كاميلا أدانج وزابين شميدتكه
مُحمَّد الشيخ
أنتج مفكرو الإسلام -فقهاء ومؤرخين ومتكلمين- عشرات النصوص عن التوراة العبرية؛ وذلك على امتداد حوالي أربعة عشر قرنا. ترى، كم أنتجوا هم من نصوص على وجه التدقيق؟ وما هي السمات العامة التي ميزت إنتاجهم؟ وكيف كانت مختلف اتجاهاتهم في ما أنتجوه؟ يسعى هذا الكتاب إلى الإجابة عن هذه التساؤلات. ومداره، حسب ما تسميه المؤلفتان على أمرين اثنين: "مدارك" المسلمين للتوراة، و"استعمالاتهم" لها.
وفضل هذا الكتاب الأول أنه كتاب "جامع"؛ وذلك بمعنيين: المعنى الأول، وهو أنه، حسب علمي، لا وجود لكتاب جمع أشتات ما تناثر في موضوع ما يمكن أن نسميه: "الترواتيات الإسلامية" -أي كل ما كُتب عن التوراة في الثقافة الإسلامية- بحيث ضمَّ هذا القدر الهائل من "الدراسات" و"النصوص" الإسلامية في التوراة والتلقيات الإسلامية لهذا النص المقدس. وإذا ساغ لنا أن نتخذ معلمتين في هذا المجال -مبتدى ومنتهى- لقلنا إنَّه كان ينبغي أن يعنون هذا الكتاب بالعنوان الجامع التالي: جوامع مدارك المسلمين للتوراة وتلقيهم لها: من ابن ربن (توفي بعد 253 هـ)، وهو صاحب الكتاب المؤسّس "الدين والدولة في إثبات نبوة النبي محمد" إلى عبدالسلام عبدالعلام (العهد العثماني) صاحب رسالة "إلزام اليهود في ما زعموا في التوراة من قبل علم الكلام"؛ وذلك على امتداد العصر الكلاسيكي الإسلامي إلى العهد العثماني الحديث.
و"جامع" بمعنى ثان، وهو أنه جمع ما تفرق من كتابات هاتين الباحثتين المهتمتين بالتراث الإسلامي -كلاما وفلسفة وتصوفا- في تضاعيف كتب من تأليف جماعي وفي متون مجلات نشرت في مختلف المنابر بشتى البلدان (أمريكا، هولندا، إيطاليا، ألمانيا، فرنسا، إنجلترا وإسرائيل...) بعضها بات يتعذر على الباحثين العرب الولوج إليه. الباحثة الأولى هي الهولندية كاميلا أدانج (1960- ) المهتمة بالفكر الأندلسي، وعاشقة مفكر طوق الحمامة ابن حزم خاصة، وبالجدل بين الأديان، وبعلم الكلام العقلي، صاحبة كتاب "الكُتاب المسلمون عن اليهودية والتوراة العبرانية: من ابن ربن إلى ابن حزم" (1996)، وكتاب "عقلانية مشتركة: المذهب الاعتزالي في الإسلام واليهودية" (2007)، وكتاب "ابن حزم القرطبي: حياة وأعمال مفكر مثير للجدل" (2012). والباحثة الثانية هي الباحثة الألمانية زابين شميدتكه أستاذة التاريخ الفكري الإسلامي بجامعة برنستون، وصاحبة كتاب "علم الكلام عند العلامة الحلي" (1991)، وكتاب "التوراة في منظور علماء الإسلام" (2013)، وكتاب "المعين في علم الكلام الإسلامي" (2016). وكما يلاحظ القارئ، فإن كلتا الباحثتين متمرسة في التراث العربي اليهودي. كما يلاحظ أن واحدة مهتمة بالتراث السني، والأخرى بالتراث الشيعي. وكلتاهما متمرنة على العمل المشترك مع باحث آخر أو مع جماعة باحثين. فقد ائتلفت بهذا كل عناصر كتاب ألمعي.
