الشرع الإسلامي والقانون الدولي «الحل السلمي للنزاعات»

Picture1.png

إيميليا جيستينا باول

محمد الشيخ

ثمَّة سمة يرى بعض أصحاب التأويليات أنها لا بد من أن تتوافر في ذهنية الباحث إزاء الموضوع الذي يُقبل على دراسته ـ هي سمة "التعاطف". هي سمة لا تعني، بأيِّ حال من الأحوال، معنى "التحيز"، وإنما تفيد، بالأولى، معنى "الشغف بالموضوع". أَوَ لم يتقدم لهيجل أن قال: "لا شيء عظيم يُمكن أن ينجز من غير ما شغف"؟ والحق أنَّ هذا "الشغف" ما كان هو ما نقص الباحثة باول وهي تقبل على موضوع دراستها ـ الشرع الإسلامي والقانون الدولي (2020).

تذكر الباحثة ـ في صفحة تشكراتها ـ أنها شغلت نفسها، بل شغفتها، بالتفكير في العلاقة بين "التقليد الشرعي الإسلامي" و"القانون الدولي" منذ أمد، وأنَّ وجهة نظرها تأثرت تأثرا عميقا بالمحادثات التي دارت بينها وبين زملاء لها وأصدقاء وأفراد من أسرتها وصانعي القرار وممارسي الشرع تذكر منهم ما ينيف عن العشرين. لكن ما يسترعي الاهتمام أنَّها تشكر أسرتها البولندية ـ زوجا وأبا وأما وجدة ـ على تشجيعهم لها للمُضي في البحث ومرافقة الوالد لها في أسفارها إلى بلدان الشرق الأوسط وصبره على حضور إجرائها مُقابلات مع من تسميهم صناع القرار والسياسة والباحثين في التقليد الشرعي الإسلامي ... وتشير بهذا الصدد إلى أنَّها تنبهت، من خلال لقاءاتها العديدة مع الممارسين للشرع ودارسيه وصناع السياسة الدولية في العالم الإسلامي، إلى كيف أنَّهم يشتكون من أن "الشرع" أسيء فهمه من لدن المُجتمع الدولي، وما من مسلم حاورته إلا وألحَّ على أهمية أن يُفهم "الشرع" حق فهمه على المستوى الدولي. وكلهم طرحوا مشكلة الفارق بين حقيقة الشرع في نفسه وكيف يُدركه المجتمع الدولي. وكان هذا من أوكد الواجبات التي حضتها على تأليف هذا الكتاب.

زاوجت المؤلفة بين مقاربتين لموضوعها: المقاربة الكمية والمقاربة الكيفية. عادت إلى دراسة البنيات القانونية لحوالي ثلاثين دولة إسلامية من عام 1945 إلى عام 2012. وأحصت كل خصائص تلك البنيات المتغيرة، واستقصت التعالق بين "القانون الدنيوي" و"القانون الديني" فيها. ولربما يكون هذا الكتاب أول "جامع" ضم كل هذه المعارف ومضى إلى ما هو أعمق من جرد السمات المميزة. كما أنها درست حوالي 172 دستورًا وأهم بنوده عبر الزمان والمكان في هذه الدول الثلاثين، واعية بمحدودية المقاربة الكمية الإحصائية، تائقة إلى ما هو أعمق منها. ولذلك أرادت لمُقاربتها أن تكون مقاربة بينية: بين ما تسميه "المعرفة المجردة" وما تدعوه "المعلومة الإحصائية"، ولذلك عادة ما أكملت المعلومة بالمقابلة والمعارف باللقاءات.

