( صمويل أَيزنشتات ) | فصل من كتاب: رؤية ماكس فيبر للإسلام، تحرير فولفغانغ شلوختر ، 1987، ترجمة رضوان السيد
إنّ تحليل ماكس فيبر للإسلام- رغم جزئيته ونقصه- يُظهر المشكلات الأساسية نفسها التي يجدها الباحث في معالجات فيبر للديانات والحضارات اليهودية والصينية والهندية(1). لقد كان فيبر في معالجاته- حتى المكتمل منها- بين إحدى وجهتي نظر:الأولى: الاعتراف بها بوصفها حضارات كبرى، والتي سماها ياسبرزJaspers فيما بعد: (ثقافات الزمن المحوري)، وهي الحضارات التي تختلف ديناميات تكونها وتطورها عن تكوينات ما قبل الزمن المحوري(2). ومن جهةٍ أُخرى فقد انصبَّ اهتمامه على العناصر أو البقايا "التقليدية" التي ما تزال مسيطرةً بداخل تلك الثقافات، والتي حالت دون انضمامها إلى عقلانية الغرب ورأسماليته.
إنّ هذا المبدأ أو هذه المقارنات المتضاربة لماكس فيبر تنطبق أيضاً على الإسلام، على الرغم من الأقوال والأحكام المتناثرة التي يُصدرها فيبر عليه؛ إذ هو من جهة يعدّ الإسلام ديانةً كبرى أو حضارة سائدة، يداخلها التوتر الذي يداخل سائر الحضارات الكبرى بين العناصر أو الميول الروحية أو المثالية، والأُخرى المادية التي من هذا العالم، مع الرغبة الجارفة -من جهةٍ أخرى-في اتّباع مسبقات وشروط الرؤى المثالية التي تعيد تشكيل تلك المنظومة.
ثم إنّ فيبر كان منشغلاً دائماً بالسؤال الأساس: لماذا الحضارات الحديثة والعقلانيات والرأسمالية -كل هذه الظواهر تطورت- في الغرب؟ولماذا- ورغم توافر الشروط المبدئية ظاهراً- لماذا هذه الشروط الملائمة لم تؤدّ إلى سواد تلك الظواهر في عالم الإسلام؟ لقد كانت تلك الشروط متوفرة؛ فالإسلام هو ديانة التوحيد الأكبر والأصفى، وهو الأكثر انتشاراً وعالمية، ويمتلكُ ميلاً قوياً لعقلنة السلوك الإنساني وانضباطه.
ومن أجـل الإجابة على هذا التسـاؤل- مثلما فعل مـع الديانات والحضـارات الأُخرى- فكذلك في الإسلام، أي بقاء العناصر التقليدية المنتمية إلى ما قبل الزمن المحوري، وهي بنى اجتماعية، وعناصر إيديولوجية. وعلى هذا فإنه أبرز العوامل التي أضعفت من النزوع إلى العالمية في الإسلام. ورأى أن من تلك العوامل التقدم الذي أُعطي لطبقة المحاربين العرب في الدولة والمجتمع، وبقاء العناصر السحرية والطقوسية في الذهنية والسلوك الديني، ونزعات الانسحاب من العالم، وهي الملحوظة لدى عددٍ من الفِرَق والطرق في الإسلام.
لكنّ فيبر أخطأ في الحقيقة في معظم ما ذكره من عوامل ومعوِّقات. وهو الأمر الذي برهن عليه نحميالفتزيون N. Levtzionبالتفصيل في مقالةٍ معروفة(3). لقد أساء فيبر فهم عدة عناصر ومكونات في الحضارة الإسلامية، وهوالأمرالذي حصل معه في تحليله للنظام الإمبراطوري الصيني، والذي عدّه نظاماً أبوياً أوعتيقاً Patrimonial- وقد جاء خطؤه في الحالتين (الإسلامية والصينية) ليس من تخلف الدراسات الاستشراقية حولهما أيامه فقط؛ بل ومن منهجه في التحليل والمقاربة: البحث عن أسباب التخلف أو الفشل في الانضمام إلى ركْب العقلانية الغربية في العناصر التقلديية الباقية، وليس في ديناميات وحركيات تلك الحضارة التي عدّها حضارةً كبرى. ولذلك تجاهل فيبر غالباً معنى ودور تلك الظواهر في السياقات الخاصة بها. وهذا لا يعني تجاهُل إسهاماته الكثيرة في فهم الديانات والحضارات اليهودية والصينية والهندية: من مثل تنبيهه إلى المكونات وشروط الظهور، وبنى النُخَب، والأرثوذكسياتوالهرطقات، وديناميات المؤسسات في حركيتها(4). وعلى ذلك- أو بالرغم منه- فقد بقي ممزَّقاً بين هذين المنهجين أو تينك المقاربتين.