وفضل هذا الكتاب الثاني أنه كتاب تفكيكي، وذلك بدلالتين؛ أولى: هي أن صاحبتي المؤلف لم ترتضيا بأن تسلكا طريقا مبذولا، وإنما سعتا إلى كسر التقليد السائد في معظم العالم العربي -وهو التقليد السني في النظر إلى التوراة- فانفتحتا على التقليد الشيعي: الإثني عشري والإسماعيلي والزيدي.. كما ركزتا على التراث المعتزلي (القاضي عبدالجبار، الحسين البصري، ابن خلاد....) وعلى التراث الزيدي سواء تعلق الأمر بزيدية إيران (الإمام المؤيد بالله، أبو عبدالله الجرجاني ...)، أو بزيدية اليمن (حسام الدين الرصاص، وابنه أحمد الرصاص وتلامذته...).
وبدلالة ثانية؛ وهي أن المؤلفتين لم تكتفيا بعرض وجهة نظر المسلمين انتصارا للقرآن، وباستقبالهم للتوراة ونقدها، وإنما أشارتا أيضا إلى ما يزخر به التراث اليهودي العربي؛ سواء بالمشرق أو بالمغرب (ابن ميمون، ابن عدريث) من الرد على المسلمين في اتهام كِتَاب اليهود بأمرين: أنه منسوخ بالقرآن، وأنه تم تحريفه. فكان أن أوردتا بعض الردود على الردود: الربي شلومو بن عدريث (ت-1310م) ورده على ابن حزم في رده بدوره على ابن النغريلة اليهودي.
أغراض أنظار المسلمين في التوراة
استعمل علماء الإسلام التوراة لأغراض مختلفة وباستعمالات متباينة، دون وعي منهم بما تعتبره الباحثة أدانج "تناقضات داخلية". وهكذا، تراهم، من جهة يعودون بانتظام إلى المظانِّ التوراتية باعتبارها مصادرهم الأولى عن الحقبة ما قبل الإسلامية عندما يناقشون نشأة بني إسرائيل وتاريخهم وبعثة الأنبياء السابقين على النبي مُحمد. ومن جهة أخرى، اهتم علماء الإسلام المجادلون ضد اليهود والنصارى أساسا، بما اعتبر نبوءة ببعثة محمد النبي العربي وبدينه في التوراة، كما اهتموا بما عدُّوه "تناقضات" تضمنها التوراة وحالات نسخ داخلي وبداء.
وما ترتب عن تعدُّد هذه الأغراض إنما هو وجود "مداخل" عدة لعلماء الإسلام إلى الكتب المقدسة:
1- المدخل التاريخي: عادة ما عمد المؤرخون المبكرون إلى نقل مقاطع كبرى من مجمل كتب التوراة بالحرف، أو على الأقل نقلوا فحواها.
2- المدخل الجدلي: أما أولئك الذين انخرطوا في الجدل الديني وفي الدفاع عن العقيدة الإسلامية، فقد كانوا يؤوبون إلى مظان بعينها سرعان ما راجت بينهم رواجها وتكاد تكون هي عينها عندهم أجمعين يستنسخ اللاحق منهم السابق. وعادة ما دار هذا الجدل على أمور جوهرية: النسخ والتحريف. فأما النسخ، فهو نسخ القرآن لما سبقه من كتب الأولين، وأما التحريف، فيشمل أمورا أساسية منها تحريف بعض من شريعة موسى، والتستر على نصوص نبوءة محمد في التوراة.
