظرة أخلاقية للحياة، إنما تجسد الشر عينه؛ إذ تشجع على اللذوية والأنانية والرداءة، وتهدم أسس النظام الاجتماعي، وتساوي بين البربرية والحضارة إذ تشجع على التسوية بين أساليب العيش، ولا تميز بين عيش نفيس وعيش خسيس، ولا بين قيم عظمة وقيم وضاعة، ولا تهتم إلا بسؤال: "من أنا؟" وتهمل سؤال: "من نحن؟" خالقة بذلك أزمة هوية وانتماء، متناسية أن الهوية تركة ورابطة تهب المعنى للحياة، وأن في نكران الهوية المأساة كل المأساة.

 

وبعد، يعرض هذا الكتاب وجوهَ أهم مفكري ومثقفي اليمين الجذري، ويستحضر حججهم التي طوروها لعقود، وفي سياقات قومية متباينة. وهو يحصر وجوه اليمن الجذري هذا في خمسة وجوه. ويسوغ ذلك لا فحسب بحكم هيمنتهم المركزية والجاذبية التي ما وزالوا يمارسونها على القراء الجدد، وإنما لأن كل واحد منهم يمثل أسلوب تفكير خاص، ويفسح المجال للتعبير عن التنوع في التقليد الفكري عينه. ورغم أن المؤلف يقر بأن لا انسجام بالتمام والكمال في هذا اليمين الجذري، وأن له أوجها مبرقشة، فإنه يسعى إلى التركيز على ما يعم لا على ما يخص. 

 

الفصل الأول: النبي

أول هؤلاء أوسوالد شبنجلر الذي يعدُّه المؤلف "أب اليمين الجذري". وقد كان الرجل ملهم النزعة المحافظة الجذرية لقرن من الزمان ولا يزال. استقلت كتاباته السياسية برسم الخطوط العريضة للسياسة في الألفية الثالثة. واستشرفت بُدُوَّ عصر سياسة هوية يسعى فيه الناس سعيا متناميا إلى التنافس بغية الحصول على الاعتراف باختلافاتهم الجماعية أكثر منه بتماثلاتهم الفردية. كما تنبأ أيضا بالدور الذي سوف تلعبه الهجرة الجماهيرية ونقل التقنية في اصطفافات سياسية كونية. على أن الرجل كان بالأولى عالم نفس ثقافي إذ نظر في ما الذي يعنيه "التعثر الديمغرافي الأبيض" في تشكيل صورة الأوروبيين والأمريكيين البيض عن أنفسهم. وكيف يلزم أن يكون رد فعلهم على البزوغ الديمغرافي والاقتصادي للعالم غير الأبيض. وقد آمن اشبنجلر بأن الغرب ما كان مهيأً إلى هذا التحدي الوجودي وإلى النزاعات الحضارية التي سوف تستعر فيه. وكان جوابه عن هذا التحدي تزويد الشعوب الغربية بما اعتقد أنها في مسيس حاجة إليه: فهم بيّن لهويتها ولاختلافاتها مع الآخرين تلك الاختلافات التي لا سبيل إلى الذهول عنها ولا إلى العفو عنها. 

 

الفصل الثاني: الرجل ذو الخيال الجامح

ينتقل المؤلف في هذا الفصل إلى من سمي "اشبنجلر الإيطالي" ـ يوليوس إيفولا ـ الذي صيّر منه تعاونه مع الحركات الفاشستية أحد المثقفين الأكثر إثارة للجدل بعد الحرب. وقد امتد نشاطه لنصف قرن تقريبا، وكان مكثرا، وأطلق على مذهبه اسم "اليمين الحق". والرجل أشبه شيء يكون ب"شيخ روحي" لمريديه؛ إذ أن تجاربه في زمن الحرب ومواهبه الفكرية التي لا تكاد تضاهى بوأته منزلة مميزة. وقد سعت أعماله إلى إحياء ادعاء التفاوت الطبيعي بين البشر باعتباره مبدأ كل نظام سياسي. وكان أن لجأ إلى التمثيل الأسطوري للدفاع عن رؤاه. وعبر قراءته للمظنون به على غير أهله من كتب القدامى والمحدثين نزع إلى إظهار الثابت في تكوين مجتمع البشر الذي يقوم، في نظره، على ضرب من التراتب المقدس تحت قيادة صفوة من الرجال. ولَئِنْ كنا نربط دوما بين التفكير الطوباوي واليسار السياسي، فإن إيفولا يعد بلا مدافعة أهم مفكر طوباوي من أهل اليمين يدعونا إلى تصور عالم ما بعد ليبرالي جموح مرعب.