وما ينطبق على طريقته مع الديانات والحضارات الثلاث ينطبق أكثر على الوضع مع الحضارة الإسلامية، وربما ظهر ذلك أكثر في حالتها؛ لأنّ مقاربته لها بقيت جزئية ومتناثرة وجانبية في سائر أعماله. ثم إنّ هناك عنصراً تحليلياً في رؤية فيبر للإسلام يزيد من المشكلات، ومع أنّ هذا العنصر ظهر مع الديانات والحضارات الأُخرى، لكنه مع الإسلام بدا أكثر حِدَّةً ووضوحاً. ففيبر لا يفرِّق في رؤيته للإسلام، بينه بوصفه نظام عقيدةٍ وعبادة، وبوصفه- هو الأمر الآخر الأكبر-مكوِّناً رئيساً في الحضارة، أيّ حضارة.
سؤال فيبر الأساسي إذن: لماذا في الإسلام، وعلى مستوى الرموز والمؤسسات تغيب الدوافع والاندفاعات التي ظهرت في الغرب عندما تطور العالم الحديث؟ عندما نلتفت إلى هذه المسألة يكون علينا أن ندرس الأبعاد المهمة في هذه الحضارة، وهذا يعني تأمُّل الديناميات-بظواهرها الأيديولوجية والمؤسساتية- وتأمُّل العوامل الحضارية التي يتضمنها الدين السائد في الحضارة. لقدرأى فيبر أنّ أفضلالمنطلقات لتأمل الحضارة الإسلامية وفهم مساراتها: نظام الحكم، وعدّه أساسياً رغم طبيعته الشاذة. ويفهمه فيبر على أساس أنه يتضمن تقديماً للطبقة العسكرية، بوصفها حاملةً للإسلام وحاميةً له. ويُسمّي فيبر نظام الحكم هذا: النظام السلطاني(5). ولا شكّ أنّ نظام الحكم في معظم فترات تاريخ الإسلام كان يُظهر طبائع وأبعاداً سلطانية/باتريمونيالية. فإذا أضفنا إلى ذلك أو لاحظنا الرؤية الروحانية أو المتسامية؛ فإنّ هذه الدنيوية القوية (ونظام الحكم من أبرز مظاهرها) تبدوان معاً علىشيءٍ من المفارقة والشذوذ والتناقُض. وفي ظل هذهالشروط ومع التوسع المستمر؛ فإنّ النزعة الإمبراطورية كان لا بد أن تسيطر، وأن تؤدي إلىالتطور لنظامٍيشبه النظام الإمبراطوري/ الإقطاعي الذي ظهر فيأوروبا في الفترة نفسها(6). بيد أنّ الذي حصل غير ذلك. فما ظهرت في التاريخ الإسلامي دولٌ ذات نزوع إمبراطوري قوي باستثناء العباسيين والفاطميين،وبصورة أقلّلدى الصفويين، وأكثر لدىالعثمانيين. ثم إنّ ذاك النزوع ظلَّ تقليدياً وروتينياً. ومع أنّ البُعد الإقطاعي للنظام السلطاني كانظاهراًبوضوح- وهو معروفٌ ومشهور- فإنه ماتطور مثل الإقطاع الأوروبي بحيث يظهر فيه البُعدان: السياسي والاقتصادي،واللذان ميَّزا المجتمع الإقطاعي ومابعد الإقطاعي في أوروبا. لقد عرفت أوروبا مراكز كثيرة، وبعض منها رئيس، والتي أثرت ببعضها وتأثرت، وأمكن لها -وإن بشكلٍمحدود- أن تحوّل قوتها الاقتصادية إلى قوةٍ سياسية.
