لأنجيلا ترابوريلي
مُحمَّد الشيخ
عندما كان يُسأل الحكيم الإغريقي القديم ديوجنيس منذ ما يزيد على الأربعة والعشرين قرنا: "من أي بلد أنت؟"، كان يُجيب سائله جوابا لا يتوقعه: "أنا مواطن من العالم". والحق أنه لم يكن هذا الحكيم يُدرك أنه بهذا الجواب إنما كان يُؤسِّس لتيار فلسفي سياسي واجتماعي وقانوني وأخلاقي سوف يُعرف في العقود القليلة الماضية من زماننا هذا باسم "النزعة الكونية". غير أنَّ ديوجنيس هذا ما كان يتوقع أن يجيبه فيلسوف أمريكي معاصر -هو ميخائيل فالزر- بالجواب التالي: "كلا؛ أنا لست مواطنا من العالم.. بل إني حتى لست واعيا بأن هنالك عالما مثل ذلك، بحيث يُمكن أن يكون المرء فيه مواطنا". والحق أن ميخائيل فالزر -وعلى خلاف ديوجنيس- كان يعلم أن ثمة تيارا -يُسمَّى "التيار الجماعاتي" ويقول بأولوية "الجماعة" أو "القوم" على "البشرية" أو "العالم"- يناهض تلك "النزعة الكونية" أو "الكسموبوليتية".
ولمن أراد أن يطَّلع على هذا النقاش الأخلاقي والفلسفي والسياسي والقانوني حول النزعة الكونية ونقادها، فإنَّه لا يكاد يوجد كتاب أيسر وأشمل من كتاب المفكرة الإيطالية أنجيلا ترابورلي الذي نُقل، مؤخرا، إلى اللسان الإنجليزي: "النزعة الكونية المعاصرة" (2015). وهو كتاب يتكون من مدخل شامل وثلاثة فصول.
تدعونا المؤلفة في مدخل كتابها إلى سفر عبر الزمن يعود بنا الأدراج إلى تاريخ ما تسميه "التقليد الكوسموبوليتي". وإذ ما نحن تذكرنا بأنَّ العقود الأربعة الماضية شهدت على إحياء الفكرة الكونية، التي تحدِّدها على أنها مذهب جوهري -ذي مضمون وليس فقط فكرة شكلية، فلا يقول لك: "يا هذا، كُن كونيا"، وإنما يريك كيف تكون كونيا- أخلاقي وسياسي بالأولى قادر على توجيه السياسة وعلى تخليقها. والباحثة ترى أن "النزعة الكونية" مثال منظور مشبع بالتاريخ، كان ميلاده في الأزمنة الكلاسيكية؛ حيث وجد تعبيره الاصطلاحي والمفهومي الأول. وقد خضع لتأويل جديد مسيحي في القرون الوسطى، وتحول من فكرة بسيطة إلى مشروع سياسي شرعي على الأقل في نقاش القرن الثامن عشر؛ وذلك بفضل جهود فلاسفة التنوير، لا سيما منهم الفيلسوف الألماني إمانويل كانط.
