أمَّة مارقة: الأحاديَّة الأمريكيَّة وفشل النوايا الحسنة

كلايد.jpg

مُنى أحمد أبو زيد *

يُشكِّل كتاب "أمة مارقة" حُجَّة ضد الغطرسة والجهل في ممارسة القوة، كما يستكشف النبضَ الأحاديَّ لأمريكا، ويبيِّن لماذا يجب علينا اعتناق التعددية، والقانون الدولي من جديد.

وكتاب "أمة مارقة" كتابٌ مُهم للغاية، تجيء أهميته من أن كاتبه هو واحد من الطبقة الحاكمة فكرًا وانتماءً، وبذا ينطبق عليه أشد الانطباق القول المأثور: "وشهد شاهد من أهلها"، وهو شاهد لا يعرض للأوضاع الاقتصادية والسياسية والدولية والثقافية فقط، لكنه يدعم ما يقول بإحصائيات موثقة وباقتباسات ثابتة المرجعية، تأكيدًا لمصداقيته. ويتضمَّن هذا الكتاب زاوية مهمة عن رؤية الأمريكيين لأنفسهم ولإسرائيل؛ باعتبار ذلك أمرًا له أهمية خاصة في منطقتنا العربية. كما يتناول أوجه الحياة الأمريكية من خلال سياسات الإدارة الأمريكية ويعرض المنهج الأمريكي في التعامل مع الآخر، وهو منهج يتسم بالتعالي والغطرسة والنظرة للغير من أعلى، مع اتخاذ موقف تبشيري مزعوم دفاعًا عن أجمل القيم الإنسانية، لكن دون أي التزام بها.

ومؤلف الكتاب هو "كلايد بريستوويتز"، يذكر عن نفسه أنه نتاج الطبقة الوسطى، محافظ جمهوري، وأنه براء تمامًا من أن يكون يساريًا أو ليبراليًا أو ديمقراطيًا، إنه محافظ ينتمي للحزب الجمهوري، والسبب الذي دفعه إلى تأليف هذا الكتاب هو: عزلة أمريكا التي أحس بها أثناء سفره لعدة بلدان، والتي تزداد سوءًا على مرّ الأيام.

يصفُ المؤلف وضع السياسة الخارجية الأمريكية قائلاً: إننا ندفع ثمن أخطاء جسيمة صدرت عن الجهل وجنون العظمة والثقة الزائدة في أسلحتنا وقوتنا. ورغم كل التضحيات في سبيل قضية الحرية والعدالة، إلا أنه غالبًا ما يُنظر إلى أمريكا من الخارج بخوف وارتياب؛ وذلك لأنَّ تلك السياسات ما كانت قط في سبيل الحرية والعدالة.

يتكوَّن الكتاب من مقدمة المترجم وعشرة فصول وخاتمة. الفصل الأول عنوانه: "في خصام مع العالم- وأنفسنا"، يبدأ المؤلف هذا الكتاب بتعريف كلمة "أمة مارقة"، وهي تعني "أنها أمة لم تعد مطيعة، أو منتمية، أو مقبولة، كما لا يمكن التحكم فيها أو مساءلتها، إنها منحرفة، وحشية التصرف بصورة شاذة، ولا يمكن التنبؤ بمزاجها". ويدلل المؤلف على صحة هذا الوصف؛ إذ إن صورة أمريكا، كما هي مرئية من الخارج، صارت قبيحة على نحو متزايد، وأنه سمع نقدًا للاتجاهات الأمريكية الأحادية.

ويقول المؤلف: إن قائمة همومنا تبدأ بالأحادية الأمريكية، وما يراه العالم فينا من إمبريالية ناعمة، كعلامة تجارية أمريكية خاصة بها، وترتبط بهذا مسألة العولمة، كعملية أمركة، إن استخدام الطاقة، والاحتباس الحراري الكوني، موضوعان كبيران مرتبطان لهما أهمية كونية، وتدور حولهما وجهات نظر تتباين بحدة. إن استخدام النفط الأجنبي له دلالات ذات علاقة بالحرب والسلام، يمكن أن يؤثر بطريقة درامية على بلدان أخرى، كذلك تشمل وجهات النظر الأمريكية حول السيادة وحرية الفعل والهيمنة العسكرية على دلالات كبرى ذات علاقة بالحرب والسلام، ولا يمكن التهرب من موضوع إسرائيل وفلسطين، كما لا يمكن تجاهل النقاط الساخنة في العراق وكوريا.

