لمحسن الموسوي
يونس البوسعيدي
في مايو من العام 2015م، وهدية من مجلة الدوحة الثقافية، صدر كتاب "النخبة الفكرية والانشقاق"، وهذا عنوانُهُ العريض، بينما كان عنوانه الفرعي "تحوُّلات الصفوة العارفة في المجتمع العربي الحديث" للدكتور محسن الموسوي، ويتضح أن العنوان الفرعي أخذ مهمة إيضاح الكتاب أكثر من العنوان الأساس، الذي أخذ مهمة العنونةِ باقتدار، مِنْ حيث الاختصارِ والإلماح، وبعد انتهائي وتمتعي بقراءة الكتاب، وجدْتُ أنه صورةٌ ذات خط تاريخي لما قد أقول عنه "استثقاف المثقف" أي ينابيع الثقافة الواقعية للمثقف، والتي رشفها مِنَ المتغيرات التي عايشها المجتمع العربي، وبدا لي أن هذا الكتاب أخذ طابع (المقالات المسترسلة)؛ فهو لم يكن ذا فصول وأبواب، بل تكون مِنْ فصلين فقط؛ الفصل الأول ذو عنوانٍ أو مقدمة طويلة، هكذا قد تكون بعنوان "تحولات الأدوار: النخبة الفكرية والدولة العصرية"، بينما الفصل الثاني وكان لُب الكتاب وأساسِهِ، واحتوى على اثنين وعشرينَ عنوانا "متقاربة متباينة"؛ بمعنى أنَّ الرابط الأساس فيها قد يكون خفيا لبعض القراء، لكن بفعل امتداد قراءة الكتاب، يتضح أنه مقالات يربط بينها العلاقة بين المثقف والسلطة، أو القضايا التي طرأتْ على المستويات السياسية والاِجتماعية في كثير منْ الأحيان، وتعامل المثقف معها، تنظيرًا، أو نموًا على مستوى الفكرة والتفكير.
الكتاب في أحايين منه تذبذب في صورةِ رسم المثقف، فكان يرسمه في عناوين من الفصل الثاني بصورة مُبْهِجة، خصوصا في الحديث عن مشروع النهضة الذي قادَهُ بعض المثقفين العرب، وعلاقتهم السياسية بعد ذلك بالنظم السياسية التي تنشأ، وإنْ لم تكن تلك الصورة المبهجة بألوان فاتحة كليًا، فمثلا كان الكاتب ميالا لمنهج وتاريخ طه حسين الفكري، وإطلاقه صفة "القلة المثقفة" على ما يراه "فئة فاعلة في تكوين القلة المثقفة"، لكنه لا يحاول استرجاع الزمن، رغم الخط التاريخي للكتاب، وتفهم ضبابية الموقف والتحولات يومها، ومحدودية الأدوات الفكرية وملَكَة الاستشراف التي قد تكون عند البعض من المثقفين دون ذلك؛ مما يعني أنَّ انحياز د.محسن الموسوي لـ"المعذبون في الأرض" كما يصفهم طه حسين، هو انحياز قد يُساءلُ عنه في رسمه لصورة المثقف التاريخية، انجرارا لصُور أخرى رسمها له في عناوين أخرى مثل "المثقفون صُورهم في الحياة العربية، القلة المنقذة، المنفي والطريد، الخيانة، التحزب، الشهود".
