ماريانا مازوكاتو
محمد حركات (أكاديمي مغربي)
الدكتورة ماريانا مازوكاتو هي اقتصادية إيطالية -أمريكية الجنسية، أستاذة كرسي في اقتصاديات الابتكار والقيمة العامة بجامعة كوليدج لندن (UCL)، حيث تشغل منصب مديرة مؤسسة لمعهد UCL للابتكار والأغراض العامة. وهي تعد من أكبر الباحثين في مجال الابتكار وفي استشراف مستقبل الرأسمالية. ولقد صدر لها العديد من الكتب والمؤلفات العلمية والتقارير الدولية في مجال تخصصها . ومن كتبها المنشورة التي نالت استحسانا كبيرا لدى القراء "حالة ريادة الأعمال: فضح أساطير القطاع العام مقابل القطاع الخاص" (2013) والذي حددت فيه الدور الحاسم الذي ينبغي أن تلعبه الدولة في دفع عجلة النمو، وكتابها "قيمة الأشياء: صنع الاقتصاد العالمي والاستفادة منه" (2018) حيث ترى فيه أنَّه يجب أن يكافأ الخلق والإبداع في استخراج القيمة.
فازت الكاتبة بعدة جوائز تقديرية دولية اعترافا بدورها في تعزيز آفاق الفكر الاقتصادي. وهي أيضًا خبيرة ومستشارة لصانعي السياسات في عدة بلدان في العالم بشأن التنمية المستدامة القائمة على الابتكار مثل الأمانة العامة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ولجنة الأمم المتحدة المُنبثقة عن سياسة التنمية والمفوضية الأوروبية للبحوث والعلوم والابتكار. كما قامت بتأليف تقرير عالي التأثير حول تحويل مهام الاتحاد الأوروبي إلى أداة جديدة حاسمة في الابتكار. وأخيرًا تم تعيينها في عام 2021 رئيسة المجلس الجديد لمنظمة الصحة العالمية المعني باقتصاديات الصحة للجميع.
في الواقع كثيرة هي الكتب والطروحات والمقالات التي تناولت أزمة الرأسمالية، لاسيما منذ العقدين الأخيرين مرورا بأزمة 2008 وانتهاء بجائحة كوفيد -19 وما نتج عنها من ميلاد سلع وخدمات كونية جديدة: الصحة، والتغذية، والبيئة،والثورة التكنولوجية والحوكمة، مثل كتابات المؤلفين ستير دوفلو وأبهيجيت بانيرجي الحائزين على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2019 في كتابهما "علم اقتصاد جيد للأوقات العصيبة"، وكتابات جان تيرول "اقتصاد من أجل الصالح العام 2018 أو كتابات توماس بيكيتي "رأسمال القرن الحادي والعشرين" 2013 و"الرأسمالية والأيديولوجية"2019. غير أن كتاب ماريانا مازوكاتو "اقتصاد المهمة" وإن كان يتقاطع كثيرا مع كافة الكتابات المذكورة وغيرها في عدة جوانب جوهرية وبنيوية غير أنه يختلف منهجيا في فلسفته وأدواته التحليلية في إبراز إخفاقات الرأسمالية وفي تحديد الحلول التدبيرية للخروج من الأزمة من خلال التركيز على دور حوكمة الدولة في مواجهة البيروقراطية. فهي أتت لتنادي إلى التعبئة الشاملة والتحفيز على بلورة أفكار جديدة من الأسفل إلى الأعلى في سبيل إحداث تغيير عميق وبنيوي للرأسمالية ذات وجه إنساني يصون كرامة المواطنين والشعوب . كتبت المؤلفة كتابها "اقتصاد المهمة" في عز جائحة كوفيد-19 وما كان لها من تداعيات وآثار غير مسبوقة على مستوى الأفراد والمجتمع والدول والعالم في سباق محموم لتطوير اللقاح والعلاجات الفعالة ومعدات الحماية الشخصية وإجراءات متعددة لضمان هزيمة الوباء وما يتطلبه ذلك من تكيف دائم وصلابة للرفع، هذا التحدي الذي تظل فيه حوكمة الدولة المفتاح الجوهري في ربح الرهان واختبارا حاسما لمدى قدرة الدولة على ضمان الأمن الاجتماعي للمواطنين والمقاولات على السواء؛ حيث التزمت العديد من الحكومات بمبالغ ضخمة في مواجهة تداعيات الوباء المعقدة والمتشابكة.
غير أن إحراز تقدم سريع في حل ما ينبغي حله وخلق رأسمالية بوجه إنساني يعد كما خلص إليه جوزيف ستيغليتس يعتبر أصعب بكثير من إرسال شخص ما إلى سطح القمر.
