فنسنت ريغنت
زهير سوكاح (باحث ومُحاضر مغربي في جامعة دوسلدورف بألمانيا)
بخلاف التصور السائد حوله في العالم العربي، لا يُحيلنا المتحف إلى الماضي حصرًا، بل هو توثيق مستمر للماضي لا يمكن أن يتم بمعزل عن الزمن الحاضر الذي يتشكّل فيه، ذلك أن الأرشفة هي عملية مُتجدّدة ودينامية أكثر من كونها مجرد تخزين جامد. بهذا المعنى فإن المتحف ليس هو الماضي بل هو انعكاس لتصوُّراتنا الجمعية الراهنة عن الزمن الماضي وهذه التصورات بالذات، هي التي تَعْبُر بنا من زمن الحاضر إلى المستقبل. "المتحف" بوصفه أداة لبناء المستقبل هو تحديدًا القضية المركزية لكتاب "النزوح والتهجير في المتاحف الأوروبية"، الذي يتناول بالدراسة والتحليل النقاشات الراهنة ضمن ثقافة التذكر الأوروبية حول حدث نزوح وتهجير حوالي 14 مليون إنسان من الأقليات الألمانية من دول أوروبا الوسطى والشرقية عقب الحرب العالمية الثانية.
يُقدّم مؤلف الكتاب، فِنسِنت ريغِنت، مقارنة شاملة للتمثلات الراهنة حول هذا الحدث الذاكري والتاريخي عبر دراسة مستفيضة لسبعة مشاريع مُتْحَفية معاصرة في كل من مدن برلين وميونخ وغورليتس بألمانيا، وغدانسك وكاتوفيتسه ببولندا، إضافة إلى مدينة أوستي التشيكية والعاصمة البلجيكية بروكسل. وعبر هذه المقاربة المتعددة، التي يتعاطى فيها المؤلف مع كل وجهات النظر الألمانية والبولندية والتشيكية على قدم المساواة، يحاول فتح آفاق جديدة لفهم الخطاب الراهن حول "النزوح والتهجير"، الذي تتنازعه تأويلات متصارعة؛ فعندما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها في أوروبا، بدأت مرحلة مُعقدة من كتابة وتوثيق التاريخ الأوروبي لاتزال مستمرة إلى اليوم عن نزوح وتهجير الأقلية الألمانية من شرق أوروبا الوسطى. ولايزال بالإمكان الاطلاع على هذه الأزمة التاريخية والسياسية بشكل ملموس من خلال معروضات عدة متاحف أوروبية متعددة تشي أيضًا بتنوع التمثلات الجمعية، التي حاول هذا الكتاب الإحاطة بها.
يتألف الكتاب من تمهيد قصير ومُقدمة مستفيضة إلى جانب ستة فصول: يتخذ الفصل الأول من الكتاب طابعا نظريا، ويتناول بالتحليل والمناقشة جُملة من المفاهيم الرئيسية والمصطلحات المركزية القادمة من حقل دراسات الذاكرة الجمعية، التي ولجت ميدان البحث التاريخي الجديد، من مثل: "الذاكرة الجمعية" و"ثقافة التذكر" و"سياسة التذكر" أو ما يُعرف أيضا بـ "السياسة التاريخية"، إضافة إلى "التأريخ العابر للقوميات" في مقابل "التأريخ القومي". هذا إلى جانب عرض موجز حول الأدوات المنهجية، التي يستعين بها المؤلف في بقية الفصول الخمسة، وأهمها منهجية "تحليل الخطاب" ضمن الكتابة التاريخية في أوروبا، وأيضا ما يعرف بـ "التحليل المُتْحَفي" القادم من حقل "دراسات المتحف".