وبعد إنهاء قراة أولى لفصول عديدة مِنْ هذا الكتاب، و"كشطاتي" بقلمِ رصاص على هوامشهِ -وهي عادةٌ أستلذها- قرأتُ عن الكتاب في الإنترنت، كانت الفكرة عن الكتاب تكادُ تكون متقاربة إنْ لم تكن متشابهة، لكني توقفْتُ عند "الاختيار الثقافي الترويجي" للكتاب، أي العبارة التي اُختيرتْ لتُروج للكتاب للقارئ أو المتلقي أو "المستهلِك"، فكُتِب عنه: "يُحاولُ هذا الكتابُ تحديد العلاقة بين المثقف العربي والدولة العصرية منذ نشأتها الحديثة، مُستَشْهِدًا بِنصوص المثقفين العرب وتطلعاتهم وتحالفاتهم، متخذاً من طلائعيي عصر النهضة وبعض رواد الخطاب الإحيائي منطلقاً لتقديم تصور لتلك العلاقة المتوترة"، رغم أنه مِنْ خلال قراءتي للكتاب أتحفظ قليلا على كلمة "المتوترة"؛ كوني أعتبر أن التغيير الفكري للمثقف حالةُ ملحة، وصُورَةٌ ضرورية، في ظل التغير المجتمعي؛ لأنَّ التشبث بالفكرة الواحدة يقاربُ حالة الجمود، وهو ما يُخالف نمط الثقافة الطبيعي. ثم يذهبُ التعريف بالكتابِ قائلا: (وإذا كانت الدولة العصرية قد حققت في بدايات نشأتها في ظلال الصراع مع الاستعمار شيئاً من طموحات الفئة الطليعية، فإن تحالفات تالية وقراءات سيئة ومشوهة للتاريخ حفرت في جذور العلاقة وأوجدت أكثر من "خندقٍ مَصْلحي" منذ نهاية الأربعينيات، وجرى إعلاء خطاب على حساب آخر، وادعى ذلك الخطابُ أو مثيلهُ الأحادي أحقيةً مطلقةً تصادر الرأي الآخر وتنفيه؛ أي أنَّ حالة العلاقات "الأفكارية الثقافية" -كي لا أنسب الحالة للإنسان بل للفكرة- لا تزال تتكرر كأنها بيولوجيا، وهي حالة في عمومها تدعي صحة الفكرة والتفكير، وقوة الاستشرافِ والحدْس، ونفْي الآخر "المفكر الذي قد يكون هو مصيبا كليا أو بنسبة ما -مع العلم بأن الجميع يفعل ذلك- وينفي فعل النفي"، وهذا ما أوافق عليه المُعرفَ أنه "لا بد أن تزخر الثقافة العربية بعلامات العصيان والتمرد، أو الانكفاء على الذات، والمراوغة، ولعل خطاب المَهَاجر يُفْصح عن مشكلات أوسع جرت معالجتها، لا على أساس امتيازها، وإنما على أساس إفصاحها عن داخلٍ منتهَكٍ مريض"، هذا التعريفُ مثل عندي صورةً واحدةً مِنْ مجموعة صُوَر "مونكرومية" للمشهد التفكيري للنُخب المفكرة، وتحولاتها "التفكيرية" إزاء التطورات المجتمعية، وهذا بدا لي مِنْ خلال مراحل تاريخية، ومدى تأثرِهِ بمراجعاته الفكرية، وكذلك نشأته الثقافية، فأنا في رأيي أن الغرب العربي قادر على الاتزان وتقبل الجديد الغربي في الفكر أكثر مِنَ الشرق العربي الوجداني، ولا تزال الدلائل والشواهد قائمة حاضرة منذ ابن خلدون "كاسم سريع الحضور في البديهة" إلى اليوم، مقابل "أركون" مثلا، وهذه الحالة الفكرية تحتاج دراسة مستقلة، رغم أني لا أنفي مطلقًا الحالة الفكرية في المشرق، وقد يكون في كثير مِنْ جوانبها أكثر إضاءة وإشراقة من الغرب العربي.
الكتاب حاول أنْ يقرأ العلاقة بين المثقف وكينونة الدولة والسُلطة، و"السياسية في معظمها"، مستشهدًا بأسماء ونصوص ثقافية مرت على الذاكرة العربية في ظل التغيرات التي شهِدَتْها المنطقة العربية والتحولات الفكرية، كمخاضات التغيرات السياسية -كسقوط الدولة العثمانية، والثورة الفرنسية- وعلى العموم، أؤكدُ أن هذا الكتاب يُمكن أنْ يمثل كتاب تاريخٍ أولي لتاريخ التفكير النخبوي العربي، في علاقته مع الدولة، أو السُلطة، وما قد ينتج ويفيدُ فيه هذا التفكير، مِنْ تحليل واستشراف مستقبلي "للمثقف الآني"، واستشراف أفكارٍ جديدة للدولة العصرية، كون المثقف هو المنظر الأول للسياسي، مالِكِ زمام الدفة في الدولة.