لذا ترى الكاتبة أن مواجهة هذه التحديات الهائلة والمكلفة تتطلب بناء اقتصاد سياسي جديد يعتمد "التنظيم وتوافر هياكل مرنة وتنمية قدرات وأنواع الشراكات بين القطاعين العام والخاص وبلورة رؤية جديدة لاستكشاف عالم مختلف. إنها رؤية لنوع النمو الذي نريده، بالإضافة إلى الأدوات المقابلة للحصول على ذلك - والتي ستخلق اتجاهًا جديدًا للاقتصاد". لاسيما وأن جائحة كوفيد -19 أبرزت بشكل واضح مدى فشل النموذج الليبرالي العالمي (تمركز الثروة في يد أقلية، وتوسيع دائرة الفقر، وانتشار البطالة والهشاشة، والهجرة، والتطرف والشعبوية) . كما اصطدمت الأزمة بضعف الحوكمة الدولية وعدم الاستقرار وهشاشة المنظومة الإنتاجية وبروز معالم النموذج الآسيوي وتنامي أهمية الثورة التكنولوجية والإعلامية الرابعة (وتعاظم الكبار في شخص الكافام) والهيمنة الغربية في تملك اقتصاد المعرفة وما تدره عليها من فوائد وأرباح جمة حتى خلال الجائحة .
فعلى مدى أربعة أقسام، مافتئ الكتاب يبسط فرضيات منهجية،علمية، وأفكارا نقدية ثمينة وخلاصات غاية في الأهمية، من خلال طرح تساؤلات مختلفة كبرى حول مأزق الرأسمالية وخطبها الأيديولوجية والرد عليها، آملا من كل ذلك تغييرها من خلال وضع براديغمات جديدة في الاقتصاد السياسي وتحديد المكانة الطلائعية التي ينبغي أن تلعبها الدولة ضمنه.
والحال تتوخى الكاتبة في هذا الإصدار تبني دعوة صريحة لإعلان الحرب على الرأسمالية من خلال تنصيب نفسها ضمن مرافعة فضلى حول ما سمته باقتصاد المهمة قوامها حشد أفق واسع للتفكير في تغيير الرأسمالية استنادا إلى تجربتها الاستشارية الواسعة والغنية التي أتاحت لها الاحتكاك مع العديد من قادة المؤسسات العامة والوكالات في مجال التنمية والتمويل والطاقة والصحة والأبحاث الدفاعية والفضاء والتكنولوجية في شتى أنحاء العالم، مثل وكالة ناسا في الولايات المتحدة الأمريكية، والمفوضية الأوروبية ووكالة الفضاء الأوروبية والخدمات الرقمية الحكومية . وكان السعي هو تيسير الفهم الأفضل لكيفية إصلاح إخفاقات السوق ومعيقاته والدخول في عالم طموح وأكثر مخاطرة في صنعه وتشكيله والتغلب على التحديات التكنولوجية والاجتماعية الكبرى التي يواجها العالم خاصة بعد جائحة كوفيد -19، حيث كان تعطشها كبيرا في طرح براديغمات جديدة كفيلة بتأطير نظري وعملي جديد حول السياسة العامة؛ من شأنه المساعدة على فهم تعقيدات المنظومة اللبرالية في سبيل إعادة هندستها عبر بلورة نظرية اقتصادية تنظيمية وتدبيرية مناسبة في إدارة مخاطر النمو وضمان السلع والخدمات العامة.
الواقع أنَّ أعظم القراءات الموثوقة لهذا الكتاب لاسيما قراءة جوزيف ستيغلتس الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد والذي بدوره يتساءل "ماذا لو تحملت الحكومة أعلى مستوى من التقلبات وأصلحت تنظيمها الداخلي لتتحمل مثل هذه المخاطر بدلاً من أن ينظر لها على أنها بطيئة وغير كفؤة في الوقت الذي يتحمل فيه القطاع الخاص المخاطر؟ كيف يمكن ضمان هذا التحول من إدارة بيروقراطية من أعلى إلى أسفل لتصبح أداة تستند للأهداف لتحفيز الأفكار الجديدة والمبدعة من الأسفل إلى الأعلى في شتى مجالات أنشطتها وتدخلها من كيفية تنفيذ المشتريات وتقديم المنح البحثية وكيفية هيكلة القروض العامة وفهم التكاليف والموازنة في سبيل تحقيق الصالح العام ؟ "
وتمضي الكاتبة متسائلة من يُعيق إذن الرحلة القادمة نحو القمر والمتمثلة في بناء رؤية إستراتيجية في مواجهة الأزمة؟
يا له من تناقض، كما تلاحظ الكاتبة، مع الطريقة التي نسمع بها اليوم عن تكاليف خدماتنا العامة، والآثار المترتبة على العجز الموازنة والديون؛ ولا حديث حول الجرأة والطموح اللازمين في إصلاح الرأسمالية يشبه النهج المتبع في استكشاف الفضاء، عندما تم تكريس طاقة الجميع واهتمامهم لغرض هبوط ناجح على سطح القمر، والاستثمار والابتكار المطلوبين.
