عزالدين عناية *
تُصنَّف أمريكا على رأس قائمة البلدان الغربية التي لا يخضع فيها الدين للاحتكار أو الوصاية، من جانب أي مؤسسة ذات طابع قدسي أو روحي؛ حيث الدين هو شأن مدني تَسِير أنشطته وِفق قوانين العرض والطلب وضمن ضوابط التنافس الحر، على حد توصيف علماء اجتماع سوسيولوجيا السوق الدينية، هذا التفرُّع العلمي الذي شهد تطورا مع كل من دارن شِرْكات وكريستوفر إليسون ورودناي ستارك ولورانس إياناكوني. وبفعل عدم خضوع الدين في أمريكا لأي شكل من أشكال المونوبول والوصاية، يحضر تنوعٌ لافت في الساحة الاجتماعية للوكالات المروجة له والمستثمرة فيه؛ سواء داخل الدين الواحد أو حتى داخل المذهب الواحد. بما يفوق ما عليه الحال في سائر البلدان الغربية الأخرى، التي ما فتئ حقل المقدس فيها يخضع لكنائس محددة تنعم بمحاباة من الدولة، لا سيما في جنوب قارة أوروبا وشمالها.
كتاب فوريو كولومبو -الباحث والسياسي الإيطالي المهتم بالظواهر الدينية وتداخلها مع الشأن السياسي- الذي نتناوله بالعرض والتحليل، هو من صنف الكتابات التي تمزج في تناول ظواهر الدين بين منهجين: منهج علم الاجتماع الديني، ومنهج العلوم السياسية؛ حيث يسعى الكاتب للإحاطة بتلك العلاقة المتداخلة بين المجالين، وهي علاقة متميزة جراء الطابع العلماني البارز لأمريكا، إلى جانب ما يتعرَّض له الكتاب بشأن نشأة النِّحل الجديدة التي تحوم حولها أشكال مستجدة من التدين، مُتتبعا ما لها من أنشطة مختلفة؛ وهو الأمر الذي جعل الدين أداة فاعلة في التأثير في العملية السياسية وفي توجيه الفعل السياسي.
صحيح أنَّ الدستور الأمريكي -كما يُورد فوريو كولومبو- قد أرسى فصلا صريحا بين الكنيسة والدولة، لكنَّ الأمر ليس بتلك الصرامة بين الدين والسياسة. فلطالما تجلت تلك العلاقة الوثيقة في شعارات على غرار "الرب يبارك أمريكا" و"في الله نثق" و"المسيح هو الحل" (Jesus is the answer)؛ إذ يحضر تقليدٌ اجتماعيٌ ديني مميز يسود في أمريكا، يجد سندا له فيما يُعرف بمفهوم الدين المدني؛ ذلك الطرح الذي عرف منشأه مع جان جاك روسو في العقد الاجتماعي (1762) وبلغ عمق تطوره مع طروحات عالم الاجتماع روبرت بلاه في كتابه: "الدين المدني في أمريكا" (1967).
في القسم الأول من الكتاب، يحاول كولومبو الإمساك بلحظة الفوران المبكرة في علاقة الدين بالسياسة، مع عقديْ السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، من خلال تتبع مولدات ذلك التحول ومحفزاته، مستعرضا العوامل السياسية التي دفعت بالنشاط الديني للطفو على السطح، ومن ثَم إلى الإقرار بقوة ذلك العامل وتوظيفه السياسي. وهو ما أفرز على حد قول كولومبو تجاذبا عميقا بين الدين والسياسة إلى حد يتسم بالإجحاف. فالسياسة كرؤى وخيارات وتوجهات، أي بقِيَمها ومُثُلها، ما عادت صانعة للفعل السياسي لوحدها، وباتت تستعين، ولربما تعتمد اعتمادا مهما على الدين، بوصفه "قوة خفية" في المجتمع قادرة على مد السياسي بالدعم اللازم، لا سيما عند التطلع إلى تمرير خيارات شائكة تتطلب تضافر قوى متنوعة لضمان إنجاحها. والطريف في ذلك التحول الذي شهدته أمريكا -كما يقول فوريو كولومبو- أن ليست الكنائس التي اجتاحت السياسة، بل السياسة هي التي اجتاحت الكنائس.
