تاريخ الإرهاب من العصور القديمة إلى «داعش»

الإرهاب.jpg

محمد الحدّاد

هل للإرهاب تاريخ؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فهل يُمكن كتابة هذا التاريخ منذ أقدم العصور إلى الوقت الحالي؟

يبدو هذا الرهان شبه مستحيل، لأسباب سنبيّنها لاحقًا، لكنّه رهان تجاسر بالإقدام عليه الخبير الإستراتيجي المشهور جيرارد شاليون، بمشاركة سبعة متخصصين آخرين. وكان شاليون قد ألّف سابقاً أو أشرف على مؤلفات مرجعية مهمة، مثل "مختارات عالمية في الاستراتيجيا" (2009)، "أطلس النظام العالمي" (2003)، "استراتيجيات الإرهاب" (1999)، إلخ، ودرّس في جامعة "هارفارد" الأمريكية، وكلّف بإدارة "المركز الأوروبي لدراسة النزاعات". إنّ خبرته الواسعة في التدريس والتأليف في القضايا الإستراتيجية لتؤهّله لخوض هذه المغامرة العسيرة. وقبل تقديم تقييمنا لهذا العمل الضخم (830 صفحة) الذي أشرف عليه، سنبدأ بعرض منهجيته وأقسامه.

      يمكن القول إنّ الكتاب عبارة عن موسوعة تاريخية استفتحها أصحابها بمحاولة تحديد مصطلح الإرهاب، ثمّ متابعة تجلياته في مختلف العصور التاريخية. فبدأوا بالتاريخ القديم ودرسوا حركتين دينيّتين عنيفتين ظهرت إحداهما في اليهودية والثانية في الإسلام. فالأولى هي المعروفة بطائفة الغيوريين (zélotes) وقد نشأت في القرن الأول الميلادي وفي سياق المواجهات بين روما واليهود، وعلى عكس المسيح الذي سعى إلى مواجهة العُنف بالدعوة إلى السلام وإعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله، كانت هذه الحركة اليهودية المتطرّفة تدعو إلى مقاومة الهيمنة الرومانية بالعنف، كما كانت تفرض التعاليم الدينية على اليهود بالإكراه أيضًا. وقد نظم أتباعها أنفسهم في ما يشبه الحلقات السريّة والتزموا التزاما صارما بالدين، وكانوا يرون أنّ من واجبهم الديني الردّ بالعنف على كلّ من يُهدّد اليهودية أو يتساهل في الالتزام بتعاليمها. ولئن كان عدد هؤلاء محدودا أمام قوة روما فقد ظلّوا يعتبرون مقاومتهم شهادة في سبيل الدين، فأرهقوا الجيش الروماني وترتّب على ذلك ردود فعل أقوى من روما انتهت بتدمير الهيكل اليهودي سنة 70م. أما المقابل الإسلامي لهذه الفرقة فهي المعروفة بالحشاشين، وقد اشتهرت في الغرب بفضل الدراسة المشهورة التي خصها بها المستشرق برنارد لويس. فهذه الفرقة كانت قليلة الأتباع أيضًا، لكنها نجحت في تحدّى الدول القائمة لفترة طويلة بفضل تكوين فدائيين مستعدّين للتضحية من أجل ما كانوا يرونه الحقيقة، والتفنّن في  ابتداع أصناف العنف ضدّ مخالفيهم، وتنفيذ عمليات جريئة أدخلت الرعب في نفوس أعدائهم، مثل اغتيال الوزير نظام الملك. ومع هاتين الحركتين بدأ يتضح مفهوم الإرهاب القائم على المواجهة غير المتكافئة التي تهدف إلى إرهاب الخصم والانتقام منه وليس الانتصار عليه.