وتجدُ المؤلفة أنَّه على الأقل ثمة ضربان من النزوع الكوني: واحد ينحدر عن الفيلسوف الكلبي ديوجنيس، والآخر سليل النزوع الرواقي اليوناني الروماني. إذ ينقل لنا التقليد أن ديوجنيس الكلبي (حوالي 412 ق-م/323 ق-م) كان أول من أعلن أنه "مواطن عالمي". وقد ورثت عنه النزعة الكوسموبوليتية المعاصرة نزوعه إلى نقد الجماعة المعطاة بالولادة أو بالوفادة، ورفضه التماهي معا أو الإذعان لها. ثم جاء زينون الكيتومي (336 ق-م/263 ق-م) ومعه تم الانتقال من فكرة اعتبار البشر مواطني العالم إلى فكرة إلزام اعتبار كل البشر مواطنين تابعين للعالم يتشاطرون أجمعين العقل -اللوغوس- الكوني في مدينته الفاضلة "بوليتيا" التي يقطن فيها البشر الحكماء والذين وحدهم يحققون ذواتهم ويتشاطرون وضع مساواة حقيقي. وفي الوسط الروماني، وبفضل الحكيم والخطيب شيشرون (106 ق-م/43 ق-م) تم تأكيد الطابع التضامني للأخلاق، وأمست النزعة الكونية ضربا من "الآداب" أو "الإتيقا" التي ينبغي العيش بوفقها؛ إذ شارك شيشرون الرواقيين الإغريق فكرة أن كل الكائنات البشرية، بقدر ما هي ممنوعة من العقل واللغة، تنتمي إلى المجتمع البشري، بصرف النظر عن الروابط السياسية والاجتماعية المتعددة التي يجد البشر أنفسهم منخرطين فيها. وقد تطورت لديه فكرة وجود غايات مجتمع بشري كوني مع فكرة الغايات الأخلاقية لهذا المجتمع: العدالة ورفاهية البشر مع احترام الفعل البشري.
وفي القرن السابع عشر مع فقهاء الحق الطبيعي (هيجو غروتيوس وصامويل بوفندورف) وخلال القرن الذي يليه (كانط)، فإن هذين التوجهين الكونيين الموروثين عن الأقدمين شكلا المعين الذي نهلت منه النزعة الكونية، سواء في نسختها الأخلاقية-الآدابية أو في نسختها السياسية-الشرعية. ففي كتاب كانط "مشروع للسلام الدائم" (1795) نعثر لديه على فكرة إلزام الدول بالاعتراف بأن كل كائن بشري له الحق في زيارة أي بلد أجنبي من غير أن يعامل معاملة عدو؛ مما يرسم معالم مواطنة عالمية، ويمهد لتأسيس "جمهورية كونية" حسبها كانط هي الغاية النهائية التي يسعى إليها التاريخ.. وقد اعتنقت الفيلسوفة السياسية الألمانية حنة آرندت، في القرن العشرين، هذا المثال الكوسموبوليتي الكانطي، ناقدة الدولة القومية التقليدية، وفي نفس الوقت نظرت إلى "الجمهورية الكونية" بعين الريبة مخافة أن تتحول إلى طاغوت، مكتفية بفكرة أننا -معشر البشر- أعضاء في جماعة كونية فحسب بسبب من كوننا كائنات بشرية، وهذا الوجود الكوني ينبغي أن يترجم إلى قدرة على الحكم وعلى التصرف السياسي تحت توجيه كوننا مواطنين عالميين؛ وبالتالي متفرجين عما يقع في العالم. وقد حولت لوغوس القدماء إلى حوار المحدثين المؤمن بالتعددية وبالعقل التواصلي... ثم سرعان ما تناسلت المشاريع الكونية حتى تعدت العشرين مشروعا أو أكثر.
وقد أمست اليوم هذه النزعة مدموغة بطابع التعدد، سواء على مستوى الأشكال أو على مستوى المحتويات؛ إذ العديد من المفكرين وسموا فكرهم بميسم الكونية، والعديد من النظريات قدمت إلى الجمهور بحسبانها كونية، وذلك من مجال الأخلاقيات إلى مجال القانونيات، ومن مجال الدراسات الثقافية إلى مجال الدراسات الجنوسية؛ ومن ثم، ما من أحد رام أن يكتب مدخلا إلى هذه النزعة إلا ولابد أن يبرر معيار اختياره. والذي ارتأته المؤلفة، بعد طول تأمل، هو إمكان تصنيف هذه النزوعات الكونية المتنوعة إلى ثلاث فئات رئيسية: الكونية الأخلاقية، والكونية السياسية-الشرعية، والكونية الثقافية. ومهما تنوعت هذه النزعات، فإنها تتوحد في تماهيها مع البشرية ومع الإلزام الأخلاقي لتشجيع العدالة الاجتماعية على المستوى الكوني، لكن وحدها النزعة الكونية السياسية تذهب إلى حد المناداة بمطلب أن يتم التشريع للمواطنة وللديمقراطية الشاملة وجعلها مؤسسية ودستورية، بحيث أن فكرة كون كل شخص ينبغي أن يعامل بنفس الاعتبار الأخلاقي لشخصه -والتي تقف ثانوية خلف الكوسموبوليتية- تصير بالفعل قابلة لأن تترجم إلى حقوق وضعية وإيجابية.