إنّ الفروق في المصائر بين أوروبا والعالم الإسلامي- رغم وجودها وتأثيرها- لا يمكن إرجاعها إلى وجود العناصر التقليدية في البلاد الإسلامية؛ بل إنها لا تنفصل عن المؤسسات ووسائل الانتشار التي كانت لها سياقاتها وارتباطاتها. وهنا يهمنا على وجه الخصوص عاملٌ أو عنصرٌ شديد الأهمية في أنظمة الحكم (الإسلامية) هذه: فبحسب Daniel Pipes استند نظام الحكم السلطاني إلى العسكريين العبيد أو بحسب Patricia Croneإلى العبيد الفرسان (7). وهؤلاء كانوا يؤخذون من وحداتهم العشائرية، فيعتنقون الإسلام، ويعمد الحكام إلى استيرادهم وتدريبهم واستخدامهم.
إنّ الخطوة الأولى للوصول إلى تفسير تكمن في فهم الشروط الأساسية للحضارة الإسلامية؛ فأهم التوجهات الثقافية في المجال الإسلامي هي:
(1) التفرقة بين العواملالكونيّة، والمسائل الدنيوية. وبسبب هذا الانفصال جرت الاستعاضة بالخضوع المطلق في المجال الدنيوي للسلطان الإلهي. وبذلك فقد صار الانتشار الشاسع جزءًا من نظام الطاعة لله عزّ وجلّ؛ وهذا هو الفهـم الذي كان سائداً لعمل الأمة الإسلامية.
(2)أنّ المسلم الخاضع للسلطة الإلهيـة صار ممتلكاً لإمكانية الوصول لله على وجه الاستقلال وبلوغ الخلاص. أما المؤمنون فيشكلـون جماعـةً دينيـة/ سياسيـة، منفصـلة عن الجماعـات القديمة،ومثالهاالأعلى: الأمة.
(3) ينبغي أن يكون الحاكمحامياً للقيم الإسلامية، ولسلامة ونظام الأمة، وحياة الجماعة(8). ولذلك صارت هناك مساواة أو سواسية سياسية عالية بين سائر المؤمنين،وصارت هناك مسؤولية مشتركة بين الحاكم والناس لصون المثال الإسلامي. ثم جاءت تطورات مؤسساتية؛ فقد ظهرت مراكزإقليمية، ما لبثت أن اخترقت الأطراف، وشكل وجهاؤها نخباًعامةً وحاكمة، إضافةًإلى نُخَب دينية مستقلة، ومؤسسات، صارت من خصوصيات المدن وحياتها(9). وبحسب ماكسيم رودنسون هنا أظهر الإسلام طبيعته بوصفه حركة شاملة، وإلى حدٍ ما: بوصفه حزباً سياسياً، يريد إعادة تشكيل العالم، ويتبع هذا الهدف ويسير نحوه بحماسٍ شديد(10).وهذه الأيديولوجيا تستلزم ذوبان الوحدات السياسية / الدينيةبعضها في بعض واندماجها الشديد، والهوية الجماعية، والنُخَب الملتزمة. وقد وصل إلى ذروة السلطة مع الالتزام بذلك الهدف الكبير عددٌ من متأخري الخلفاء (العباسيين والفاطميين)، والسلاطين والحكام. وقد استندوا في شرعيتهم إلى أسباب دينية/ سياسية، وسعوا للحصول على دعم الجمهور؛ من طريق التأكيد على الوجه الديني لسلطتهم، وادعاء الولاء لميول العامة ومحاباتها. وبذلك فإنّ العوامل السياسية أو الموضوعات السياسية لعبت دوراً مهماً في اللاهوت الإسلامي. وما كان المستهدَف فقط إقامة جماعة سياسية/ دينية موحَّدة؛ بل وارتبط بذلك إنكار كل الواردات من خارج الدين، والتي يمكن أن تتضارب مع هذه الهوية السياسية/ الدينية المقدسة. على أنّ ذلك كلَّه لا يعني أنه في الواقع حصل انتظامٌ في هذا الأمر، كما أثبت ذلك برنارد لويس في دراسة له(11).
في هذا السياق فإنّ الإسلام يقف على طرفي نقيضٍ مع اليهودية، وإن كان يملك معها مشتركاتٍ كثيرة. ومن المشتركات تمكين كل فردٍ من أفراد الجماعة المؤمنة أن يتصل بالله دونما واسطة. إنما من ناحيةٍ أُخرى فإنّ علاقة العبد بربه في الإسلام هي علاقة خضوعٍ مطلق، وهو ما يعنيه مفرد: إسلام. وليس في الإسلام تصورٌ آخر للعلاقة بالله كالتصور التعاقُدي الموجود في اليهودية(12).