 

الفصل الثالث: المعادي للسامية

يتعلق الأمر بالأمريكي فرانسيس باركر يوكي. وهو أقل مُفكري هذا الكتاب اشتهارا، وأكثرهم مدعاة لعدم التواد مع فكرة من لدن المؤلف. كان الرجل عالما فاشستيا سعت مؤلفاته في عقد الخمسينيات إلى إلهام اليمين الأقصى الأمريكي. وقد نُذرت هذه الكتابات إلى فقدان بريقها بعد محاكمته الشهيرة وانتحاره في زنزانته بسان فرانسيسكو عام 1960. عاش الرجل حياته وفيا لمثله، وقد أمضى عقدا من الزمن جوالا بهوية مزورة. وكان منظِّرا بارزا للنزعة السلطوية، وأحد الأوائل الذين تصوروا تحالفات مستقبلية بين عالم ما بعد الليبرالية وعالم ما بعد السوفياتية. كما سعى في مصنفه ذي المجلدين ـ إمبراطورية ـ إلى كشف من اعتبرهم "أعداء الثقافة الغربية الصميميين". وما كان ما شكل كابوسه الدائم أن اليهود يسيطرون بالفعل على المؤسسات السياسية والاقتصادية، وإنما بالأحرى أن الأمريكيين، وتحت تأثير "الماركسية الثقافية"، باتوا يَتَهَوَّدُون بفعل تبني عوائد اليهود واستدلالهم النقدي. 

 

الفصل الرابع: الوثني

يدُور الكلام في هذا الفصل عن الفرنسي ألان دو بونوا الذي يرى المؤلف أن لا مفكرَ أوروبيًّا كان أشد تأثيرا منه على اليمين ما بعد الليبرالي، وأنه الملهم الأول "للنزعة الهوياتية"، وأنه مفكر يصعب تصنيف أفكاره. وقد تشكلت رؤاه استجابة للجو الثقافي الباريسي لثورة الطلاب 1968. وقد تأثر وهو طالب شاب نشط بإيفولا ويوكي، لكنه نزع أيضا إلى أفكار اليسار الجديد: حماية الأقليات والأهالي والثقافات المحلية والأديان غير المسيحية. وكان أن دمج كل هذه الأفكار في بوثقة يمين فرنسي جديد. ونظّر لديمقراطية الشعب مدافعا على يمين كل الشعوب وحقها في الحفاظ على عوائدها وثقافتها بل وحتى على نقائها العرقي من آثار الليبرالية الجارفة. وقد أعلن الرجل انتماءه إلى الوثنية. ورفضه لليبرالية ناجم عن رفضه للمسيحية التي يعيب عليها اجتثاثها لجذور الشعوب الأوروبية. كما أنه لا ينزع إلى إحياء موجة الاستعمار الغربية، بقدر ما يدافع عن خصوصيات كل الثقافات.

 

الفصل الخامس: القومي

يؤوب المؤلف من جديد إلى أمريكا وبالذات إلى من يعتبره المنظِّر الممهد الأول للترامبية صامويل فرانسيس. وهو كاتب عمود ومحرر مقالات أمضى سحابة عمره في مهاجمة نزعة محافظة مثَّلَها الحزب الجمهوري على عهد ريغان وسعت إلى نقاش المترفين الفكريين الذين يمثلون طبقة سياسية محمية عمياء عن حقائق الحكم وأمور السلطة السياسية. وقد تبنى ضربا من "الماركسية اليمينية" التي تسعى إلى صياغة مذهب سياسي استجابة للبنى المادية للحياة الأمريكية والتي يمكنها أن تفكك الليبرالية التدبيرية، كما رام رسم معالم "ثورة أمريكية وسطى" بالتعبير عنها تعبيرات شعبوية وعرقية معا، هدفت على وجه الخصوص إلى استقطاب الناخبين غير المصنفين طبقيا؛ مؤلفا بذلك بين الشعبوية والقومية والحنق العرقي على التقهقر الديمغرافي للأغلبية الأمريكية البيضاء. 

وأخيرا.. على الرغم من أن مؤلف الكتاب جعل من شعار المؤرخين الرومانيين القدامى"الكتابة بلا حنق أو حماس زائد" حكمته الذهبية، فحاول "إنصاف" هؤلاء المفكرين اليمنيين بحديثه عن القيمة الخلقية لاحتجاجهم على الليبرالية، مفضلا بذلك "الفهم" قبل "الحكم"، ومؤثرا "التمحيص" على كل من طرفي النقيض: "التقديس" و"التدنيس"، ومسلِّما لهم بأنهم ما كانوا يعتبرون أنفسهم، كما يوصفون عادة، "عدميين"، وإنما هم أعداء العدمية التي هي الليبرالية؛ فإنه اعتبر أن "الإيمان المسيحي" بدل أن يجتث المؤمنين من انتماءهم الجماعي، كما ادعى بعض أولئك، يعيدهم إلى أسلافهم الحقيقيين وإلى موطنهم الأصلي. 

 

تفاصيل الكتاب:

- الكتاب: عالم لما بعد الليبرالية (فلاسفة اليمين الجذري).

- المؤلف: ماثيو روز

- الناشر: مطبوعات جامعة ييل، نيوهفين-لندن، 2021م.

أخبار ذات صلة