صغارٌ يصعب السيطرة عليهم وآباءٌ لا يكظمون الغيظ

Picture1.png

للكورية أوه إنْ يونغ

د. محمود عبد الغفار

مدرس الأدب الحديث والمقارن

كلية الآداب- جامعة القاهرة

يتناول هذا الكتاب أمورًا بالغة الحساسية تتعلق بالأطفال الذين يصعب السيطرة عليهم، والآباء والأمهات الذين يحتاجون إلى معرفة كيف يتحكمون في انفعالاتهم تجاه أولئك الأطفال، وذلك في سياق اجتماعي داخل كوريا الجنوبية يحث على ضرورة التعرف- بشكل علمي ممنهج- على الدوافع أو الأسباب وراء قيام البالغين ببعض التصرفات غير السوية التي قد تستوجب أحيانًا العقاب القانوني لأنها تندرج في مصاف الجرائم. تعود المؤلفة إلى الوراء، فتتوقف عند أدق التفاصيل المتعلقة بتنشئة أولئك الصغار، وتُخضِعُ آباءهم وأمهاتهم للفحص النفسي؛ لأنهم مسؤولون بالدرجة الأولى عن كل ما يكوّن شخصية هؤلاء الصغار مستقبلاً. ولذا فقد قدمت العديد من الأمثلة الحيّة على كيفية التواصل الصحي السليم بين الآباء والأمهات والصغار؛ مركزة على كيفية إدراك الوالدين ضرورة كبح جماح غضبهم وكظم غيظهم عندما يقوم أطفالهم بسلوك غير طيب، فينطقون على الفور بعبارات غاضبة تجاههم، مما يزيد الأمر تعقيدًا في الوقت الذي يظنون فيه أن الصراخ والأصوات العالية والكلمات القاسية قد أنهت المشكلة. في هذا السياق على هؤلاء الآباء والأمهات أن يولوا اهتمامًا خاصًّا بكل إشارة تصدر عن صغارهم تتعلق بالإحساس بعدم الراحة أو القلق أو الخوف ولو تجاه أشياء تبدو بسيطة.

المؤلفة هي الدكتورة "أوه إنْ يونغ" وهي طبيبة نفسية واستشارية في العديد من البرامج الإعلامية في كوريا الجنوبية مثل: "لقد أصبح أطفالنا مختلفين" و" آباء وأمهات لستين دقيقة". وفيما يبدو أنّها قد نالت ثقة متابعي تلك البرامج فغدت مقولاتها وكتاباتها مرجعًا مهمًا وأساسيًّا يثق فيه الآباء والأمهات الكوريون. الدكتورة "أوه إنْ يونغ" خريجة جامعة "يون سيه" وفيها حصلت على درجة الماجستير، ثم حصلت على درجة الدكتوراه في جامعة "كوريا". ومن أهم مؤلفاتها في سياق تربية الصغار: " أم قلقة وأب غير مختلف"، و" توتر الأطفال"، و" الأم التي تريد أن تعلّم طفلها وتلاعبه"، و" إلى الآباء والأمهات الذين يحسون بصعوبة مع صغارهم"، و" إلى أولئك الذين يمرون بأيام عصيبة". وهي الآن أستاذة بجامعة "يون سيه" ولها عيادة نفسية شهيرة.

يضم الكتاب أربعة أقسام أو أبواب ينقسم كل منها إلى عدد من الفصول تأتي بعد افتتاحية تدخل بشكل علمي في صميم المشكلة بطرح هذا السؤال: "هل معظم الناس هذه الأيام يتشككون في قدرتهم على ضبط أنفسهم عند الإحساس بالغضب؟" ومن خلال دراسات حيّة استعرضتها المؤلفة خرجت بنتيجة فحواها أن معظم الذين خضعوا للدراسة- وهي كذلك مثلهم- يفقدون القدرة على كظم الغيظ والاحتفاظ بهدوئهم تجاه الأمور الحساسة ولو كانت في حقيقة الأمر بسيطة، وهو أمر يمكن وصفه بالأنانية التي تؤدي لنشر طاقة سلبية تؤثر في كل أطراف الموقف وبخاصة الصغار. الخطورة هنا- طبقًا لدراسات علمية لجمعية الصحة النفسية- أن خمسين بالمائة من البالغين في كوريا يعانون من مشاكل متعلقة بكيفية كبح جماح الغضب، وأنّ عشرة بالمائة من بينهم فحسب قد تلقوا مساعدة نفسية ناجعة وسليمة. وبالتالي فالأمر يستحق أن يوصف بالخطورة لأنه يمثل ظاهرة اجتماعية، ومن هنا أيضًا تأتي أهمية الكتاب للآباء والأمهات والبالغين من الجنسين ولقطاعات عريضة أخرى من القراء بشكل عام. وفي ختام ذلك التمهيد تضع المؤلفة ثلاثة أمور أساسية على الجميع ألا ينسوها، بل وتختم بها الكتاب أيضًا:

- ليس من حق أحد، حتى الآباء والأمهات، أنْ يضرب طفلاً أو يؤذيه بدنيًّا.

 - ليس من حق أحد أن يصب جام غضبه على الآخرين.

- الآخرون لهم أيضًا حقوق مثلنا علينا ألا نغفل عنها ونحن نركز على حقوقنا.

يأتي الباب الأول تحت عنوان "هل تلفظت بعبارات غاضبة أمام صغارك اليوم أيضًا؟" ويتناول الفصل الأول منه بعض النقاط مثل: التربية حقًا صعبة، والآباء والأمهات الغاضبون اليوم. فقدان الاتزان والتركيز على الذات، ثم تكرار الأمر لعدة مرات. لماذا تعد تنشئة الصغار بالغة الصعوبة؟ في الفصل الثاني بعنوان " القوى المدمرة التي لا حدود لها! فالغضب المفاجئ يخرّب التربية"، تتناول المؤلفة بعض العناصر مثل: عبارات الغضب تزعج تطور المشاعر عند الصغار. تلك العبارات تفسد العلاقة بين الوالدين وصغارهم، كما أنها تقلل فرص التغلب على المشكلات. الانتظار والاحترام أمران بالغا الأهمية بخصوص التربية، لكن مع الأسف ما تنجزه جهود التربية تضيعه عبارات الغضب. أما الفصل الثالث فيغطي النقاط التالية: لماذا من الصعب القيام بالأمور التي نعلم يقينًا أنه علينا القيام بها؟ المجتمع الذي يدفع الناس نحو التلفظ بعبارات الغضب. الصغار الذين يحسون بالحزن في حاجة ماسة لمشاعر المقربين. هذا الأمر في غاية الأهمية والخطورة لأن تأثيراته تظهر في مراحل عمرية متأخرة. فالأمهات اللائي لم يلقين رعاية كافية ولم يشعرن بدفء مشاعر الوالدين يفتقدن إلى القدرة على منح الحب الكافي لصغارهن مستقبلاً لأن مشاكلهن في مرحلة الطفولة ما زالت عالقة داخلهن لم تُحلّ، وهذه النقطة تحديدًا هي التي تختم بها المؤلفة كتابها المهم. أمّا النقطة الأخيرة بهذا الفصل فهي" لماذا أتلفظ بعبارات الغضب تجاه أولادي بشكل خاص؟"

