د. أحمد الزعبي
تتناول هذه الدراسة الدور الذي تؤديه مراكز الفكر والبحث الإسرائيلية داخل النظام السياسي الإسرائيلي، ومدى قربها من صانع القرار هناك، ومدى تأثيرها في السياسة العامة لإسرائيل. وتركز على حالة معهد السياسة والإستراتيجيا، وهو أحد مراكز الفكر المستقلة الذي تربطه علاقات متشعّبة بدوائر صنع السياسة العامة في إسرائيل وخارجها، وهي علاقات تظهر بوضوح من خلال أعمال "مؤتمر هرتسيليا للأمن القومي" الذي يعقده المعهد سنوياً.
تقسيم الكتاب
يتألف الكتاب من مقدمة وثلاثة فصول.
الفصل الأول حمل عنوان "دور مراكز الفكر في التأثير في عملية صنع السياسات بإسرائيل". وينقسم إلى ثلاثة مباحث: يتحدث المبحث الأول عن السياق المُجتمعي لمراكز الفكر في إسرائيل، ويتناول المبحث الثاني خريطة مراكز الفكر الإسرائيلية واهتماماتها، ويناقش المبحث الثالث: تأثير مراكز الفكر في عملية صناعة القرار الإسرائيلية.
الفصل الثاني حمل عنوان "معهد السياسة والإستراتيجة: نشأته، ودوره وتطوره"، وهو يتصدّى لنشأة معهد السياسة والإستراتيجيّة وتطوّره في التأثير في عملية صنع السياسات في إسرائيل، وينقسم بدوره إلى ثلاثة مباحث: الأول يتناول نشأة المعهد كمركز فكر داخل النظام السياسي الإسرائيلي وأجندته، وذلك عبر الحديث عن نشأته وموارده وأجندته البحثيّة والقوى البشرية العاملة به؛ والثاني يتناول مؤتمر هرتسيليا وصناعة القرار بإسرائيل. أمّا الثالث فيتحدّث عن سيناريوهات مستقبل الشرق الأوسط وفقاً لرؤية المعهد.
الفصل الثالث بعنوان "مقارنة بين رؤية المعهد والسياسات الحكومية"، ويتطرّق إلى معاداة الساميّة الجديدة، إضافة إلى مبحثين رئيسيين: الأول يتحدث عن رؤية المعهد لظاهرة معاداة السامية الجديدة من خلال مناقشة المفهوم والمظاهر التي يقرها المعهد كمؤشر على معاداة السامية الجديدة والاستراتيجية التي وضعها لمواجهة القضية؛ أمّا الثاني فيناقش السياسات التي تبنتها الحكومة خلال حربها من يطلق عليهم معادو السامية الجدد، وذلك عبر دراسة برامج الحكومات المتعاقبة وأبرز القرارات المتخذة في هذا الصدد.
الفصل الأول: دور مراكز الفكر في التأثير في عملية صنع السياسات بإسرائيل
ذكر رئيس الدولة الإسرائيلية شيمون بيريز في معرض وصفه ركائز المستقبل التي تعتمد عليها إسرائيل في كتابه "الشرق الأوسط الجديد" أن "القوة في العقود القادمة في الجامعات وليس في الثكنات". وعبّر بيريز بقوله هذا عن مدى اهتمام القيادة بالبحث العلمي، فهو الركيزة التي تعتمد عليها إسرائيل لاستكمال مخططها الاستيطاني.
ومن ثم تنتقل إلى الإطار المجتمعي لمراكز الفكر، وتشير إلى أنّ الثقافة السياسيّة السائدة هي الفكر الصهيوني الذي تقوم عليه الدولة الإسرائيلية، والإيمان بمبادئ هذه الحركة القوميّة اليهوديّة التي تهدف لعودة اليهود إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو كما يزعمون أرض ووطن أجدادهم. فهذا المذهب الفكري هو مخطط استعماري استيطاني عبر الاعتماد على جلب المزيد من المهاجرين اليهود، استيلاء على أراضي السكان الأصليين، تهويد السوق كقاعدة اقتصادية، نشر وتعميق الأيديولوجيا الصهيونية بين المستوطنين.
وقد ربط المُفكِّرون الأوروبيون في القرن 19 بين المسألة اليهودية والمسألة الشرقيّة، واهتدوا إلى أنّه يمكن حل المسألة اليهوديّة عن طريق توظيفها في حل المسألة الشرقيّة، بطريقة تخدم مصالح العالم الغربي، ذلك بنقل الفائض البشري الوظيفي إلى الشرق ليتحوّل إلى جماعة وطنية استيطانيّة، للتخلّص من اليهود وما يسببونه من مشكلات في الدول الغربية (ص25).
