توم إيزنمان
نايف البسامي
إذا كنت تسعى إلى إنجاح شركتك، أو مُؤسستك الناشئة، فعليك أن تفهم أسباب فشل الشركات الناشئة. لماذا تفشل الشركات الناشئة؟ يأتي هذا السؤال بعد سعي توم إيزنمان، الأستاذ بكلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، عند إدراكه بأنه لا يستطيع الإجابة عليه. من هذا السؤال، أطلق توم إيزنمان بحثاً لسنوات متعددة، لكشف الأسباب الرئيسة وراء الفشل. يمكن لشريحة كبيرة من المجتمع الاستفادة من هذا الكتاب من ضمنهم مؤسسو الشركات الناشئة في مراحلها الأولى، ورواد الأعمال الذين يتطلعون إلى توسيع نطاق شركاتهم بنجاح، بالإضافة إلى المبتكرين الذين فشلوا في إطلاق مشروعهم.
يكشف إيزنمان من خلال بحثه هذا، عن ستة أنماط متميزة، بحيث تمثل الغالبية العظمى من الأسباب وراء الإخفاقات المتكررة لرواد الأعمال الناشئين من خلال شركاتهم، ومشاريعهم في مختلف المجالات. يمكننا تلخيص هذه الأنماط كالتالي:
أولاً، الرفقاء السيئون: يُعتقد أنَّ نجاح الكثير من الشركات الناشئة يعتمد إلى حد كبير على مواهب المُؤسس وغرائزه وشغفه. لكن الفريق، أو الرفقاء الخطأ أو المستثمرين، يمكنهم إغراق المشروع بنفس السرعة، التي قد تفوق سرعة النجاح المعتادة.
ثانياً، البدايات الخطأ: يعول الكثير من رواد الأعمال الناشئين على اتباع نصائح قد تزيد الوضع سوءًا مثل "الفشل السريع" و "الإطلاق قبل أن تكون جاهزا"، بحيث يخاطر المؤسسون بإضاعة الوقت، ورأس المال في الحلول الخاطئة.
ثالثا، وعود كاذبة: يمكن للنجاح المُبكر أن يسبب الخسارة للشركات الناشئة، بحيث يُعطي للمؤسس الثقة الزائدة للتوسع، ومن ثم الخسارة.
رابعا، فخ السرعة: على الرغم من الضغط الكبير لمؤسسي الشركات الناشئة على تحقيق أرباح في أسرع وقت، يمكن أن يؤدي النمو المفرط إلى كارثة، حتى بالنسبة إلى أكثر المشاريع الواعدة.
خامسا، المساعدة المطلوبة: تحتاج الشركات الناشئة سريعة النمو إلى الكثير من رأس المال والمواهب، هذه السرعة قد تخلق فجوة بين كلا الأمرين المال والمواهب؛ مما يسهل الوقوع في الخطأ، والإخفاق والتعرض للفشل.
سادسا، المعجزات المتتالية: يحث وادي السيليكون (وادي السيليكون هو موطن لأكبر شركات التكنولوجيا في العالم، والآلاف من الشركات الناشئة ذات الصلة بالتكنولوجيا) رواد الأعمال على أن يحلموا بأحلام كبيرة. ولكن كلما كانت الرؤية أكبر، زادت الأمور التي يمكن أن تسوء بصورة أسرع من المتوقع.
يمكن النظر إلى القصص الرائعة للمشاريع التي فشلت في وقت مبكر، رغم الوعود الأولية بالنجاح، مثل التحول من بائع تجزئة للمفروشات المنزلية إلى خدمة تنقل كلاب كونسيرج، ومن علامة تجارية للأزياء إلى شركة ناشئة تنشر شبكة واسعة من محطات الشحن للسيارات الكهربائية. يقدم إيزنمان إطارا واسعا لاكتشاف متى يكون المشروع عرضة لهذه الأنماط، إلى جانب مجموعة كبيرة من الاستراتيجيات والتكتيكات لتجنبها.
إطار العمل يفحص كيفية أداء المكونات المختلفة لبدء التشغيل في أي شركة ناشئة، وأين توجد نقاط الضغط في أداة التنقل من خلال مهمة واحدة. من خلال هذه الومضات التي تنظر إلى أحد هذه النماذج، التي تسلط الضوء على ستة أسباب رئيسة لفشل حتى أفضل الشركات الواعدة، أو حتى المؤسسين المخضرمين. ستبقى شركتك الناشئة على المسار الصحيح للنجاح إذا كنت تستخدمها بالطريقة الصحيحة. سوف تدرك أن هنالك أربع فرص حاسمة للنجاح، يلخصها لنا توم إيزنمان بالإضافة إلى عدم ضمان النجاح، حتى مع وجود ملايين الدولارات من تمويل الاستثمار. ستحتاج إلى إطار عمل قوي لتقييم صحة شركتك الناشئة.