تعتقد المؤلفة، حسب ما أتاح له اطلاعها الواسع، أن هذا الكتاب هو أول عمل يفحص فحصًا اختباريًا ما إذا كانت أوجه التآلف وأوجه التخالف بين "القانون الدولي" و"الشرع الإسلامي" تهم في أمر تشكيل مواقف "دول الشرع" نحو هيئات تدبير النزاع دولياً. وترى أنه على مستوى دراسات العلاقات الدولية، ثمة نقص شديد في الدراسات الاختبارية التي تركز على رؤية الوسط الإسلامي لهيئات تدبير النزاع؛ فضلاً عن طغيان الجانب النظري، وليس الاختباري، على هذه الدراسات إِنْ وُجدت، وهي دراسات وصفية أو معيارية، يغيب عنها سؤالان: سؤال الكيفية (كيف؟) وسؤال اللمية (لِمَ؟). ولهذا تستعيد هذا المفقود في الدراسات لكي تطرح في كتابها هذا سؤالي: "كيف" يؤثر تنوع وتفاوت حضور الشرع الإسلامي، في أنظمة "دول الشرع" القانونية، على رؤى هذه الدول لهيئات تدبير فض النزاع؟ و"لِمَ" يؤثر هذا الأمر، يا ترى؟

إشكالات الكتاب الأساسية

تشير المؤلفة، بدءا، إلى واقعة: وجود تسعة وعشرين دولة اليوم في العالم تستلهم قوانينها بهذا القدر أو ذاك من الشرع الإسلامي، وذلك سواء تعلق الأمر بقانون الأحوال الشخصية أو بالقانون المدني أو بالقانون التجاري أو بالقانون الجنائي. كما يشكل المسلمون أزيد من نصف سكانها (900 مليون نسمة)، ويشكلون في مواطنهم (900 مليون نسمة) وفي مظاعنهم (700 مليون نسمة) ربع سكان العالم (إحصاءات 2015). ثم تطرح، من وجهة نظر عملية وليس متعالِمة، الإشكالات التي يعالجها الكتاب: كيف تنظر هذه الدول إلى "القانون الدولي" وإلى هيئات حل النزاعات الدولية وإحلال السلام العالمي؟ هل تتجنب "دول الشرع" هذه اللجوء إلى المحاكم الدولية؟ وهل التقليد الشرعي الإسلامي لا يتوافق مبدئياً مع القانون الدولي؟ وكيف يمكن فهم وتحديد العلاقة بين الوسط الإسلامي والقانون الدولي في ما يخص سياق الحل السلمي للنزاعات؟

تقر الباحثة، بداية، أنه لا يوجد جواب موحد لدى هذه الدول على هذه الإشكالات، وأنها تختلف فيما بينها على هذا الصعيد، بل إنه حتى في ما بينها البين توجد خلافات في أمر اللجوء في حل نزاعاتها الثنائية إلى القانون الدولي؛ إذ يفضل بعضها المفاوضات الثنائية والوساطة الإقليمية، بينما يؤثر الآخر اللجوء إلى هيئات التحكيم الدولية. وهذا يلجئ الباحثة إلى الدفع بإشكالها قدماً بطرح سؤال "لماذا": ترى، لماذا تُقبل دول من هذه الطائفة من البداية على المحاكم الدولية بينما تتحاشاها أخرى؟ وهل يمكن الوصول إلى "أنموذج" عام ينطبق على سلوكيات كل هذه الدول بهذا الشأن؟

