الرؤية القرآنية لحقوق الإنسان: من الخصوصية إلى الكونية

utsman-media-UlZupJNoelo-unsplash.jpg

محمد علي الجماني

     لقد تطورت حقوق الإنسان عبر التاريخ انطلاقاً من المرحلة الفلسفية والدينية التي اصطبغت بفكرة القانون الطبيعي اللاهوتي، مروراً بحركة تدوين تلك الحقوق في نصوص وإعلانات، وصولاً إلى تدويل مسألة حقوق الإنسان لتصبح المحرك الأساسي للعلاقات الدولية(1) .

     شكلت مسألة العلاقة بين الخصوصية والكونية- أو بعبارة أخرى العلاقة بين إثبات المبادئ والأسس الكونية لحقوق الإنسان-وجود خصوصيات ومميزات تاريخية واجتماعية وثقافية، تمارس في نطاقها هذه الحقوق أو ترد(2)؛ حيث تعدُّ جدلية العلاقة بين الخصوصية والكونية من بين أهم الإشكالات التي تطرح بشكل كبير في موضوع حقوق الإنسان وما يتفرع عنها من قضايا، وخصوصاً في ظل التحولات التي تعرفها البشرية اليوم .

      وفي عالمنا الإسلامي كثيراً ما استخدم مفهوم الخصوصية ليبرّر التمييز ضد المرأة، ولتبرير كبت الشعوب وسلب حرياتها الأساسية، ومن صور ذلك أن بعض الحكومات الإسلامية والعربية تبرّر الإفلات من الالتزامات الدولية الخاصة بهذه المواثيق والإعلانات بحجة الخصوصية الدينية والثقافية(3)، إضافة إلى ذلك يبدو أن الواقع الإنساني ككل- بما يتضمنه من تناقضات -هو ما يثير هذه الإشكالية؛ هل الخصوصية في العالم العربي و الإسلامي والعالم ككل منغلقة على ذاتها ؟ أو هي مقدمة للانفتاح على الكونية ؟كيف أسهمت النصوص المؤسسة للأديان التوحدية الإبراهيمية في ترسيخ قيم حقوق الإنسان؟ وأين تتجلى جدلية الخصوصية والكونية من منظور الرؤية القرآنية التي هي امتداد للأديان التوحدية الإبراهيمية؟
 وكيف يمكن للخصوصية أن تنفتح على الكونية من منظور الرؤية القرآنية؟.

     تروم هذه الورقة البحثية محاولة الإجابة عن تلكم الإشكالية من خلال تدبر بعض معالم الرؤية القرآنية(4)لحقوق الإنسان؛ من الخصوصية إلى الكونية، والتي يمكن استنطاق معانيها ودلالتها في آيات القرآن الكريم في المجالات المختلفة؛ مثل علاقة الإنسان بنفسه، وعلاقته بالطبيعة من حوله، وعلاقته بسائر الناس، وعلاقته بالله تعالى، وهذه العلاقات المتعددة والمتكاملة أوجدت نظاماً حقوقيًّا جديداً، يمكن وصفه بالنظام النسقي الارتقائي؛ من الخصوصية الفردية إلى مرحلة تشكيل الجماعة المنضبطة، إلى مرحلة تحمّلة مسؤولية الخلافة بمعناها الكوني الوجودي.

   تتجلى نظرة القرآن الكريم إلى الأديان التوحيدية الإبراهيمية السابقة في كونه يؤمن بها، ويقرر أنها وحيٌ من السماء، ويصدّق ما جاء به هذا الوحي من تشريعات وأحكام، ويُلزم المسلمين جميعاً الإيمان بها وبالرسل الذين بلغوها. وعلى ضوء ذلك يجب الحديث عن رؤية الأديان التوحيدية الإبراهيمية لحقوق الإنسان، ثم الحديث عن الرؤية القرآنية لكونية حقوق الإنسان، وذلك من خلال "قراءة نسقية استكشافية واستنطاقية وتحليلية وتركيبية للوحي في سياق تقصيدي شرعي كلي للواقع"(5)؛  ولتوضيح ذلك بقدر الإمكان أقترح تحليل المحاور الثلاثة الآتية:

المحور الأول: خصوصية حقوق الإنسان في الأديان التوحيدية الإبراهيمية .

المحور الثاني: مفهوم الإنسان في الرؤية القرآنية.

المحور الثالث: الرؤية القرآنية لكونية حقوق الإنسان.

المحور الأول: خصوصية حقوق الإنسان في الأديان التوحيدية الإبراهيمية

    إن ما تقدمه النصوص الدينية ( اليهودية، والمسيحية، والإسلام) عن الإنسان يشكل منطلقاً لدراسة رؤية الأديان التوحيدية الإبراهيمية(6) للإنسان، من خلال ما تفصح عنه نصُّوصها المؤسسة، والإشارات التي تكتنف هذه النصوص عن علاقات الإنسان ب( الله والكون والآخر). وتساعد هذه المعطيات على تقديم جواب ديني لفهم  الإنسان، قادر على الإسهام في تجاوز تحديات المعاصرة، ومن بينها هذه التحديات موضوع حقوق الإنسان بين الخصوصية والكونية.

  إن حقوق الإنسان في الديانات الإبراهيمية التوحيدية له أهمية كبيرة؛ فالأديان (اليهودية، والمسيحية، والإسلام ) كان لها دور كبير في نشر وتطوير مبادئ حقوق الإنسان. إذا أردنا التطرق لحقوق الإنسان في الديانات السماوية، يجب أولاً: التمييز بين الأديان ( اليهودية، المسيحية، الإسلام) كأديان أسهمت في تأسيس الوعي بحرية الإنسان وحقه في العيش الحر الكريم، و تحريره من كل القيود؛ حيث إن هذه الأديان- ذات المصدر الواحد- جعلت الإنسان هو مدار الكون ومناط التكريم بصفته الإنسانية، ويجب أن نفرق بين تاريخ تطبيق هذه الديانات على حياة المجتمعات، وما رافقها من تطرف وإجحاف في حق المخالفين في الرأي
والمعتقد والمذهب ( وهذا حتى ضمن الدين الواحد )، ولإيضاح دور هذه الديانات في مجال حقوق الإنسان سنتولى بحث كل من الديانة اليهودية والديانة المسيحية والديانة الإسلامية:

1_ خصوصية حقوق الإنسان في الديانة اليهودية

   تُعدُّ اليهودية أقدم الديانات التوحيدية الإبراهيمية، وقد ارتبطت بكتاب التوراة، وبالرسول موسى عليه السلام، إن تاريخ رسالة موسى وما أوحى الله به إليه من قيم خيِّرة دعا إليها قومه،وصرخ بها في وجه فرعون طاغية مصر هي ملحمة تحرير للفرد والجماعة وإحقاق حقوق الإنسان(7).