وتتحدّث الكاتبة عن خصوصيّة الشخصيّة الإسرائيلية، فعلى الرغم من أنّ اليهود حاملي الجنسية الإسرائيلية قادمون من دول العالم المختلفة ولكن ظروف المعيشة في إسرائيل قبل هجرتهم إليها ساهمت في خلق عدد من السمات المشتركة حيث تتسم الشخصيّة الإسرائيليّة بموروثات ثقافيّة تميّزها وتظهر في مكونها الفكري وتترجم في نهجها وسلوكها: فالشخصية الإسرائيلية فردية، ديناميّة، تعتمد في تثبيت مواقفها ومخططاتها الاستيطانية على مركبين أساسيين وهما: المعرفة والقوة.
وتستعرض سمات النظام السياسي، فإسرائيل ذات نظام برلماني يقوم على التعددية الحزبية وينعت بالديمقراطي. ويرتكز على مبدأ الفصل بين سلطاته الثلاث: التشريعية الممثلة بالكنيست، والتنفيذية الممثلة بالحكومة، والقضائية، مع التعاون والتوازن فيما بينها. وليس لدولة إسرائيل دستور مكتوب لعدم اكتمال المشروع الصهيوني بمكونيه الرئيسيين: الحدود الجغرافية والمكون البشري (ص 28).
وتنتقل بعد ذلك إلى مؤسسات صنع القرار:
1- السلطة التشريعية: الكنيست: وقد اشتق من لفظ "هاكنيست هاغدولا" بمعنى المجلس الأكبر الذي كان بمثابة الهيئة التشريعية لليهود في بداية عصر الهيكل الثاني. والكنيست هو المؤسسة المركزية في نظام الحكم الإسرائيلي، إذ تستمد الحكومة قوتها وتمارس مهماتها باسمه وموافقة أعضائه.
ويمارس الكنيست عدة وظائف في صناعة السياسة العامة. وهو يحتاج خلال عملية سن القوانين والتشريعات إلى مزيد من المعلومات والمعرفة حول القضايا محل النقاش.
2- السلطة التنفيذية: يأتي في مقدمها رئيس الحكومة، وتحتل المؤسسة العسكرية دوراً كبيراً نظراً إلى الطبيعة الاستيطانية للدولة الصهيونية الموجودة في محيط معاد ورافض لها. وتتولى الحكومة السلطة التنفيذية وهي مكلفة بإدارة شؤونها الداخلية والخارجية. وتشمل الحكومة والوزراء والجهاز البيروقراطي.
وتتمتع الحكومة بصلاحيات تتعلق في مرحلة صنع السياسات العامة، إذ تستطيع أن تخرج لوائح تنفيذ القوانين والتشريعات التي يسنّها الكنيست.
وتضطلع المؤسسة العسكريّة بدور كبير كإحدى المؤسسات البارزة التابعة للسلطة التنفيذية، ولكنّها أدت ولا تزال دوراً في هذا الصدد فقد كان لها دور رائد في بناء الدولة وتوطيدها.
وترى بعض التحليلات أنّ اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة وفي مقدمه "آيباك" يمكن تصنيفه كإحدى المؤسسات التي تمارس دوراً واضحاً في المنظومة العسكرية في إسرائيل.
ووفقاً لطبيعة النظام البرلماني فإنّ رئيس دولة إسرائيل هو رئيس شرفي، أي يمارس مهمّات شرفيّة ومراسيميّة بالأساس، كافتتاح الجلسة الأولى لدورة الكنيست وتسلم أوراق اعتماد الدبلوماسيين الأجانب وتوقيع المعاهدات التي صادق عليها الكنيست.
وتنتقل الكاتبة بعد ذلك للحديث عن الإطار الاجتماعي، وتلفت إلى معاناة المجتمع اليهودي لآفات اجتماعية نظراً لطبيعته كمجتمع شتات يضم أطيافاً مختلفة من الشعوب من مختلف أنحاء العالم. وتظهر فيه صراعات داخلية كالصراع بين الأشكيناز والسفرديم، والمتدينين والعلمانيين.