البروفيسور توم إيزنمان، هو خبير في الشركات الناشئة، وبعد أكثر من عقدين من التحقيق، تلقى مكالمة أيقظته من جديد في البحث عن كيفية فشل الشركات الناشئة. لم يستطع معرفة سبب فشل مؤسستين أنشأهما اثنان من تلاميذه، بحيث كان يثق في أحدهما كثيرا بأنه سيصبح مستثمرا ناجحا في المستقبل. يخلص الكاتب بأنك بحاجة إلى منهجية يمكن الاعتماد عليها لتقييم صحة شركتك الناشئة.
أولاً، الفكرة. يمكننا القول بصفتك المؤسس، ستكون قد ابتكرت حلا فريدا من نوعه يلبي احتياجات العملاء المحددة. ستحل المشكلة الرئيسة التي يواجهها العملاء بكفاءة، وستكون مختلفة عن أي شيء آخر في السوق.
ثانيا، العمليات والتكنولوجيا، وهي طبعاً الآلية التي سوف تحتاجها لإنشاء منتجك وتسليمه للعملاء أو المستهلكين، وإبقائه قيد التشغيل بمجرد شرائه. سيغطي هذا كيفية إدارة المخزون والشحن، بالإضافة إلى كيفية استخدام عملائك لمنصات المبيعات والحجز.
ثالثا، الذي يجب مراعاته هو صيغة الربح الخاصة بك. هذا يتنبأ بحجم الأموال التي ستجنيها من المبيعات، والمبلغ الذي ستتكلفه لكسب هذه الأموال بالإضافة إلى نفقات التشغيل الخاصة بك. يمكنك إدارة التدفق النقدي الخاص بك بشكل موثوق بدعم من صيغة ربح سليمة.
أخيرا، التسويق الذي يتضمن التواصل مع العملاء المحتملين، وإقناعهم بشراء منتجك. ينبغي أن تكون أساليب التسويق الخاصة بك ناجحة للغاية، بحيث يصبح عملاؤك سفراء ملتزمين للعلامة التجارية، مما يتيح لك الاعتماد على المبيعات المتكررة منهم.
يمكننا القول، بأنَّ كل من يساهم في شركتك الناشئة هذه من موظفين وشركائك المؤسسين والمستثمرين، يدعمون كل الاحتمالات الأربعة التي ذكرناها سابقا، وإذا كانت فرصك عبارة عن سباق أحصنة، فستكون هذه المجموعة من الأشخاص هم الفرسان لهذا السباق. يجب أن يكمل كل منهما الآخر، وكذلك الشركة الناشئة ككل للفوز بالسباق. المؤسسون الذين ليسوا على دراية بالصناعة محكوم عليهم بالفشل.
يضرب الكاتب هنا مثالا حيا، لألكسندر نيلسون، وكريستينا والاس وكلاهما خريج جامعة هارفارد من كلية الأعمال، بحيث قاما بتأسيس شركة كونسي أبريل في مارس 2012، مختصة في تزويد النساء بملابس عمل مُميزة، كانت المبيعات واعدة في البداية، حيث اشترت 39٪ من النساء اللواتي اشترين أشياء في الربيع المزيدَ في الخريف. ومع ذلك، كانت هناك قضايا تتطور وراء الكواليس. رغم استعانة المؤسسين بالعديد من معلمي الأزياء، إلا أنهما كانا يفتقران إلى الخبرة في هذا المجال. أدى هذا في النهاية إلى زوال الشركة، بعد أقل من عام من إنشائها.
الخلاصة هنا هي أن رواد الأعمال الذين يفتقرون إلى فهم الصناعة يفشلون، ومن ناحية أخرى، لم يكن نيلسون ووالاس على دراية بالمهام المحددة، التي يتطلبها إنتاج الملابس، مثل إنشاء الأنماط، وصنع العينات، والتصميم الفني. في الواقع، لقد خططا للتعامل مع كل تصاميم الملابس بنفسيهما، مع مدير إنتاج واحد فقط للإشراف على الإنتاج.
