كيف يتسرب البلاستيك إلى غذائنا؟

la plastica.jpg

سيلفيو غريكو

عز الدين عناية

يُقدّمُ هذا الكتاب إسهاماً في غاية الإفادة بشأن حضور البلاستيك في عالمنا. فهو يُعرض تاريخ اللَدائن وتكوينها، ثم يستعرض تسرّبها إلى البحار والمياه ومن ثَمَّ إلى الإنسان، ليصل بنا إلى الإشكاليات المتعلّقة بمعالجة البلاستيك والتخلّص منه. والكتاب هو من تأليف الخبير الإيطالي في الأحياء البحرية، سيلفيو غريكو، الأستاذ في علوم التغذية، وقد صدرت له العديد من المؤلفات حول الحياة البحرية والبيئة.

كيف وزّع الكاتب بحثه؟ في القسم الأول، نجد بسطة تاريخية عن البلاستيك؛ وفي القسم الثاني يتناول الكاتب البلاستيك والبيئة البحرية؛ وفي القسم الثالث: الطرق التي يصل بها البلاستيك إلى الغذاء البشري؛ وفي القسم الأخير: عرَضَ جملة من الحلول.

بسطة تاريخية

يعود الظهور الأوّلُ لهذه المواد الاصطناعية، التي بتنا نطلق عليها البلاستيك، والتي لم تكن موجودة في الطبيعة، إلى أواخر القرن التاسع عشر. فقد ظهرت مادة الباركسين إلى الوجود سنة 1856، نسبة إلى العالم الإنجليزي أليكسندر باركس، التي تُعَدّ أوّل نوع من البلاستيك المُخلَّق. وعلى هذا النحو بدأ المسارُ الطويلُ لتصنيع مادّة جديدة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً من قبل إذ لم يُكتشف البلاستيك مصادَفةً وإنّما مهّدت لظهوره التاريخّي جملةٌ من الظروف المعيشية المتشابِكة، وسلسلةٌ من الأحداث.

وكما يبين الكتاب لم يعرف القاموس الصناعيّ هذا المسمّى "البلاستيك" إلّا في عام 1925  ليُشير حرفيًّا إلى فئة تجارية لمادّة مُصنَّعة ذات أشكال عدّة، جرى تشكيلها خلال طورها البلاستيكي. وللتوضيح يُشير مصطلَح "البلاستيك" في حقيقة الأمر إلى مواد عدّة مثل السليولويد، والبوليسترين، والبولي فينيل، وهي مجموعة من اللّدائن تنتمي إلى عائلة البلاستيك، وهو ما يشبه إلى حدّ ما مساواة الحديد بالفولاذ، وبالنحاس، وبالرّصاص، وتعريف كلّ هذه المعادن كما لو أنّها المعدن نفسه.

ما من شكّ أنّ المواد البلاستيكيّة قد باتت تدخل في شتّى القطاعات، الطبية وغير الطبية، في الأوْراكَ الاصطناعية، ومفاصل الركبة، والأسطوانات المدمَجة، والحواسيب، والأقراصِ الصلبةِ المحمولة، وفي سائر الأدوات التي نستخدمها في منازلنا تقريبًا. والسؤال المطروح لماذا يُشكل البلاستيك مشكلة مع أنّنا نتعامل معه؟ من ناحية خاصية البلاستيك فهو يُشبِه الألماس إلى حدّ ما؛ لأنّه يبقى في الطبيعة إلى ما لا نهاية. فكلّ البلاستيك الذي أَنتجه العالم حتى اليوم لا يزال موجوداً في ركن ما من أركان الأرض. فهو لا يَفْنى بل يتفتّتُ فقط إلى جُزَيئات صغيرة ثابتة. وفي منظور الإنسان الذي عاش في مطلع القرن العشرين، كان مصطلح البلاستيك يُشير فقط إلى العملية الصناعية لإنتاج مادّة يمكن تشكيلُها وتطويعُها. وأما اليوم فيُستخدَم مصطلَح البلاستيك للإشارة بوجْهٍ عامٍّ إلى آلاف الموادّ غير الطبيعية المُصنّعة. ويتعلّق الأمر في الحقيقة بمجموعةٍ واسعةٍ من الموادّ التي يُطلِق عليها الفنّيون والمصنِّعون أسماءً محدّدةً تُميّز المركّب الكيميائيّ الأساسيّ لها.