وتعاني إسرائيل من مشكلة ديمغرافيّة بسبب تصرف اليهود باستعلاء ونظرة دونية إلى الأغيار والشعوب الأخرى، حيث ينعتونهم بالـ "جويم" والمفرد "جوي" هو اسم مشتق من الكلمة العبرية جفيا وتعني جثة، مقابل مدح ذاتهم باعتبارهم "شعب الله المختار" بل "الشعب الأزلي والأبدي". ومن ثم آمنوا بالنقاء العرقي.
الفصل الثاني: معهد السياسة والاستراتيجية: نشأته ودوره وتطوره
يندرج معهد السياسة والاستراتيجية تحت تصنيف مراكز الفكر المستقلة، ويتبع مؤسسات تعليمية خاصة هي مركز هرتسيليا متعدد التخصصات، ومدرسة لاودر للحكومة والدبلوماسية والاستراتيجية بمركز هرتسيليا. جاءت مبادرة إنشائه عام 2000 من عوزي أراد، المدير السابق لجهاز الاستخبارات الداخلية – الشين بيت- وهو ما يثير بعض التساؤلات حول هوية المركز.
أما بالنسبة للمحاور البحثية، يتناول عدة قضايا متعلقة بالشأن الإسرائيلي ذات أهمية حيوية للدولة يأتي في مقدمتها الأمن القومي والإستراتيجي والسياسة الخارجية والاستخبارات وأوضاع ما أسموه بالشعب اليهودي والاقتصاد والتكنولوجيا والرفاه والسياسة الاجتماعية والتعليم.
ويتناول مسائل تتعلق بالعالم الإسلامي والمحيط الإقليمي بإسرائيل، ويسمى هذا المحور وفقاً للمركز "الشرق الأوسط الكبير": تقييم المخاطر الإقليمية الكلية. وتدور القضايا المندرجة تحت هذا المحور في فلك قضايا الإسلام السياسي ودول الجوار الإقليمي لإسرائيل "دول الشرق الأوسط". وأبرز المشروعات البحثية في هذا الشأن: تقييم القطبية النووية في الشرق الأوسط، وامتداد القوة والتأثير الأمركي في الشرق الأوسط، وبرنامج كوني مؤسسي.
ويهدف المعهد إلى تطوير العلاقات الخارجيّة الإسرائيلية مع دول العالم (ص 84)، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف ينظم المعهد البرامج الآتية: عقد مناقشات مكثفة، وتنظيم تجمع هرتسيليا رفيع المستوى، والعمل مع مراكز الفكر المشهورة عالمياً والمنظّمات الدوليّة ومنتديات النخب، وتشبيك كبار الشخصيات الإسرائيلية ورجال الأعمال والإعلام مع أقرانهم من المنتديات الإقليميّة بأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وممارسة أنشطة دفاعية بإسرائيل والعالم الخارجي.
ويعمل المعهد على وضع منهجيّات جديدة للأمن القومي الداخلي والخارجي (ص85)، ويهدف المعهد إلى تطوير العلاقات الخارجية الإسرائيلية مع دول العالم، ووضع سيناريوهات لدعم مكانة إسرائيل دولياً، وفي سبيل ذلك الهدف ينظم المعهد البرامج الآتية: عقد مناقشات مكثفة حول السياسة الخارجية الإسرائيلية، وتنظيم مؤتمر هرتسيليا رفيع المستوى، والعمل مع مراكز الفكر المشهورة عالمياً والمنظمات الدولية ومنتديات النخب، وتشبيك كبار الشخصيات الإسرائيلية مع أقرانهم من المنتديات الإقليميّة، وممارسة الأنشطة الدفاعية بإسرائيل والعالم الخارجي. فالمركز يهتم بالاستفادة من رؤى وخبرات الشخصيّات البارزة دولياً وعالمياً للمساهمة في صياغة سياسة إسرائيل الخارجية لكن بما يتواقف مع الروابط الدولة الاستيطانية الصهيونية.
وطوّر المركز سلسلة من منهجيات الأمن القومي تسمح بحدوث تقييم متكامل لقضايا الأمن القومي والعلاقات الخارجية لإسرائيل، كتقليل مخاطر تبني استراتيجية دفاعية وسلبياتها وإيجابياتها، والانقلاب مقابل الاحتلال كتحد لمفهوم الأمن القومي الإسرائيلي، وميزانية الأمن والقوى الأمنية، وتمكين وتقوية قوة جيش الدفاع الإسرائيلي، والتحديات الجديدة لمفهوم الأمن القومي الإسرائيلي.
