إعادة الضبط: استعادة الإنترنت للمجتمع المدني

Picture1.png

رونالد ديبرت

فينان نبيل كاتبة وباحثة مصرية

انتشر استخدام شبكة الإنترنت في الآونة الأخيرة انتشار النَّار في الهشيم، وأصبحت تقوم عليها خدمات كثيرة، وتحولت الأجهزة الخلوية الذكية في غضون جيل واحد إلى جزء أصيل من الحياة اليومية، وانصهر الإنسان في العالم الافتراضي، ولم يعد بوسعنا أن نفصل بوضوح بين حياتنا العادية، وحياتنا الافتراضية، وخلف استخدامنا الواعي لتلك التكنولوجيا، يسير أمر غير مرئي هو الألفة والاعتياد للأنظمة المختلفة التي أصبحت آلة عملاقة تقود تحولا عميقا في كيفية التواصل وطرق الحصول على المعلومات. أصبح الجميع يعتمد على الأجهزة الإلكترونية، في العمل، واللعب، والتواصل مع الأقارب ومُشاركتهم اللحظات المختلفة، والتقاط الصور ومقاطع الفيديو، ومتابعة حركة المرور، وتنبؤات الطقس، والأخبار، ومُراقبة المنازل، وحجز الرحلات، وتذاكر الأفلام، والتسوق، وتفقد الوصفات، وحتى مراقبة دقات القلب، وأصبحنا نصاب بالذعر عندما لا نستطيع العثور على الهاتف المحمول، وبقدر ما يكون هذا أمرا جيدا فإنَّه مثير للقلق، فهو أصبح يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنمط الحياة، إلا أن الحياة قد تكون أفضل بدونه؛ إذ إنه قد يُشجع عادات سيئة، فالأصدقاء لم يعودوا يتواصلون بشكل شخصي ومُباشر، والأبناء يفزعون لأجهزتهم ليتحدثوا مع الغرباء، وأصابعهم تنقر باستمرار على هواتفهم. كيف يمكن لشيء "اجتماعي" كهذا أن يكون غير اجتماعي في ذات الوقت.

 

ارتبط نشوء حضارة التكنولوجيا الرقمية بشكل متزايد بانعدام الأمن، وضعف المساءلة، مما يثير القلق من انتشار الاستغلال، والأمراض الاجتماعية والسياسية. كشف الخبراء الأمنيون مواطن ضعف يُحتمل أن تشكل خطرا، في استخدام تقنية المعلومات والاتصال الآن، فاستخدامات البشر للتكنولوجيا قد تكون في بعض الأحيان مدهشة إلى حد كبير، ومختلفة عن مقصود  المصممين الأصليين، وقد يعلن الإبداع البشري عن نفسه بطريقة غير متوقعة، وكما أتاحت لنا شبكة الإنترنت الوصول إلى المكتبات، ووسائل التواصل الاجتماعي، فإنها أتاحت أيضاً للشركات الإجرامية فرصا للقيام بأنواع جديدة من المخالفات بأقل نسب مخاطرة، مثل البريد الإلكتروني غير المرغوب فيه، ومخططات التصيد الاحتيالي، وبرامج الروبوتات، وخلقت أيضا فرصا لازدهار ممارسات المساومة والابتزاز.

يستعرض كتاب إعادة الضبط المشاكل المتعلقة بوسائل الإعلام الاجتماعية، وفحص الأمراض الاجتماعية من خلال أعراضها، ومن خلال البحوث والتقارير التي قام بها الكثير من العلماء لتقديم صورة شاملة دقيقة تصل لأكبر قدر من غير المتخصصين.  يهدف الكتاب "إعادة ضبط"، إلى إجراء تقييم الفترة الاستثنائية والمزعجة للغاية من الزمن الذي نمر به.