يأتي الباب الثاني بعنوان " نحو طريقة للتعامل مع الطفل الذي يصعب السيطرة عليه". الفصل الأول من هذا الباب بعنوان " لماذا يفتقدون إلى الصبر؟"، وتتناول المؤلفة خلاله ما يلي: لماذا صغاري ليسوا صبورين؟ قل لهم "انتظروا" ثم انتظر لأجلهم أنت أيضًا. صغار هذه الأيام لديهم مساحات محدودة من المشاعر. إكراههم على الطاعة سيفجر مشاعر الحنق داخلهم يومًا ما. الفصل الثاني بعنوان "يصرون على طريقتهم الخاصة ولا يستمعون للآخرين". ويتضمّن العناصر التالية: ما يريد أن يسمعه الآباء من أبنائهم في مقابل ما بداخل أبنائهم بالفعل. ما نحتاجه الآن هو وضع حدود للأشياء. لماذا تستمع إليّ بطريقةٍ سيئة؟ أنت تخسر حتمًا عندما تتعامل مع غضب الصغار المفاجئ بالمثل. الفصل الثالث عنوانه " ادفع، اضرب، ارمِ، ابصق: عندما يتصرف الصغار بعدوانية!" ويغطي هذا الفصل ما يلي: هناك غضب مكتوم في قاع التصرف العدواني. ستشعر بالسوء لو أنك فكرت على هذا النحو. عندما لا يرغب الصغار في القيام بعملٍ ما، قل لهم "لا". الطفل العدواني هو طفل غاضب. ويأتي الفصل الرابع بعنوان "عندما لا يستمعون إلى كلامك في الأماكن العامة، وبغض النظر عن انتباه الآخرين أو رؤيتهم لكم". ويغطي النقاط الآتية: إحساس الوالدين بالخزي جراء عدم القدرة على السيطرة على صغارهم. عليك أن تعرفهم بما لا ينبغي عليهم القيام به في أماكن معينة، ثم امنحهم الفرصة ليروا ويتعلموا. مع اهتمامك الشديد بردود أفعال جيرانك عليك أن تهتم كذلك بالقواعد التي تتواصل بها داخل منزلك وتسير بها كافة الأمور فيه. طفلي له وجهان أو شخصيتان؛ وجه داخل البيت مختلف تمامًا عن وجهه خارج البيت. الصراخ في وجوه الصغار بالأماكن العامة يجرح مشاعرهم. الفصل الخامس تحت عنوان " الصغار يعقبون على كلمات الوالدين باستمرار". ويدور حول ما يلي: تعقيب الصغار على كلام الوالدين له مردوده النفسي غير الطيب على الوالدين بكل تأكيد. شجعوهم على التحدث والتعبير عن مشاعرهم. هذه ضرورة أساسية لأجل شخصيتهم. أي تعقيب في حاجة إلى أن يُسمع. هذه ليست المشكلة. المشكلة هي؛ وماذا بعد؟ لماذا يعقب صغاري على كلامي أنا فحسب؟ أما الفصل الأخير فعنوانه "الكثير من الأساليب غير المجدية"، ويغطي العناصر الآتية: "إذلال الصغار ينم عن عدم نضج الوالدين. معرفة السبب كفيلة بتوجيه الصغير نحو التوقف عن هذا الفعل أو ذاك. عادة هناك ثلاث قصص داخل الطفل الذي يصعب السيطرة على غضبه. على الوالدين أن يهتموا أولاً بما يفكر فيه طفلهم لا برد فعل الآخرين. أربع طرق ذهبية لتهدئة ثورة الطفل الغاضب. كيف تبدو ملامح الأدب عندما تصب الأم جام غضبها على الابن؟

الباب الثالث من الكتاب تحت عنوان "البحث عن حلول للمواقف التي يحس فيها الناس بغضب مفاجئ". ويتضمن ستة فصول، جاء الأول منها بعنوان "عندما تكون الأم منشغلة أو مشغولة يتصرف الأطفال بتكاسل. ويغطي عددًا من النقاط: لماذا يقوم الصغار بهذه الأمور على نحو أسرع؟ الصغار في غاية البساطة، ولذا فهم يحتاجون إلى أن نفكر نحوهم ببساطة ونعاملهم ببساطة. لا يتعلق الأمر، بالنسبة للأب، باتخاذ جانب الأم للتخفيف عنها، وإنما يتعلق بتهذيب مشاعر صغارهم وتنميتها في الاتجاه الصحيح. عن الوالدين غير الصبورين. لماذا لا نتحمل صغارنا عندما لا ينجزون الأشياء بسرعة؟ ثم يأتي الفصل الثاني بعنوان "عندما لا يأكلون ولا يشربون: تكون تهدئتهم غير مجدية!" ويدور الفصل حول: استثارة الوالدين بجعلهم يشعرون بالذنب. التناغم سبيل مهم لأجل أن تعيش لأولادك. قد تؤدي رغبتك المبالغ فيها تغذية أولادك إلى إفساد شخصياتهم. في مثل تلك الحالات؛ أنتم، كآباء وأمهات، المشكلة لأولادكم. الفصل الثالث بعنوان "ليس هناك ما يُحبُّ"، ويدور حول: أول فحص لمستوى الوالدين من حيث قدرتهم على رعاية صغارهم. الآباء والأمهات ممن لديهم توقعات مبالغ فيها؛ غالبًا ما يكونون قد عانوا طفولة صعبة. لأجل مَن تتصرف بحكمة وذكاء؟ عندما يتصرفون بذكاء يمكنك ساعتها أن ترشدهم إلى الطريق. الفصل الرابع بعنوان " عندما تعلمون صغاركم فأنتم تعثرون على الإجابات". ويتناول هذا الفصل: عندما تفرض نظامًا على صغارك فقد تغضب ومن ثم تكون عنيفًا عند خرق النظام. نموذج لحب الصغار. كيف تكون أبًا أو أمًّا لطفل في الثالثة؛ من الألف إلى الياء. هناك أسباب محتملة وراء الإخفاق في كونكم آباء وأمهات كما تتمنون. الفصل الخامس بعنوان "لا تناديني فأنا متعب!" ويدور حول: الأسباب وراء تلفظ الآباء بكلمات الغضب وهم مع صغارهم. حالة الأمهات اللاتي لا يعدلن رغبات أولادهن أو يقومنها. ينوح الأطفال طلبًا لمساعدة الوالدين عند إحساسهم بفقدان الثقة في قدرتهم على فعل شيء ما. الصغار يبحثون عن الأم عندما لا يحسون باحترام لذواتهم. أمّا الفصل السادس والأخير من هذا الباب فعنوانه "لماذا يتصرف الأطفال على هذا النحو؟" ويغطي العناصر الآتية: طفلي شديد الذكاء لكنه لا يفعل أي شيء! يغضب الوالدان أثناء تعليم صغارهم في الوقت الذي يتناسى فيه هؤلاء الصغار أنّهم أطفال. أولئك الصغار الذين يتصرفون بمنتهى البطء في حاجة إلى وضع حدود خاصة. كضفدعة؛ عليك أن تفكر في ذلك الوقت عندما كنت فرخ ضفدعٍ صغير!