ويرتكز مفهوم الأمن القومي الداخلي لإسرائيل على أربعة محاور رئيسة: الوحدة الوطنية، وتطوير ودعم المنظومة التعليمية والتوظيف وتحقيق نمو اقتصادي، ومحاربة اللامساواة الاقتصادية، والتواصل مع اليهود و"الشتات" خاصة، وخاصة الأجيال الجديدة.
وفيما يتعلّق بأنشطة المركز، فإنّ فريق العمل ينقسم إلى كبار الباحثين، وباحثين مساعدين، إضافة إلى الموظفين الإداريين، فيضم المعهد نخبة من كبار الباحثين الذين تتعدى خبراتهم البحثية 28 عاماً يتخصصون في عدة مجالات بحثية، كمنع الانتشار والردع النووي والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، والشرق الأوسط. ومنهم من قدم مقترح "الشرق الأوسط الكبير"، والإرهاب المضاد وحرب العصابات، والعنف والتطرف السياسي، والإسلام الراديكالي، وجنوب شرق آسيا. ويحمل 57% من كبار الباحثين درجة الدكتوراه، و28% يحملون درجة الماجستير، ويدرس 25% من حملة الدكتوراه دراسات ما بعد الدكتوراه (ص88).
يدير المعهد فريق عمل خدم في المؤسسات الحكومية التي تسهم في عملية صنع السياسة العامة في إسرائيل: الجيش الإسرائيلي، والموساد، والخارجية، والكنيست والسلطة التشريعية، وقطاع الأعمال العام والجامعات الحكومية.
مصادر التمويل
هناك عدة المصادر:
- التمويل التعاقدي من قبل مؤسسات الدولة كمؤسسة الرئاسة،
- تبرعات الأفراد الذين تتعدد جنسياتهم ويلاحظ الجنسية الأمريكية في المقام الأول (32 عضواً) يليها الإسرائيلية (11 عضواً) ثم الإنكليزية تسعة، واحد من أصل عربي، والبولندية 3 أعضاء، الكولومبية عضوان، والبلجيكية والفرنسية عضو واحد.
- التمويل الحكومي حيث يرعى عدة وزارات بشكل دوري وصل عددها إلى 11 وزارة على رأسها وزارة الدفاع والخارجية والتعليم والصناعة والهجرة والشتات والمجتمع ومعاداة السامية.
- تمويل شركاء في القطاع الخاص.
- خدمات استشارية، فيقوم المعهد ببعض الأحيان بتدريبات تنظم بأجر مادي يدفعه المتدربون.
- منظمات داعمة "جمعيّات ومراكز فكر".
وتثير قضيّة استقلاليّة المعهد إشكاليّة كبيرة فرغم أنّ مركزها القانوني مستقل كمركز خاص غير حزبي ولا يتبع الحكومة ولا يتقيد بأي توجه حزبي أو آيديولوجي، تتبناه الحكومة إلا أنّ التوجّه اليميني الذي سيطر على مقاليد الحكم في إسرائيل كان هو السائد في ما ناقشه المركز من قضايا وما تبناه من سياسات وما أطلقه من توصيات.
الفصل الثالث: مقارنة بين رؤية المعهد والسياسات الحكومية في شأن معاداة السامية الجديدة
تستعرض الكاتبة بداية مفهوم معاداة السامية الجديدة. من خلال تناول المعنى التقليدي لمعاداة السامية والمعنى الحديث.
المعنى التقليدي، يعني معاداة الساميين أو لأعضاء الجنس السامي الذي يشكل العرب أغلبيته العظمى، بينما يُشكك البعض في انتماء اليهود إليه. إلا أنّ وجهة النظر الغربية واليهودية الصهيونية تنظر إلى اعتبار أغلب أعضاء الجنس السامي هم الجماعات اليهودية.
أمّا معاداة السامية الجديدة، فجاء طرحها بعد تشرين أول/ أكتوبر 2000 مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ويمكن تفسير ذلك بأنّه استحدث كذريعة لتبرير للقوى الباطشة لتي استخدمتها في قمع تلك الانتفاضة. ويندرج تحت هذا المصطلح الجديد اتجاهان رئيسيان: الاتجاه الأول بين المثقفين واليساريين في أوروبا والولايات المتحدة. يُعرف معاداة السامية الجديدة بأنّها إنكار حق الشعب اليهودي في الحياة على قدم المساواة داخل أمة واحدة.