لمحة عن مسار الاهتمام بالتوراة لدى علماء الإسلام
في هذا الكتاب مفهومة هي "التوراة" بأوسع معنى يكون: التوراة العبرية -العهد القديم- كما العهد الجديد، مع التركيز على العهد القديم. ومجمل دعوى المسلمين في مداركهم هذه يقوم على مفارقة: يعتبرون أن الوحي القديم قد تم تحريفة، وأن القرآن -بما هو خاتم الرسالات- قد ألغى ما قبله بما في ذلك التوراة. لكن، بما أن التوراة مصدره إلهي، فإنهم في الوقت نفسه يُجِلُّونه، ومن شأن التشكيك فيه الكفر بالوحي الإلهي. والمرجع في هذا الموقف القرآن نفسه: التوراة مذكور في القرآن لفظا ثمانية عشر مرة، وبالمعنى مرات أخر؛ شأن الإشارة إلى "صحف موسى". واسم "التوراة" في العربية مشتق من لفظ Torah العبري الذي يعني "القانون" أو "الناموس"، رغم أن بعض المسلمين حاول رد اللفظ إلى الجذر العربي "و-ر-ي" بمعنى أشعل النار، في إشارة إلى "النور" المذكور أنه في التوراة، وقد اعترض عليه مفسرون مسلمون كالرازي والزمخشري. وامتدت التسمية لتشمل تعاليق التوراة وشروحه الشفاهية. ويتهم القرآن اليهود المرار العدة بأنهم حرفوا كلام الله عن قصد وكتبوا أشياء بيديهم وقالوا من عند الله ولبّسوا الحق بالباطل وكتموا الحق وأخفوا كثيرا منه ولووا ألسنتهم بالكتاب ليحسبه المؤمنون أنه من الكتاب وما هو من الكتاب.. وكل هذه الآيات تجمع على إنكار اليهود لنبوة محمد المفترض أنها مذكورة في كتب اليهود المقدسة. وبما أن القرآن لا يعلن من حرّف التوراة وأين وكيف، فإن بعض المؤلفين نسبوا ذلك إلى عزير. وأهم من يمثل القول بالتحريف في صورته المكتملة ابن حزم (ت ـ 465 هـ). وقد دعمه في ما مال إليه يهود أسلموا شأن عبدالحق الإسلامي (كتب كتابه حوالي 797 هـ) والسموأل المغربي (ت ـ 570 هـ)، وأهم ما حرف اليهود، حسب هذا الطرح، الإحالات التوارتية على النبي محمد، كما ألغوا بعض أحكام التوراة مثل الرجم.
ولا نملك طيلة القرون الأولى من الإسلام أعمالا سجالية ضد اليهود؛ إذ يبدو أن المسلمين كانوا أكثر انشغالا بالدفاع عن إيمانهم ضد النصارى (يوحنا الدمشقي). فلا يشير ابن النديم إلى أي كتاب في الجدل ضد اليهود، حتى وإن تضمنت بعض كتب الرد على النصارى (الجاحظ) ردا على اليهود أيضا. ثم بدأت الردود ترد في كتب التاريخ والكلام والتفسير والدفاع عن الإسلام؛ على نحو ما عكسته كتابات ابن ربن وابن قتيبة والطبري والمقدسي وابن حزم ... وقد دار النقاش، بالأساس، على مسألة تحريف التوراة، وهنا تبنى مفكرو الإسلام موقفين مختلفين: موقف متشدد أشعر من خلاله ابن ربن وابن قتيبة، وهما يستعملان آيات من التوراة، بأن المحرَّف إنما هو تأويل اليهود لنصهم المقدس، وليس النص المقدس في ذاته، ووافقهما الطبري على ذلك، متفاديا استعمال الكتب اليهودية؛ بينما رفض المقدسي وابن حزم هذه الكتب بوصفها محرَّفة، وذلك على الرغم من أنهما قبلا أجزاء منها على أنها غير منحولة هي بالذات تلك التي تمت البشارة فيها بنبي الإسلام. وإذن؛ وجد تأويلان للتحريف: متشدد جذري، ولين معتدل.
ثمَّة لحظة تأسيسية في هذا الاهتمام هي لحظة ابن ربن -الدين والدولة- وابن قتيبة -أعلام النبوة. وما يوحد بين هذين العالمِين -الإسلامي والمسلم- أنهما ألفا بين "مقاطع" "زعما" أنها تضمنت نبوءات ببعثة النبي محمد ـ وقد تأسس على هذا تقليد بكامله تحت مسمى "أعلام النبوة" أو "دلائل النبوة" -وعدت هذه لحظة تدشينية ما فتئ المتأخرون يؤوبون إليها الأوبات، وركزت العديد من فصول الكتاب -التي بلغت واحدا وعشرين فصلا بعضها خط بيد واحدة، وبعضها بيدين- على هذه العودات إلى ابن ربن وابن قتيبة عند كل فرق الإسلام من سنة وشيعة بمختلف فرقهما.. وقد درست بعض فصول الكتاب تأثير هذين على مختلف الدارسين اللاحقين. واحترمت صاحبتا الكتاب أمرين: التنوع العقلي (مختلف فرق الإسلام) والتنوع الزمني (من العصر الكلاسيكي إلى العهد الثماني)؛ بحيث خصصتا فصلين للاستعمال الجدلي لمقاطع من التوراة لدى جملة من المؤلفين العثمانيين المتأخرين الذين أضافوا مواد من التقليد التفسيري التوراتي المتأخر.