      ثمّة مسلك آخر للإرهاب ظهر أيضاً منذ العصور القديمة وهو ما يُعرف بـ "اغتيال الطغاة" (Tyrannicide)، فبدل القيام بحروب غير متكافئة ضدّ الحكّام، يمكن إعداد أشخاص لاغتيالهم. وقد ناقش العديد من الفلاسفة واللاهوتيين منذ القديم مشروعية هذا العمل، وكان الإشكال المطروح كالتالي: إذا كان الطغيان عملاً غير أخلاقي والاغتيال عملاً غير أخلاقي، فهل يمكن تبرير أحدهما بالآخر؟ ويلاحظ أصحاب الدراسة أنّ بداية العصر الحديث في الغرب (القرن السادس عشر الميلادي) شهدت تنامي الآراء الفلسفية والدينية المساندة لهذا التبرير بسبب تنامي أهمية قيمة الحرية، وقد نشرت عدة كتب تنحو هذا الاتجاه وإن ظلت محدودة الانتشار.

      وتعتبر الثورة الفرنسية لحظة محورية في نشأة الإرهاب الحديث. لقد أعادت الاعتبار لبعض تلك الكتابات من القرن السادس عشر التي كانت تبرّر الإرهاب من منطلقات أخلاقيّة وتعتبره انتصاراً للحريّة. كما منحت كلمة إرهاب (Terreur) دلالة إيجابية خلال السنوات الأولى من اندلاعها. ودافع العديد من روّاد الثورة على شرعية استعمال الإرهاب ضدّ المُعارضين وتخويفهم لتمرير القرارات الثورية، وبرزت مفاهيم مثل "العنف الثوري" و"الأحكام الاستثنائية" ومبدأ "الغاية تبرّر الوسيلة"، وأصبحت هذه المستحدثات محلّ دفاع فكري وفلسفي من قبل الثوار الأكثر تطرّفا، ووجدت قبولاً لدى شخصيات مركزية مثل روبيسبيار وسان جيست.

      لم يستمرّ هذا التيّار طويلا في قيادة الثورة، فقد ظهر القائد العسكري بونابرت ليؤسس "الحرب الشعبية" ويُعيد العنف إلى شكل أكثر ألفة في التاريخ، أي شكل الحرب، فتراجعت بذلك الأيديولوجيا الإرهابية التي نمت مع الثورة، لكنها بقيت كامنة إلى أن برزت من جديد في القرن التاسع عشر، بواسطة ما يدعى بالثورية الفوضوية. وقد ابتدع هذا التيار أحد المبادئ الأساسية للإرهاب الحديث، وملخصه أنّ القيام بعملية عنيفة يمثل أفضل طريقة لنشر فكرة معينة والدعاية لها، فالإرهاب تحوّل منذ ذلك الوقت إلى اليوم إلى نوع من الإستراتيجية في الدعاية والتسويق.

      وقد انتشر هذا المبدأ في الأوساط الثورية الأوروبية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. لكنّه تراجع بعد ذلك أمام الحركات الثورية الماركسية التي كانت ترفض هذه الطريقة وتعتمد إستراتيجيات أخرى مثل التحركات الاحتجاجية الشعبية (الإضرابات...) أو حرب العصابات. ويلاحظ أن فرنسا كانت أوّل بلد في العالم استعملت فيه المتفجرات (الديناميت) للقيام بعملية إرهابية، بينما كانت روسيا أكثر بلد شهد تطوّر تيار الثورية الفوضوية الذي يعتمد الإرهاب مبدأ لأعماله.

      ويعلم الجميع أنّ الحرب العالمية الثانية قد اندلعت نتيجة عملية إرهابية، تلك التي نفذها شاب ينتمي إلى منظمة صربية إرهابية ضدّ ولي العهد فرنسوا فرديناند، وقد وصفت آنذاك بأنها أشهر عملية إرهابية في التاريخ، وإن جاءت بعدها من العمليات ما نزع عنها هذه الصفة. وبصفة عامة، تطوّر الإرهاب بتطوّر صناعة المواد المتفجّرة، وظهر منظّرون للإرهاب، مثل جوهان موست Most الذي سعى إلى تأسيس الإرهاب على حقائق العلم الحديث.