منذ البدء يُقرر الكاتب أن الآخر هو "الغرب"، دونَ تحديد ماهية أو جغرافية الغرب، أو لماذا الغرب، ولم أجد صعوبة في تأويل أن الغرب هنا هو أوروبا المُسْتَعْمِرة، ولماذا المُسْتَعْمِرَةُ فقط وليس أوروبا أو كل أوروبا؛ ذلك لأن الآخر الثقافي هنا لم يكُنْ مستعمِرًا عسكريًا فقط، بل كان ثقافيًا كذلك، وما فرنسةُ الجزائر عنا ببعيد، لكن الكاتب يعودُ لتعريف الآخر صراحةً بعد ذلك في متن الحديث حين تفكك الدولة العثمانية ويومضُ بهذا الحدث كمدخلٍ تاريخي لتحول مَنْ يُصنفُهم بِـ"الصفوة العارفة" أو "النخبة الفكرية"، وتكون مصر حاضنة سياسية وثقافية جديدة، وهجرة النُخب العربية إليها، وتعاون هذا "الآخر" الأوروبي المستعمر -اضطرارا- مع هذه النُخب، وقد أوردَ لذلك أمثلةً بِعَيْنِها مثل "اللورد كرومر" الذي دعا إلى الاستعمار مُدججًا بالتغريب، و"القس دوجلاس دنلوب" الذي دعا كذلك إلى تغريب التعليم في مصر، وتتشكل لاحقًا صورة لهذا "الآخر"، فهو يترصد مرحلةً لِيُفعلَها بصورةٍ أخرى ثانية، كان ترصد فرصة انهيار الدولة "الأكبر" حينها وهي المرحلة التي تميزتْ بالقلق الوجودي لثقافة "الشرق" بانهيار الدولة العثمانية، ليُعيد تفعيلها مرةً أخرى بقلق مرحلةٍ مِنْ جديد بتأسيس دُولٍ وِفْق مُرادِهِ، ولأنني مشغوفٌ باستجلابِ التاريخِ من أوراقه الصفراء وإسقاطِهِ على الحاضر، فإنني ألفتُ النظر إلى القيام بعملية قياس ومقاربة ومقارنة بسيطة، بين ما تم سابقا وما يتم الآن من عمليات إقلاق مراحل وكيانات سياسية بثقافتها لإنشاء مراحل قلِقَة أخرى بثقافة مغايرة بكيانات سياسية مغايرة، لمصلحة هذا الغرب.
ولعلَّ الكاتب حين يرى أن تشكلَ النخب الثقافية العربية كان بين الرغبة في الغرب والردة عليه، كان في مخياله يستحضر بعض الأمثلة التي تقفز للبال كالطهطاوي من مصر مثلا، أو ربما جماعات المهجر الأدبية، وإنْ لم يتشكل بعضها في الغرب الذي ذكرتُه أعلاه مثالا، ويذهبُ في تأريخ النهضة الفكرية العربية إلى ما بعد سقوط الدولة العثمانية، وهنا أتعمدُ تذكير الكاتب أن بعض الدول لم تخضع للسيطرة العثمانية، ولكنه لا ريب سيردُ علي وهل خرج منها نُخَبٌ ثقافية بالمستوى المشهور؟ في الحين نفسِهِ كذلك يرى الكاتب أن تفكك الدولة العثمانية شكل حاضنةً لتَكوين نخب ثقافية "كالكواكبي والأفغاني" وذلك بالدعوة إلى الاستقلال والانفصال عن الدولة العثمانية كما دعا "نجيب عازوري" مثلا، وبالهجرة إلى مصر إبان مرحلة التفكك، وقيام مصر كحاضنة ثقافية عربية جديدة، والتي لم ترَ القوى الأوروبية الاستعمارية بُدا من التعاون معها في تحالفات معروفة قادت إلى سلسلة من الأحداث السياسية كالثورات وتقسيمات الحماية البريطانية والفرنسية.