ويشير إلى المسألة الفلسطينية-الإسرائيلية، ويرى أنها مسألة تتسع فيها الهوة بين أمريكا وباقي أنحاء العالم أكثر من أي مسألة أخرى. إن إسرائيل بالنسبة للأمريكيين، صديق وثيق الصلة وحليف. يضاف إلى ذلك أن الأمريكيين بدؤوا في أعقاب 11 سبتمبر ينظرون إلى نضال إسرائيل ضد الإرهابيين الانتحاريين باعتباره مماثلاً لحرب أمريكا ضد إرهاب "القاعدة". والواقع -فيما يؤكد المؤلف- أن الفلسطينيين يعيشون في ظل الاحتلال منذ قرابة أربعين عامًا، وأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة قد تمت بطريقة عنيدة عبر السنوات العشر الماضية، وهذا يُشكِّل نوعًا من العنف، لقد ربط البعض ذلك بمعاملة الولايات المتحدة للأمريكيين الأصليين خلال ترسيخ الحدود الأمريكية في القرن التاسع عشر، وباكورة القرن العشرين. ومن هنا كانت المطالبة بوقف العنف الفلسطيني دون ذكر الاستيطان الإسرائيلي -كما يرد على لسان المؤلف- أمر مجحف ويؤدي إلى نتائج عكسية.

عنوان الفصل الثاني: "الإمبراطورية غير المعترف بها". وفي هذا الفصل يتحدث المؤلف عن شكل الإمبراطوريات القديمة، الذي حازه الأوروبيون أو الصينيون أو اليابانيون من امتلاك مساحات خارج حدودها. وقد كان لأمريكا مستعمرات مباشرة قليلة، أو ممتلكات من أرض على النمط الكلاسيكي لبريطانيا ويابان الماضي، غير أن الإمبراطوريات تقاس أيضًا بقدرتها على إبراز القوة لإخضاع الآخرين أو إغرائهم على ما تصدره من أوامر، وعلى وضع القوانين وفرضها، وعلى تأسيس معايير اجتماعية، وهو ما أخذ يظهر في سياسات أمريكا وعلاقاتها مع الآخرين.

... إنَّ نصيب الولايات المتحدة من إنفاق الدفاع الكلي لكل بلدان العالم هو 40% آخذة في الزيادة، وفي لغة الهيمنة العسكرية المطلقة، فإن العالم لم ير مثيلاً لهذا.

وتلوح الولايات المتحدة بهذه الضخامة الاقتصادية. إذ إن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة يصل إلى أكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي الموحد لجميع بلدان العالم. وهي أكبر اقتصاديًا من أوروبا كلها، وأربعة أضعاف ألمانيا، الأكبر اقتصاديًا، ويعادل اقتصاد الصين، طبقًا لأسعار السوق عُشر حجم اقتصاد الولايات المتحدة فقط، وروسيا أقل من نصف ذلك.

ويعقب المؤلف على هذه القوة الاقتصادية والعسكرية قائلاً: أن تكون كبيرًا وقويًا وذا سلطة، لا يساوي بالضرورة الإمبريالية. إن قوة أمريكا تعبّر عن نفسها في الحقيقة عبر ثلاثة سبل على الأقل: الإكراه، والإغراء، والإقناع. والإكراه بالطبع هو الأكثر مباشرة واستخدامًا في السياسة الأمريكية.

ويتناول الفصل الثالث: "لعبة أمريكا" في الأسواق المالية، وهو ما ظهر إثر الأزمة المالية الآسيوية، وكان مدمرًا لتايلاند وجنوب شرق آسيا، وتسبب هذا في تساؤل العديدين، إذا ما كان لدى الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي فهم جيد للكيفية التي أثرت بها العولمة على الاقتصاديات الآسيوية.

إنَّ صندوق النقد الدولي والكثير من المسؤولين في الولايات المتحدة قد اعترفوا بأخطاء وسياسات غير مناسبة، إلا أن الولايات المتحدة أفلتت من أسوأ أزمة مالية كونية منذ الركود الكبير، في حين أن الإندونيسيين والتايلانديين وصيني هونج كونج والكوريين- ما زالوا يتذكرون لا مبالاة وتقلب وجهالة الولايات المتحدة ومؤسسة العولمة.