ثم بعد ذلك، استعمل الإرهاب لدى حركات التحرّر الوطني والأقليات المضطهدة، فأصبح من العسير تعريفه ومناقشة مشروعيته الأخلاقية. ونشأ بالتوازي مع ذلك مفهوم "إرهاب الدولة" بمعنى إرهاب جهاز الدولة لمواطنيه، وقد ارتبط بالأنظمة الشمولية خاصة، مثل هتلر في ألمانيا وستالين في الاتحاد السوفيتي والخمير الحمر في كمبوديا. ولقد اتسع بذلك المفهوم وتعقّد وأصبح خاضعًا لتجاذبات أيديولوجية وقانونية مختلفة.

      وقد تضاربت تعريفات الإرهاب في حقبة الحرب الباردة، لا سيما وقد ارتبط بالنزاعات الكبرى التي شهدتها هذه الحقبة، مثل النزاع العربي الإسرائيلي، والنزاع بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية. ويرى أصحاب الكتاب أنّ الإرهاب قد دخل مرحلة جديدة في ستينيات القرن العشرين، عندما ارتبط بالإسلام، عبر القضية الفلسطينية، ثمّ إيران ونشأة "حزب الله"، وأفغانستان ونشأة الجماعات الجهادية. وقد كانت القضية الأخيرة، أفغانستان، المنشأ الأكبر للإرهاب الجديد، إذ إنّ "الجهاد" الذي شجعته الولايات المُتحدة ضدّ خصمها السابق، الاتحاد السوفيتي، قد واصل تمدّده وانتشاره حسب منطقه الخاص، وتحوّل إلى قوّة رهيبة لا يمكن إيقافها أو التحكّم فيها، وبلغ مرحلة متقدّمة من الضراوة بعد الحرب ضدّ العراق سنة 1991، بالإضافة إلى نتائج عودة "المجاهدين" الأفغان إلى بلدانهم الأصلية، حيث حملوا معهم تقنيات متطوّرة في ممارسة العمليات الإرهابية لقيت الحكومات عنتا كبيرا في التصدّي لها، على غرار ما حصل في الجزائر في التسعينيات.

      وقد جاءت تفجيرات 11/9/2001 لتمثّل الذروة في هذا التطوّر للبراعات الإرهابية، إذ جمعت هذه العملية كل الصفات التي تراكمت على مدى التاريخ للعمل الإرهابي، أي قدرة مجموعة محدودة العدد والإمكانيات على إلحاق أضرار جسيمة بدولة عظمى، واستعمال العملية للدعاية وكسب الأنصار في العالم كلّه، والتسبّب في تغيرات جوهرية تحوّل العالم كلّه إلى طرف معني بالنزاع، إلخ. ولكن علينا ألا ننسى أنّ الإرهاب لم يتوقف في أمريكا الجنوبية ولدى الحركات اليسارية المتطرفة، فبعد موت شي غيفارا في بوليفيا سنة 1967، وضع كارلوس مارغالا (Marighello)  معالم إستراتيجية جديدة تقوم على الربط بين الإرهاب والانتفاضة الشعبية، واستعملت هذه الإستراتيجية بنجاح في العديد من بلدان هذه القارة.

      ومن الملاحظ أنّ الإرهاب نجح في الفترة المعاصرة في اغتيال ستة زعماء سياسيين كبار: ألدو مورو (إيطاليا : 1978)، لورد مونباتن (إيرلندا :1979)، أنور السادات (مصر: 1981)، أنديرا غاندي ( الهند 1984)، رجيف غاندي (1991) وإسحاق رابين (1995). ويقدّر عدد ضحايا العمليات الإرهابية في الفترة المعاصرة (منذ الستينيات إلى اليوم) بأكثر من 15 ألف ضحية. وقد اضطرت كل الدول إلى تخصيص نفقات ضخمة وتكوين فرق مختصة لمحاربة الإرهاب، كما اضطرت أكثر الدول ديمقراطية ومحافظة على الحريات إلى تغيير تشريعاتها لتتلاءم مع هذا التحدّي الجديد. كما اضطرت أحياناً إلى الرضوخ للمطالب الإرهابية بإطلاق سراح مسجونين أو دفع الفدية لتحرير الرهائن الأبرياء.