أدى هذا النقص في الوعي إلى عدد كبير من المخاوف التشغيلية، بدءا من طلب النسيج الخطأ إلى الفشل في فهم اتفاقيات الحجم. كان معدل إرجاع الملابس في كوينسي أعلى بنسبة 15٪ مما توقعه نيلسون، حيث قام 68% من المشترين، بإعادة البضائع بسبب ضعف الملاءمة. فشلت كوينسي في الوفاء بوعدها الرئيسي (الملابس الاحترافية الملائمة)، وأكلت كل هذه العوائد في هوامش الربح. كان لدى كوينسي ثلاثة من الأصول الرئيسية للمؤلف: فكرة رائعة، وتسويق فعَّال، وصيغة ربح واقعية. ومع ذلك، وبسبب عدم معرفة مؤسسيها، لم تكن عملياتها سليمة فكان الفشل بسبب هذا الخلل. إذا كانت شركتك الناشئة في مجال ليس لديك فيه الكثير من الخبرة، فضع إستراتيجية لتعويض نقص الفهم لديك، ووظف شريكًا مؤسسا ذا صلة وخبرة عميقة في المجال.
يتحدث الكاتب في هذا السياق عن البعد الكبير، الذي يجب على المؤسس، أو رائد الأعمال في الشركات الناشئة، أن يتحلى به وهو فهم عملائه بطريقة مرنة في الوقت الحالي، والمستقبل، وعدم التوقف عن التطوير في الأمر الذي يحتاجه العملاء في جميع الأحوال. يحدث الفشل عندما لا يتم تحليل النمو المبكر.
أسست ليندزي هايد بارو شركة بارو لرعاية الحيوانات الأليفة، في عام 2014. وكانت تقع في الطابق السفلي من مبنى سكني في جنوب بوسطن، وقدمت خدمات "عالية اللمسة" مثل العناية بالحيوانات الأليفة، وتمشية الكلاب، وإطعام أصحاب الحيوانات الأليفة. استخدم 70% من أصحاب الحيوانات الأليفة في المبنى خدمات بارو على الفور.
تم تسجيل أربعة مبان سكنية أخرى، وهي مبتهجة بإنجازها الأولي، والعمولة البالغة 6% التي يمكن أن تكسبها، سرعان ما نما بارو إلى 25 مبنى في شيكاغو، قامت بارو بافتتاح مكاتب في واشنطن العاصمة، ومنطقة نيويورك الحضرية بعد عام. على الرغم من هذا النمو السريع، لم تكن صحة بارو المالية سيئة فحسب، بل كانت في حالة حرجة بحلول منتصف عام 2017، اضطرت هايد لإغلاق العملية في فبراير 2018. هل هذا خطأ فادح؟ فشل في تحديد ما إذا كان هؤلاء المستخدمين الأوائل في جنوب بوسطن يمثلون السوق الأكبر. النقطة الأساسية هنا هي أن الفشل في تحليل التقدم المبكر يؤدي إلى الفشل الكلي.
عندما يخطئ المؤسسون في الحكم على النجاح المبكر لشركتهم الناشئة، فإنهم يحصلون على إيجابيات كاذبة، يعتقدون أن عامة الناس سيحتضنون منتجهم أو خدمتهم بنفس الحماس مثل المتبنين الأوائل. في حالة هايد، قدرت أن ما يقرب من 70٪ من أصحاب الحيوانات الأليفة في المباني التي توسعت فيها، سيوظفون خدمات بارو، ومع ذلك، لم يكن هذا هو الحال كما توقعت.
لقد تغاضت هايد عن الظروف التي ساهمت في ظهور الهستيريا الأولى. بالنسبة للمبتدئين، نظراً لأنَّ المبنى في جنوب بوسطن كان جديدا، فإنَّ القليل من السكان لديهم خبرة سابقة مع مقدمي رعاية الحيوانات الأليفة المحليين. كان العديد من المستأجرين ينتمون أيضا إلى فريق أفلام هوليوود الذي انتقل إلى بوسطن من أجل المشروع؛ لقد أحضروا حيواناتهم الأليفة معهم، وكانوا بحاجة إلى المساعدة في العناية بها لأنهم لم يكن لديهم الوقت والمال. هؤلاء العملاء لا يمثلون عامة الناس بأي شكل من الأشكال. قم بتحليل ما إذا كان المتبنون الأوائل يمثلون العملاء العاديين، أو إذا كان نجاحك الفوري يرجع إلى ظروف فريدة، لتجنب إساءة تفسير النجاح المبكر. يمكن أن يكون التوسع في وقت مبكر جدا كارثيا، لذا تأكد من وجود طلب كبير في السوق أولا. بدون الإدارة العليا الصحيحة، تفشل الشركات الناشئة.
ستحتاج إلى وجود فريق الإدارة العليا المناسب، إذا كنت تريد توسيع نطاق شركتك الناشئة. وهذا يعني تعيين متخصصين وليس عموميين، حتى لو كان لديهم الكثير من الخبرة. تذكر أن فرس السباق الخاص بك لن يعبر خط النهاية بدون الفارس الصحيح. إذا كنت لا تستطيع تحمل تكلفة أخصائي كبير في الوقت الحالي، فابحث عن أخصائي متوسط المستوى بدلاً من ذلك. ستكون أقل تكلفة مع توفير الخبرة التي يتطلبها عملك للنجاح. الطموح المفرط عرضة للفشل.