وتحت عنوان "الركض وراء باطل"، يأتي الفصل الرابع ليتحدث المؤلف فيه عن الزهو الأمريكي في مجال الطاقة؛ فإذا كان النفط جزءًا أساسيًّا من اللعبة في الحرب العالمية الأولى فقد كان اللعبة كلها في الحرب العالمية الثانية. ورغم أنَّ النفط كان معروفًا منذ قديم الأزمان، إلا أنه لم يصبح مركزَ اهتمام تجاري في الشرق الأوسط حتى عام 1900، عندما اقترح شاه فارس على دبلوماسي بريطاني متقاعد إمكانية بيع امتياز التنقيب عن النفط في فارس. ولفت هذا أنظار الدول الكبرى إلى بترول الشرق، وأصبح المشايخ المعدمون على امتداد الشرق الأوسط فجأة موضع ود ومحبة من أصحاب شركات النفط الغربيين، بحثًا عن امتيازات الحفر.

عرف الجميع بوجود كميات كبيرة من النفط في الشرق الأوسط، خاصةً في شبه الجزيرة العربية. ورغم أن إنتاج الشرق الأوسط كان هامشيَّ الأهمية أثناء الحرب العالمية الثانية، إلا أن ذلك تغيَّر سريعًا.

وتغيَّر سوق النفط بطريقة حاسمة عام 1973، ولم تعد الولايات المتحدة هي الملاذ الأخير، كانت العربية السعودية هي ذلك الملاذ وتشكلت قبل ذلك الأوبك عام 1960 كجزء من نضال البلدان المصدرة للنفط بعيدًا عن شركات البترول. وفي حرب 1973 أُعلن عن استخدام سلاح النفط للضغط على الولايات المتحدة وأوروبا لإجبار إسرائيل على التراجع، وقد أثبت سلاح النفط هذه المرة أنه سلاح فعَّال.

ويذكر المؤلف أن للولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية علاقة خاصة منذ سنين، وأن السعوديين لا يبيعون فقط النفط إلى الولايات المتحدة بدولار أقل، من أي أحد آخر للبرميل الواحد، لكنهم يسعرون أيضًا نفطهم بالدولار، مما يساعد الولايات المتحدة على الإبقاء على الدولار باعتباره الوحدة الأساسية للحساب، وهذه ميزة عظمى للهيمنة الأمريكية.

ويعرض المؤلف في الفصل الخامس لاتفاقية "كيوتو". وهي اتفاقية عُقدت في جزر المالديف، اجتمع فيها كل قادة العالم تقريبًا، وتتعلق بتقليل انبعاثات الغاز، والاحتباس الحراري الكوني. وأعلنت إدارة بوش الأصغر أن الولايات المتحدة لن تدعم التصديق على بروتوكول "كيوتو"، وإذا كان هذا الإعلان قد أثار المالديفيين، فإن أجزاء كثيرة من باقي أنحاء العالم، خاصةً أوروبا قد سخطت أشد السخط على هذا الإعلان. يضاف إلى ذلك موقف أمريكا من مشكلات بيئية أخرى.

ويتناول المؤلف في الفصل السادس موضوع "الأسلحة"، وتحت عنوان "نحن نثق في الأسلحة" يردد المؤلف عبارة "أن أمريكا تبشر دومًا بحكم القانون، لكنها في النهاية تضع نفسها دومًا فوق القانون".

... إنَّ الولايات المتحدة في الحلبة الدبلوماسية هي بطلة حكم القانون، والتبشير به بصورة خاصة باعتباره شيئًا لابد منه للتجارة الحرة والتنمية الاقتصادية. والتوسع في حقوق الإنسان، وحمايتها. ومع ذلك، فقد ذكر تقرير صدر في إبريل عام 2002 بعنوان "حكم القوة أم حكم القانون ردود فعل الولايات المتحدة على ثماني اتفاقيات دولية كبرى، تبين أن الولايات المتحدة ساومت أو عمدت إلى تفجير أو إضعاف معاهدات تعتبر علامات: منها حظر استخدام الألغام، والاتفاقية المضادة للصواريخ الباليستية، واتفاقية الحرب الكيميائية، واتفاقية الحرب البيولوجية، واتفاقية منع الانتشار، والمحكمة الجنائية الدولية.