      لقد رأينا أنّ الإرهاب منذ بداية العصر الحديث (القرن السادس عشر) إلى بداية الفترة المعاصرة (ستينيات القرن العشرين) كان في الغالب منفصلاً عن الاعتبارات الدينية ومرتبطا بأيديولوجيات علمانية (الثورة الفرنسية، الاشتراكية، القومية)، فهل أحد مميزاته الحالية هو ارتباطه بالدين؟ وهل هذا الارتباط هو الذي يفسّر انتقاله من سلوك نخبوي إلى سلوك يستقطب أعداداً أكبر من المنفذين؟

      لقد شهدت هذه الفترة عدّة عمليات إرهابية ذات خلفيات دينية، مثل اغتيال أنديرا غاندي وابنها رجيف في الهند، أو اغتيال إسحاق رابين من مُتطرف يهودي، وجريمة باروخ غلدستاين سنة 1994 ضدّ المصلّين الفلسطينيين في الأقصى، أو الهجومات بغاز السارين في ميترو الأنفاق بطوكيو من جماعة كانت تطلق على نفسها "جيش الربّ". لذلك يشير أصحاب الموسوعة إلى أن الإرهاب المرتبط بالإسلام ليس بدعًا وإنما ينخرط في هذا التوجه العام، أي توظيف الدين في العمليات الإرهابية. بيد أنه من حيث الكمّ والكثافة، بلغ الإرهاب درجات أعلى بكثير في الأوساط الإسلامية، وقد خصّص لها وحدها ثلث هذه الموسوعة.

      هل يمثّل ظهور "داعش" مواصلة للتشدّد الإرهابي باسم الإسلام، كما بدأ منذ سبعينيات القرن العشرين، في سياق التدخل السوفيتي في أفغانستان (1989-1979)، أم أنّه منعرج جديد في تاريخ هذه الآفة؟ يرى جيرار شاليون أن ظهور داعش يتميّز بظاهرة جديدة وهي اعتماد مبدأ السيطرة الإقليمية، بما يرفع الإرهاب إلى درجة العمليات الحربية، إذ لم يُعد يكتفي بالإساءة إلى دول بل أصبح يسعى إلى إنشاء دولته الخاصة. وترتّب هذا التحوّل على ما دعي بالربيع العربي الذي أطاح بأنظمة حاكمة وترك أقاليم شاسعة دون حكومات شرعية. وتبنّى الأطروحة القائلة بأنّ جزءا من نجاح "داعش" يعود إلى استفادتها من رجال الأنظمة المخلوعة، من ذوي الخبرة في العمل الأمني والاستخباراتي والعسكري. وكانت الصحيفة الألمانية "ديرسبيغل" قد نشرت في شهر أبريل/نيسان 2015 تحقيقا أثبت تورّط عقيد سابق من الجيش البعثي العراقي في تكوين محاربي "داعش" في العراق وسوريا، ويرجّح أن أبا بكر البغدادي الذي أعلنته "داعش" في حزيران/جوان 2014 خليفة هو أحد رفاقه أو مساعديه. ويذهب شاليون إلى أنّ احتلال الموصل سنة 2014 كان آخر العمليات الناجحة لهذا التنظيم وأن الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضدّه منذ تلك الفترة مافتئت تضعف منه إلى حدّ الآن، فلم يحقّق اختراًقا جديداً ولم ينجح في بلوغ كركوك ولم يعُد قادرا على الحركة الجماعية بسبب القصف الجوّي ضدّ قواته. ويرى أنّ نجاحه كان إعلاميا أكثر منه ميدانيا. وكأننا بالكاتب يرجّح بلوغ الإرهاب أوجه وتوجّهه نحو التراجع مستقبلا، بيد أن ما حقّقه إلى حدّ الآن من "مكاسب" ليس بالأمر الهيّن، يقول أصحاب الموسوعة: "لقد نجح دون شك في نشر أيديولوجيا صالحة للحشد طوال الفترة الممتدة من 1979 إلى 2015، وفرض نفسه، ولو جزئيًا، في أقاليم عدّة (أفغانستان/باكستان، سوريا/العراق، الصومال، ليبيا، الساحل الإفريقي، نيجيريا)، لكنّه فرض نفسه خاصة بصفة غير مُباشرة بتداعياته في العالم كله".