وفي تلك الفترة، بدتْ العلاقة ضبابية الأفق بين النخب الفكرية العربية والآخر "الأوروبي المستعمر"؛ فمثلا رأى جمال الدين الأفغاني في ذلك الآخر أنه مُقوضٌ للحضارة العثمانية ومهددٌ للمستقبل، فدعا مع الكواكبي ومحمد عبده ورشيد رضا لتشكيل الجامعة الإسلامية، ومع تلك الدعوة كانوا متفقين على أن الاِستبداد هو الذي قاد "الخلافة العثمانية" إلى وضعية "الرجل المريض"، لذلك لم يُجمعوا على مؤازرة العثمانيين ودولة السلطان، وأتساءل هنا هل كان هذا دافعا أو الشرارة الأولى للكواكبي لتأليف كتابه الشهير "طبائع الاستبداد" كما أني أعودُ وأستجلبُ التاريخ متمنيا أنْ أستكنِهَ فقه المصطلحات في وعيهم حين نقول خلافةً واستبداد، متعجبًا من يقينهم ونظرهم في دعوتهم إلى جامعة إسلامية في تلك الفترة التي كانت خصبة وموارة بالدعوة إلى القوميات وليس إلى التجمعات، وربما كان ذلك قمة من قمم الوعي واليقين بالمبادئ، ويقينا منهم أن الخلل كان في ممارسات فاسدة مَنشؤها كيفية العمل بنظام الحكْم وليس الدِينُ أو نظام الحُكْمِ نفسِه، وهنا أنا لا أتعجب إذا كان الشرخ الأول في انشقاق تلك النُخب العربية المثقفة جاء من النظر في علاقتها مع الآخر، وكيف التعامل مع ثقافته الواقعية في ثقافتهم، مِنْ حيث ما هو ديني وسياسي، وهل يُمزَجُ بينهما كما ارتأى الأفغاني والكواكبي ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا، وتبعهم في ذلك "الطهطاوي" إنما بفكر آخر وهي فكرة "الملكية الدستورية"؟ أم بفصلهما كما روَّجت المجموعة العلمانية التي نشأت وصادمتهم؟ ومثَّل هذه المجموعة في تلك الفترة: قاسم أمين، وفرح أنطوان، وشبلي شميل، وإسماعيل مظهر، وسلامة موسى، والزهاوي، والرصافي، فرأتْ أنْ تتعامل مع "ثقافة الآخر" بوصفها "غير مقطوعة عن روح العصر"، لكن لا بُد مِنْ تطويرها بشيءٍ مِنَ المنظومةِ الفكرية الغربية المتلائمة مع رُوح العصر، وبهذا نادى سلامة موسى وشبلي شميل والريحاني إلى سحْبِ النظرية الدارونية الشهيرة "نظرية النشوء والارتقاء" إلى ساحة السياسة وعلم الشريعة والاجتماع، زاعمين وجوب تطوير فكر وأدبيات الشرق، المتهم لديهم بالثبات والركود وتطبيق مشروع التغيير عليه، وفق نظريات التغيير للِسُنَنِ الجديدة، وفي تلك الأجواء قاد "جبران خليل جبران" لواء التغيير الأدبي للثقافة العربية والنهل مما رآهُ تطورَ الثقافة الغربية، فجاء بكتابه "النبي"، وفعلتْ كذلك جماعة "الديوان" المصرية التي أخذتْ عن الرومانسيين الإنجليز حلم التغيير [1]، وهذا الحلم لم يكن تهويمًا أدبيًا فقط [2]، بل تعداه إلى الفكر السياسي والاجتماعي أو "الاِجتماعي السياسي"، وإنْ تدرج في نشوءٍ ونمو فكري طبيعي [3] -كما أراه كالطبيعة البيولوجية- حتى وصلتْ من بلاد المغرب العربي إلى "الأرستقراطية الفكرية" كما نظر لها المفكر الشهير "علال الفاسي" والتي يجمع فيها بين إسلامية السلف وعروبته، وبين الحرية الأوروبية، جاعلا "ديمقراطية" الغرب