   انطلقت التشريعات اليهودية من صحف موسى عليه السلام، التي سماها القرآن بهذا الاسم في قوله تعالى:{ إن هذا لفي الصحف الأولى.صحف إبراهيم وموسى}(8)، ومن الألواح التي جاء ذكرها في سفر التثنية: "هذه هي الوصايا التي كلم الله بها وكتبها على لوحي الجبل وسلمها إلي"(9)، ولكن الإشكالية أن: ما أقرته اليهودية من حقوق الإنسان هي خاصة ببني إسرائيل، ومن هذه الحقوق: حق الوالدين في الإحسان إليهما وإكرامهما:" أكرم أباك وأمك كما أوصاك الرب إلهك لكي تطول أيامك"(10)، حق الفقراء والمحتاجين في المساعدة والمواساة ": وإن كان فيك فقير، أحد من إخوتك ... فلا تقس قلبك ولا تقبض يدك عن أخيك الفقير، بل افتح يدك وأقرضه مقدار ما يحتاج إليه "(11). حفظ الإنسان في حقوقه المالية وذلك بالنهي عن  الربا: لا تقرض أخاك بربا، ربا فضة أو ربا طعام".(12) الغش: "لا يكن لك في كيسك أوزان مختلفة كبيرة أو صغيرة ... وزن صحيح وحق يكون لك ... كلُّ مَنْ عمل غشا مكروهٌ لدى الرب إلهك "(13). الرشوة:" لا تأخذ رشوة؛فإن الرشوة تعمي أعين الحكماء"(14). الحق في التنقل والهجرة:" تحولوا و ارتحلوا "(15). الحق في المحاكمة العادلة:" وأمرت قضاتكم في ذلك الوقت قائلا: اسمعوا بين أخويكم،واقضوا بالحق بين الناس وأخيه ونزيله "(16).الحق في المساواة: "للصغير كالكبير تسمعون، لا تهابون وجه إنسان "(17). الحق في الحرية:" أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر بيت العبودية "(18). الحق في التعليم: "وتحرص أن تعمل حسب كل ما يعلمونك "(19). الحق في القصاص:" لا تشفق عينك، نفس بنفس، عين بعين، سن بسن، يد بيد، رجل برجل .."(20). الحق في العمل:" ستة أيام تشتغل وتعمل جميع أعمالك"(21).الحق في العطلة و الراحة:" وأما اليوم السابع فسبت للرب إلهك، لا تعمل فيه"(22).

   "وبناء على ما سبق نؤكد أن اليهودية قد أسهمت بشكل كبير في ترسيخ قيم حقوق الإنسان من منطلق ما أوصت به من حقوق، وما دعت إليه من وجوب حمايتها من كل اعتداء"(23).

    ولكن ما أقرته اليهودية من حقوق للإنسان هي خاصة ببني إسرائيل من اليهود دون غيرهم، وليست شاملة لكل الناس. إن تعدد سياقات استعمال مصطلح (الشعب المختار) يقود إلى القول بمركزية وجودية مفهوم الشعب المختار في النسق العقدي اليهودي، وبسيادته على ما سواه من المفاهيم العقدية الأخرى، بمعنى أنها خصوصية منغلقة، وليست شاملة لكل البشر.

2_ خصوصية حقوق الإنسان في الديانة المسيحية

    نجد الديانة المسيحية انتقلت من الخصوصية المنغلقة إلى الخصوصية المنفتحة؛ حيث نجد كثيراً من نصوصها الدينية تقر بضرورة تمتيع الإنسان بحقوقه كاملة غير منقوصة، ونذكر من هذه النصوص على -سبيل المثال لا للحصر-: الحق في الحياة؛ عن طريق النهي عن القتل :"لا تقتل"(24). حرية الاعتقاد: "أنا النور الذي جاء إلى العالم، فكل من آمن بي لا يقعد في الظلام، من يسمع كلامي ولا يعمل به فأنا لا أحكم عليه؛ لأني جئت لا لأحكم على العالم؛ بل لأنقذ العالم، من يرفضني ولا يقبل كلامي له من يحكم عليه، رسالتي التي أنادي بها ستحكم عليه يوم الآخرة"(25). حق الزوج على زوجته: "كذلك أيها الزوجات اخضعن لأزواجكن، حتى وإن كان الزوج غير مؤمن بالكلمة تجذبه زوجته إلى الإيمان بتصرفها اللائق دون كلام. وذلك حين يلاحظ سلوكها الطاهر و وقارها"(26).حق الزوجة على الزوج:" وأنتم أيها الأزواج إذ تساكنون زوجاتكم عالمين؛ لأنهن أضعف منكم، أكرمهن باعتبارهن شريكات لكم في وراثة نعمة الحياة؛لكيلا يعوق صلواتكم شيء"(27). حق الوالدين على الأبناء إكرامهما والإحسان إليهما "أكرم أباك وأمك، ومن لعن أباه أو أمه فموتا يموت"(28).الحق في المساواة:" فلا فرق بين اليهودي واليوناني؛ لأن للجميع ربا واحداً "(29).الحق في الحرية:" تصرفوا كأحرار حقا لا كالذين يتخذون من الحرية ستارا لارتكاب الشر"(30). الحق في التعليم: فمثلا في إنجيل مرقس وحده وردت كلمة يعلم (15 مرة )،ودعي المسيح معلما (12مرة )، الحق في التعبير:" وكان كل سبت يناقش الحاضرين في المجمع لإقناع اليهود و اليونانيين"(31). الحق في العمل: "ولما جاء المساء قال صاحب الكرم لوكيله: ادع العمال كلهم وادفع لهم أجورهم "(32)، "إن العامل يستحق طعامه"(33). الحق في الإرث: "ما دمنا أولاداً فنحن أيضا وارثون "(34).

    بالإضافة إلى هذه الحقوق فقد طبع تعاليم المسيحية عموما التسامح؛ حيث نقرأ:" أحبوا أعداءكم وأحسنوا إلى مبغضكم، وباركوا لاعنيكم، وصلوا واستغفروا للمسيئين إليكم، ومن ضربك على خدك فحول له الآخر "(35).

  والمحبة صنو المسيحية في مدلولاتها الاجتماعية والإنسانية، بدءا من الحياة الطفل وتكوين الأسرة، "لذلك ثمة تأكيدات على الكرامة الإنسانية، والحرية والمساواة بين البشر، ولا فرق بين الرجل والمرأة لأسباب جنسية، فكلاهما مدعو لتغيير وجه الأرض، وكلاهما كائن عاقل وحر"(36)

 والأناجيل الأربعة تدعو إلى (المحبة والتسامح مع الآخر)، وتؤكد على (معاملة الغير بما يليق)، وقد تشير إلى الوحي الصحيح بتصديق القرآن الكريم .

    وعلى ضوء ما سبق فإن المسيحية دعوة دينية خالصة ، فلم تهتم بنظام الحكم الذي تفضله ، فاكتفت بإعلان حرية العقيدة والدعوة إلى التسامح والمساواة ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان، وكانت تهدف إلى تحقيق مثل أعلى للإنسانية معتمدة على أساس المحبة ، كما هدفت الى محاربة التعصب الديني، وأهم ما أسهمت به المسيحية في مجال حقوق الإنسان، أنها أكدت كرامة الإنسان، الذي يستحق الاحترام والتقدير، بسبب أن الله خلقه وخصه بهذه الكرامة، والأمر الآخر هو أنها جاءت بفكرة تحديد السلطة، حيث رأت أن السلطة المطلقة لا يمارسها إلا الله.