النزعة الكونية الأخلاقية
تَسْعى هذه النزعة في شكلها الأول إلى تسويغ إلزام مساعدة غير مواطني بلد ما (مهاجرين، لاجئين، طالبي لجوء، عمال مؤقتين...) على أساس مبادئ معيارية كونية تستعمل كمعايير في الحكم على الأفراد والأنظمة السياسية والمؤسسات، كما أنَّ ثمة نسخة أخرى لهذه النزعة هي النسخة المؤسسية التي ترنو إلى تشجيع حقوق الإنسان عبر إدخال مبدأ العدالة التوزيعية الشاملة وإصلاح البنية الدولية الأساسية وتطوير مؤسسات جديدة لإعادة توزيع الموارد على أولئك الأفراد المعوزين وضمان حقوق الإنسان لهم. وعلى العموم، يمكن تعريف النزعة الأخلاقية الكونية باعتبارها نظرة ترى أن كل الكائنات البشرية إنما هي أعضاء جماعة أخلاقية واحدة، وأن عليها إلزامات أخلاقية اتجاه باقي الكائنات البشرية، وذلك بغض النظر عن جنسياتها ولغاتها وأديانها وعوائدها... وتتشاطر مختلف أشكال هذه النزعة فكرة أن كل كائن بشري له قيمة أخلاقية متساوية، وأن هذه القيمة الأخلاقية المتساوية هي ما تنشأ عنه مسؤوليات أخلاقية ذات بعد كوني. والحال أن هذه النظريات الأخلاقية نظريات معيارية وآمرية في الوقت نفسه، وهي تنطبق على سلوك الأفراد وعلى سلوك المؤسسات الاجتماعية (الأدوار، الممارسات) وعلى الدول. إذ يمكن أن تقوم الفاعلية وسلوكهم، كما يمكنها أن تضع وصفات المسؤوليات التي للأفراد تجاه بعضهم البعض أكانوا مواطنين في البلد أم لا.
وتشكل الكوسموبوليتية الأخلاقية تحديا للنظريات التي ترى أن الدولة أو الجماعات القومية تقيم سياجا لمجال المسؤوليات الخاصة والمختلفة والمبرّرة بمعزل عن المسؤوليات الشاملة أو العامة. وهنا يتم التمييز بين ضربين من النزعة الكونية الأخلاقية: ضعيف وقوي. فأما الضعيف، فيقف عند الادعاء بأن ثمة إلزامات عدة تقوم اتجاه أولئك الذين لا يشكلون مواطني دولة، لكنها إلزامات محصورة في الشروط التي تعتبر كونيا ضرورية للكائنات البشرية والتي تجعلها قادرة على العيش عيشا كريما. هذا بينما القوي يطالب بضرب من المساواة في التوزيع العادل المنذور إلى إزالة الفوارق بين الأشخاص حتى بعد حصولهم على الحد الأدنى للعيش الكريم. كما أن ثمة نزعة متطرفة، وأخرى معتدلة: ترى الثانية أن على أي مجتمع أن تكون له إلزامات عادلة تجاه أفراده، ولا تكون بالضرورة تجاه غير أعضائه، بينما المتطرفة تنكر وجود معايير عدالة صالحة داخل مجتمع وليست صالحة بالنسبة لسكان العالم جميعا. وبطبيعة الحال لهؤلاء ولأولئك خلفيات فلسفية متباينة: نفعية (سينجر) وكانطية (أونيل) وأرسطية (نوسباوم) وتعاقدية (بيتز، بوغ).