الباب الرابع والأخير من الكتاب بعنوان " صغيري؛ إن لم تكن تريده أن يكون عدوانيًّا في سن البلوغ!" ويضم هذا الباب أربعة فصول؛ الفصل الأول "الحقائق التي يجب أن يعرفها أولئك الذين يغضبون بسرعة"، ويضم ما يلي: لن يكون أحدٌ آمنًا عندما يغضب الجميع فجأة. ليس للآخرين أي حق في إلقاء مشكلاتهم النفسية التي لم يقوموا بحلها فوق رأسي أنا. احترام الذات والقدرة على إخضاعها للفحص. الفصل الثاني بعنوان "أنا في حاجة للتغيير لأني سريع الغضب". ويتعلق هذا الفصل بالنقاط الآتية: الاعتراف بعدم الإحساس بالأمان وبصعوبة التحكم في الانفعالات أول الطريق الصحيح. دونوا الحقائق العامة في مواقف عدم القدرة على السيطرة على الانفعال. تذكروا العلاقة بينكم وبين بعضكم بعضًا وبينكم وبين أطفالكم. الفرق بين الغضب المفاجئ نحو شخص غريب ونحو أطفالنا يكمن في أهمية صغارنا بالنسبة لنا.  لا تلقِ باللوم على أحد حتى وإن غضب بسرعة. الفصل الثالث بعنوان "الوالدان اللذان لا يظهران غضبهما أمام أطفالهما". ويتعلق هذا الفصل بعدد من النقاط حول ضرورة تأمل المواقف التي تبالغون فيها في لعب دور الأب أو الأم. وأهمية ملاحظة سرعة متابعتكم لصغاركم، وقيمة معرفة الكثير من المعلومات عن صغاركم، فعلى سبيل المثال يجب تخصيص ولو عشر دقائق يوميًّا للتفكير في أحوال أفراد الأسرة وأخيرًا عليكم أن تعلموا الفرق بين "الانتظار" و"القدرة على التحمل". ثم يأتي الفصل الرابع والأخير تحت عنوان "كيف ترفع معدل ضبط النفس عند طفل غير صبور؟" ويتوقف هذا الفصل عند عدد مهم من النقاط مثل؛ الرابطة أو الشعرة الفاصلة بين الحنو المبالغ فيه والقسوة الشديدة، وعند سن الثالثة عليكم أن تعلموا صغاركم النظام والضبط، لا تجعلوا لصغاركم الأهمية الأولى دائمًا، وقصة التعلم الذاتي، وأخيرًا وليس آخرًا، بل إنه أهم الأمور وقبلها جميعًا؛ امنحوا صغاركم القدر الكافي من المحبة.
----------------------------------------------------------------------------------------------

عنوان الكتاب: صغار يصعب السيطرة عليهم وآباء لا يكظمون الغيظ

المؤلف: أوه إن يونغ

عدد صفحات الكتاب: 344 صفحة

اللغة: الكورية

تاريخ النشر: مايو 2016م

دار النشر: كوريا دوت كوم

 

أخبار ذات صلة