روحًا محدثَةً لِـ"إرادة الشَعب الواعية"، بصفتها أساسًا أولا لأنظمة الحُكْم الغربي، معترفا بأن هذه الديمقراطية سبيل فكري ومنهج حياتي يمكنان المجتمع الإسلامي في حاضره مستنِدًا إلى ماضيه دون محاكاةٍ عمياء [4]، ويبدو لي أنَّ التي يُسميها "علال الفاسي" بـ"الأرُستقراطية الفكرية" مثلت نتاج التخمرات في التحولات الفكرية المسلمة والعربية على المستويات الدينية والمجتمعية والفكرية والسياسية، وهي فكرٌ أو أفكارٌ "غربيةُ" الأصل، وكأن جذورَها وآلياتها تعودُ بنا لأُولى الجذور الأولى في التقلبات الفكرية العربية، وأزعمُ أن "الفاسي" تأثر بحالة الاِستعمار الأوروبي على بلاد المغرب العربي، وما جلبَهُ هذا الاستعمار مِنْ نمطِ (شديد العقلية) في التفكير، حاولَ الفاسي تفصيله على جسدِ المجتمع العربي، لذلك فإن د.محمود الموسوي يرى أن هذا التفكير الفاسي إحالةٌ مِنْ أفكار "سينِتْ بوف"، و"ماثيو آرنولد"، ببعض الاختلافات التي قد تكون في القشور فقط، وبهذا فالتحول الفكري هنا، هو تحول يُذكرنا ببدء تحولات الفكر العربي بعد انحلال الدولة العثمانية ومقارباتها ومقارناتها بالفكر الغربي.
*****
الهوامش:
[1] وجب التنويه هنا بأن حتى محاولات التغيير الأدبية وجدتْ مصادمَات مع بيئتها، فمثلا لم يُغْرَ شبلي شميل بتغيير التعابير والأساليب الأدبية، ما دام الوضع السياسي قائمًا على الاستبداد لا الديمقراطية، ونظر للعلاقة بين المثقفين والحكومات إلى العلاقة بين التفكير الحر والاستبداد.. قائلا: إن "سِر تخلف الشرق يعود لقتل الأفكار وإفساد الأخلاق وموت الكتاب".
[2] أستدركُ هنا الخط الزمني في تذكير أن الأدب -بعيدًا عن تقسيماته النمطية- ظل يُلاحق التغييرات السياسية، واستشهد الكتاب كذلك بأعمال لنجيب محفوظ مثل "اللص والكلاب" و"الشحاذ"، وقد رأى الكاتب أنهما موجهتان إلى "وريث المستعمِر"، وهي الرؤية نفسها التي رآها الكاتب في نص محمود درويش "خُطب الديكتاتور الموزونة".
[3] الغريب أنَّ هذا التطور واجهه شك وتحفظ مِنَ المثقفين أنفسِهم؛ فمثلا كان "شبلي شميل" يتوجسُ مِنَ المفكرين المنظرين، في حين أن النظام السياسي قائمًا على الاِستبداد، فكأنه أرادَ أنْ يكون الوعي والتنوير واقعا مباشرا على الأرض، فصار جدلٌ في ماهية المثقف، تطرق له " طه حسين" في كتابه "المعذبون في الأرض".
[4] وإنْ كان المجال لا يتسع لمراجعة رؤية المفكر علال الفاسي في هذه السطور، لكن يجب التنويه بأن الديمقراطية الغربية -في حسناتها- تتشابه مع النظم الإسلامية الصافية التي قعدتْ الحُكْم، وإنما نال نُظمنا الاِسلامية من التنازع "السياسي الديني" ما شوهه، وموه على الناسِ أنه نظام غير شُورِي "ديمقراطي"، وعلى كُل فقد رد على آراء علال الفاسي بعض المفكرين مثل علي الوردي ومحمود السيد...وغيرهما.
-----------------------
- الكتاب: "النخبة الفكرية والانشقاق"
- المؤلف: محسن الموسوي.
- الناشر: مجلة الدوحة، 2015.