إن النزوع العالمي في الإسلام -والذي تحول إلى أيديولوجيا سائدة- صاحبته عناصر توترٍ منذ البداية؛ فمن جهة كانت هناك الخصوصيات المحلية العربية، والتي كاندعاة الإسلام الأوائل قد نشأوا فيها، ومن جهةٍ أُخرى كان التصاعد المستمر في النزعة العالمية الناجمة عن الفتوحات، وعن ضم مناطق جديدة باستمرار إلى دار الإسلام، ودخول إثنيات جديدة إليه؛ بحيث بدت عالميات الإسلام في الواجهة(13). وفي الواقع فإنه في الأقاليم المركزية لدار الإسلام بقي هناك عنصران محليان في منتهى القوة: الانتساب للنبي ظلَّ شرطاً بين شروط شرعنة السلطة، واللغة العربية ظلّت هي لغة الوحي والصلاة والثقافة الدينية وغيرها، وإلى حدٍ كبير بقيت لغة التفسير والفقه. وفي ذلك يفترق الإسلام عن اليهودية؛ إذ في الإسكندرية صارت اليونانية هي لغة العهد القديم(وفي كثيرٍ من الكُنُس اليوم بالولايات المتحدة، صارت الإنجليزية هي لغة الصلاة). وهناك افتراقٌ عن المسيحية أيضاً؛ ففي المشرق صارت اليونانية هي لغة القداس ( إلى لغاتٍ أُخرى). وفي أوروبا بعد الإصلاح الديني صار القداس باللغات المحلية. إنما فيما وراء النسب النبوي واللغة العربية لم يبلغ أي عنصرٍ من العناصر المحلية الأُخرى درجة القداسة. وهكذا فإنّ الأيديولوجيا العالمية للأمة ظلت هي السائدة.
لقد بلغت هذه النزعة العالمية للأمة الذروة مع الثورة العباسية. ومع هذه الثورة حصلت إعادة ترتيب لمسألة الشرعية؛ كما أشار لذلك موسى شارون في كتابه عنها؛ إذ ما عاد النسب المباشر شرطاً، ولا إجماع الأمة؛ بل تقدمت الوجاهة والعصبية، وإلى جانب ذلك سُنّة النبي القدوة(14). إنما في تلك الحقبة التي تمأسست فيها عالمية الإسلام حصل هناك نوعٌ من التمايز أو تقسيم العمل بين المجال الديني والآخر السياسي؛ أو بين النخب الدينية، والأُخرى السياسية. وقد اعترفت السلطة السياسية بهذا الانفصال النسبي، كما تشير لذلك تحليلات H. Gibb، وأخيراً دراسات I. Lapidus. وفي نهايات العهد العباسي يدخل عاملٌ آخر هو ظاهرة العسكريين من نوعٍ متشابك أي بين الروحي الداخلي أو الجواني، والسلوك الدنيوي الظاهر.
ويحسُنُ هنا التعرضُ للتغيرات التي طرأت على النُخَب؛ فمع انتشار الإسلام الشاسع-كما سبق القول- حدث فصلٌ نسبْيٌّ بين الديني والسياسي،وفي الوقت نفسه بين عالمية الأمة والجماعات المحلية، أو بين النخب العالمية النزعة والجماعة المحلية. لقد تقدمت النُخَب السياسية في رمزيتها واستقلاليتها، وتنظيم ومأسسة سلطاتها؛ بينما تقدمت رمزية النُخَب العالمة دون أن تتمأسس استقلاليتها إلاّ بقدرٍ محدود. فالقيادة الدينية ظلت تابعةً للسلطات السياسية إلى حدٍ بعيد، وما تقدمت باتجاه الاستقلالية التنظيمية أو السلطة المُلزمة. لقد صارت تلك النُخَب الدينية فئةً أو شرعةً خاصة، وما انتظمت في هرمياتٍ أو مؤسسات مستقلة إلاّ عندما قامت الدولة بتنظيمها في الزمن العثماني؛ بيد أنّ مثال الانتظام والاستقلال ظلَّ دائماً حياً في أوساط العلماء.
إنه -وبسبب هذه العمليات التطورية- ما أمكن أن تتطور إمبراطورياتٌ في ظلّ الإسلام إلاّ نادراً، وفي ظروفٍ خاصةٍ جداً.