يبيّن سيلفيو غريكو أنّ الإنسان لطالما استخدمَ البوليمرات الطبيعية استخدامًا واسعًا في حياته، فقد استطاعَ استعمالهَا منذ فجر التاريخ. فالعِظام، وقرون الحيوانات، والعاج، والأصداف، والخشب، والألياف النباتية، والأظفار، والمطاط، والحرير، ووَبَر الحيوان هي بوليمرات طبيعية. ورغم وجود البوليمرات الطبيعية إلا أنّ ثمّة مشكلةً تتعلّق بتوافرها. فقد تصبح هذه المواد نادرة، أو موسميّة، أو غير متوفّرة بصورة دائمة، وهي تحتاج إلى عملية معالجَة طويلة أحيانًا. ولذلك ضمن هذا السياق العام شكّل البلاستيك مادة ثورية في تاريخ البشر.

واللافت للاهتمام حقّا أنّ البلاستيك قد اعْتُمدَ في إنتاجه على أحد مشتقّات البترول. فلم تصبح آبار البترول مصدراً كبيراً للثروة إلا بعد اختراع محرّكات الاحتراق الداخليّ في عام 1853، قبل ذاك التاريخ كان الذهب الأسود يدخل في استعمالات جدا قليلة.

يبرز الباحثُ أننا بعد أكثر من خمسة مليارات عام تعاقبت فيها ثلاثة عصور، وهيْمنت فيها هيْمنةً تامّة ثلاثُ خامات طبيعية (المعادن والنبات والحيوان(، نشهد حلول العصر الرابع الذي تهيمن فيه خامة اصطناعية جديدة. ولم يكن من قبيل المصادفة أن وَصَف الكيميائيَّ الأمريكيَّ الحاصل على جائزة نوبل في عام 1974 بول جون فلوري البلاستيك بأنّه الخامة التي نسيت الطبيعةُ تصنيعها.

البلاستيك وتلويث البيئة البحرية

السؤال الرئيس الذي يطرحه المؤلف وهو كيف يتحوّلُ البلاستيك إلى مزيجٍ من الملوّثاتِ التي تتسلّلُ إلى الكائنات البحرية لِتصلَ في نهاية المطاف إلى موائِدنَا؟

لا يقتصر تأثيرُ النفايات البلاستيكيّة على سطح المياه، فقد تترسَّبُ هذه المخلَّفات في القاع ضمن ما يُعرف بالركام البلاستيكي. صحيحٌ أنّ الأكياسَ البلاستيكيّة قد تطفو على السطح، إلّا أنّ أغراضاً أخرى غير قابلة للطفْوِ تغوصُ وتضيعُ تمامًا. وهناك نفايات أخرى خفيفة الوزن ومنخفضة الكثافة، قد تتكتّلُ أجزاؤها الصغيرة نتيجة لتعلُّقِ الكائنات الحية الدقيقة بها ممّا يُثقِل من كتلتها، ويؤدّي في النهاية إلى أن تَغوص هي أيضاً.

وكما يبيّن الكتاب، دَقَّ تشارلز مور جرسَ الإنذار للعالم، عام 2001، بعد اكتشافه أوّل تجمّعٍ بلاستيكيّ في شمال المحيط الهادي، وهي عبارة عن جزيرة عظمى من القمامة البلاستيكية. وتَزن أكبر كتلة حطام عائمة188  طنًّا، وقد كانت في الماضي جزءا من حوض أحد الموانئ اليابانية، اِنفصلت عنه بفعل موجات التسونامي عام 2011.