كتاب في الالتباسات والمفارقات
بما أنَّ القرآن سمَّى "التوراة" كتاب الله، فإنه كان على المسلمين أن يعاملوه بالاحترام الواجب تجاه كل كتب الله، وإِنْ كان ثمة شك في صحة نسب كل شيء فيه إلى الله. وعلى هذا الأساس، قام موقف تصفه أدانج بأنه "ملتبس". وتمثل لهذا اللبس بنوازل من التراث الفقهي الإسلامي: فتوى من القرن الرابع الهجري بالقيروان: سئل القابسي عن كيف نعاقب عبدا مسلما قام في حال غضب بلعن التوراة، وكان أن اعتبر العبد جاهلا يعذر بجهالته؛ إذ لم يقصد ما بأيدي اليهود من عند الله أو مما حرفوه عن مواضعه، ويحتمل أن يكون قد ظن أن توراتهم شيء عملوه لأنفسهم ليس من عند الله منه شيء. وفتوى ابن رشد الجد: سئل عن الكتاب تكون فيه التوراة أو الإنجيل أترى أن يبيعه من اليهودي أو النصراني؟ فكان التساؤل: وكيف يعرف أنه توراة أو إنجيل؟ لا أرى أن يبيعه ولا يأكل ثمنه، ولا يحل لك أن تبيع لهم ذلك. قال محمد بن رشد: قوله إنه لا يحل له أن يبيع الكتاب الذي فيه التوراة أو الإنجيل من اليهود أو النصارى ولا يأكل ثمنه صحيح بين لا إشكال فيه؛ لأن دين الإسلام ناسخ لجميع الأديان.
اعتقد المسلمون الذين آمنوا بأنَّ اليهود يملكون التوراة الأصلي ويفسرونه التفسير الصحيح بأنه قد ذكر فيه: "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ". لكن المفارقة أنه حتى الذين اعتقدوا أن التوراة محرَّفة عادوا إليها ليبحثوا عن ذكر نبي الإسلام وأمته وملته. وقد عللوا هذه المفارقة بأن الله حفظ تلك المقاطع من التحريف في سفر التكوين وسفر التثنية وسفر أشعيا. وقد نشأت عن هذا تقاليد في الاستشهادات المستعادة حول دلائل/أعلام النبوة.
ومفارقة أخرى تمثلت في لجوء كتب التصوف والتاريخ والأمثال والزهد والرقائق إلى التعويل على الإسرائيليات، نقلا عن نصوص معزوة إلى كعب الأحبار ووهب بن منبه ومالك بن دينار وفق صيغة: "مكتوب في التوراة" و"قرأت في التوراة". وقد اختلط فيها الرواة اختلاطا شديدا حيث نجد إلى جانب بعض الحكم والأقوال ذات البعد الخلقي مرويات غريبة معزوة إلى التوراة شأن نظرية الأمزجة الأربعة الإغريقية ووصف الفاروق عمر بن الخطاب الذي قيل إنه مذكور في التوراة (المالقي: مقتل عثمان)، وورود اسم حيدرة (علي بن أبي طالب) في التوراة، بل وذكر عمر بن عبدالعزيز في التوراة (أبو نعيم الإصفهاني)، كما افترض ذكر مكة والري (ياقوت الحموي)؛ لكن في نفس الوقت ثمة من نبه من اليهود أنفسهم إلى أن مرويات كعب نسيج من الأكاذيب وأن ما يوجد في التوراة هو نفسه ما يوجد في القرآن (ابن حجر).