يعود بنا كولومبو إلى مطلع العام 1980 لتتبع ذلك الزخم في علاقة الديني بالسياسي، حين عبر مرشحو الرئاسة الأمريكية، ريغن وكارتر وأندرسون، ضمن حملاتهم الانتخابية، عن ميولاتهم الدينية الحازمة. وهو ما سماه الباحث بالاكتشاف الفجئي لفاعلية الدين ودوره في المجال السياسي. حيث أعلن ريجن حينها -وبصريح القول- أمام أنصار التوجهات الأصولية المحافظة في دالاس، أنه يقف إلى صف مفهوم الخلق بمدلوله التوراتي الحرفي، بما يعني معارضة الخيار الدارويني التطوري في النظر إلى الكون، وللمسألة دلالات عميقة في المجتمع الأمريكي تمس الجوانب التربوية والتعليمية والأخلاقية. إذ كانت التصورات الطهرية حينها تبحث عن إيجاد مناخ مسيحي نقي من التأثيرات العلمانية المجحفة، وكان من جملة الكتاب المصنفين غير مسيحيين، أو "ممنوعين" من التداول، أرنست هامنجواي وجورج أرويل وألكسندر سولجنيتسين. فحركة الإحياء الديني الأمريكي كانت حركة متشددة ورجعية وِفق توصيف كولومبو. وبالإضافة إلى ذلك، ما كان ظهور الدين في أمريكا على الساحة الاجتماعية، إبان حقبة الثمانينيات، على ما تبين لفوريو كولومبو، نابعا من بنية الاجتماع الأمريكي فحسب؛ بل إن كثيرا من التنظيمات الدينية التي نشطت في حقبتي كارتر وريجن كانت تحركها هواجس متأتية من أثر التحولات الدينية الجارية في الشرق الأوسط.
ودائما ضمن تتبع المشاركة الفاعلة للتجمعات الدينية في الشأن السياسي، وإعلان سلسلة من الكنائس البروتستانتية خوض معترك العمل السياسي في صفوف اليمين الجديد، أبرز كولومبو ما كان لها من دور في انتخاب الرئيس الأمريكي رونالد ريجن، دفاعا عن "قيم العائلة" المتمثلة في مراقبة الولادات والتصدي لموانع الحمل والإلحاح على تطبيق عقوبة الإعدام والسعي لفرض القداس في المدارس. ويبيِّن كولومبو أنَّ الكنائس البروتستانتية، التي كانت تُعد كنائس أقليات لكونها مشرذَمَة وليس لأنها قليلة الأتباع، قد ذهبت للتحالف مع كنيسةٍ منافسةٍ لطالما تصارعت معها، ألا وهي الكنيسة الكاثوليكية. ورغم أن بعض القادة الدينيين الأمريكان من كبار الدعاة التلفزيين، مثل القس جيمي سواجارت والمبشر الإنجيلي بيللي جراهام وآخرين، يتصارعون بشكل دائم مع الكنيسة الكاثوليكية في برامجهم وفي مواعظهم، لكنهم يسيرون جنبا إلى جنب في جبهة موحدة تسعى للهيمنة على السياسة الداخلية ويوحدون صفوفهم بشأن المواضيع الحساسة المتعلقة بالسياسة الدولية. فما يُعرف بـ"حركة الانتصار للحياة" تضم في صفوفها حشدا من الجانبين، وهي حركة محافظة تعمل على رفع أي حاجز يقف أمام مراقبة الحمل. كما نجد تحالفا قويا بين البروتستانتية الأصولية والكنيسة الكاثوليكية فيما يتعلق برفض الإجهاض، تحت أي شكل أو مبرر، وعادة ما تشن الكنيستان "حملات صليبية" مشتركة ضد مناوئيهم في ذلك.
وفي القسم الثاني من الكتاب، يتعرض فوريو كولومبو لما يزخر به الواقع الاجتماعي الديني الأمريكي من ثراء وتداخل، وهو ما يتفلت حصره على إمكانيات المقاربات السوسيولوجية التقليدية. ذلك أن مقولة العَلمانية حمالة ذات وجوه، تتغير مضامينها من مجتمع إلى آخر ومن تقليد سياسي إلى غيره. ولذلك؛ لزم على الدارس الخروج من ضيق الثنائية المعهودة، التي تربط بين الغرب والعَلمانية وتُقصِي الدين بعيدا عن معترك الاجتماع البشري. فالساحة الأمريكية من الساحات التي تعج بالعديد من أنواع اللوبيات المتشابكة، ذات الطابع السياسي والديني، والتي تُصنف إجمالا تحت مسمى شامل "اليمين المسيحي" (Christian Right)، أو ما يُعرف أحيانا بالـ"نِيُوكُون"، مختصر المحافظين الجدد. وتُنعَت النواة الدينية في ذلك بالـ"تِـيُوكُون"، المستمدة من "تيُوكُونسرْفتوري"، مختصر "اللاهوتيين المحافظين"، وهم من يستدعون الأدوات الدينية والجهاز المعرفي اللاهوتي، سواء لتحليل الأوضاع الاجتماعية، أو لتبرير ترسيخ قِيَم الآباء في المجال العمومي. والأسماء الأساسية في التيوكون، هم كاثوليك، من أتباع كنيسة روما بالأساس، نجد منهم ريتشارد جون نيوهاوس، وهو رجل ديني كاثوليكي ولاهوتي بارع مسموع الصوت في الأوساط الأمريكية؛ ميكائيل نوفاك، أحد أبرز علماء اللاهوت الكاثوليك؛ جورج ويجل، وهو لاهوتي وخبير سياسي ومؤلف السيرة المرجعية "شاهد الأمل" عن البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، تدعمهم مجموعة من الباحثين يحفرون في الخندق نفسه.