وقد انطوت المسيحية على مبدأ العدل والمساواة، وأن فكرة الإخاء العام والمحبة تتضمن المساواة في الحقوق واحترام الشخصية البشرية .

3_ حقوق الإنسان في الإسلام :

   الإسلام يعترف بالديانات السماوية كلها ؛فهو كما قال القرآن الكريم على لسان المسلمين:{ لا نفرق بين أحد من رسله}(37) . "وقد تعايش الإسلام مع مختلف الديانات في المجتمع الإسلامي وغيرهم من اليهود والمشركين،وضمن لهم حقوقهم الدينية والسياسية و الاجتماعية في الدستور الذي أعلنه الرسول عندما استقر بالمدينة وسمي بالصحيفة ،وهو أول دستور مدون في العالم"(38).

   الإسلام هو آخر الأديان السماوية وأشملها، جمع الله فيها كل ما تضمنته الكتب السابقة من حقوق وواجبات لله سبحانه وتعالى لخلقه ؛إذ نسخ الله به جميع الشرائع التي سبقته ليكون عاماً وشاملاً لجميع نواحي الحياة، وجعله الدين الحق الذي لا يقبل غيره"(39)

    شرع الإسلام - منذ أكثر من خمسة عشر قرناً - حقوق الإنسان في شمول وعمق، وأحاطها بضمانات كافية لحمايتها، وصاغ مجتمعها على أصول ومبادئ تمكن لهذه الحقوق وتدعمها، والإسلام هو خاتم رسالات السماء التي أوحى بها رب العالمين إلى رسله – عليهم السلام- ليبلغوا للناس هداية وتوجيها إلى ما يكفل لهم حياة طيبة كريمة، يسودها الحق والخير والعدل.

     تتميز الحقوق والحريات العامة في النظام الإسلامي بجملة من الخصائص التي تميزها عن غيرها من الأنظمة، والتي تنبع من علاقة الإنسان بالكون وبخالقه وبالغاية التي من أجلها خلق الإنسان.

   والخصائص التي تتميز بها حقوق الإنسان في الإسلام هي نفسها خصائص الشريعة الإسلامية؛ "لأن حقوق الإنسان جزءٌ من الشريعة الإسلامية، وهذه الخصائص نابعة من الأدلة الكلية والتفصيلية في الشريعة أو الاستقراء لنصوص الكتاب والسنة والنظر في مقاصد الشريعة، وأهم هذه الخصائص والمميزات التي تتميز بها حقوق الإنسان هي الصفة الدينية لأحكام حقوق الإنسان، التي تجعلها تتميز بالكمال والخلو من النقص"(40)، وتجعلها تتميز بقوة الإلزام وكذلك حسن الالتزام أمام تشريعات الإسلام، وكذلك الطاعة الاختيارية والخضوع التلقائي، وهذه الحقوق هي حقوق شاملة وعامة، وهي منحة إلهية كما أن هذه الحقوق مقيدة بالمصلحة العامة.

  الأحكام العامة لحقوق الإنسان في النظام الإسلامي مبنية على أساس الصفة الدينية والعقيدة الإسلامية، التي جعلتها تضفي احتراماً وقدسية على حقوق الإنسان وحرياته، وشكلت ضمانة أكيدة لاحترامها والمحافظة عليها؛ لأن الضوابط التي فرضتها الصفة الدينية ضوابط ملزمة منبثقة من الشريعة الإسلامية، وتضمن تمتع الأفراد بهذه الحقوق بما لا يتعارض والمصلحة العامة، كما تضمن كمال هذه الحقوق وخلودها من النقائص،وتجعلها شاملة عامة لكافة الحقوق،وتضمن قوة إلزامها وحسن التزامها أمام تشريعات الإسلام.

   إن أبرز النتائج التي أضفتها الصفة الدينية على الأحكام العامة لحقوق الإنسان "هي الكمال والخلو من النقائص؛ وذلك لأن الارتباط الوثيق بين حقوق الإنسان والأحكام التفصيلية للشريعة الإسلامية يجعلها أحكاماً على أساس المصلحة والحكمة والعدل والرحمة ،ويجعلها أحكاماً خالية من النقائص كالظلم والهوى والمحاباة والنسيان"(41)؛ قال تعالى:{وما كان ربك نسياً}(42)، وقال تعالى:{صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون}(43)، وقال تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً}(44) .

  وفي ضوء ذلك نجد أن الإسلام جاء بتعاليم ضامنة تكفل للبشر حياة مستقرة؛ حيث جاء بتصور كامل للحقوق من جهة، "ومنهجية لتفعيلها من جهة أخرى، كما اشتمل على تعاليم ومبادئ تنظم الحياة والمخلوقات التي يعيش معها، وقد ساوى بين الناس في الحقوق والواجبات، وجعل التفاضل بينهم في التقوى والعمل الصالح "(45).

    و الإسلام منذ مطلع فجره كان قائماً على رعاية حقوق الإنسان وتكريمه ومراعاة إنسانيته؛ "لأن قدر الإنسان في الإسلام رفيع المكانة، مما يجعله سيداً في الكون، لأنه يحمل بين جنبيه نفخة من روح الله وقبساً من نوره الأقدس "(46)

      لقد جاء الإسلام لإقرار الحقوق والحريات العامة وكفالتها للجميع،  دون أي تمييز بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي، إن حقوق الإنسان التي يقرها الإسلام هي حقوق أزلية لا غنى عنها، وتتميز بأنها منح إلهية، ولقد وفقت الشريعة الإسلامية بين النزعة الفردية والنزعة الجماعية توفيقا لا تعارض فيه، فلا إفراط في حقوق الفرد على حساب الجماعة، ولا في حقوق الجماعة على حساب حقوق الفرد؛ فقد اعتمد الإسلام مجموعة من المبادئ لتكوين أساس المجتمع الإنساني: المساواة، العدل ، الحرية، وقد جاء في الإسلام خصوصاً التركيز على التكريم الإلهي للإنسان بجعله أساس الحياة ،كما جاء في القرآن: {ولقد كرمنا بني آدم}(47).

   وعلى ضوء ما سبق فإن منظومة حقوق الإنسان في الإسلام تستمد أسسها المرجعية من القرآن الكريم، الذي جعل من الحق أحد مبادئ النظامين الكوني والاجتماعي، ولكن الإشكال الذي يطرح في هذا السياق : ما هو موقع الإنسان في الرؤية القرآنية؟  و كيف يمكن للخصوصية أن تنفتح على الكونية من منظور الرؤية القرآنية ؟ .