وقد سَعتْ بعض الدراسات إلى محاوَلة تقدير الكميات الميكروبلاستيكيّة العائمة على سطْحِ المحيطات وإلى معرفة أحجامها. حيث تَطرح التقديراتُ الكلية أرقاماً تتراوحُ بين 6.600 طنّ و 35.000 طنّ من الجُزَيئات التي يقلّ حجمُهَا عن 5 مليمترات. وتُشير البيانات إلى أن 233.400 طنّ على الأقلّ من الأجسام البلاستيكيّة الكبيرة تسبح هائمة في المحيطات مقارنة بـ 35.500 طنّ من الجُسَيمات الميكروبلاستيكيّة.

نُشير إلى أنّ الألياف التي تتحرَّرُ من المنسوجات الاصطناعية أثناء عملية الغسيل تُعَدّ أحد المصادر الهامة للجُسَيمات الميكروبلاستيكيّة. فقد ينتج عن دورة غسيلٍ واحدةٍ لقطعة ثياب واحدة من هذه النوعية كميات قد تصل إلى 1900 من الألياف الميكروبلاستيكيّة.

والملاحظ أنّ بعض الحيوانات لا تميّز الركام البحريّ، ويلتبِسُ عليها الأمر، وتحسَبُهُ طعامًا. وتبعا لذلك تلتهِمُ السلاحف الأكياسَ البلاستيكيّةَ ظنّاً منها أنّها قناديل البحر. ولا يقف خطر البلاستيك عند الالتهام، بل إنَّ النفايات البلاستيكيّة التائهة في المحيط، بفعل تأثير التيارات البحرية، قد تلعب دورًا مباشرًا في نقل أنواعٍ دخيلةٍ إلى نُظُمٍ بيئية ساحلية جديدة لا يوجد بها أعداء طبيعيون لها، ممّا قد يؤدّي إلى أضرار بيئيّةٍ محتمَلةٍ.

وللأسف لا توجَد اليوم أية مادة بلاستيكيّة صُمِّمت لتدومَ فترة محدّدة ولتكون سهلة التحلّل في الوقت ذاته. ويكفي أن نذكرَ أنّ الوقتَ اللازم للتحلُّلِ العضويِّ للبلاستيك في الطبيعة قد يتراوَحُ بين بضعة أشهر وألف سنة. ونستطيعُ القولَ إنّ المادةَ البلاستيكيّة قد تحلّلت بشكل كامل حين تتلاشى بِنْيتها البوليمرية تماما، أي أن تتحوّل إلى جُزَيئات بسيطة.

ومن هذا الباب تستند المخاوف على مبرّراتٍ حقيقيّة؛ لأنّ ثمة تقديرات بأنّ نصف الإنتاج العالميّ من البلاستيك تفوق كثافته كثافة الماء، ممّا يجعله يغوص في الأعماق. وهناك في القاع قد نعثر بالفعل على الجزء الأكبر من "البلاستيك الغائب" عن التقديرات العالمية للنفايات.

تسرّبُ التلوث من المياه إلى الإنسان

يُبيّن سيلفيو غريكو أنّ خطورة الملوِّثات البلاستيكية تعود إلى ثباتها الزمنيّ، وقدرتها على التراكم عضويًّا بداخل الكائنات الحية،والانتقال منها إلى بقية العناصر في الشبكة الغذائية. إذ يمكن لهذه الملوِّثات تغييرُ بِنْية النُّظم البيئية ووظائفها، وتغيير العمليات الفسيولوجية للكائنات الحيّة. كما يمكن لهذه الملوِّثات أن تتغيَّر وتسبِّب الأمراض، وأن تحدَّ من قدرة الكائنات على الهروب من مفترسيها، وأن تؤثِّرَ سلبيّاً على نجاح عمليات التكاثر.