      لئن كان العمل الوارد في هذه الموسوعة ضخمًا (أكثر من 830 صفحة) وشاملا، فإنّه يظل يواجه مشكلا أساسيا، وهو تعريف الإرهاب. فهل يمكن أن نكتب تاريخ شيء لا نعرف على وجه الدقة تعريفه؟ هل يمكن أن نتحدث عن فرقة "الغيوريين" في اليهودية أو الحشاشين في الإسلام على أنهما إرهاب؟ ولماذا لن يشمل التوصيف فرقاً أخرى مارست بدورها العنف؟ ولماذا لا تصنّف هاتان الفرقتان ضمن الفرق السرية (sectes) التي عرفت في تواريخ الأديان المختلفة وعرفت في العصر الحديث أيضاً وكانت وراء عمليات عنف مشهودة؟ هل استعمال الإرهاب من قبل اليهود والفلسطينيين في النزاع على فلسطين كان متأثرا بهاتين الفرقتين أم كان متأثرا بمقولات العنف الثوري التي ظهرت في الفكر اليساري وفي حركات التحرّر الوطني الحديثة؟

      بل إنّ تعريف الإرهاب يظل عصيّا حتى لو اقتصرنا على العصر الحاضر، لأنّ تميّزه عن ظاهرة العنف عامة يظل مرتبطاً بذاتية المحلّل والمؤرّخ، فهو الذي يحكم على أنواع من العنف على أنها أكثر وحشية من أخرى. وإذا عرّفنا الإرهاب بأنّه وسيلة أو تقنية، كما ذهب إلى ذلك أصحاب الموسوعة، وأقررنا بأنّه قديم قدم الحروب، فما الذي يجعله مختلفاً عن ضروب العنف الأخرى؟.

      لا نرتاح كثيرا إلى العديد من المحدّدات التي سعى أصحاب الموسوعة إلى تعريف الإرهاب بها. فافتراضهم مثلا أنّ العنف الذي تمارسه الدول في الحروب عنف معقلن وذو أهداف قابلة للفهم، وأن العنف الذي تمارسه الجماعات الإرهابية غير معقلن ولا يهدف إلاّ إلى إرهاب الخصم، هو افتراض لا يستقيم في تفسير العديد من الوقائع المعاصرة، ومنها مثلاً وجود رؤى وأهداف لدى تلك الجماعات تستمدّ معقوليتها من خلال فهمها الخاص للعالم وللتاريخ، بل قد يكون ذلك الفهم منتشرا لدى فئة أوسع بكثير من أعضاء الجماعات الإرهابية، مثل التطلع إلى تحقيق استقلال مجموعة عرقية معنية أو استعادة الخلافة الإسلامية، فيكون الاختلاف في تحديد درجة العنف المشروع وليس في الرؤية ذاتها، فالحكم عليها بالمعقولية أو عدمها حكم ذاتي خارجي.

      كما أنّ المصادرة التي قامت عليها الفلسفة السياسية الحديثة، والقائلة بأنّ الدولة وحدها هي التي تحتكر العنف الشرعي، مصادرة فيها نظر. لماذا التفريق بين الإرهاب الذي تمارسه مجموعات محدودة العدد والإرهاب الذي تمارسه دولة معينة، سواءً ضدّ مواطني دولة أخرى أو، خاصة، ضدّ أقلية تنتمي إليها؟ ولو تخلصنا من هذا الفارق فإن تأليف تاريخ للإرهاب سيستمدّ على مئات الآلاف من الصفحات وسيتقاطع مع جزء كبير من التاريخ البشري عامة، منذ العصور القديمة إلى اليوم.   

---------------------------------------------------------------------------------

الكتاب: تاريخ الإرهاب من العصور القديمة إلى "داعش"

المؤلف: مجموعة مؤلفين تحت إشراف جيرار شاليون وأرنود بلين

الناشر: دار فايار للنشر، باريس، سبتمبر 2015

اللغة: الفرنسية

أخبار ذات صلة