في سبتمبر 1962 في خطاب شهير للرئيس جون كينيدي أعلن فيه أن حكومة الولايات المتحدة ستشرع في "أكثر المغامرات خطورة قام بها الإنسان على الإطلاق": هبوط رجل على سطح القمر وضمان عودته إلى الأرض بأمان".
وعلى غرار ذلك تتوخى الكاتبة التعبئة الشاملة والمناداة إلى تطبيق نفس المستوى من الجرأة في التصدي لأكبر مشاكل عصرنا مثل التحديات الصحية والبيئية والتعليمية وكذا تجسير الفجوة بين الفرص المتاحة والإنجاز وعدم المساواة في ولوج التكنولوجيا الرقمية. وترى أنَّ معالجة هذه المشاكل "الخبيثة" لا تتطلب ابتكارات تكنولوجية فحسب، بل تتطلب أيضًا ابتكارات اجتماعية وتنظيمية وسياسية من خلال التركيز على النجاعة وجعل القطاعين العام والخاص يتعاونان حقًا في الاستثمار في الحلول، والحصول على رؤية طويلة المدى، وإدارة العملية للتأكد من أنها تتم في المصلحة العامة.
بالفعل كان الهبوط على سطح القمر تمرينًا هائلاً في حل عدة مشكلات كانت مطروحة، مع وجود القطاع العام في مقعد القيادة والعمل بشكل وثيق مع الشركات - الصغيرة والمتوسطة والكبيرة – لقد تطلب الأمر تعاونًا بين الحكومة والعديد من القطاعات المختلفة حينئذ استخدمت الدولة قوتها الشرائية لتطوير العقود والمشتريات وفتح أسواق جديدة مكنت الشركات من النمو والازدهار.
ومن هذا المنطلق بسطت الكاتبة عدة شروط وفرضيات علمية كفيلة بتغيير الرأسمالية تتمثل أولا في بلورة مهمة وهدف عمليين واقعيين استعدادا للرحلة. ثانيا الوعي بمدى هول أزمة الرأسمالية وعدم قدرتها على الإجابة على مجموعة من الأسئلة العالقة مثل الأزمة البيئية وديناميات عدم المساواة بسبب وصول نسبة الأرباح إلى مستويات قياسية على حساب تدني الأجور. ثالثا توجه القطاع المالي إلى حد كبير إلى التمويل والتأمين والعقارات بدلاً من الاستخدامات الإنتاجية؛ الشيء الذي أدى إلى بناء اقتصاديات تضخم فقاعات المضاربة، لإثراء الأغنياء . رابعا تركيز الأعمال على العوائد الفصلية حيث ينمو التمويل بشكل عام بوتيرة أسرع من الاقتصاد وتصبح الأنشطة المالية و الخدمات المصاحبة لها تهيمن على الأعمال والتوجه نحو استخدام حصة أكبر من أرباح الشركات لتعزيز المكاسب قصيرة الأجل في أسعار الأسهم بدلاً من توفير استثمار طويل الأجل في مجالات مثل المعدات الرأسمالية الجديدة والبحث والتطوير وتنمية المهارات وتدريب العمال بصرف أجور ظلت تعاني من التآكل والانخفاض. رابعا تلاعب الحكومات وعدم قدرتها على حل ومعالجة المشاكل المطروحة بشكل استباقي؛ حيث لا ينبغي أن يختزل دورها ببساطة في إلاصلاح، ولكن تحقيق أهداف جريئة من خلال تجاوز النظرية الاقتصادية السائدة التي لا تنظر إلى الجهات الفاعلة العامة كمبدعة وصانعة للتغيير، كما أنها لا تنظر إلى الأسواق على أنها تخدم غرضًا يجب تشكيله، بل تفترض الأيديولوجية الحالية أن الرأسمالية تعمل من خلال "آلية السوق '' وسعي الأفراد الحثيث إلى تحقيق مصلح ذاتية منفعية. وهكذا عندما تفشل الأسواق التي تنشأ من هذه القرارات الفردية في تحقيق نتائج "فعالة"، يجب على الحكومة التدخل -إما لتصحيح العوامل الخارجية الإيجابية (البحث والتطوير ) أو العوامل الخارجية السلبية (مثل التلوث). غير أن الكاتبة تحاجج بأن الأسواق ليست نتيجة لصنع القرار الفردي ولكن لنوعية حوكمة كل فاعل في خلق القيمة - بما في ذلك الحكومة نفسها. وبهذا المعنى، فإن الأسواق "المدمجة" في إطار قواعد ومعايير وعقود تكون قادرة على التأثير على السلوك التنظيمي والتفاعلات و الهندسة المؤسسية. وبالتالي لا يمكن للحكومة أن تقتصر على إصلاح الأسواق بشكل تفاعلي، ولكن يجب أن تشارك في تشكيل الأسواق بشكل صريح لتحقيق النتائج التي يحتاجها المجتمع.