هذا وقد تتسرّبُ الجُزَيئات البلاستيكيّة إلى الكائنات الحيّة، عبر الابتلاع أو الاستنشاق، ممّا يؤدّي إلى أن تنتقل إليها كذلك بقايا المواد الكيميائية التي أُضيفت إلى البلاستيك أثناء الإنتاج، وسيكون هذا من البديهيّ إلى الإنسان الذي يتعرّض للتلوّثِ بهذه الجُزَيئات البلاستيكيّة عبر التغذية والتنفّس. أظهرت الدراسة أنّ الفرد قد يبتلع في المتوسِّط حتى خمسة غرامات من البلاستيك أسبوعياً. وقد عزت الدراسة أسباب هذا الأمر إلى الزيادة الكبيرة في استخدام البلاستيك، وفي محدودية عمليات التدوير التي لا تستطيع في الوقت الراهن مواكبة الطلب العالميّ على البلاستيك.

لكن التلوث بالبلاستيك لا يقف عند حدود الكائنات الحية، فقد اكتشف الباحثون أنّ الملحَ يحتوي أيضا على كميات من البلاستيك كانت موجودة بالفعل في المياه التي اُستخلِص منها. وبشكل عامّ تحتوي الأملاح المستخرَجة من البحر على نسب أعلى من البلاستيك مقارنة بتلك المستخلَصة من البحيرات أو من الأملاح ذات الأصل الصخري.

ووفقاً لدراسة أكاديمية، يستهلك الإنسان ما بين  2.2و 3 لترات من السوائل يوميّا. فإنْ احتسبنَا ضمن هذه الكمية من السوائل المياه التي نشربها من الصنبور، والمشروبات المعدّة بالمياه كالقهوة والشاي، فقد يصل ما تبتلعه المرأة يوميّا من البلاستيك إلى حوالي12  جُزَيئًا، والرجل 16 جُزَيئًا.

تَمرّ كلّ الأغذيةِ بمرحلة التعبئة والتغليف قبل وصولها إلى موائدنا، ويُعتَبر هذا القطاع أهمّ القطاعات التي تعتمِدُ على البلاستيك. فتستهلِكُ صناعة التعبئة والتغليف وحدها بين 35 و 40 بالمئة من إنتاج الراتنجات (الصمغ) البلاستيكيّة. ويذهب الجزء الأكبر من هذه الكمية إلى قطاع تعبِئَة المواد الغذائيّة، ويليه قطاع المشروبات. وكما اِتّضحَ يُعتَبر استهلاكُ الأسماكِ، والمياه المعبّأَة أكثر السُّبل شُيوعا لتلوُّث الإنسان بالبلاستيك عبر نظامه الغذائيّ.

ويشير الباحث في كتابه إلى أنّ الأماكن المغلَقة، مثل المنازل والمكاتب، تحتوي على كميات دقيقة من البلاستيك تفوق ما يُوجَد في الأماكن المفتوحة. وتحتوي المناطقُ الحضرية كذلك على كميات أكبر من تلك الموجودة في الضواحي على تخوم المدن. حيث اكتشف العلماء ظاهرة الغبار البلاستيكيّ أيضا.

سُبل الحدّ من زحف البلاستيك

لا تزال الدراسات العلمية منقسمةً حول كيفية مواجَهة مشكلة البلاستيك. فمن جانب ثمّة فريقٌ يُبالغ في عرض المخاطر الناجمة عنها، ومن جانب آخر هناك من يعارِض التهويلَ الإعلامَّي لها. والواقع أنّ أيّ حديث عن إمكانية الاستغناء تماما ودفعة واحدة عن البلاستيك لا يعني في الحقيقة، إلا أنّنا لا نريد أن نواجَه المشكلة مواجَهة جادة. إنّ حياة الجنس البشري على الأرض اليوم تعتمد على مادتيْن اثنتيْن هامتين، وهما الصلب والبلاستيك. ولا يستطيع نظامنا الصناعيّ كما هو الآن أن يستغنيَ عن إحدى هاتين المادتين بشكلٍ كاملٍ دفعة واحدة.