 

يستخدم مصطلح "إعادة الضبط" في لغة الكمبيوتر، والشبكات على نطاق واسع للإشارة إلى الإجراء الذي يُوقف النظام ويُعيده إلى حالته الأولية، وغالباً ما يستخدم مصطلح إعادة التشغيل بالتبادل معه، وهي طريقة للهروب وإنهاء العمليات التي تسبب مشاكل والبدء من جديد. يستخدم مصطلح "إعادة الضبط" للإشارة إلى بداية جديدة تسمح لنا بتجنب أخطاء الطرق القديمة، والبدء من جديد بأساس مدروس. اضطرت المجتمعات إلى إعادة ضبط غير متوقعة بعد جائحة كورونا؛ فقد فرضت الحكومات في جميع أنحاء العالم بروتوكولات الحجر الصحي والعزل الذاتي، وتم تطبيق تدابير الطوارئ، ودفعت هذه المهلة إلى إعادة النظر في العديد من جوانب حياتنا وسياستنا.

 

اعتمد "رونالد ديلبرت" على أبحاث أجراها مختبر "سيتزن"،عن الأمن الرقمي، ليكشف أثر نظام الاتصالات على المجتمع المدني، وتتبع صناعة المراقبة غير المنظمة، وتقنيات التحكم عن بعد، وممارسات شركات العلاقات العامة الغامضة، وخدمات الاختراق مدفوعة الأجر التي تتغذى على أنهار من البيانات الشخصية غير المؤمنة  جيدا. أدى الضغط الهائل في الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي والتوسع فيه على حساب البيئة الطبيعية إلى ضرورة الحث على فرض قيود على منصات التكنولوجيا لمكافحة التدهور البيئي الاجتماعي، واستفحال الاستهلاك الإلكتروني، واستعادة الإنترنت للمجتمع المدني. يهدف الكتاب بشكل أكثر تحديدا إلى الإشارة لإعادة النظر بشكل أعمق في النظام الإيكولوجي للاتصالات وبشكل عاجل أكثر من أي وقت مضى.

 

تضج مواقع التواصل الاجتماعي بالفوضى؛  فقد يعتقد الآلاف بل ربما الملايين أنَّ الأرض مسطحة؛ لأنهم شاهدوا مقطع فيديو على يوتيوب يروج لتلك الفكرة، وقد تنشر الشعوبية اليمينية، الفاشية الجديدة على شبكة الإنترنت وخارجها، فتؤجج الكراهية والقتل والإبادة الجماعية، وتهطل أمطارا من الأخبار العالمية يوميا حول انتهاك الخصوصية والبيانات، وانتشار المعلومات المضللة، والتجسس والتلاعب بالأحداث السياسية مما يستلزم استدعاء المديرين التنفيذين لوسائل التواصل الاجتماعي أمام جلسات الاستماع في الكونجرس والبرلمان لمُواجهة وهج الكاميرات وتدقيق المشرعين.

كان استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، والانتخابات الرئاسية للرئيس ترامب من العوامل الرئيسة التي عجلت بإعادة النظر في تأثير وسائل الإعلام الاجتماعية على المجتمع وعلى السياسة؛ ففي كلتا الحالتين استخدمت الجهات الفاعلة المحلية والأجنبية وسائل الإعلام الاجتماعية لنشر المخالفات وإشعال الاحتجاجات من واقع الحياة بقصد تعزيز الفوضى وتأجيج الانقسامات الاجتماعية الحادة؛ فبفضل التحقيقات التي أجريت خرجت بعض الشركات المشبوهة مثل" كامبردج أناليتيكا "من الظل لتظهر لمحة من العالم السفلي الغامض لوسائل الإعلام الاجتماعية، وظهر الجانب المظلم من شركات المرتزقة التي تمتلك  تقنية عالية وتبيع خدمات "الحرب الإلكترونية" لبعض حكام يستخدمونها لاختراق أجهزة خصومهم، وشبكاتهم  وكثيرا ما يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة؛ الأمر الذي يدعو للارتياب في أي نص، أو بريد إلكتروني مزود بمرفق؛ فقد اتسع العالم المتصل به الجهاز وأصبح مصدرا للخطر بشكل متزايد على الحياة الشخصية.