تقر الباحثة بأنَّ النظر في هذا الأمر أدى بالعديد من الباحثين الغربيين إلى إقامة تضاد بين "التقليد الشرعي الإسلامي" و"القانون الدولي"؛ بحيث وضعوا هذه الدول في خانة واحدة على أنها دول إسلامية على نفس الدرجة. والحال أن هذه المثنوية الحادة هي ما تهدف المؤلفة إلى مراجعته: يزعم هؤلاء أن ثمَّة، من جهة، "الشرع" الذي يتضمن فهما مميزاً لمعنى تدبير الحكم ـ ما أصله، وكيف ينبغي أن يكون ـ والذي هو، عند المسلمين، إرادة الرب الكاملة؛ علما بأنَّه لا يصدر عن كامل (الله) سوى كامل (الحكم أو التحكيم). وثمة، من جهة أخرى، "القانون الدولي الحديث" الذي هو، وعلى الرغم من ارتباطه التاريخي بالفكر الشرعي المسيحي، قانون دنيوي يسعى إلى توفير حلول عادلة ودنيا داخل إطار عقلاني دنيوي. وبناء عليه، تم تقديم صورة اختزالية: صُوِّرَ الغرب على أنه المؤيد الأساسي للقانون الدولي، وصُوِّرَت "دول الشرع" على أنها خطر على الدنيوية وعلى العقل القانوني. وقد وُضعت هذه الدول في كفة واحدة كما لو ما كانت هي توجد بينها بينونة، وإنما يجمعها العداء للقانون الدولي؛ ولا سيما اتجاه المحاكم الدولية. ولذلك سرعان ما يتفاجأ هؤلاء تفاجؤ "ارتيابية" و"كلبية" كلما لجأت "دولة شرع" إلى المحاكم الدولية؛ مع أن بعض "دول الشرع" تلجأ إلى المحاكم الدولية أكثر مما تفعله الصين وروسيا والأرجنتين وبولندا!

تهدف المؤلفة إلى مراجعة مثل هذه الأحكام. فلا تنظر النظرة الثنائية المانوية، وإنما تنظر إلى النظام الشرعي الإسلامي، كما يمارس على أرض الواقع، على أنه يقوم على "المزج" بين القوانين الدنيوية والدينية. وهذا هو ما يشكل رؤى هذه الدول في تدبير النزاعات الدولية؛ بما يجعل مسألة ما إذا كان "الشرع الإسلامي" يتوافق مع "القانون الدولي"، وما إذا كانت هذه العلاقة لدى كل الدول مستقرة "مسألة مفتوحة". علما أن الشعارات الداعية إلى دولة الشريعة شيء، والممارسات الواقعية شيء آخر. وأن الشريعة من حيث هي "قانون رسمي" هي غير الشريعة من حيث هي "رمز".

وفي إطار هذه النظرية الاختبارية الواقعية، ترى المؤلفة أن عالم اليوم يشهد على أن من أهداف المجتمع الدولي الحل السلمي للنزاعات. ولهذا ثمة حاجة للدول غير الإسلامية إلى التعاون مع "دول الشرع" في مروحة واسعة من المعضلات الدولية: من التجارة إلى مسائل النزاع والسلام. وبغاية أن يكون الحوار بين الثقافتين مثمرا، يحتاج الأمر إلى فهم عميق للشرع الإسلامي ـ بما في ذلك تنوعه وتطوره ـ وأكثر من هذا، ينبغي فهم وتفهم هذا "المزج" القائم داخل أنظمة "دول الشرع" القانونية بين القوانين الدنيوية والقوانين الدينية. وأطروحة المؤلفة بهذا الصدد أن طبيعة التوازن بين هذين القانونين هي ما يفسر تفضيلاتها لطرائق تدبير النزاع الدولي.

وبغاية تسويغ أطروحتها، تدافع المؤلفة عن فكرة أن التقليد الشرعي الإسلامي ما كان مبدئياً في تناقض جوهري مع القانون الدولي، حتى وإن أقام الباحثون تعارضا مصطنعا بينهما، وإنما الضد هو الصحيح: كلا النظامين ـ في ديناميته الداخلية وفي تطوره ـ يتقاسم مع الآخر نقط ائتلاف أكثر مما يصوره الباحثون. ثمة ثلاث نقط ائتلاف: أ ـ القانون هو ما أنشأه فقهاء القانون. ب ـ حضور العرف. ج ـ الإيمان بضرورة حكم القانون. وثمة ثلاث نقط اختلاف: أ ـ الصلة بين القانون والدين. ب ـ مصادر التشريع. ج ـ الرموز الدينية في قاعة المحاكم. وترسم الباحثة خطوط التماس بين النظامين بالتعايش بلا تنازع، وتجد أنه يوجد من ألوان الائتلاف بين النظامين أكثر مما يوجد من ألوان الاختلاف؛ فضلا عن أن كلاهما متطور، وهو تطور يسير نحو مزيد من التلاقي، بينما التركيز على نقط الاختلاف أمر مظلل. كما تدعو، بالمقابل، إلى انفتاح أكبر للقانون الدولي بحيث يستدمج الرؤى غير الغربية ـ الإسلامية هنا ـ في إطار بعدها المقارن، سعيا إلى مزيد من الانسجام الدولي.