المحور الثاني: مفهوم الإنسان في الرؤية القرآنية

         تتسم قضايا الإنسان في الرؤية القرآنية بالاتساع والتنوع؛ "إذ إنها من المصطلحات الكبيرة والمحورية التي ترتبط بها عدة أغراض كثيرة من أهم الحكم والغايات، التي أنزل من أجلها القرآن الكريم، والرسلات السماوية الأخرى عموماً"(48)، عندما نستعرض الفكر الإنساني الذي تناول تعريف الإنسان -عبر التاريخ البشرية الطويل- نصادف التعريفات المختلفة والمتقاطعة في بعض الجوانب والمتضاربة في بعضها الآخر، والمتباينة أحياناً، "ومن المعلوم أن كل تعريف للإنسان هي مسألة خلافية دائمة دوام الحياة؛ لتعدد المعتقدات والثقافات واختلافها، ومن التعريفات التي نالت اهتمام عقيدتنا الإسلامية تعريف القرآن للإنسان"(49)، إذن فما هو الإنسان في الرؤية القرآنية؟ وما مزاياه وخصائصه وسماته؟.                         

    هذا ما تطالعنا به آيات القرآن الكريم وسوره في مواطن كثيرة؛ عند التأمل والتدبر في آيات القرآن الكريم نجد أن القرآن الكريم يبصِّر الإنسان بحقيقتين اثنتين داخليتين في قوامه وتركيبه الإنساني:

الحقيقة الأولى: أنه مخلوق أصله الأول من تراب، وسلالته من ماء مهين، وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تبصّر الإنسان بمظاهر هذه الحقيقة في ذاته؛منها قوله تعالى:{من أي شيء خلقه . من نطفة خلقه فقدره . ثم السبيل يَسَّرهُ}(50)،قوله تعالى:{فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة }(51).

أما الحقيقة الثانية : التي تشكل الجزء من الهوية الإنسانية في القرآن الكريم، فهي "أن الإنسان هو ذلك المكرم على سائر المخلوقات الأخرى، وأنه ذاك الذي استأهل أن يكلف الله الملائكة بالسجود له في شخص أبيه آدم عليه السلام، وأنه الذي شرفه الله تعالى بالخلافة على هذه الأرض عندما شاء أن يحملة بالمهمة التي حمله إياها"(52)

   فلا جرم أن يكون القرآن الكريم قد وضع الإنسان في مكانه الطبيعي؛ بحيث كان (( المخلوق المسؤول)) ، "وتبدو المسؤولية القرآنية منسجمة تماماً مع ما عليه الإنسان من القوة النظرية التي لا تكتمل فيه بغير معرفة الحقائق وفق ما هي عليه، من القوة العملية التي لا ينال الإنسان كمالها بغير قيامه بما ينبغي من شؤون حياته وعلائقه الخاصة والعامة"(53)

   القرآن الكريم حين ينظر إلى الإنسان- من حيث كان خلقه وتكوينه وحيث كانت أهليته واستعداده؛ لحمل الأمانة وما فيها من التكاليف الشرعية، وما وراء ذلك من حساب وجزاء-  فإنه هنا يرى الإنسان عالما مستقلا بذاته، متفرداً بوجوده، حيث يجني وحده ثمرة عمله.

     القرآن الكريم حينما تناول الإنسان بهذا القدر من الاهتمام والتركيز، فإنه تناوله ضمن الإطارات العريضة للفكرة القرآنية ذاتها التي تقوم -في إحدى خصائصها -على الشمول ولعل المعنى المستفاد من تقرير القرآن الكريم في قوله تعالى:{ما فرطنا في الكتاب من شيء}(54) هو هذه الشمولية للقرآن الكريم، وعلى هذا الأساس من الشمول، ينبغي أن نفهم تقرير  القرآن الكريم عن الإنسان والنظرة إليه في تركيبه الثنائي، وسلوكه في الحياة، وحالاته النفسية والعقلية والروحية، فردا وفي جماعة، وذلك كما في التقرير التالي:{هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم}(55).

   إن الإنسان في الرؤية القرآنية هو المخلوق الذي ميزه الله تعالى عن كل مخلوقاته الكونية، وإنه بذلك استحق صفات التكريم والتبجيل والتفرد، ثم إن ما حصل للإنسانية في تاريخها الطويل- من ويلات ومصائب تناقض صفة التكريم الذي فضل الله به بني آدم عن غيرهم- يدفع العقلاء إلى الاعتبار والتأمل والتدبر في طبيعة الخطاب الذي يقدمه القرآن الكريم للإنسان ومكانته الكونية.

   إن الخطاب القرآني الموجه إلى الإنسان هنا خطاب شامل، "يبدأ من خلقه وينتهي بمماته، ويدل على سعادته في الدنيا والآخرة، ويحدثه عن طبيعته وصفاته السلبية وسبل تجاوزها، ليصل إلى الكمال؛ ليكون بذلك نموذجا متميزا عن غيره"(56).  و القرآن الكريم لم يغفل هذه الطبيعة البشرية التي تعبر عن نقص الإنسان، بل اعترف بها ودعا إلى الارتفاع عنها ،للوصول إلى المرحلة النضج والكمال، وهذا ما يعطي الحياة قيمة و معنى.

    إن القرآن يحفل بالإنسان لمكانته في الكون ولعظيم مهمته فيه ،كما لم يحفل بغيره أبدا؛ فهو يبدأ قبل كل شيء بتعريف الإنسان على ذاته وهويته، وتبصيره بأصله وخصائصه، ومدى أهميته في هذا الكون الذي يعيش فيه.

   نستنتج أن القرآن الكريم ينظر إلى الإنسان من حيث إنه يعيش في جماعة إنسانية، تحتويها دوائر تضيق حتى تنحصر في محيط الأسرة من زوج وولد، ثم تتسع حتى تضم العالم الإنساني كله، وما يتحرك في محيطه الكوني من عوالم الموجودات في الأرض والسماء، خصوصا في علاقة الإنسان بالآخر(حقوق الإنسان)، إذ ينتقل من الحديث عن الخصوصية إلى الحديث عن الكونية بكل أبعادها الإنسانية والقيمية والحضارية.

المحور الثالث: الرؤية القرآنية لكونية حقوق الإنسان

   الرؤية القرآنية لكونية حقوق الإنسان؛ تبدأ - قبل كل شيء -بتعريف الإنسان على ذاته وكينونته، وتبصيره بأصله وخصائصه، وصولا إلى مدى أهميته في هذا الكون، "إن صفة الكونية والعالمية لرؤية القرآنية المستنبطة من قوله تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً}(57). وقوله تعالى:{وما أرسلناك إلا كافة للناس}(58)- هي رؤية كونية و عالمية لسائر الأمم و الشعوب، و التي تندرج من ضمنها مفهوم الإنسان وحقوقه وجدلية الخصوصية و الكونية، "وبها تخرج الأنساق المغلقة من حالة الانغلاق والضيق إلى سعة الدنيا و الآخرة "(59).