إذ يدعي التيوكون تراجعا للقِيم الخلقية العامة بين الأمريكان، وقد فسَّروا الأمر بقوة ضغط العلمانية وزحف القيم اللادينية. والملاحظ في توجه التيوكون، أنه لا تغلب عليه الخاصيات المسيحية الصرف، بل يحمل في طياته طرفا قويا يمثله اليهود الأمريكان، لذلك نجد تأكيدا في الداخل بينهم على وحدة القِيم والتراث اليهودي المسيحي. وإن يكن الإطار المسيحي الأكثر عددا، فإن المكون اليهودي، يبقى الأعمق نفاذا وتوجيها للسيْرِ العام، حيث نجد داخل تيار التيوكون إلحاحا على الدين مع عدم تحديد هويته. وبوجه عام غالبا ما يأتي الموقف من إسرائيل لينا أو مناصرا. ويقول فرانسيس نيجل أحد القادة الأصوليين في "المانيفستو المسيحي" الصادر سنة 1984 "ينبغي أن تكون إسرائيل حصن الغرب، بل النقطة المتقدمة للمسيحية، ومهمتنا تتمثل في الدفاع عنها ورسالتنا تتجلى في أنْجَلتها. ولإضفاء الطابع المسيحي على إسرائيل يكفي أن نجلب إلى صفوفنا الصفوة المالية لليهودية ويهود أمريكا". من جانب آخر، قال ماك أتير الكاثوليكي المقرب من الحركة الأصولية، في حديث له في ديسمبر 1986: "إن استعمال الأسلحة النووية هو من ضمن مخطط الرب، والحرب النووية يمكن أن تكون التحقيق للنبوة التوراتية".
وعموما.. تتسم كتلة النيوكون بالتنوع، وتجمعها خاصيات فكرية متشابهة، ذات طابع اقتصادي سياسي أخلاقي، سعى أنصارها لترجمتها ضمن أجندة سياسية. وقد تجلى أحد أوجه فلسفتهم في السياسة الخارجية لبوش الابن، بُعيْد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، مع أن رؤى المحافظين الجدد، قبل تلك الأحداث، قد تركزت بالأساس على الشأن الداخلي الأمريكي. والملاحظ في هذا التوجه أنه متسع، بشكل لا يمكن ضبطه في حزب، أو دعوة، أو حركة، بل نجده غالبا ما يسعى جاهدا لدمج رؤاه ضمن برامج الكثير من الأطراف النافذة لأجل خلق سلطة جديدة.
داخل هذا التنوع يحاول كولومبو العثور على عناصر التقارب بين ممثلي الدين وقادة السياسة، مقدرا أن الأمر ناتجٌ أيضا عن كون اليمين يجِد حاجة للتملص من الالتزام بتحقيق مطالب 'الحقوق المدنية'. فلطالما كان اليمين في أمس الحاجة إلى سندٍ قوي يقف أمام التقدميين والنقابات وحركات الحقوق المدنية. ولم يتيسر له الوقوف في وجه ذلك المثلث سوى بالتحالف مع صناع القوة الدينية. وتقديرا لكون التشكيلات الدينية تمد السياسة بجيش ضخم من المقترعين في الانتخابات، لا سيما التشكيلات ذات التوجه الإنجيلي والمعمداني، التي تميزها رؤية محافظة لصيقة بالفهم الحرفي للنص ولا تراعي تغير الأحوال بتغير الأزمان، باتت السياسة اللائكية تستعين بتلك التشكيلات لتنفيذ برامجها مع مراعات توجهاتها المحافظة. إذ عقب انتخاب الرئيس رونالد ريجن كان الشعار المرفوع من جانب الجناح الديني للمحافظين الجدد "مقاومة الخطيئة" وهو الشعار نفسه الذي رفعته "الأغلبية الأخلاقية". ورغم ما يطبع الكنائس من ميول إلى التحالف منه إلى المشاركة المباشرة في الحياة السياسية، أقدمَ القس المعمداني بات روبرتسون على الترشح بنفسه في انتخابات 1988 كـ"مرشح الرب"، ولم يتوان عن التصريح بأنه صاحب رسالة إلهية، ثم عدَلَ عن ذلك في آخر المطاف.