في الفصل الأول حول علاقة المُتحف بجغرافيته المحلية وإطاره المجتمعي والقومي، يُناقش المؤلف الارتباط الوثيق بين مفهومي "ثقافة التذكر" و"السياسة التاريخية". ويُعتبر ثقافة التذكر عموما مصطلحًا شكليّا عاما يُعبّر عن جميع الأشكال الممكنة من التذكر الواعي للأحداث والشخصيات والتحولات التاريخية، كما أن ثقافة التذكر الوطنية المُنحصرة في بلد معين هي تعبير في الوقت ذاته عن التصور الرسمي لتاريخ البلد المعني، الذي يتم التأسيس له داخليا وخارجيا عبر السياسة التاريخية. كما يتحدث المؤلف هنا أيضا عمّا أسماه بـ "سوق الذكريات الجمعية"، التي تختلف وتتخالف فيما بينها من ثقافة تذكر إلى أخرى ومن بلد إلى الآخر، والتي لا يمكنُنا فهمها إلا من خلال سياق أوسع وهو ثقافة التذكر العابرة للقوميات. وهذه المنهجية تُساعد على فحص ادعاءات استملاك التذكر "الصحيح" والحقيقي في مقابل التذكر المُزيّف أو غير الحقيقي، التي تنسبه كل جهة ذاكرية إلى الجهة المقابلة لها، وفي هذه الحالة الجهة الألمانية في مقابل الجهتين البولندية والتشيكية. وكل هذا يحيل إلى صراع السرديات التاريخية حول حدث نزوح وتهجير الأقليات الألمانية، حيث تتباين ذكريات الضحايا بالكلية عن الذكريات المُشكَّلَة حول الحدث نفسه في بولندا أو التشيك.
وينتقل المؤلف بعد ذلك إلى الانشغال في الفصل الثاني من هذا الكتاب بقضية التهجير القسري للألمان بوصفه حدثا ذاكريا وتاريخيا؛ حيث يعرض بدايةً للوجود التاريخي الألماني في مناطق عدة من شرق أوروبا الوسطى إلى حدود بروز النازية في ألمانيا، ثم يُلقي نظرةً على مراحل وحيثيات التهجير القسري للأقليات الألمانية من المنطقة قُبيل وأثناء وبعد الحرب العالمية الثانية، كما يقدم نُبذةً عن الجهود المؤسسية الألمانية لاستقبال وإدماج اللاجئين الألمان المُهَجّرين من بولندا والتشيك نحو ألمانيا، الوطن الأصلي لأجدادهم. ويرى المؤلف أن بداية أزمة الأقليات الألمانية، التي يرجع وجودها في المنطقة إلى العصور الوسطى، لم تبدأ مع مساندة البعض منها للسياسة التوسعية للنظام النازي بقيادة أدولف هتلر، بل ترجع عموما إلى مرحلة تبلور فكرة الدولة القومية وما يرتبط بها من صورة جمعية قومية عن الذات والآخر، وذلك في آواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين تحديدا. ويذهب المؤلف إلى أن سياسة الاستيعاب العدوانية كانت تُمارس فعليا في أوروبا القرن التاسع عشر، وكان يتم أيضا اللجوء إلى سياسة التهجير القسري، والتي اتخذت أحيانا شكل الإبادة الجماعية، وهذا كله بهدف خلق تجانس إثني للدول القومية الناشئة آنذاك، واستمر الحال إلى غاية نهاية الحرب العالمية الأولى. أما في فترة ما بين الحربين، فقد أسهم الإرهاب النازي بالمنطقة في الإسراع نحو إنهاء الوجود الملفت للأقليات الألمانية في كل من بولندا وتشيكوسلوفاكيا (وجزئيا المجر)، التي سعت إلى إعادة توطينهم بدعم من دول التحالف المُنتصِرة بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وهو ما أسهم في الوقت ذاته بالمزيد من التجانس العرقي ضمن هذه الدول القومية على حساب الأقلية الألمانية ووجودها الثقافي منذ القرون الوسطى. ومع نهاية الحرب، انطلقت عمليات واسعة من التهجير القسري وكذلك المغادرة الطوعية في وقت لاحق إضافة إلى لمّ شمل الأسر التي مزّقتها عمليات الترحيل، غير أن المؤلف يؤكد في الوقت ذاته على أن التهجير القسري قد بدأ على نطاق واسع في أوروبا تحت قيادة ألمانيا والاتحاد السوفيتي في وقت مبكر من عام 1938/39، وهو ما غيّر وجه القارة العجوز في السنوات التالية.