 

أصبحت شبكات التواصل بعد أن اجتاح فيروس كورونا المستجدCOVID -19 )) أواخر عام 2019 جميع أنحاء العالم طوق النجاة عن أي وقت مضى؛ بسبب توقف الأعمال المعتادة، وإغلاق صناعات بأكملها، وإقالة ملايين الموظفين، واضطرار الجميع تقريباً إلى العزل الذاتي، والعمل من المنزل. وفي حين تهاوت جميع قطاعات الاقتصاد العالمي، شهدت منصات التكنولوجيا، وأدوات مؤتمرات الفيديو، مثل "زوم" وغيرها ارتفاعا مذهلا في استخدامها، وتحولت من أشياء غامضة إلى أشياء مألوفة يستخدمها الأجداد، والأطفال لساعات طويلة، ولعبت "نتفليكس"، و"أمازون برايم"، و"يوتيوب" وغير ذلك من خدمات الإعلام التي ازدهرت للغاية دورا في الإلهاء المرحب به عن الأخبار الكئيبة للجائحة، وقفز استهلاك النطاق الترددي إلى مستويات هائلة لدرجة أن شركات الاتصال السلكية، واللاسلكية  كانت تضع سقفاً لتدفق المواد وتخفض جودة الفيديو لضمان عدم تحميل شبكة الإنترنت أكثر من طاقتها.

 

ارتفع على صعيد آخر بالضرورة معدل الجرائم الإلكترونية، واختراق البيانات إلى عنان السماء حيث استغل المخترقون الملايين من الناس الذين يعملون من منازلهم، والتي لم تصمم أجهزتهم لأكثر من التحكم عن بعد في مطابخهم، وسياراتهم ولم تكن مؤمنة بالشكل الكافي، كما انتشرت المعلومات المضللة في كل مكان على الرغم من الجهود التي تبذلها منابر التواصل الاجتماعي لتوجيه مستخدميها إلى مصادر صحية  موثوقة، إلا أن الناس تجرعوا سم تلك المعلومات المضللة المتناقضة عبر وسائل التواصل.

افترضت الحكمة التقليدية في الماضي أن التكنولوجيا الرقمية من شأنها أن تمكن أعظم قدرا من القدرة للحصول على المعلومات، وأن تيسر التنظيم الجماعي، وأن تمكن المجتمع المدني، فقد بدأ "الربيع العربي"، وغير ذلك من الحركات الاجتماعية التي تغذت رقميا، وكانت تبرهن على قوة الشعوب التي لا يُمكن وقفها، وصفق الكثير من المتحمسين للتكنولوجيا، ولكل ابتكار جديد كوسيلة لتقريب الناس من بعضهم، وتنشيط الديموقراطية. أما الآن فيُنظر إلى وسائل الإعلام الاجتماعية على نحو متزايد أنها تسبب نوعاً من المرض الاجتماعي، ويتزايد عدد من يعتقدون أن وسائل الإعلام الاجتماعية لها تأثير غير مناسب على التنشئة الاجتماعية، والقرارات السياسية الهامة، وبدأ آخرون يلاحظون أننا ننفق قدرا غير صحي من حياتنا نحدق في أجهزتنا، في حين أننا نعيش في الواقع عزلة وانفصالا عن الواقع. ظهرت نتيجة هذا القلق المتزايد دعوات إلى تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي وتشجيع المديرين التنفيذيين للشركات على أن يكونوا مشرفين بشكل أفضل على برامجها، واحترام الخصوصية.

 

تجمع وسائل التواصل الاجتماعي البيانات الشخصية لمستخدميها بلا هوادة، وتحولها إلى نقود، سواء "الفيس بوك"، أو "جوجل"، أو "سناب شات"، أو "تيك توك"، وهناك أجيال لا تعرف ما هو شعور الحياة دونهم. إن وسائل التواصل الاجتماعي ليست كل شيء، ولكنها تؤثر على كل شيء، فالمنصات التي تدير وسائل الإعلام الاجتماعية تتمتع بجاذبية هائلة وتكتسح كل شيء آخر في طريقها في بعض الأحيان، ومن خلال عملية الاستحواذ تمتص حتى التطبيقات غير الاجتماعية إلى مجرة الإعلام الاجتماعي.

يتكون النظام الإيكولجي لوسائل التواصل العالمية، من عناصر متطورة بعضها بطيء ومستمر وبعض منها سريع التحور؛ فهناك معايير، وبروتوكولات، وأجهزة، وتطبيقات، وأنهار من البيانات، بعضها محدد في قنوات محكمة، وبعضها يتسرب عبر الشقوق والثغرات، تعد البيانات هي "النفط الجديد"، والذي سيزداد قيمة بعد الانتقال لتكنولوجيا الجيل الخامس.