والحال فإن الكتاب يعتبر أن النظرية السيئة تؤدي إلى الممارسة السيئة والمتمثلة في خمسة أساطير: اختزال خلق القيمة وتحمل المخاطر في الشركات واعتبار أن الحكومات لا تعمل إلا على تسهيل المهام والتخلص من المخاطر ؛ الغرض من الحكومة هو إصلاح إخفاقات السوق؛ واشتغال الحكومة بمنطق الأعمال التجارية على اعتبار أن الاستعانة بمصادر خارجية توفر أموال دافعي الضرائب وتقلل من المخاطر؛ يجب ألا تختار الحكومات الفائزين. وتمثل هذه الأسطورة في فكرة مفادها أن الحكومة لا ينبغي أن توجه الاقتصاد بل تكتفي بتسهيله فقط. وغالبًا ما يتم التعبير عن هذا على النحو التالي: يجب على الحكومات الالتزام بالأساسيات وليس "اختيار الفائزين".
وتؤكد الكاتبة أن "اختيار الفائزين" ينبغي أن يتم ضمن إستراتيجية متكاملة وشاملة تستهدف تحفيز و تطوير الأنشطة الاقتصادية عن طريق اختيار ودعم التقنيات والأعمال والقطاعات التي تعتقد أنها مهمة وناجحة . يمكن أن يكون هناك العديد من الأسباب لاتخاذ خيار معين، بما في ذلك توخي الريادة التكنولوجية، ونشر المعرفة، وخلق فرص الشغل، وزيادة الإنتاجية والدخول، وتعزيز التنمية المحلية والدفاع، فضلا عن تبني سياسة صناعية ضمن - استراتيجية شاملة لتشجيع تنمية ونمو الاقتصاد كله أو جزء منه . وغالبًا ما يتم التركيز على التصنيع - وهو في حد ذاته يمكن اعتباره اختيارًا للفائزين بشكل كبير. في الواقع، عندما تحاول الحكومة تحفيز تقنية أو قطاع على التطور، فإنها بالمعنى الواسع تختار الفائزين. وتخلص المؤلفة إلى أن المشكلة الحقيقية هي عندما يختار الخاسر الحكومة متسائلة : ماذا يلزم لإنجاز هذه الطموحات الجريئة ضمن هذه المهمة؟
لذا تقترح أنه ينبغي أخذ دروس من تجربة أبولو في رحلة القمر كدليل للتغيير من خلال توفر قيادة إستراتيجية ذات رؤية وهدف؛ ودعم الابتكار المبني على المخاطرة والتجربة؛ والتغيير التنظيمي الداخلي الذي ينبني على المرونة؛ والإيمان بالتداعيات الايجابية للصدفة والتعاون؛ ووجود ميزانية تعتمد نجاعة الأداء، وأخيرا شراكة فعالة بين الأعمال والدولة ذات هدف مشترك.
ختاما، ينبغي للتصدي للتحديات الكبرى رسم أهداف عليا تتجلى في بلورة سياسات واقعية ترتكز على : تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتحول الأخضر، والتنفيذ الجيد للمهمة، وإشراك المواطنين في المهمة، ووضع خطة خضراء جديدة؛ فمهمة الابتكار من أجل تأمين الصحة وتضييق الفجوة الرقمية. أما المهمة المستقبلة المركزية فهي تكمن في ضرورة إعادة تصور اقتصاد جيد للأزمنة الصعبة ينبغي أن يحكم مستقبلنا من خلال بناء نظرية وممارسات جيدة عبر احترام سبعة مبادئ في تجديد الاقتصاد السياسي تتجلى في القيمة التي ينبغي خلقها بشكل جماعي ؛ وفي الأسواق التي ينبغي تشكيلها وليس الاكتفاء بإصلاح تثبيتها؛ وتنمية قدرات ذاتية داخل المنظمات تتميز بالدينامية والإبداع؛ وتوفر إدارة مالية تعتمد النتائج والنجاعة؛ وتوزيع ينبني على تقاسم المخاطر والمكافآت؛ ووضع وتطوير شراكة حقيقية بالأهداف تساعد على بناء أنظمة بيئية أكثر تكافلية تعود بالنفع على الجميع.
تفاصيل الكتاب:
الكتاب:اقتصاد المهمة: دليل الرحلة إلى القمر لتغيير الرأسمالية
إعداد: ماريانا مازوكاتو
الناشر: بنجوان راندوم هاوس المملكة المتحدة
سنة النشر: 2021
عدد الصفحات :227 صفحة
اللغة : الإنجليزية