  ومن ثمة فإن سمات الرؤية القرآنية للإنسان وحقوقه هي الضمانة الصحيحة الواقعية لصون وحماية الحقوق الإنسانية، وعلى ضوء ما سبق نستنطق بعض معالم الرؤية القرآنية لكونية حقوق الإنسان:

1 _ حق الإنسان في المساواة :

  الرؤية القرآنية أكدت المساواة بين الناس في القيمة والحقوق؛ لأن الله خلقهم من نفس واحدة؛ قال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}(60)، ويصرف المفسرون معنى المساواة في هذه الآية إلى نفي التفاوت والتفاضل في الأنساب، وإن التكريم والتفاضل على قدر التقوى والإيمان ليس إلا(61)، وتظهر المساواة بشكلها الحقيقي من خلال عدة نماذج أهمها على سبيل المثال لا للحصر:

أ_  المساواة في الحقوق القضائية:

  العدالة في القضاء والمساواة بين الناس فيها خصائص تشرف بها الحضارة وتستمر، والفضيلة حقاً تبدو في العدل؛ قال الله سبحانه وتعالى:{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}(62).

ب_ المساواة في الحقوق المدنية و السياسية:

   إن الإنسانية معنى مشترك يتساوى فيه الجميع في حقيقته ونتيجته ،دون تمييز بين فرد وآخر بسبب الجنس أو اللون أو العرق، وقد ساوى القرآن الكريم بين الناس جميعاً في الحقوق السياسية من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقرار القرآن الكريم لمبدأ الشورى، والدليل الأكبر تلك المساواة في الحقوق السياسية لقوله تعالى:{وأمرهم شورى بينهم}(63).

  و من ثم فالشريعة الإسلامية تحقق التوازن الاجتماعي والنفسي بإعمال مبدأ المساواة بين الناس في التمتع بالحياة والحرية دون أي شكل من أشكال التمييز.

2_ الحق الإنسان في الحياة:

 لقد عَدّ القرآن الكريم في العديد من آياته الحياة حقاً مقدساً للإنسان، ووضع منهجاً يقوم على الشمولية والتكامل بين حق الحياة وحقوقٍ أخرى أساسية.

    و قد عدَّ القرآن الكريم -في العديد من آياته- الحياة حقا مقدسا للإنسان، شرَّعه الله للإنسان؛ حيث حرم قتل النفس دون وجه حق، والذي كمن وعدّ من قتل نفساً واحدة مع قتل الناس جميعا، قال تعالى: { من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}(64).وقال تعالى:{ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق}(65).وقال تعالى:{ولا تقتلوا أنفسكم}(66)، {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم}(67).

   و ارتفع القرآن الكريم بحق الإنسان في الحياة فجعل القتل موازياً للشرك، وجمع بينهما في قوله تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق }(68).

  و ارتباطاً بحق الإنسان في الحياة، فالقرآن الكريم أكد على قدسيتها بإقامة المساواة في التمتع بها، حيث حرم إنهاء الحياة كحق متأصل في الكائن البشري، وذلك باستعمال لفظ " النفس"؛ فالقرآن الكريم حرم قتل النفس والتي تشترك فيها جميع الناس على اختلاف أديانهم ولغاتهم وأجناسهم وألوانهم، وهو ما دفع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أمر جنود المسلمين بضرورة احترام القيمة الإنسانية لأفراد الجيوش المعادية أثناء الحرب والامتثال للدعاء:(اللهم نحن عبادك وهم عبادك)(69).

2_  حق الإنسان في الأمن:

  من دواعي الحفاظ على الكرامة الإنسانية: أن يأمن الإنسان على حياته وجسده وماله وعرضه ونسبه ومسكنه وملبسه، و من حق أي إنسان أن يدافع عن نفسه حينما يتعرض للعدوان. وقد قرر القرآن الكريم حق الأمن النفسي و الجسدي؛ ففي سبيل تحقيق الأمن النفسي نهى القرآن الكريم عن التعرض للإنسان بالإهانة والسخرية والغيبة والمناداة بالألقاب المهينة ؛لقوله تعالى:{ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}(70)، وقد قرر القرآن الكريم الحفاظ على أمن الإنسان في مسكنه؛ فلا يحق لأحد الدخول في مسكنه دون إذن؛ قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون}(71).

3_ حق التمتع بنظام قضائي فاعــل:

 إن من أهم وسيلة لاستيفاء الحقوق الفردية والاجتماعية وجود نظام قضائي فاعل وحيوي في المجتمع، قال تعالى:{والذين هم بشهادتهم قائمون}(72)، فإقامة الشهادة حق من حقوق الناس؛ لأن الشهادة الصحيحة الثابتة هي التي تحق الحق وتبطل الباطل في الخلافات بين الناس.

4_ حق الإنسان في الحرية:

   أقر القرآن الكريم الحرية وعدّها الدعامة الرئيسة لحفظ الكرامة الإنسانية، من خلال ما سنه من عقائد ونظم وتشريع، وتوسع في إقرارها فلم يقيدها إلا في الحدود التي يقتضيها الصالح العام أو يتطلبها احترام حرية الآخرين،(73) ويتفرع عن حق الحرية حقوق عديدة؛ منها: الحرية الدينية (حرية العقيدة)، والحرية الفكرية، وحرية التنقل، والحرية السياسية.

أ_ حق الحرية في الدين ؛قال تعالى: {لا إكراه في الدين}(74)؛ فمما لاشك فيه أن القرآن الكريم قد أقر الحرية الدينية، وجعلها حقاً لكل إنسان، وأرسى هذا الحق على أمور ثابتة، وقواعد راسخة، وبتتبع الآيات القرآنية الكريمة نستطيع أن نستخلص منها المبادئ السمحة التي قررها القرآن الكريم للحرية الدينية، ومن أهم هذه المبادئ: عدم إرغام أحد على ترك دينه واعتناق الإسلام. حرية المناقشات الدينية بين المسلمين و غير المسلمين. أن الإيمان الصحيح هو ما كان عن يقين واقتناع. أن الحرية الدينية تثبت للإنسان ابتداء لا انتهاء. احترام الديانات السماوية الأخرى والتعايش معها.

ب_ حرية المناقشات الدينية:

    لقد دعا القرآن الكريم إلى التزام جادة العقل والمنطق في المناقشات الدينية مع أهل الديانات الأخرى، وأن يكون عمادها الإقناع وقرع الحجة بالحجة والدليل بالدليل. قال تعالى:{ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}(75).

ج_ الحرية الفكرية:

  يقصد بحرية الفكرية حق الإنسان في التفكير بصورة مستقلة في جميع ما يكتنفه من شؤون وما يقع تحت إدراكه من ظواهر؛ بحيث يتبع ما يمليه عليه فكره وضميره، ويعبر عنها بمختلف و سائل التعبير(76)، وقد أقرت الرؤية القرآنية هذا الحق وركزت على التفكير السليم المبني على وسائل التعليم التي منحها الله للإنسان، وقد سار الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاء الراشدون على هذا المبدأ؛ فقد كانت حرية الرأي عندهم مكفولة ومحاطة بسياج من القدسية. وحرية الفكر في الإسلام تفسح المجال للمسلم في أن يناقش ويجادل ليصل إلى الفكر الصحيح والرأي السليم(77)، قال تعالى:{ادع إلى سبيل ربيك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}(78)،  وقد أقرت الرؤية القرآنية حرية التفكير العلمي في أن يكون لكل فرد الحق في تقرير أفكاره.