وفي الفصل السابع، وعنوانه: "شعب مسالم وحرب بلا نهاية" يعرض المؤلف موقف أمريكا من الحروب بداية من الحرب العالمية الأولى مرورًا بالثانية والحرب الكورية والحرب الباردة والحرب على فيتنام، وأفغانستان والعراق. ويشير المؤلف إلى وجود معارضة شعبية كبيرة في الولايات المتحدة للذهاب إلى الحرب العراقية منفردين، دون دعم من الأمم المتحدة، وأحس كثير من المراقبين في الداخل والخارج أن العراق كان تهديدًا أقل مما تدعيه الإدارة؛ إذ ليس لديه أسلحة نووية أو صواريخ باليستية، وأن غزو العراق سوف يشكل مشكلات أكبر مما يقدم حلولاً، ويثير اضطرابًا كبيرًا في المنطقة، وربما في العالم الإسلامي الأكبر، كانت البلدان العربية والإسلامية تؤمن- بشكل خاص- أن موقف الولايات المتحدة مثالاً آخر على المعايير الغربية المزدوجة، وهو قد وضع عربة العراق أمام حصان إسرائيل وفلسطين. لقد قالوا قبل الهجوم على العراق: إنه يجب القيام بجهد حقيقي لحل الموضوع الإسرائيلي- الفلسطيني، حتى إن كان هنالك في النهاية، ضرورة للهجوم على العراق.

ويتحدَّث المؤلف في الفصل الثامن عن موضوعات ذات نشاط سياسي. وعن الأهمية الكبرى التي توليها أمريكا لكل من إسرائيل وتايوان، رغم أن عدد سكانهما ضئيل للغاية: 6.2 مليون و22 مليونا على التوالي. ويرى المؤلف أن خلافات أمريكا مع العالم يمكن تناولها، إلى حد كبير، في أربع كلمات: إسرائيل، تايوان، الدين، جماعات الضغط. وعن إسرائيل، يذكر المؤلف أنه لا يوجد موضوع تختلف فيه وجهات نظر الولايات المتحدة فعليًا مع كل البلدان الأخرى، أكثر من ذلك الذي يدور حول إسرائيل ونزاعها الذي لا ينتهي مع الفلسطينيين.

إنَّ وسائل الإعلام في الولايات المتحدة حساسة للغاية فيما يتعلق بالنقد الذي توجهه إسرائيل للأعمال التي يقومون بها. حتى إن محطة "سي.إن.إن" اعتذرت بالفعل في أول موقف تاريخي لها، استجابة لشكاوى من أن تقريرها عن المعارك الإسرائيلية الفلسطينية في مدينة جنين كانت مواتية للغاية للفلسطينيين، وتحظى الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين بانتباه أقل، وتقبل بسهولة باعتبارها دفاعًا شرعيًا عن النفس.

ويختم المؤلف هذا الفصل قائلاً: إن أمريكا بسياستها نحو إسرائيل وتايوان تواصل إلحاق الضرر البالغ بنفسها، وتخلق عداوات كثيرة، وتحول عينها عمدًا عن الرأي الآخر. ويحذر قائلاً: يجب على صحافتنا أن تكتب عن الحقيقة في إسرائيل وفلسطين وتايوان، ومناطق أخرى عديدة حتى لا نفقد مصداقيتنا.

وتحت عنوان: "أصدقاء وأعداء" يأتي الفصل التاسع، الذي يتحدث فيه المؤلف عن تلك الحقبة التي انتهت فيها الحرب الباردة بانتهاء وجود الاتحاد السوفيتي. وهو ما رصده فرانسيس فوكاياما بكتابه "نهاية التاريخ". في تلك الفترة بدا أنه ليس هنالك من أعداء للولايات المتحدة. وبدأ وضع أسس نظام عالمي جديد لتعاون متعدد الأطراف. إلا أن هذه الفترة لم تستمر طويلاً، عندما أظهرت هجمات 11 سبتمبر عام 2011 على برجي التجارة العالمية والبنتاجون أن التاريخ ما يزال على الدرب، وأن العولمة ليست بالضرورة إكسيرًا سحريًا. إن تلك الهجمات قد فجرت تحولات بعيدة المدى في العلاقة مع بعض أصدقاء أمريكا القدامى.

... إنَّ البلدان الإسلامية في الشرق الأوسط، وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، لم يعد لديها أي ثقة في أمريكا، إن هذه البلدان باعتبارها بلدانًا عميقة التدين، قد رفضت العقيدة الشيوعية، بصورة طبيعية، وكانت في أغلب الوقت حليفة لأمريكا خلال الحرب الباردة، رغم عدم ارتياحها لدعم الولايات المتحدة لإسرائيل.