هذا.. وتقدِّم الباحثة في هذا الفصل نماذج ثلاثة من هذه النزعات (شارل بيتز، توماس بوغ، مارتا نوسباوم)، وتحللها تحليلا ضافيا وتقدم النقود التي وجهت إليها وردودها على هذه النقود. كما تختم الفصل بالاعتراضات التي وجهت إلى النزعة الكونية الأخلاقية بعامة، لا سيما منها نقد النزعة الجماعاتية لهذه النزعة.
النزعة الكونية السياسية
أمَّا النزعة الكونية السياسية-الشرعية أو الحقوقية، فتدعو إلى خلق مؤسسات سياسية تشريعية ديمقراطية كونية تضمن استمتاع كل مواطني العالم بالحقوق وبالمشاركة السياسية. وعلى خلاف النزعة الكونية الأخلاقية التي تطبق المعايير الأخلاقية الكونية لتقويم الفاعلين البشر وسلوكهم أو لتقويم المؤسسات الاجتماعية، فإنَّ النزعة الكونية السياسية والشرعية أو القانونية تقترح إنشاء نظام كوسموبوليتي مؤسَّسي، تكون لكل فرد تحت إمرته حقوق متساوية وواجبات متكافئة؛ ومن ثمَّ يُمسي الأفراد مواطنين في جمهورية كونية.
وتتقاسم هذه النزعة مع الكوسموبوليتية الأخلاقية فكرة أنَّ كل شخص يحظى باعتبار معنوي، وأن كل فرد يستحق أن يولى نفس الاعتبار والتقدير بصرف النظر عن مواطنيته أو قوميته. لكنَّ النزعة الكونية الأخلاقية لا تدعو بالضرورة إلى قيادة شاملة، ولا إلى خلق نظام سياسي-قانوني. هذا بينما المدافعون عن الكوسموبوليتية السياسية-الشرعية مقتنعون إلى حدٍّ كبير بأن إجراء التحولات المؤسسية العميقة ضروري إذا ما كان يراد للنظام الشمولي أن يستجيب استجابة مُرضية للمثال الكوسموبوليتي. ويعتبر المدافعون عن هذه الصيغة من صيغ النزعة الكوسموبوليتية أنفسهم ورثة فلسفة إيمانويل كانط، وذلك على الرغم من أن نقطة بدايتهم تتمثل في تأويلات مباينة لمثال كانط المدعو "جمهورية العالم".
وكما فعلت الباحثة في الفصل السابق، تقدِّم في هذا الفصل أيضا نماذج لهذه النظريات بلغت الخمس؛ مُمثلة في نموذج ماري كالدور عن "المجتمع المدني الكوني"، ونموذج ديفيد هيلد عن "الديمقراطية الاجتماعية الكونية"، ونموذج دانييل أرشيبوجي عن "كومنويلث المواطنين الشامل"، ونموذج سايلة بنحبيب عن "العضوية الكوسموبوليتية العادلة"، ونموذج بونافنتورا دو سوزا سانتوس عن "الكوسموبوليتية التابعة"، وهي نماذج من آفاق وحساسيات سياسية متباينة من الماركسي إلى الليبرالي إلى الديمقراطي الاجتماعي.. تورد عليها الباحثة الاعتراضات والاعتراضات المضادة.