في الفصل الثالث يتطرق المؤلف إلى الخطابات السائدة في فترة الحرب الباردة حول حدث التهجير القسري في كل من جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) وجمهورية ألمانيا الاتحادية (ألمانيا الغربية) إضافة إلى الخطابات السائدة حول الحدث التاريخي ذاته في كل من بولندا وتشيكوسلوفاكيا سابقا: في السردية البولندية الرسمية يتم ربط التهجير القسري للألمان من البلد بالجرائم النازية ضد البلد وسُكّانه، ممّا سمح ـ حسب المؤلف ـ بتخفيف حدة الإحساس بالذنب الجمعي في البلد اتجاه المُهجَّرين الألمان. أيضا في تشيكوسلوفاكيا (سابقا) وتحديدا جمهورية التشيك (حاليا)، فقد كانت السردية الرسمية تتركز حول حدث تهجير الأقلية الألمانية بوصفه إجراءً صارما لكن مُبرّرًا في الوقت ذاته، حيث تتم محاولة شرعنته بما سُمّي بـ"حتمية التهجير" بسبب ما قيل على أنه "خيانة الوطن" من طرف الأقلية الألمانية عن طريق وقوفها إلى جانب العدو بل والمحتل النازي، وعموما فقد تم تبرير عمليات التهجير والنزوح في بولندا وتشيكوسلوفاكيا على أنها نتيجة لقرارات الحلفاء بعد الحرب وللجرائم النازية. أما على المستوى الشعبي فقد قُوبل طرد الألمان في بولندا كما في جمهورية التشيك، بموافقة واسعة من السكان، الذين اعتبروا الإجراء رد فعل مناسب بل وضروري ضد الاحتلال الألماني والجرائم النازية، وقد دعّمت البروباغندا الرسمية في كلا البلدين هذه النظرة الشعبية بتصويرها لعمليات الطرد من كونها كانت عمليات إخلاء مدنية وإنسانية تتسم بالمعقولية والعدالة. لكن مع ذلك يؤكد المؤلف وجود فرق بين البلدين في التعامل السياسي مع ملف النزوح والتهجير ويتجلى بالأساس في خضوع بولندا بخلاف تشيكوسلوفاكيا منذ البداية إلى إملاءات الاتحاد السوفياتي.
على الصعيد الألماني يُلاحظ المؤلف وجود فروقات واضحة في الخطابات الرسمية حول هذا الحدث الذاكري والتاريخي في كل من جمهورية ألمانيا الديمقراطية وجمهورية ألمانيا الاتحادية بسبب الاختلاف بل والصراع الأيديولوجي السائد آنذاك بين الألمانيتين، غير أنه يؤكد أن المصائر الشخصية الصعبة للنازحين كأفراد لم تلقَ في البداية اهتماما رسميا مكثفا بنفس القدر الذي أولته كلتا الدولتين للقضية في بعدها السياسي والخارجي ولاسيما في ألمانيا الديمقراطية، التي كانت تنظر إلى بولندا وتشيكوسلوفاكيا بوصفهما دولتين صديقتين من المعسكر الشرقي، حيث سعت ألمانيا الشرقية، التي كان يتواجد فيها 20 في المئة من النازحين الألمان، إلى تغييب هذه القضية حتى على الصعيد الإعلامي، وبخلاف هذا ظلت هذه القضية موضوعًا حاضرًا على الساحة الإعلامية. ويرى المؤلف أن التحول الذي حصل سنة 1989 بتفكك الاتحاد السوفياتي وتوحيد ألمانيا لم يؤثر بالشكل المأمول في هذه القضية المعقّدة، حيث لا تزال الجمعيات المدنية التي تضم ضحايا التهجير تشعر بأنها مُهمّشة حتى في زمن الاتحاد الأوروبي.