وفي القسم الأخير من الكتاب، يحاول الباحث كولومبو تحليل العلاقة الرابطة بين الفرد المؤمن والوكالات المعنية بشأن المقدس، قائلا: "ثمة احتضان للأمريكي من قبل الكنيسة يجد لدى الناس هوًى، غالبا ما يجر المؤمن للانضواء تحت تيار سياسي أو كتلة بعينها. إذ تعيش الشرائح الوسطى تناغما مع طروحات الكنائس، تجد فيما تجود به من أنشطة اجتماعية وتربوية وثقافية ورياضية، ما يلبي حاجتها وما يجعلها تميل إلى خياراتها وتبيعها صوتها الانتخابي مقابل ما تلقاه من حظوة. فهناك خيط براجماتي يمسك الموالاة بين الطرفين، حيث لا تنبني العلاقة دائما على تشارك في الرؤى الدينية، ولكن على تلبية للمصالح، أي بقدر ما تعرضه تلك الكنائس من خدمات ومنافع".
فالمؤمن الأمريكي لا ينساق ضمن توجهات الأصولية الجديدة جراء قناعات لاهوتية دائما، بل غالبا ما تأتي مجاراته لتلك التوجهات تبعا لما تلبيه من مغانم. وحين يلمس المرء أن الاحتضان ليس ظرفيا وإنما هو مستمر ومتواصل، تتشكل لديه قناعة في صواب خياراته، ويتنامى هذا الإحساس في أوساط العائلات التي تجد احتضانا لأبنائها في المدرسة والجامعة والشغل.
وليست الكنائس العملاقة -megachurch- التي بحوزة العديد من التنظيمات الدينية الأمريكية هياكل للاستعراض فحسب، بل تعبر أيضا عن قوة أنشطة، تغطي مجالات متنوعة. تحاول من خلالها التنظيمات الدينية مواكبة الاحتياجات التعليمية والتربوية للأسرة من رُوض الأطفال إلى الجامعة. كما أن تلك الكنائس لا تلبي حاجة اجتماعية للناس فحسب -متمثلة في الرعاية الصحية أو المساعدة الاجتماعية- بل تقلص كذلك من الخوف الوجودي الذي يلقاه المرء، أكان ذلك في شكل ضمان الخلاص الأخروي أو الحد من الخوف الأبوكاليبسي. إذ ثمة تداخل بين مفهوميْ الإيمان والإحسان في اللاهوت المسيحي، فإن يكن الأول ذاتيا مجردا، فإن الآخر جماعي عملي. فالخلاص ما عاد أساسه فعل الإيمان وحده بل فعل الإحسان أيضا، وذلك عبر "الأعمال"، مثلما بات الفقر خطيئة من منظور "الأغلبية الأخلاقية".
ضمن هذه التحولات العميقة التي شهدها الواقع الديني الأمريكي، ساهمت البروتستانتية في تطوير العرض والطلب على الدين، لكن في الآن نفسه، ألحقت تفتتا وتشرذما بالشأن الديني وبأشكال التدين التقليدي، وقد كان ذلك ناتجا بالأساس عن ظاهرة ما يُعرف بالتبشير الإلكتروني بوجه خاص. إذ تستجيب الكنائس الناشئة للمطالب الجديدة وتعبر عن روح العصر، فهي كنائس براجماتية في جذب الناس ومتصلبة من حيث الرؤى الدينية، كما تبدو من ناحية عصريةً ومواكبةً للتحولات الاجتماعية ومن ناحية أخرى مغرقة في التمسك بالفهْم الحرْفي للنص المقدس.
وفي ظل التنوع السائد في النحل والكنائس، يبقى المورمون الأكثر التصاقا بولايتيْ يوتا وميسوري مع فتور في السعي لاكتساح الخارج، رغم الإمكانيات المادية الهائلة التي بحوزة هذه الكنيسة، لذلك يبقى المورمون نحلة لا كنيسة مسكونية باحثة عن التمدد. كما يبقى عنصر سلبي حاضرا لديهم متمثلا في استبعاد السود، وإن لم يكن من الإيمان فمن الإكليروس، فالكنيسة المورمونية هي كنيسة بيضاء بوجه عام.
لعل الخلاصة التي يصل إليها الباحث فوريو كولومبو في كتابه تتلخص في أن جانبا مهما من الفعل السياسي في أمريكا قد بات نابعا من الضغط الديني في الراهن، إضافة إلى أن الفتور الذي يشهده الدين في أوروبا يقابله فوران في أمريكا، وذلك جراء تحرير السوق الدينية.
-----------------
- الكتاب: "إله أمريكا.. الدين والسياسة في الولايات المتحدة".
- المؤلف: فوريو كولومبو.
- الناشر: كلاوديانا (تورينو-إيطاليا) باللغة الإيطالية.
- سنة النشر: 2014.
- عدد الصفحات: 172 صفحة.
* أستاذ تونسي بجامعة روما