لقد اكتشف العالَم البلاستيك في القرن الماضي سعيًا إلى مواجَهة مشكلة نقْص الموارد الطبيعية، واليوم وقد بلغ سكان العالم حوالي 8 مليارات نسمة فمن الطبيعيّ أنّ أزمةَ ندرة المواد الخام قد استفحلت. وفي الواقع تكمن المشكلة الحقيقية التي يسبّبها البلاستيك للبيئة في نظام الاستخدام الأحاديّ الذي يُشكّل هدرًا عظيما لهذا المورد القابل للتدوير.

ما من شك أنّ ثمة تغلغلا للمواد الكيميائية في كافة مستويات الشبكة الغذائية البحرية التي نحن جزءٌ أصيل منها. ولن يتسنى لنا الإسهام في دورة التوقّي من آثار البلاستيك إلا إذا تعلّمنا كيف نُعزّز الاستفادة من البلاستيك الذي نتخلّصُ منه، ونتمكنّ من إعادة تدويره تدويراً فعّالاً يَردُّه مرة ثانية إلى السوق كمادة خام ثانوية.

فقد برزت مشكلةُ المخلّفاتِ الفائضة بشكل خاص بعد أن أغلقت الصينُ أبوابَها عام 2018  أمام استقبال النفايات الغربية، ولاسيّما تلك المكوَّنَة من البلاستيك. والملاحظ أنّ إمكانيات إعادة التدوير لم تواكب النموّ المتزايد للإنتاج العالمي لمواد البلاستيك. وقد أفادَ تقرير "الصندوق العالمي للطبيعة" في 8 يونيو لعام 2019، أنّ كميةَ البلاستيك التي تُصَبّ في البحر المتوسط سنوياً تبلغ 570.000 طنّ، وتصل نسبتها إلى 4.4 % من نسبة النفايات البلاستيكيّة العالمية، والمقدَّرة بـ 13 مليون طنّ، رغم أنّ البحرَ المتوسّط لا يشغل أكثر من 0.32 %من المساحة الإجمالية للمحيطات في العالم.

على مستوى عام ثمة تُهَم متبادلة بين المنتج والمستهلِك للبلاستيك، أكان على مستوى الدول أو ضمن النطاق المجتمعي، ولعلّ الخروج من المأزق هو في إيجاد صيغة توافقية تُقلّص الأضرار للجميع. فلا ننسى أنّ ملكية معظم مصانع المنتجات البلاستيكيّة تَتْبع شركات البتروكيماويات الكبرى مثل "داو دوبونت" و "إكسون موبيل" و"شال" و "شيفرون" و "بي بي" و"إيني". وتُقدَّرُ قيمة السوق العالمية للبلاستيك في عام 2020  بنحو 38 مليار دولار.

يختتم المؤلف كتابه بما يشبه التحذير أمام هول الإنتاج البلاستيكي، يوضّح أنّ جرعة النفايات التي يجب على المحيطات استيعابها سنويا في كافة أرجاء الأرض تتراوح بين 8 و 13 مليون طن، وهي كمية هائلة تثير القلق حقّا. وأنّ نسبة البلاستيك المعاد تدويره على مستوى العالم محدودة للغاية ولا تزيد عن 15% .

 

الكتاب: كيف يتسرّب البلاستيك إلى غذائنا؟

تأليف: سيلفيو غريكو.

الناشر: جونتي (فورانسا) – سلاو فود (ميلانو) 'باللغة الإيطالية'.

سنة النشر: 2020.

عدد الصفحات: 192 ص.

أخبار ذات صلة