في الفصل الرابع يقتفي المؤلف أثر تطور هذه الخطابات بعد سنة 1989، وهي سنة تحول عميق في تاريخ السياسية العالمية، على إثر انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين، ويُركّز المؤلف هنا على دراسة الخطابات الجديدة حول حدث التهجير والنزوح في كل من ألمانيا الاتحادية وبولندا وجمهورية التشيك ويقارن بينها ليخلص إلى تشكل مساحة خطاب مشتركة في هذه الدول مضيفا أن هذا الخطاب المُشتَرك قد بلغ ذروته في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ويرى المؤلف أنه عند مقارنة النقاشات حول النزوح والتهجير في كل من بولندا وجمهورية التشيك، يتبدى بوضوح قرب هذه القضية من الصورة الذاتية الوطنية، ومثل ألمانيا لا تخلو هذه الصورة الذاتية من إحساس "الضحية" اتجاه الجرائم النازية. أيضا يُلاحظ المؤلف أنه بينما يُنظر حاليا إلى حدث التهجير في جمهورية التشيك بنظرة أخلاقية، نجد أنه يتم في بولندا التركيز على ربط الموضوع ببعده الدولي، حيث تُعنى به دول أخرى من مثل الاتحاد السوفياتي سابقا، وسلوفاكيا والمجر أيضا. غير أن المؤلف يُشدّد هنا على أنه من الصعب الحديث عن خطاب "أوروبي" مُوحد حول هذا الحدث، رغم توسع هذا الاتحاد وضمه لدول جديدة من أوروبا الشرقية. أيضا لم يتمكن هذا الحدث من فرض نفسه في الذاكرة الأوروبية الجمعية مثل قضايا مركزية أخرى، صارت تُشكل ثقافة التذكر الأوروبية المعاصرة، مثل تذكر الحقبة الشيوعية والمحرقة النازية وجرائم الحربين العالميتين. ويخلُص المؤلف في نهاية هذا الفصل إلى وجود تمثلات انتقائية محددة لتلك الأحداث التاريخية، حيث يتم في هذه البلدان الثلاثة انتقاء واعتماد أحداث تاريخية بعينها دون أخرى بهدف تغدية الشعور الجمعي بالمظلومية الذاتية، وبالتالي إلقاء المسؤولية التاريخية على الطرف المقابل في غياب حقيقي لمعالجة ذاكرية نقدية وعلمية، كما لا يخلو الأمر من توظيف إعلامي ذي طابع دعائي واضح لتدعيم الموقف الرسمي في هذه البلدان، حيث لا يمكن للإعلام هنا لعب دور كبير في المُصالحة التاريخية القائمة على المُعالجة الذاكرية، مما يجعل هذه القضية معلقة وبالغة التعقيد إلى يومنا هذا.
في الفصلين الخامس والسادس يتطرق المؤلف بداية إلى المتاحف المحلية، التي اهتمت بتوثيق وأرشفة التهجير القسري للأقليات الألمانية، وهي تحديدا خمسة متاحف، ويتعلق الأمر بمتحف سيليزيا بمدينة غورليتس، ومتحف السوديت الألمان بميونخ في ألمانيا ومتحف سيليزيا وكاتوفيتسه ببولندا وأخيرا متحف بوهيميا في مدينة أوستي التشيكية، أما في الفصل السادس والأخير فقد قدّم فيه المؤلف تحليلا علميا وافيا لبعض المشاريع والأعمال الأرشيفية التي تعرضها بعض المتاحف الأوروبية في السنوات الأخيرة، ويتعلق الأمر بالمعرض الدائم الذي أسّسته منظمة "النزوح والتهجير والمُصالحة" في ألمانيا، والمعرض الدائم لمتحف الحرب العالمية الثانية بمدينة غدانسك البولندية إضافة إلى بيت التاريخ الأوروبي في بروكسل. وهنا يرى المؤلف أن مُتحفي غورليتس وكاتوفيتسه لم يوُفّقا كثيرا في مواجهة التحدي المُتمثل في تقديم عدّة مواضيع متضاربة فيما بينها من الناحية التاريخية والسياسية