يلعب رواد الأعمال دورا حاسما في المجتمع نظرا لقدرتهم على تحقيق أحلام كبيرة، ومتابعة مبادرات طموحة تؤدي إلى اكتشافات تغير الحياة. كان شاي أغاسي يحلم بفعل ذلك في عام 2007، عندما كان يأمل في جعل السيارات الكهربائية أكثر انتشارا، وتقليل التأثير البيئي للمركبات المنزلية. على الرغم من هذا الهدف النبيل، واستثمار 900 مليون دولار، فقد باع ما يقارب 1500 سيارة فقط! إذا كان عرضك، مثل اقتراح أغاسي، ينطوي على مخاطر عالية، فهناك خطوات يمكنك القيام بها لتقليل هذا الخطر. للبدء، تذكر أن البشر خائفون من التغيير الجذري، حتى عندما يكون من أجل الصالح العام. اعتدل في ابتكارك حتى لا يضطر العملاء للمغامرة بعيدا عن مناطق الراحة الخاصة بهم لتبنيه.
ثانيا، قم ببناء نماذج أولية غير عاملة، واطلب تعليقات من مجموعات التركيز. سيؤدي ذلك إلى دفع الخطوة التالية من التصميم مع تقييم الاهتمام العام بالمنتج، والذي يمثل دائما مشكلة صعبة عند تقديم شيء جديد تماما إلى السوق.
أخيرا، لا ترتكب خطأ المبالغة في طلب السوق لمجرد إقناع المستثمرين. سينتهي بك الأمر فقط إلى تحديد أهداف مبيعات لن تتمكن من تحقيقها. سيكون من الأسهل توقع المدة التي ستستغرقها لإعادة أي استثمارات، إذا كنت صادقا بشأن مجموعة المستهلكين المحتملة. الرسالة الرئيسة هنا هي أنه يمكن التغلب على الفشل. التعافي هو المرحلة الأولى، التي يمر بها المؤسس بعد الفشل، وفي الوقت نفسه، ستلاحظ أنَّ اتصالاتك الشخصية قد تضررت نتيجة لساعات عملك الطويلة؛ لقد اضطررت إلى إهمال أحبائك. تؤدي بعض الأحيان المشاعر السلبية للفشل، مثل الحزن أو الندم، إلى تفاقم هذا الإحساس بالعزلة. ابحث عن طرق لدعم نفسك خلال هذه الفترة لتجنب الإصابة بالاكتئاب. نفذ عادات أسلوب حياة جيدة، وجرب الاستشارة.
إعادة الدخول هي المرحلة الأخيرة من رحلتك. على الرغم من صعوبات الفشل، يبدأ حوالي نصف رواد الأعمال الفاشلين أعمالا تجارية جديدة. قد تشعر بالقلق من أن فشلك السابق قد يخيف المستثمرين المحتملين، ولكن هناك طريقة لتجنب ذلك، اشرح كيف أثر ما تعلمته في المرحلة الثانية، على خطة عملك الجديدة. بهذه الطريقة، يمكنك أن تُظهر للمستثمرين المعرفة والخبرة.
توم أيزنمان في كتابهِ أوضح في الثلثين الأول والثاني، القرارات التي تواجهها الشركات الناشئة في مراحلها الأولى، والأنماط الثلاثة التي تؤدي إلى الفشل والأنماط المرتبطة بها، والثلث الأخير يتحدث عن التحديات التي يواجهها مؤسسو الشركات الناشئة. الفشل في بدء التشغيل يحدث غالباً بسبب ستة أنماط مختلفة، الرفقاء السيئون، والبدايات الخاطئة، والوعود الكاذبة، والفخاخ السريعة، وعدم طلب المساعدة، والتحديات المتتالية.
ختاما، يجب أن يقرأ مؤسسو الشركات الناشئة في أي مرحلة من مراحل رحلتهم الريادية كتاب "لماذا تفشل الشركات الناشئة؟" فهو ليس مجرد دليل لمنع الفشل، ولكنه أيضًا خارطة طريق ترسم الوجهة الصحيحة لنجاح الشركة الناشئة.
تفاصيل الكتاب:
عنوان الكتاب: لماذا تخفق الشركات الناشئة؟ خارطة طريق جديدة لنجاح ريادة الأعمال
المؤلف: توم إيزنمان
سنة النشر: 2021
دار النشر: العملة للنشر والتوزيع
اللغة: الإنجليزية
عدد الصفحات: 368 صفحة
