تأليف: د. بريامفادا جوبال
كتاب "إمبراطورية متمردة.. المقاومة المضادة للاستعمار والمعارضة البريطانية"، تستعرض فيه المؤلفة بريامفادا جوبال الباحثة والأكاديمية في جامعة كامبريدج البريطانية الكيفية التي كانت عليها الدول والمجتمعات التي استعبدتها بريطانيا وسيطرت عليها في مشروعها الاستعماري. وأسهم هذا العمل بقوة في تشكيل أفكار الحرية والتحرر داخل المملكة المتحدة ذاتها. وفي سبيل هذا، ترصد الكاتبة بالدراسة والتحليل قرناً كاملاً من التمرد على الإمبراطورية وتظهر كيف تأثر نقاد مفهوم الإمبراطورية من البريطانيين بالثورات وحركات المقاومة التي جرت في المستعمرات، من جزر الهند الغربية وشرق إفريقيا إلى مصر والهند.
والأهم من هذا، كيف لعبت هذه الحركات التحررية، انطلاقاً من مفاهيمها النظرية، دوراً محورياً في إثارة المقاومة التي تبناها مناهضو السياسات الاستعمارية التي تركزت في لندن، أي في قلب الإمبراطورية تماماً. ثمة الكثير من الكتابات حول الكيفية التي تلقت بها الشعوب المستَعمرة الأفكار البريطانية والغربية عموماً وحوّلتها إلى قوالب نظرية نتج عنها فعل مناهض للإمبراطورية وداعٍ للتحرر والحكم الذاتي. لكن الكتاب يرفض تصوير تلك الشعوب كضحايا للإمبريالية، أو أنهم مجرد مستفيدين سلبيين للوعي البريطاني المستنير، بل إنهم متمردون أصحاب إرث سيستفيد منه فيما بعد أبناء الأمة التي كانت تضطهدهم.
"الإمبراطورية المتمردة" هو كتاب طويل ولا يسهل دائما هضمه، خاصة لأولئك الذين لم يتأثروا في الفترات التي يصفها. وتمتلك جوبال وجهة نظر حادة تتناول بها الشخصيات المنسية والتاريخ المفقود، لكن المعلومات تأتي سميكة وسريعة، ويمكن للنطاق الهائل للكتاب -بدءًا من الهند في أوائل القرن التاسع عشر حتى عصر النهضة في هارلم- أن يجعل من الصعب تتبعها. ربما يكون الجزء الأكثر ثراءً هو وصفها للندن في ثلاثينيات القرن العشرين، عندما أصبحت العاصمة الإمبراطورية مركزًا لتشابك حركات المقاومة وحتى الرأي البريطاني التقليدي بدأ يدرك نهاية الإمبراطورية.