من خلال الانتشاروالمأسسة في الإسلام ظهرت نُخَبٌ مغطَّاة بالدين، مع علاقاتٍ خاصةٍ لتلك النُخَب بالجماعات المحلية. إنّ هذا التمازج أو الترابط بين الأنظمة الإمبراطورية والأُخرى الباتريمونيالية في الإسلام أدى إلى ظهور جماعات سائدة ذات طابع فريد، وذاتعلاقة خاصة مع النمط الباتريمونيالي السلطاني. ويتصل ذلك بما ذكرناه من قبل عن القادة العسكريين/ الدينيين، والذين انبثقوا عن الجماعات العشائرية والفِرَق الدينية. ومع هذه البنى والنُخَب ظهر العبيد الفرسان الذين تطوروا عن ظاهرة الغلمان المملوكية والدفشرمة العثمانية. وقد مكّن ذلك النظام الجماعات السائدة والحاكمة من أن تستجلب عسكراً من الشعوب الأجنبية. ويشير ذلك إلى أنه لا يمكن تعليل الاستمرارية استناداً إلى السلطانية الباتريمونيالية؛ بل إنها تعود للديناميات الداخلية للمأسسة وللانتشارية الإسلامية. ولذلك فإنّ هذه الأنظمة تتّسم بمعالم مهمة وبارزة، وتختلف عن الباتريمونياليات التقليدية مثلما كان عليه الأمر في جنوب شرق آسيا، والشرق الأوسط المبكر. كما أنّ الإمبراطوريات الإسلامية تتسم بسماتٍ خاصة ومميّزة.
إنّ المصطلح المركزي والضروري لفهم السِمات الخاصة في النظام الإسلامي الكلاسيكي هو الأمة؛ لقد كانت هناك استحالةٌ في مأسستها بسبب شسوعها وامتداداتها والتعدديات بداخلها؛ لكنها ظلّت حاضرةً بقوةٍ بوصفها عاملاً توجيهياً دينياً وأيديولوجياً. وهكذا فإنّ توحيد المجال الديني والآخر السياسي ظلَّ في الإسلام هدفاً تتجه إليه الأخلاد والأنظار دائماً. وهذا المثال الحي والمتحرك ظلّت له تأثيراتٌ على التطورات السياسية والدينية في الإسلام. ويضاف إلى ذلك أنّ فروقاً بارزةً أُخرى ظهرت بين العناصر الباتريمونيالية، والإمبراطورية، والقَبَليات الحاكمة بداخل الإسلام، كما في الحضارات الأُخرى.
إنّ الترابط الذي تطور بين هذه العناصر والعوامل ترك تأثيرات على الديناميات الاجتماعية والسياسية في مجال الحضارة الإسلامية. ونريد هنا أن نعالج السياسات المتعلقة بمسؤولية الحاكم والتنظيم السياسي؛ فعلى المستوى الرمزي البحت كان المنتظر من الحكّام أن يحفظوا مثال الأمة، وأن يعدوا أنفسهم مسؤولين عنه. ولأنّ هذا المثال جرى التخلّي عنه في زمنٍ مبكر، فقد تحول الأمر إلى ما يشبه اللاهوت، الذي يعدّ كل سلطةٍ أفضل من الفوضى(سلطان غشوم خيرٌ من فتنةٍ تدوم)(*). وما كان التنظيم الديني يشكل مايشبه الكنيسة المستقلة، كما لم يكن مؤسسةُ ذات تنظيم شامل مستقل عن السلطة السياسية. ثم إنّ الفئات الأوسع من الجمهور ما كانت تملك قواعد منتظمة للتواصل مع المركز والتاثير عليه؛ ولذلك ما أمكن لهاتطوير ضغوط من أجل المشاركة. ولذلك أيضاً بقي تأثيرها مقصوراً على رجالات البلاط، وعلى الوظائف البيروقراطية.
إنّ الفرق الدينية المختلفة والحركات الشعبية-والتي ظلت حيةً عبر العصور- ما كانت تستطيع الضغط أو التأثير لتحقيقمطالبها، ما دامت السلطة السياسية تتمتع بالاستقرار. وفي المقابل فإنّ كبارعلماء المذاهب، وشيوخ الطرق الصوفية، كانوا حراس الدين والحق، فصاروا بذلك هم الذين يحددون حدود الجماعة.وبذلك فقد ظلوا شريكاً لا يمكن الاستغناء عنه للتحالفات السلطوية القائمة.وعندما يحدث الاضطراب؛ فإنهم كانوا حليفاً مهماً للقوى الحاكمة، في المواجهات.ويظل من الأهمية بمكان أن نلاحظ أنّ طبقاتالعلماء -والذين كانتعلاقاتهم بالسلطات ممتازة- ظلّعدُّهم ممثلين للجماعة الإسلامية. ولذلك بقي في عيون الجمهور تمييزٌ بينهم وبين الآخرين الموظفين لدى السلطات من الجهات الدينية أو القَبَلية التقليدية.