      و على ضوء ذلك فيجب أن يكون الدخول في الإسلام منبعثاً عن يقين واقتناع لا عن تقليد ومحاكاة، و بذلك حطم الإسلام القواعد التي كان يسير عليها التدين في كثير من الأمم من قبله، وهي قواعد التقليد والاتباع، وإهمال النظر والتفكير الحر، وأهاب بالناس أن يجعلوا عمادهم في عقائدهم ونشر دينهم الدليل العقلي والمنطق السليم، ودعا إلى النظر و التفكير.

5_ حق الإنسان في العدالة:

   إن القسط شعار الديانات السماوية كلها فقد قال تعالى:{ لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز }(79).

   فالقسط- بمقتضى هذا النص- عام و شامل، وهو شريعة النبيين أجمعين؛ حيث إن الإسلام هو الدين عند الله هو الدين الرسل ودعوتهم جميعا، وسمة الإسلام العدالة ،وهي ميزان الاجتماع في الإسلام ،وهي التي يقوم بها بناء الجماعة، وكل تنسيق اجتماعي لا يقوم على العدالة منهار مهما تكن قوة التنظيم فيه؛ لأن العدالة هي الدعامة وهي النظام الحقيقي، وهي التنسيق السليم لكل بناء،قال تعالى:{ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون}(80). وقال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوَّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}(81)

  "والعدالة مأخوذة من ( العدل) " والعدل من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته سبحانه وتعالى، وقد جعل الإسلام من الأمر بالعدل أمرا شاملا دون تخصيص بنوع دون نوع أو طائفة دون طائفة"(82)؛ لأن العدل نظام الله وشرعه، والناس عباده وخلقه، يستوون- أبيضهم وأسودهم، ذكرهم وأنثاهم، مسلمهم وغير مسلمهم- أمام عدله وحكمه.

6_ حقوق المرأة:

 كرم القرآن الكريم المرأة، وأعلنت الكثير من آيات القرآن الكريم مبدأ المساواة بينها وبين الرجل من حيث القيمة المشتركة ومساواة كل منهما في الحقوق والواجبات، وأن المزية عند الله هي التقوى والعمل الصالح:{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}(83).

   وتحدث القرآن الكريم عن المرأة في أكثر من عشر سور، ومن تلك السور على،وتحدث وجه الخصوص (البقرة، النساء، المائدة، النور، الأحزاب، المجادلة، الممتحنة) وتحدث في سور أخرى على وجه العموم، "والقرآن الكريم أقر مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة في الحقوق المالية والمسؤولية، إلا في بعض الأحكام الاستثنائية؛ وذلك لطبيعة تكوين المرأة ودور كل من الرجل والمرأة"(84) في الحياة، قال تعالى:{ من يعمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياة الطيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}(85).

  أما فيما يتعلق بالحقوق السياسية للمرأة فقد اعترف بها؛ قال تعالى:{ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله}(86).  وهذه الآية في نظر بعض الفقهاء تفيد تساوي المرأة مع الرجل في اكساب حق المشاركة السياسية بما يحقق الصالح العام للأمة.

   و أما المساواة في نظام الأسرة فإن المرأة كالرجل، تمتلك القيام بأعمال الوصاية على الصغار، والولاية على المال، والنظارة على الأوقاف، وكذا في شؤون الزواج فلها الحق في قبول زوجها أو عدم قبوله باتفاق الفقهاء، إذا كانت بالغة راشدة.

  أما بقية الفروق التي يعدّها بعض الناس مآخذ فهي لو تأملوا فيها لوجدوا أن القرآن الكريم قد راعى طبيعة المرأة التي تختلف عن طبيعة الرجل في تكوينها وعواطفها.

 7_ حق الإنسان في التعليم:

  مما لا شك فيه أن موقف القرآن الكريم من العلم كان هو العامل الأول والفاعل الأساسي وراء انتقال العرب من الجاهلية وبدواتها إلى العلم وحضارته، ولا بد أن نعي دلالة الاستهلال الذي بدأ به الوحي رسالة الإسلام إلى رسول محمد صلى الله عليه وسلم، لقد كان استهلالاً يعلن ميلاد طور جديد للإنسانية، بلغت فيه سن الرشد والنضج، فكانت كلمته الأولى- في الأمة الأمية – هي {اقرأ}؛ ثم توالت آيات القرآن الكريم بعد ذلك التي دعت إلى العلم والمعرفة، وأشادت بالعلماء ورفعت من قدرهم، وقد ورد الكلام عن العلم والعلماء في القرآن الكريم في أكثر من ثمانمائة وأربعين موضعاً.

   و لا ريب أن العلم يفتح آفاقا بعيدة، ويخرج الإنسان من ضيق الجهل وظلمته إلى نور العلم وسعته، ويمنح النفس صفاء ونقاء وشفافية تفتح البصيرة، وتمنح القلب نعمة الرؤية.

ومن خلال تدبر الآيات  القرآنية يتضح أن القرآن الكريم جاء ليخرج الإنسانية من ظلمة الجاهلية إلى نور العلم، فالقرآن الكريم جاء لهداية الإنسان ونجاته، والعلم هو سبيل الهداية وأداة النجاة، ومن ذلك يتضح أن القرآن الكريم جعل من العلم ضرورة وفريضة على كل إنسان، وليس مجرد حق من الحقوق، يباح لصاحبه التنازل عنه بالاختيار دون إثم أو حرج أو تثريب، وخاصة عندما يكون تخصصاً يعز تحصيله على الكافة، وقد حث القرآن الكريم على التعليم، ورفع منزلة العالم فجعله أفضل من العابد.

8_ حق الإنسان في العمل:

  يقصد بـــالعمل: المهنة والفعل، وهو كل فعل يفعله الإنسان بإرادة، ويشمل أفعال القلوب والجوارح، والعمل أخص من الفعل؛ لأن العمل لا يكون إلا من الإنسان مصحوبا بقصد، أما الفعل فلا يشترط فيه ذلك، والعمل ضروري لعمارة الكون، وإصلاح الأرض، وقضاء حاجات المجتمع، وتلبية حاجات صاحبه.

   لقد حفل القرآن الكريم بالكثير من الآيات التي تدعو إلى العمل، وتبين أهميته في حياة الإنسان، وتربو على مائتين وخمسين آية، نورد قبساً منها فيما يأتي:{ وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون}(87)، والعمل في هذه الآية يشمل العمل الدنيوي و العمل الأخروي. وقوله عز وجل:{فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض}(88)، وقوله تبارك وتعالى:{وهو  الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}(89). فتسخير الأرض للإنسان واستخلاف الله له فيها يقتضيان انتفاع هذا الإنسان بما خلق الله في الكون، واستثمار ما في الأرض من خيرات وثمرات، ولا يتأتى ذلك إلا بالعمل وبذل الجهد.