ومفارقة رابعة هي الأخرى، تتعلق هذه المرة بقابلية النص الوحيي للترجمة؛ ذلك أنَّ العديد من المجادلين والمدافعين المسلمين أدركوا أن نسخ التوراة متعددة -التوراة العبرانية والتوراة السومرية والسبعينية اليونانية- قبل أن تنقل إلى اللسان العربي. وقد استنتجوا من هذا استنتاجين متناقضين: ذهب ابن حزم إلى التركيز على أن الاختلافات دليل على التحريف، بينما رأى آخرون كابن قتيبة والباقلاني، ومن غير أن يلعبوا بورقة التحريف، أن قابلية الترجمة دليل على علو كعب القرآن المعجز لغة على التوراة غير المعجز لغة. وكان أن أجابهم القرقساني أن كون القرآن لا يوجد إلا بلسان واحد إنما "يضعف" القرآن لا التوراة؛ لأنهم وحدهم من يملكوا اللسان العربي يقدرون على أن يدركوا إعجازه.
نصوص محققة جديدة وجمع نصوص أخرى
شكل هذا الكتاب منجما غنيا من النصوص العربية حول التوراة. وقد أعادت زابين شميدتكه نشر مقاطع من "أعلام [أو دلائل] النبوة لابن قتيبة" (نسخة مكتبة الأسد الوحيدة) محققة ومقابلة مع نسخ ونقول منها. كما نشرت أدانج ما عثرت عليه كاملا مما حفظ في كتاب الحمصي (المنقذ من التقليد) من مقاطع نقلها أبو الحسين البصري المعتزلي في الكتاب الضائع "غرر الأدلة" عن ابن ربن الطبري (كتاب الدين والدولة) تخص "شهادات" توراتية عن بعثة نبي الإسلام. وحققت المؤلفتان بالاشتراك نصي ابن خلاد البصري صاحب كتاب الأصول الضائع: (باب الكلام على اليهود) و(باب الكلام على اليهود في امتناعهم من نسخ الشرائع). وفي ما يخص زيدية إيران حققت شميدتكه نص الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين "باب ما وجد في الكتب المتقدمة من البشارات بالنبي صلى الله عليه وعلى آله" صاحب "كتاب إثبات نبوة النبي"، ونص الزيدي المعتزلي أبي عبدالله الجرجاني تلميذ القاضي عبدالجبار المعتزلي "فصل فيما وُجد في الكتب السالفة من البشارة بالنبي محمد صلى الله عليه وعلى آله" صاحب كتاب الإحاطة. كما حققت شميدتكه، في ما يخص زيدية اليمن، نص الرصاص صاحب كتاب التحصيل عن البشارات بالنبي عليه السلام، ونصوص ابنه أحمد الرصاص وبعض تلامذته. وحققت زابين شميدتكه الرسالة الهادية لعبد السلام المهتدي المحمدي. وحققت الباحثتان معا رسالة طاش كبرى زاده "رسالة في الرد على اليهود". وحققت شميدتكه رسالة "إلزام اليهود في ما زعموا في التوراة من قبل علم الكلام" للسلام عبدالعلام. ولم تقتصر الباحثتان على ذلك، بل نقلتا الكثير من هذه النصوص إلى اللسان الإنجليزي... هذا فضلا عن نصوص مشتتة أعيد تجميعها ونشرها في هذا الكتاب.
وختاما.. هذا كتاب مهم من حيث التجميع -كتاب جامع- وتكسير التقليد -كتاب مُفَكِّكٌ. ولَئِنْ كان لهذا الكتاب ما يمكن أن يعاب به، فإنما هو، بالأولى، التكرار الذي اعتراه بحكم كونه عبارة عن تجميع لمقالات منبثة في ثنايا مؤلفات، لكنه مقابل ذلك قام بتحيين الببليوغرافيا، وهو ما يشفع له الشفاعة أكبرها.
-----------------
- الكتاب: "مدارك المسلمين للتوراة وأنماط تلقيهم لها".
- المؤلفتان: كاميلا أدانج وزابين شميدتكه.
- الناشر: لوكوود بريس، أتلنتا، جورجيا، 2019م.