بشكل موضوعي بدرجة معقولة. وفي هذا الصدد يرى المؤلف أن المحتوى الذي يعرضه متحف كاتوفيتسه البولندي هو بالأساس مُوجّه للزّوار الألمان أكثر منه للزّوار المحليين. غير أن المؤلف يؤكد أن كلا من المُتحفين يقدم سردية ذاتية وحيدة لحدث التهجير بدلا من سرديات متنوعة عنه، حيث ينطلق كِلا المُتحفين في تقديمهما للحدث التاريخي من البدايات الأولى للوجود الألماني في منطقة سيليزيا أي منذ العصور الوسطى، في حين يتم التركيز على حدث التهجير بشكل لافت في المتحف الألماني أكثر منه في المتحف البولندي، أيضًا نجد فيه عرضا أكثر تفصيلا عن الحياة القاسية للمُهَجّرين الألمان. لهذا يقترح المؤلف ضرورة التعاون بين المتحفين البولندي والألماني في تصميم وعرض مشاريع مُستقبلية لتجاوز النواقص التي سجّلها في تحليله لمحتوى وأداء المُتحفين، ويشير هنا كمثال حيّ على ذلك إلى التعاون القائم فعلياً بين مُتحفي ميونخ الألماني ومتحف أوسي التشيكي منذ سنة 2006، حيث يقدمان عبر تيمة "العيش المشترك في منطقة بوهيميا" تأريخا مشتركا عابرا للحدود لحدث التهجير من زاويا عدة، تُتيح للزُّوار على اختلاف جنسياتهم الوقوف على قراءات متعددة حول حدث واحد.
أيضا يقارن المؤلف بين المتاحف الأوروبية الثلاثة، التي تأسست مع بداية الألفية الجديدة في كل من برلين ودانسيغ وبروكسيل، والتي تحاول من جهتها تقديم سردية أوروبية مشتركة (وليس محلية ذات طابع قومي ضيق) عن حدث التهجير واللجوء الألماني وما ارتبط به من أحداث تاريخية غيرّت خريطة أوروبا مثل الحربين العالمية الأولى والثانية. كما لم تسعَ هذه المتاحف الإقليمية ـ وفق تحليلات واستنتاجات المؤلف ـ إلى "فرض" سردية واحدة ووحيدة على زوارها من خلال عروضها الدائمة عبر مراعاة معظم التناقضات، التي يحيل إليها هذا الحدث تاريخيا وذاكريا. وهنا يلاحظ المؤلف حضور الاهتمام الأنثروبولوجي لتيمات النزوح والهجرة والاندماج في هذه المتاحف الثلاثة. وبهذا البعد لا تكتفي هذه المتاحف بعرض هذه القضية المتداخلة تاريخيا من زاوية نظر أوروبية بل تسعى أيضا إلى تقديمها في سياقها الدولي بعيدا عن الضيق القومي في تناولها والاستغلال اليميني لها ضمن الدول المعنية بها، وذلك في اتجاه تأسيس سردية عابرة للقوميات تنم عن فهم عميق وشامل لتيمة النزوح والتهجير وهو فهم، كما يؤكد المؤلف في خاتمة كتابه، لا مناص منه لمعالجة الذاكرات القومية المتصارعة في استملاكها الرمزي للحدث بتفاصيله لكن وفق تمثلاتها الانتقائية.
وبعد صدور هذا الكتاب بسنة أُعلِن في ألمانيا مؤخرًا عن افتتاح متحف جديد في برلين ليس فقط عن حدث تهجير هذه الأقليات الألمانية، بل أيضاً عن بقية أحداث التهجير القسري والإبادة من مختلف مناطق العالم مثل ما يُعرف إعلاميا بـ "إبادة الأرمن" والحرب والتهجير في سوريا وذلك كله ضمن سردية إنسانية أكثر شمولية وتنوعا تعكس أهمية العمل المَتحفي في حاضر ومستقبل المجتمعات البشرية.
عنوان الكتاب: النزوح والتهجير في المتاحف الأوروبية. مقارنة للمنظورات الألمانية والبولندية والتشيكية
المؤلف: فِنسِنت ريغنت
دار النشر: ترانسكريبت
سنة النشر: 2020
لغة النشر: اللغة الألمانية