أمّا الاتجاه الثاني بين المثقفين والقوى السياسية الإسلامية والعربية، يستخدم المصطلح للإشارة إلى ما يسميه الصهاينة معاداة السامية الإسلامية والعربية، أي عداء المسلمين والعرب لليهود. وهم يرون أنّ هذا النوع من العنصرية آخذ في التزايد حيث ينظر المسلمون والعرب باعتبارهم أعداء الله وأنّ إسرائيل تعبير عن المؤامرة اليهودية الأزلية.
وتتمثل خطورة المفهوم الجديد مقارنة بالتقليدي أنّه تمّ تسييس القضية وربطها بنهج الدولة الصهيونية فهو يطلق العنان لها لارتكاب أفعال تخالف القوانين الدولية وحقوق الإنسان.
أمّا عن مظاهر معاداة السامية الجديدة، فلا يقتصر وجودها على الوطن العربي والإسلامي حسب المعهد. وأبرز المظاهر في أوروبا حملات تحرض داخل الأمم المتحدة، وتحريض قنوات الإعلام، والمقاطعة التجارية للمنتجات الإسرائيلية وكذلك مقاطعة الخبراء والأكاديميين، وخطوات قانونية لمنع الساسة والعسكريين من دخول أوروبا.
أمّا في العالم العربي والإسلامي، معاداة آراء اليهود اشتقاقاً من مصادر دينية إسلامية، والترويج لقتل اليهود المسيح، وإنكار الهولوكوست، ومساواة الصهيونية بالنازية (ص169).
ويتطرق إلى مظاهر العنف ضد المعابد اليهودية واليهود، والمواجهات العسكرية للجيش الإسرائيلي، كالتصعيد المتوالي مع الفلسطينيين وبعض الحروب كحرب لبنان 2006.
ويشير إلى مظاهر اجتماعية وثقافية، من قبيل انخفاض أعداد اليهود الذين يبلغ عددهم الآن 12،9 مليون نسمة، إذا قمنا مقارنتهم بعددهم قبل خمسين سنة كان عددهم 11 مليون.
ويتطرق إلى المظاهر القانونية للتحديات التي تواجه إسرائيل لناحية رفض الأعداء بأن إسرائيل تخوض "حرباً ضد الإرهاب العربي عامة والفلسطيني خاصة" وإنها تقع في ظل صراع مسلح من ثمّ تمارس حق الدفاع الشرعي عن النفس.
وينظر المعهد إلى منظمة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها باعتبارها ساحة لنزع شرعية إسرائيل وحقها في الحياة عبر إصدار قرارات وتشريعات تتصف بمعاداة السامية.
من هذا المنطلق قام المعهد بوضع عدد من السياسات والتوصيات التي تمت مناقشتها خلال ساحات مؤتمر هرتسيليا. ويمكن تقسيم تلك الاستراتيجية إلى ثلاثة محاور رئيسية:
توجهات تتعلق بالشعب اليهودي في داخل وخارج إسرائيل، إذ يناقش بناء روابط مع يهود الشتات وتشجيع موجات الهجرة إلى الدولة الاستيطانية (إنشاء وزارة مستقلة عن وزارة الشؤون الخارجية تختص بتقوية العلاقات مع الشتات).
علاقة إسرائيل مع العالم الخارجي عبر الآلية الدبلوماسية وبناء التحالفات وتقوية وضع بعض الأقليات بالدول الغربية كالمسلمين. والعمل على تعبئة تأييد الرأي العام الأمريكي، والتواصل مع يهود روسيا.
ويختتم هذا الفصل الختامي بالحديث عن الأدوات التنظيمية لمواجهة ظاهرة معاداة السامية الجديدة، من خلال الحرب الدبلوماسية حيث نجحت إسرائيل في التأثير في المنظمات الدولية للحصول في عضويتها، وحثها على تنظيم فاعليات تخدم القضية محل البحث. (نجح الضغط في انضمام نجمة داوود إلى الاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر في 2006).
وكذلك النجاح في التواصل مع يهود الشتات من خلال إنشاء "وزارة الشتات والمجتمع ومعاداة السامية" و"وزارة المعلومات ويهود الشتات".
وتخلص المؤلفة إلى أن ما تبناه المعهد والحكومة هو امتداد وتحديث لأفكار قادة الصهاينة أو الآباء الأوائل بما يتوافق ومستجدات العصر.
---------------------------------------------------------------------------------
الكتاب: دور مراكز الفكر في صنع السياسة العامة: دراسة حالة إسرائيل.
المؤلف: هبة جمال الدين محمد العزب.
الناشر: بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى2015 .
عدد الصفحات: 285.