 

أجريت كثير من الأبحاث على تأثير وسائل الإعلام الاجتماعية على الأمراض الاجتماعية والسياسية، وأثر التطور الرقمي على إدراك الإنسان وسلوكه، فاتضح أن هناك صفات إدمانية تنتج عن المُمارسات الرقمية، مما يفسر الذعر الذي يصيب البعض عندما يفقد جهازه المحمول، فضلاً عن تأثيرات ذات مستوى أعلى مثل الاستقطاب الديني، أو السياسي، إلا أنه لا يُمكن أن نلقي باللائمة على تلك الوسائل وحدها فالمجتمعات معقدة، ولا يمكن الاعتماد على الأحادية السببية حول أمراض المجتمع؛ فكثير من التأثيرات السلبية التي ينسبها المجتمع لهذه الوسائل يعود في الحقيقة لتدهور الثقة في المؤسسات العامة، ووجود عوامل متداخلة ويعود بعضها لعقود خلت. وتأطير علاقة السببية على هذا النحو يجنب تأثير المتغيرات الاجتماعية، مما يعتبره بعض العلماء اختزالا للعلاقة بين الأنواع والبيئة. كذلك بيئة الاتصالات تتغير فيها الممارسات والظروف، والأفكار، والمؤسسات إيجابا وسلبا.

أدى ظهور سلالة التطبيقات في العقد ونصف العقد الماضيين خاصة الأعمال الاستثنائية "جوجل، وفيسبوك" إلى نشأة ما يعرف بـ"رأسمالية المراقبة" للاستفادة من البيانات فيما هو اقتصادي، أو سياسي، وهو الاقتصاد القائم على مراقبة البيانات الشخصية، فقد تبدو منصات التواصل وكأنها تخدم المستخدم، تحقق له التواصل،وتوفر المعلومات، ولكنها أصبحت تبحث بشكل أعمق في حياته الشخصية، فتنقلب العلاقة بين المستخدم والمنصة، فيبدو ظاهريا أنهم يخدموننا ويقدمون لنا شيئا مفيدا نافعا، ولكن في العمق، تحولنا إلى مادة خام لديهم بقواعد بياناتنا الضخمة.

تناول الكتاب أيضاً التفاعل بين وسائل التواصل، وعلم النفس الاجتماعي، وتتمثل وظيفة مهندسي تلك الوسائل في تصميم منتجاتهم بطريقة تجذب اهتمامات المستخدمين، وتبقي عليهم وهم يعتمدون في ذلك على رؤى، وأساليب مستمدة من الإعلانات التجارية، وعلم النفس السلوكي، ومعرفة الغرائز، والدوافع، والسمات المعرفية المتصلة بردود الفعل العاطفية وغيرها من ردود الأفعال. وأحياناً تميل وسائل الإعلام الاجتماعي إلى محتوى متطرف، ومثير، مما يؤدي بدوره إلى التقليل من جودة، ومصداقية المنصات، ويخلق فرصا للجهات الفاعلة الخبيثة لاستخدام تلك المنصات كقنوات لزرع الانقسام، ونشر المعلومات المضللة، وتقويض التماسك، وتحفيز شهية التخريب التي تحولت إلى تجارة كبرى مع بيع شركات العلاقات العامة "المظلمة" لمجموعة واسعة من بيانات العملاء، وأسهمت مع عدد من العوامل في اتساع النزعة القبلية، والاستقطاب الاجتماعي. إن انتشار المعلومات المضللة في المجال العام أمر لا يتحمله فيسبوك أو تويتر، وحدهما. إن ممارسة النشر المتعمد لمعلومات خاطئة قديمة قدم البشرية نفسها، وإن خلقت وسائل التواصل الاجتماعي ظروفا مواتية لنشرها اليوم، ونتيجة ذلك انتشرت ممارسات التضليل الإعلامي، وأصبحت أكثر تطورا، ومدعومة بمزيد من الموارد، وبالتالي يمكن أن يكون لها آثار أكثر ضررا مما سيكون عليه الحال في غياب وسائل التواصل الاجتماعي.