مقدمات أطروحة المؤلفة:

نظرية الحل الإسلامي للنزاعات

كيف تنظر "دول الشرع" إلى طرائق تدبير النزاع؟ هي ذي المسألة النواتية في هذا الكتاب. والجواب: لا توجد نظرة واحدة. فالأمر حسب طبيعة النظام القانوني لكل دولة دولة: كيف تنتظم الصلة بين القوانين المدنية والشرائع الدينية في أنظمة هذه الدول القانونية. وهذا يعني أنه ما كانت هذه الدول "إسلامية" على نفس الجديلة. ثمة طرائق في الإسلام قدد. ولئن كان القدماء قالوا: الطرائق إلى الله بعدد أنفس الخلائق، فإن لسان حال المؤلفة يقول: الطرائق إلى الإسلام بعدد دول الشرائع. ومختلف طرائق تعالق القوانين الدينية بالمدنية هو ما يجعل مواقف هذه الدول من التحكيم الدولي لحل النزاعات تتباين.

تنوع شرائع "دول الشرع"

ما من "دولة شرع" إلا وشأنها أن تتبنى صلة فريدة بين القوانين الدنيوية والشرائع الدينية في تدبير أمورها الداخلية. هذا فضلا عن إرثها الشرعي المختلف في ما بينها البين: شيعة (جعفرية وإسماعيلية وزيدية) وسنة (حنفية ومالكية وشافعية وحنبلية)، فضلا عن إباضية. وثمة تفاوت بين هذه الدول في مدى استدماج الشرع ـ بمختلف تأويلاته ـ في مروحة واسعة: من مجرد "رمز" إلى "تطبيق" شامل أو شبه شامل حد جعلها من الشريعة دستورها (السعودية، إيران). ولا وجود لشريعة إسلامية بل شرائع. وهي تتعلق كلها بطريقة تأويلها ومزجها في نظام قانوني داخلي واحد. إنما الشريعة نظام قانوني حي متطور قابل لأفهام عدة ويمكنه أن يندمج ـ إلى حد معين ـ في البنى الحديثة لإيالة الدولة، وما كانت هي تقليدا يجمد على المسطور، وشريعة الماضي غير شريعة الحاضر.

بناء على هاتين المقدمتين، تعيد المؤلفة صياغة إشكالات الكتاب البدئية الصياغة الأدق: ترى، هل يؤثر ميزان التوازن بين القانون الدنيوي والقانون الديني، ضمن قوانين دول الشرع، على تفضيلات هذه الدول لهيئات حل سلمي للنزاع بخاصة؟ وما العوامل التي يمكن أن تفسر أن بعض هذه الدول تختار طرائق حل سلمي تمتح من القانون الدولي شأن المحاكم الدولية ومحاكم التحكيم، بينما تفضل أخرى الوساطة والصلح؟ وهل يمكن أن نشدد على الفوارق بين "الشرع الإسلامي" و"القانون الدولي" باعتبارها قادرة على عزل الوسط الإسلامي عن القانون الدولي ومؤسساته، أم بالضد يمكن التخفيف من تلك التباينات؟

