اغتصاب العقل

314222.jpg

تأليف: د. جوست إبراهام ماوريتز ميرلو

عرض: عون العجمي.

( سيكولوجيا التحكم في الفكر، وتشويه العقل، وغسل الدماغ)

يحاول هذا الكتاب تصوير التحول الغريب للعقل البشري الحر إلى آلة استجابة اتوماتيكية، وهو تحول يمكن تحقيقه من خلال بعض الثورات الثقافية في مجتمعنا الحالي، وكذلك من خلال التجارب المعتمدة، سواء كانت من أجل تحقيق خدمة سياسية، أو أيديولوجية على حد سواء.

العقل البشري يمكن أن يتأثر، ويُروّض، وفي بعض الأحيان يكون الخضوع، قائماً على الجهل أكثر من المعرفة. وإن اغتصاب العقل، والقهر العقلي الخفي، يُعتبران من بين أقدم الجرائم البشرية، سواء أكان ذلك من أجل تحقيق خدمة سياسية، أو أيديولوجية. إن التقنيات الحديثة لغسل الأدمغة والتشوية العقلي يمكن أن تجلب أي شخص تقريباً إلى الخضوع والاستسلام. لقد كان العديد من ضحايا الفكر، وتشويه العقل، وغسيل الأدمغة، من الأشخاص الأقوياء، الذين تم كسر عقولهم، وأفكارهم، وأحلامهم، وتدهورت أوضاعهم على كل كافة الأصعدة. ويمكن للمعرفة النفسية، والمعالجة النفسية أن توّلد في حد ذاتها موقفاً ديمقراطياً، فعلم النفس هو في الأساس علم الوسط الشرعي، من الاختيار الحر في إطار القيود الشخصية والاجتماعية للإنسان. فبعض الممارسات الاستبدادية، والتعذيب الجسدي، تهدف إلى كسر إرادة الناس، وإذلالهم بطريقة ذهنية مستمرة.

من أجل فهم أفضل للتعذيب العقلي الحديث، يجب علينا أن نضع في اعتبارنا دائماً، حقيقة أنه منذ الأيام الأولى، لم يكن المقصود من المعاناة الجسدية والصلب والتعنيف، ألا أن تؤدي وظيفة واحدة، وهي إلحاق الأذى بالضحية، وإجبار عقله، وجسده على الخضوع، والاستسلام لإرادة الجلادين.

إن مفهوم العبادة، أقدم بكثير، من المفهوم الدكتاتوري الحديث للتلقين القسري. وإن المحاكمات العلنية، والقصاص العلني، هدفه إرسال رسائل للعامة.

ويُعتبر تشويه العقل وعلى مر العصور، كجريمة قديمة ضد العقل والروح البشريين، ولكنه قد أعيد تنظيمه من جديد. إنه نظام للتدخل النفسي والانحراف القضائي، حيث يمكن من خلاله لدكتاتور قوي، أن يطبع أفكاره الانتهازية على عقول أولئك الذين يخطط لاستخدامهم أو تدميرهم. إن جوهر استراتيجية تشويه العقل، هو سلب كل أمل ممكن، وكذلك القضاء على كل التوقعات الممكنة في الحاضر وفي المستقبل.

ويحاول الإنسان حين يتعرض إلى الضغوط - في كثير من الأحيان - الصمود قدر استطاعته، بل وقد يتعدى ذلك حدود قدرته على التحمل، ولكنه لا شك بأنه سينهار. كما إن الطريقة الوحيدة لتقوية دفاعات المرء ضد هجوم منظم على العقل والإرادة، هو الفهم الأفضل لما يحاول العدو القيام به، ومن ثم تجاوزه. وجدير بالذكر القول بأن الوقت، والخوف، والضغط المستمر، تخلق حالة من تشويه العقل عبر جلسات التنويم المغناطيسي، وذلك لأن الجزء الواعي من الشخصية، لم يعد يشارك الاعترافات التلقائية. في حين يعيش الدماغ في غيبوبة، ومن ثم يبدأ بتلقي وإعادة المعلومات إلى عقله، والتي يقوم بتلقينها شخص آخر.

وهناك نوعان من التكيّف:

النوع الأول وهو رد الفعل الفطري، وهو تطور من خلال تطور الجنس البشري بأكمله، وعلى مدى عقود طويلة من العملية التطورية.

أما النوع الثاني فيتمثل في رد الفعل الفردي، وهو نتيجة حياة الفرد، ونتيجة للتدرج التلقائي التدريجي للردود المكتسبة.

إن الرأي العام الموجه هو نتيجة لأساليب الدعاية الجيدة، بواسطة عدة وسائل منها (توزيع الآراء الجاهزة، من خلال الصحافة والإذاعة.. إلخ، مراراً وتكراراً).

كما إنّ التهديد، والتوتر، والقلق، بشكل عام، قد يؤدي إلى التعجيل في إنشاء استجابات مشروطة.

وأخيرا نذكِّربأن  الضحايا المروعين سيجودن أنفسهم مضطرين للتعبير عن المطابقة التامة لرغبات وأفكار الطاغية الذي يحكمهم.

 

 

أخبار ذات صلة