 

تطرق الكتاب إلى وسائل الإعلام الاجتماعية التي يعتمد عليها المجتمع المدني مؤكدا أنها تعج بأوجه انعدام الأمن، ومخاطر الاحتيال، وأشكل أخرى من استغلال البيانات الشخصية للمستخدمين، فضلا عن حالات تهديد الحياة. هذه القفزة  في التكنولوجيا حدثت خفية في غياب أي تدابير تعويضية تمنع إساءة الاستخدام، وقد تميل الأنظمة السلطوية إلى التحكم في توزيع البيانات، كما يحدث في الصين، ولكن الديموقراطيات الليبرالية تعرض أنماطا مزعجة من مخاطر عدم المساءلة، وزادت جائحة كورونا من هذه المخاطر عندما أعلنت الحكومات حالة الطواريء، وتحولت إلى التوسع في آلية التواصل الاجتماعي لمراقبة البيانات الشخصية للأغراض الطبية والحيوية.

 

يتزايد الاعتراف بالآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي وتوثيقها بشكل جيد، ولكن ماذا نفعل حيالها مسألة مختلفة، وهذا لا يعني أنه لا توجد حلول مقترحة،إنها وفيرة ومتكاثرة، ولكنها تفتقر أيضا إلى إطار شامل يربطها معا، بل إنها في بعض الحالات متناقضة. ومن أجل الجمع بين بعض هذه الحلول الجزئية، دعا الكاتب لإجراء بسيط ولكنه قوي هو "ضبط النفس" ويعني الحس السليم" وإبقاء شخص ما أو شيء ما تحت السيطرة، بما في ذلك مشاعره وعاداته وسلوكياته.

 

يرى"ديبرت" أن الأمر يبدو كما لو كنا نسير نياماً في حضارة جديدة من صنعنا قائمة على الآلة، ونحن الآن فقط نستيقظ على عواقبها غير المتوقعة، " هذا الإحساس بالحتمية يقود ديبرت إلى مفهوم ضبط النفس كطريقة للوصول إلى إعادة الضبط الضرورية للغاية للعالم الرقمي. إن ضبط النفس، على الرغم من بساطته، هو مفهوم ذو إرث تاريخي ثري يرتبط بسلسلة طويلة من التفكير الفلسفي السياسي والممارسة التي تمتد إلى اليونان القديمة. وباستلهام بعض الطرق التي تصور بها المفكرون آليات ضبط النفس في الماضي، طرح بعض الاقتراحات حول الكيفية التي قد نفكر بها في تدابير ضبط النفس في عصرنا هذا كوسيلة لكبح جماح تجاوزات وسائل التواصل الاجتماعي،  والاحتراز من إساءة استخدام السلطة، مع الحفاظ في الوقت نفسه على الإمكانات الكبيرة التي ينطوي عليها النظام الإيكولوجي للاتصالات .

 حان الوقت للاعتراف بأن نظام مراسلاتنا -بتشكيله الحالي - أصبح مختلا تماما، فهو يعوق المؤسسات، والممارسات، ويطلق العنان لقوى اجتماعية جديدة بطرق غير متوقعة، وكثير منها يخلف تأثيرات ضارة، وقد تسحق الحريات الفردية، وتخلق فرصاً جامحة للفساد والاستبداد.

لا يزال الابتكار التكنولوجي الجامح في حد ذاته يسير على طريق كارثي من الاستهلاك. تمنحنا إعادة الضبط فرصة نادرة لتصور بديل، والبدء في عملية تحقيقه بالفعل. لا شك أنها لن تكون سهلة، ولن تحدث بين عشية وضحاها. ولكن الاستسلام القدري للوضع الراهن ليس بديلاً حقيقياً أيضاً .يهدف "إعادة الضبط" إلى المساعدة في البدء في التفكير في طريقة للتخفيف من أضرار وسائل الإعلام الاجتماعية، وبناء نظام بيئي للاتصالات يدعم المجتمع المدني ويسهم في تحسين الحالة البشرية.

 

عنوان الكتاب: إعادة الضبط- استعادة الإنترنت للمجتمع المدني

المؤلف: رونالد ديبرت

  الناشر: أسبن  -2020

لغة الكتاب: الإنجليزية

 

 

أخبار ذات صلة