النزعة الكونية الثقافية
وأما النزعة الكونية الثقافية، فإنها تسعى لتطوير الممارسات الكونية أو تحقيق ممارسات جديدة في سياق الثقافات غير الغربية؛ وذلك عبر أشكال من "المحادثات الكونية" تضمن حق الاختلاف الثقافي. وقد ميَّز صامويل شيفر بين ضربين من الكوسموبوليتية المعاصرة: واحد باعتبار النزعة الكونية مذهبا ينصب على مسألة العدالة الكونية، وثانٍ باعتبارها مذهبا ينصرف إلى الاهتمام بمسألة الذات والثقافة. ورغم أن الضربين لا يقصي الواحد منهما الآخر، فإن الواحد منهما يباين الغير فيما يُعارضه: الأول يعارض تلك الرؤى التي تفرض موانع من حيث المبدأ في طريق تطوير العدالة تطويرا كونيا شاملا؛ أي أنها ترى أن قواعد العدالة ينبغي أن تطبق بالأولى داخل حدود جماعات معينة. والثاني، بالضد، يعارض فكرة أن رفاهية الأفراد أو هويتهم أو قدرتهم على الفعل البشري الحق إنما هي منوطة بالأحرى بعضويتهم في جماعة ثقافية محددة لها حدود بينة ومعالم آمنة. والحال أن الكوسموبوليتيين يعزون هذا التصور الثاني الذي يعترضون عليه إلى تصور خاطئ للهوية الفردية ولفاعلية الفرد ولرفاهيته، وهم يعارضونه بالنظرة البديلة إلى الثقافات، حيث ينظرون إليها بوسمها كائنا سيالا بدالا وخاضعا للتغير الدائم، شأنها في ذلك شأن الشعوب التي تعبر عنها والأفراد الذين تتكون منهم. وينطلق أصحاب هذه النزعة الكونية الثقافية، ضدا على الجماعاتيين، من فكرة أن الدولة القومية، وعلى خلاف ما يدعونه من أنها تتضمن جماعات قومية منسجمة، إنما هي أشكال وألوان من العضوية المتعددة التي تتجاوز دوما الحدود القومية.. وإذ ينطلقون من هذه التغييرات ومن تصورات مطاطية للذات وللثقافة، فإنهم يعارضون الجماعاتيين وبعض الادعاءات الصادرة عن أهل دعوى الاختلاف الثقافي. ولهذا، تؤمن النزعة الكونية الثقافية بسيلان الهوية الفردية، وبتداخل الجماعات السياسية في مختلف المجالات، وبتقاطع الثروات الجماعية محليا وقوميا وجهويا ودوليا.
وكما عوَّدتنا الباحثة على ذلك في الفصلين السابقين، فإنها ههنا أيضا تلجأ إلى توضيح الأفكار التي تعرضها عن هذه النزعة بنماذج منتقاة من الفكر ما بعد الكولونيالي المعاصر: نموذج الفيلسوف الكندي المعاصر ذي الأصول الإفريقية أنطوني كوامي أبياه وكوسموبوليته المدعوة "النزعة الكونية المتأصلة أو المتجذرة"، ودعوته إلى "المحادثة الكونية" المجسرة للتجارب الثقافية المتعددة، ونموذج المفكر الأمريكي ذي الأصل الهندي هومي بهابها الداعي إلى ما يسميه "النزعة الكونية البلدية" التي تسعى إلى أن تجد لها موطن قدم بين القومية التحررية والنزعة الكونية التجنيسية.
على سبيل الختم
لا شكَّ عندي أنَّ كتاب "النزعة الكونية المعاصرة" يشكل -بالنسبة لبعض القراء العرب المتعطشين إلى الاستئناس بجديد الفكر الغربي- موئلا ثمينا. فهو إضافة إلى إيراده لعشرات الأسماء من مفكري الغرب غير المعهودين للأذن العربية، لا شك يقدم أدوات منهجية ونظرية لتحليل ظاهرتي "الكونية" و"العولمة" التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، وما كنا -نحن العرب- في هذا ببدع. غير أنِّي ألمس في تأريخ الباحثة الإيطالية لبوادر هذه النزعة أنها تضرب صفحا عن الإسهام العربي الإسلامي في هذا المجال. أفهلا بقي لنا مكان لكي نذكرها بالنزعة الكونية الإنسية العربية في القرن الرابع الهجري حين كان العرب يفكرون للبشرية جمعاء ولم يكونوا يفكرون لأنفسهم فحسب: "الأمم كلها شركاء في العقول، وإن اختلفوا في اللغات"، و"الحكمة مشاعة بين الخلق، لا تنسب إلى جيل، ولا تقف على قبيل" (أبو حيان التوحيدي)؟
------------------------
- الكتاب: "النزعة الكونية المعاصرة".
- المؤلفة: أنجيلا ترابوريلي.
- المترجم: يان ماكجيلفراي.
- الناشر: "Bloomsbury"، لندن، 2015.
- عدد الصفحات: 142 صفحة.