   وعلى ضوء ما سبق فالرؤية القرآنية لكونية حقوق الإنسان هي إقرار لحقوق والحريات العامة وكفالتها للجميع دون أي تمييز بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي، إن حقوق الإنسان التي تقرها الرؤية القرآنية هي حقوق أزلية، فلا إفراط في حقوق الفرد على حساب الجماعة، ولا حقوق الجماعة على حساب الفرد، فهي مجموعة مبادئ لتكون أساس المجتمع الإنساني: من خلال التركيز على مفاهيم : المساوة والعدل و الحرية .

على سبيل الختم:

   إن الرؤية القرآنية تقدم منظوراً لحقوق الإنسان، ينطلق من تكريم الله للإنسان
واستخلافه في الأرض، ويرتكز على العقيدة التي يعتنقها الإنسان، والتي تخول له حقوقاً كونية وشمولية عامة، وتقوم على مفاهيم عالمية، مصدرها الله تبارك وتعالى، كما تقدم الرؤية القرآنية لحقوق الإنسان منظوراً واقعياًّ لحقوق الإنسان، منسجماً مع الفطرة الإنسانية.

     إن المقاربة بين كونية حقوق الإنسان في الرؤية القرآنية، وبين الرؤية الوضعية العالمية ليست فقط من أجل معرفة الفروق بينهما؛ ولكن من أجل التأصيل للمشترك الإنساني والثقافي، وكما تنص عليها الرؤية القرآنية من جهة، والرؤية الوضعية من جهة ثانية، وهذا التأصيل يعود إلى الأسس المرجعية لكلّ منهما، ومن ثم فإن المقاربة تقتضي استحضار فلسفة هذه الحقوق، وما يؤسّسها نظريا وفلسفيا في الرؤية القرآنية والرؤية الوضعية، وهذا التأصيل للمشترك الإنساني والثقافي يجب أن يقوم على إبراز كونية حقوق الإنسان، بحيث تتجلى وحدة الهدف، وهو الرقي بهذا الإنسان نحو الكامل النسبي الممكن.

   إن الأديان في نقاء أصولها المؤسسة تمتلك جواباً و رؤية أكثر استيعاباً لماهية الإنسان. ولتكون الرؤية القرآنية عالمية و كونية كان لابد من نسخ الشرائع ذات الخصوصية الحصرية لشعوب وقبائل محددة لتستبدل ويحل محلها شرائع القرآن الكلية والعالمية، التي تتفق مع حاجيات المجتمعات العالمية كافة، وذلك من الخصوصية المنغلقة لحقوق الإنسان في الديانة اليهودية، إلى الخصوصية المنفتحة لحقوق الإنسان في الديانة المسيحية انتهاءً بكونية وعالمية حقوق الإنسان في الرؤية القرآنية، بوصفها خاتمة الأديان التوحيدية الإبراهيمية.

 ....

الهوامش:

  1. انظر: [Pierre Henri Imbert, «L’apparente simplicité des droits de l’homme », Réflexions sur les différents aspects de l’universalité des droits de l’homme, Revue Universelle des droits de l’homme, Voll¬ 1998, Edition N.P .Engel. Kehl. Strasbourg-Arlington, P 19 . ]
  2. فريد بن جحا، كونية حقوق الإنسان، المطبعة المغربية لطباعة وإشهار الكتاب، ط1، 2013م، ص: 367 [1]
  3. المصدر السابق، ص 376 .
  4. الرؤية القرآنية تحيل إلى مجموع الحقائق الأساسية التي تقدم للإنسان تصورا خاصا للإنسان والحياة والكون، كما أنها تقدم له تفسيرا مطابقا لهذا الوجود بما فيها الحياة الإنسانية والتاريخ الإنساني، فالرؤية القرآنية تعطي إجابات عن الأسئلة المتنوعة للإنسان، يعجز العقل والحس والواقع جميعا عن الإجابات عنها سواء فيما تعلق بعالم الغيب أو بعالم الشهادة، لتوضيح ذلك أكثر أنظر كتاب الرؤية المعرفية القرآنية للإنسان والعمران، محمد عالي الجماني، دار الأمان، الرباط، ط1، 2005م.
  5. عبد الرحمن العضراوي، آليات التدخل المعرفي القرآني وتجديد البارديغم المنهجي والتنزيلي في العلوم الإسلامية، أعمال الندوة العلمية التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء، بموضوع " العلوم الإسلامية أزمة منهج أو أزمة تنزيل"،1431ه،2010م، ص:266.
  6. يمكن القول: إن المسيحية نبتت من اليهودية، وإن الإسلام كان نتاجا للديانتين اليهودية والمسيحية، بحيث يكمل ما سبقه ويعيده إلى طريقه الصحيح ، وكل ديانة من الديانات الثلاث، تنظر إلى إبراهيم على أنه أصلها، فاليهودية تنظر إلى إبراهيم (( أبونا إبراهيم)) مكررين تأكيد الرب بأن إبراهيم هو حامل كلمته إلى الأرض، وأما المسيحية فتعد إبراهيم هو الأب، وأن الخلافة في الأرض ليست ميراثا جسديا لليهود، وإنما رسالة مقدسة لكل البشر على سواء. وأما الإسلام فإنه ينظر إلى إبراهيم على أنه (أبو الأنبياء)، وأنه أب لكل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، وتشترك الديانات الثلاثة في معنى واحد، وهو أن الإنسان هو أرقى المخلوقات، وما الرسالات التي أرسلها عن طريق رسله وأنبيائه إلا لصالح البشر، وبذلك تعالج جميع قضايا الإنسان ومن ضمنها موضوع حقوق الإنسان وغيرها من القضايا الأخرى، لتوضيح ذلك أكثا انظر كتاب: رحلة الإنسان مع الأديان من اليهودية إلى الإسلام، عبد الرحمن نور الدين .
  7. عبد العادي بوطالب، إسهام المعتقدات  والديانات السماوية في ترسيخ قيم حقوق الإنسان، مجلة عالم التربية، العدد 15، 2004م، ص: 45 .
  8. سورة الأعلى، الآية : 18_ 19 .
  9. العهد القديم، سفر الخروج، الإصحاح2، الفقرات 1- 17، وكما ورد ذكرها في السفر الخامس المدعو "سفر التثنية الاشتراع"، الإصحاح 5، الفقرات 2-5. 
  10. العهد القديم، سفر التثنية، الإصحاح 24، الفقرة 19.
  11. المرجع السابق، الإصحاح 3، الفقرة 13_16.
  12.  المرجع السابق، الإصحاح 25، الفقرة 13_16.
  13. المرجع السابق، الإصحاح 16، الفقرة 19
  14. المرجع السابق، الإصحاح 01، الفقرة 07.
  15. المرجع السابق، الإصحاح 01، الفقرة 16
  16. المرجع السابق، الإصحاح 05، الفقرة17.
  17. المرجع السابق، الإصحاح 05، الفقرة06.
  18. المرجع السابق، الإصحاح 17، الفقرة 10.
  19. المرجع السابق، الإصحاح 19، الفقرة 21.
  20. المرجع السابق، الإصحاح05، الفقرة 13.
  21. المرجع السابق، الإصحاح 50 ، الفقرة14.
  22. المرجع السابق، الإصحاح25، الفقرة 11.
  23. محمد الناصري، الديانات السماوية وحقوق الإنسان، مجلة الإحياء، الرابطة المحمدية للعلماء
             المغرب، العددان 41-42، 1436ه،2014م، ص:224.
  24. انجيل متى، الإصحاح 18، الفقرة 20 .
  25. المرجع السابق، الإصحاح 12، الفقرات 46-48.
  26. رسالة بطرس1، الإصحاح 3 ، الفقرات 01-02.
  27. رسالة بطرس1، الإصحاح 3، الفقرات 07.
  28.  إنجيل لوقا، الإصحاح 18، الفقرة 20.
  29.  رسالة روما، الإصحاح 10، الفقرات 12.
  30. بطرس1، الإصحاح02 ، الفقرة16.
  31. أعمال الرسل، الإصحاح 18، الفقرة 20.
  32. إنجيل متى، الإصحاح 20، الفقرة13.
  33. المرجع السابق، الإصحاح 10، الفقرة 10.
  34. إنجيل متى، الإصحاح 8، الفقرة 17.
  35. إنجيل متى، الإصحاح 05، الفقرة 38 وما بعدها .
  36. عدنان السيد حسين، الديمقراطية وحقوق الإنسان بين الشرائع والقوانين، ضمن كتاب
             حقوق الإنسان في الوطن العربي، دمشق دار الفكر، ط1، 1433ه،2002م، ص 153.
  37. سورة البقرة، الآية 258.
  38. عبد الهادي بوطالب، إسهام المعتقدات والديانات السماوية في  ترسيخ قيم حقوق 
             الإنسان، ص 52.
  39. جابر بن محمد مدخلي، حقوق الإنسان بين العدل والجور، بحث منشور في باب آفاق
             إسلامية من صحيفة الجزيرة السعودية. الطبعة الأولى، العدد 95، 1421ه، نشر على
              موقع الإنترنيت.www.suhuf.net.  
  40. أسامة ناظم سعدون العبادي، الإسلام والإعلان العالمي لحقوق الإنسان: دراسة مقارنة،
             منشورات الحلبي الحقوقية، ط1، 2012م، ص 137،
  41. المرجع السابق، ص 138.
  42. سورة مريم، الآية 64.
  43. سورة البقرة، الآية 138.
  44. سورة الفرقان، الآية 33.
  45.  مختار الأسدي، الحريات والحقوق الواقع والادعاء بين السلطة الفقهاء وفقه السلطين
               بحث مقارن رؤية نقدية، دون طبعة والتاريخ، ص 15.
  46. محمد الغزالي، حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، مطبعة السعادة
             القاهرة، ط1،   1483ه، 1963م، ص 49،
  47. سورة الإسراء، الآية 70.
  48. أحمد بوشلطة، مفهوم الإنسان في القرآن الكريم والسنة الشريفة، مكتبة حسن العصرية،
              ط1، 1 430ه، 2009م، ص: 255. 
  49. محمد محسن، حقيقة الإنسان في القرآن الكريم، مجلة المعارج، العدد 162، 1434ه،
             2013م،ص  219.
  50. سورة عبسى، الآية 18. 20 .
  51. سورة الحج، الآية 05 .
  52. محمد سعيد رمضان البوطي، منهج القرآن في بناء الإنسان والحضارة، مجلة المعارج
             العدد 162، 1 434ه، 2013م، ص: 21 .
  53. سالم أحمد الماقورى، المثل الأعلى للمجتمع الإنساني كما تحدث عنه القرآن الكريم، دار
             القلم، ط1، 1985م، ص: 123.  
  54.  سورة الأنعام، الآية: 38 .
  55.  سورة النجم، الآية 38 .
  56.  أحمد بوعود، الإنسان في القرآن دراسة فلسفية مقارنة، منشورات الزمن، العدد 3
              9،2014 م، ص 08.
  57.  سورة الفرقان، الآية 01
  58. سورة سبأ، الآية 28 .
  59. محمد منتار، خصائص القرآن في القرآن، مجلة الترتيل، الرابطة المحمدية لعلماء المغرب،
             العدد02،1435ه، 2014م، ص: 117 .
  60. سورة الحجرات، الآية 13.[1]
  61. محمد عابد الجابري، مفاهيم الحقوق والعدل في النصوص العربية الإسلامية، مركز
             دراسات الوحدة العربية، ط1، 2002م، ص06.
  62. سورة النساء، الآية 58.
  63.  سورة آل عمران، الآية 159.
  64.  سورة المائدة، الآية 32.
  65.  سورة الإسراء، الآية 33.
  66.  سورة النساء، الآية 28.
  67.  سورة الإسراء، الآية 31.
  68. سورة الفرقان، الآيتان 18_ 19.
  69.  أعطى الرسول صلى عليه وسلم عدة وصايا إلى جنوده " انطلقوا باسم الله وعلى ملة
              رسول الله، لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا ولا صغيرا ولا امرأة ولا تغلوا وضموا
              غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا، إن  الله يحب المحسنين"
  70. سورة الحجرات، الآية 11.
  71.  سورة النور، الآية 27.
  72.  سورة المعارج، الآية: 33 .
  73.  انظر: كتاب حقوق الإنسان في الإسلام، علي عبد وافي، دار النهضة للطبع والنشر،
              مصر ، ط4، 1989م.
  74.  سورة البقرة، الآية: 256 .
  75.  سورة النحل، الآية 125
  76. علي عبد الواحد وافي، حقوق الإنسان في الإسلام، ص229.
  77. فاروق السامرائي، حقوق الإنسان في القرآن الكريم، ص 90.
  78. سورة النحل، الآية 125.
  79. سورة الحديد، الآية 25.
  80.  سورة النحل، الآية 90.
  81.  سورة المائدة، الآية 07.
  82. عبد اللطيف بن سعيد الغامدي، حقوق الإنسان في الإسلام، أكاديمية نايف العربية للعلوم
             الأمنية، ط1، 1321ه،2000م، ص102.
  83.  سورة الحجرات، الآية 13.
  84.  عبد اللطيف بن سعيد الغامدي، حقوق الإنسان في الإسلام، ص 103 .
  85. سورة النحل، 97.
  86.  سورة التوبة، الآية: 71.
  87.  سورة التوبة، الآية 105.
  88.  سورة الجمعة، الآية 10.
  89.  سورة الملك، الآية 15 .

أخبار ذات صلة