إنَّ كثيرًا من السعوديين درسوا وعاشوا في الولايات المتحدة. وفي أعقاب 11 سبتمبر اتخذت الصحافة الأمريكية موقفًا صارمًا من السعودية، وهي الصديق المُقدم حتى الآن، لأن خمسة عشر من التسعة عشر قرصانًا كانوا مواطنين سعوديين. وأخذت صحيفة مثل الـ"وول ستريت جورنال" تهاجم السعودية وقانونها الإسلامي، وتحجيبها للمرأة، ونظامها المدرسي، ودعمها للفلسطينيين. ونسي الأمريكيون أو تناسوا الدعم الذي أعطته لهم العربية السعودية.

وتعاني الأردن ومصر القلق أيضًا، مثلما عانت السعودية و يتساءل العرب: لماذا في وسع إسرائيل امتلاك قنابل نووية وليس في وسع البلدان العربية؟ لماذا في وسع إسرائيل تجاهل قرارات الأمم المتحدة مع إعفائها من العقاب، لكن صدام يجب مهاجمته على الفور؟

إنَّ رباط الولايات المتحدة بالعرب المعتدلين، عمل طوال نصف قرن لكبح التوسع الشيوعي، ولوقف موجات الثورة الإيرانية، ولإنهاء تهديد صدام في حرب الخليج عام 1991، ولكنهم يرون أن القوة العظمى وراء عدم الاستقرار في المنطقة الآن هي الولايات المتحدة ذاتها.

أما الفصل العاشر والأخير، فيتحدَّث المؤلف فيه عما يجب أن تكون عليه الإستراتيجية الوطنية الأمريكية والنظرة التقليدية للعلاقات الدولية. يرى أن صعود أية قوة إمبراطورية سوف ينتج بطريقة أوتوماتيكية تحالفات مضادة وتعاونًا بين القوى الأخرى لتوازن القوى المهيمنة، حتى يصبح في النهاية امتداد الإمبراطورية مفرطًا وتنهار. ومن ثم فإن الرجال والنساء الأمريكيين سوف يرسلون إلى أركان الأرض البعيدة في حملة صليبية لنشر العقيدة الأمريكية.

ويرى المؤلف أن هذه الاستراتيجية لن تنجح ويعدد أسباب عدم نجاحها في:

- السبب الأول: إن وجود أشياء كثيرة مثل الأمن العسكري المطلق، والقنابل الموجهة بالليزر والصواريخ النووية وصور الأقمار الصناعية، لم تحم أمريكا من حاملي الأسلحة البيضاء والتعصب الانتحاري والمختطفين الذين قاموا بهجمات 11 سبتمبر.

- السبب الثاني: إن باقي العالم لا يرى الأمريكان كما يرون أنفسهم، وهم ليسوا بالضرورة راغبين أن يكونوا مثلهم. إن الشعوب تحتاج إلى الكرامة والاحترام أكثر من حاجاتهم إلى أجهزة الكمبيوتر، أو وجبات الهامبورجر.

- السبب الثالث: إن حربًا أمريكية لن تنجح؛ لأنها سوف تورط أمريكا بصورة متزايدة في أنواع من تحالفات تقوم على الملاءمة، وأعمال لا رحمة فيها ولا شفقة تؤدي إلى تغيُّر في الحياة الأمريكية وإفساد شخصياتهم ومؤسساتهم.

- السبب الرابع: إن العولمة الاقتصادية والتبذير الأمريكي قد نسفا بالفعل سيادتهم الاقتصادية، وجعلاها أكثر اعتمادًا على هؤلاء الذين يهيمنون عليهم. إن تهمة الرغبة في غزو العراق للتحكم في نفطه، تبدو مؤذية لآذان الكثير من الأمريكيين.

ويختم المؤلف كتابه بأنَّ أيَّ عمل في الشرق الأوسط، يجب أن يقترن بجهد متجدد لحل المأزق الإسرائيلي-الفلسطيني. يجب أن يشتمل ذلك على تقديم معونة لإسرائيل، مشروطة بالانسحاب من "الضفة الغربية" و"غزة"، وتجميد كل أعمال الاستيطان.

-----------------------

- الكتاب: "أمة مارقة..الأحادية الأمريكية وفشل النوايا الحسنة".

- تأليف: كلايد بريستوويتز.

- ترجمة وتقديم: فخري لبيب.

- الناشر: المركز القومي للترجمة، القاهرة، ط1، 2015م.

- عدد الصفحات: 462 صفحة.

أخبار ذات صلة