أطروحة الكتاب مجملة

ثمة ظل من عدم اليقين يرافق كل لجوء إلى طرف ثالث للتحكيم بين متنازعين. والأمر أولى بالانطباق على "دول الشرع"؛ لا سيما وأنها لم تساهم في إنشاء القانون الدولي ومؤسساته؛ ومن ثمة لا حظ لها في أن تدمج عناصر من الشرع الإسلامي في تدبير النزاع دوليا. ويلعب انعدام اليقين هذا دورا كبيرا في توجيه اختيار دول الشرع بين الإمكانات المتاحة لحل النزاعات. وإذا ما عدنا إلى التقليد الشرعي الإسلامي في تدبير النزاع، نجد أنه يقوم على أربع سمات: أ ـ منطق عدل موحد لا ازدواجية فيه ولا تعددية. ب ـ حل النزاع من غير مواجهة أو مجابهة. ج ـ الاندماج/الالتزام الجماعي في إطار طرف ثالث لحل النزاع بين طرفين. د ـ استدماج مبادئ الشرع الأساسية في عملية حل النزاعات. وبدل المقاربة المؤسسية لحل النزاع على الطريقة الغربية، يلجأ التقليد الشرعي الإسلامي إلى الصلح وإلى الحوار بين المتنازعين. فيتم بذلك حل النزاع وديا ـ على نحو أعدل شرعا وأسمى خلقا ـ من غير لجوء إلى رسميات المؤسسات مثل المحاكم. لكن، من بعض مفارقات هذا الأنموذج أنه يعين خيارات دول الشرع، لكنه في الوقت نفسه يرفع من درجة الريبة والتوجس الذين تواجهانها في حل النزاع. على أن حضور هذا الأنموذج الشرعي في تدبير الخلاف على المستوى الدولي لا يحظى بنفس الأهمية لدى كل "دول الشرع". وما تذهب إليه المؤلفة بهذا الصدد هو أن "دول الشرع" التي أنظمتها القانونية الداخلية عالية المنسوب الشرعي هي التي تؤيد أكثر الاحتكام إلى آليات الشرع التقليدية في نزاعاتها الدولية. ولذلك تنجذب بالتلقاء إلى الوساطة والصلح، لكن "دول الشرع"، التي تتضمن أنظمتها القانونية الداخلية منسوبا أقوى من القوانين المدنية، تُقبل، بالضد، على مؤسسات التحكيم الدولية؛ بحيث تشكل القوانين المدنية قنطرة طبيعية إلى المحاكم الدولية ومحاكم التحكيم. وبالجملة، لا يوجد أنموذج عام يحدد خيارات الوسط الإسلامي لطرائق دولية لتدبير النزاع؛ إذ ينجذب مختلف "دول الشرع"، كل حسب خياره، إلى مختلف طرق حل النزاعات الدولية. والباعث الحاسم هنا هو مدى التوازن بين القوانين الدنيوية والقوانين الدينية داخل النظام القانوني الذي تتبناه هذه الدول.

أمران قد يثيران النظر في هذا الكتاب: أولهما؛ تنبيه المؤلفة إلى أصول "القانون/الفقه الدولي الإسلامي" في ما كان يدعوه القدماء، في لفظ كاد أن يبيت اليوم نسيا منسيا، "السير". ومن هنا أهمية نشر كتاب السير الكبير لمحمد بن الحسن الشيباني (131 ه ـ 189) الذي يمكن أن يعد بحق من أقدم نصوص الفقه الدولي الإسلامي. وثانيهما؛ أن نحت مصطلح "دول الشرع"، تفاديا لمصطلح "الدول الإسلامية"، قد يثير من الإشكالات أكثر مما يحلها.

--------------------------------------------------
عنوان الكتب : الشرع الإسلامي والقانون الدولي
اسم المؤلفة : إيميليا جوستينا باول
تاريخ النشر : 2020
دار النشر : مطابع جامعة أوكسفورد

أخبار ذات صلة