وبوصفهم حُماة الجماعة؛ فإنّ العلماء مارسوا مهامّ وصلاحياتٍ قضائية وفقهية مهمة، وبخاصةٍ في الأنظمة الباتريمونيالية. ومن خلال ذلك أمكن لهم إيجاد مجال شبه مستقل، لا يستطيع الحكّام التحكم به بشكلٍ كامل.
-------------
(*) إضافة من المترجم.
وهكذا يمكن تحديد المجتمع الإسلامي من خلال فئاته الخاصة: العلماء، ومن بينهم الفقهاء على وجه الخصوص، والذين ما خلا منهم مجتمعٌ مسلمٌ في عصوره الوسيطة- والفئات المسيطرة التي لم تَخْلُ سلطتها من الترابط بين القبيلة والفرقة- وأخيراً الطرق الصوفية والأصناف. وهذه الجماعات كانت الحاملة للتوجهات الإسلامية، من خلال ما أنتجته من مؤسساتٍ تنظيمية.
إنّ المقام الخاص الذي احتلّه العلماء يتصل ببعض الأبعاد الخاصة المتداخلة هرمياً وفئوياً، والتي عرفتها المجتمعات الإسلامية (17).
فمن جهةٍ أولى فإنّ سيطرة النظم الباتريمونيالية- رغم الافتقار للاستقلالية السياسية- كانت لها نتائج باقية لجهة الترتيبات، وفي الوقت نفسه فإنها أضعفت الحسَّ الطبقي أو حالت دون تطوره.
ومن جهةٍ ثانية. وفي المجال الديني، ورغم الافتقار للاستقلال السياسي؛ فإنّ طرقاً معينةً للصعود تحددت ضمن الهيئات الدينية. وقد أثر ذلك في بُنى المجتمعات الشرقية. أما في المجتمعات ذات البنى الإمبراطورية؛ فإنه أمكن الوصول إلى ضبطٍ وربطٍ أكبر لصالح المركز. بيد أنّ الجهات الدينية أمكن لها التأثير في الإمبراطورية بطرقٍ أُخرى، وبخاصةٍ عندما تكون تلك الإمبراطوريات قد خسرت جزءًا من شرعيتها الدينية. وهكذا فإنها بنت شرعيةً منفصلة نسبياً، وإن بقيت ضمن سقف الدولة. وهذا الانفصال كان يؤدي في الأزمات إلى الكثير من الخصومات والانقسامات السياسية والدينية.
وفي النظم البارتيمونياليةفإنّ هذا المجال المنفصل بموقعه كان يمكن أنيتحول إلى داعية من دواعي الثورة السياسية. وفي هذه النظم والحالات فإنّ الجهاز الديني يكون أقلّ اندماجاً منه في الأنظمة الإمبراطورية.
وهناك بُعدٌ آخر من أبعاد هذه الهرمية، والتي تعلق وجودها بالإسلام. فالإسلام -إضافةً لدوره الديني- كان مظلةً لاجتماعيات وحضاريات وإثنيات ومجموعات جيوسياسية، وفلاحين مستقرين، وبدو مترحلين، وسكّان مدن. ولذلك فقد نشأت بينهم علاقاتٌ وتأثيراتٌ متبادلة، ولولا الإسلام ماكانت لتنشأ. ثم إنه كانت لها آثارٌ بعيدةٌ كما يتبين فيمابعد.
في هذا السياق يكتسب تحليل أوضاع المدن أهميةً كبرى؛ فالمدن الإسلامية يمكن مقارنتها بالمدنالأوروبية- كما في حالة بغداد وإسطنبول- كما يمكن مقارنتها بأنماطٍ أُخرى للظاهرة المدينية. وفي كلا المجالين أو النمطين تظهر فرادة الظاهرة المدينية في الإسلام الوسيط. فبالمقارنة مع الظروف الأوروبية يظهر للعيان أنه بحسب بحوث غويتاينوأشتور- فإنّ الخصوصيات تجلت في الاستقلالية النسبية، والقطاعات الخاصة، والحركات الشعبية التي تطورت إليها. بيد أنّ هذه الميول سرعان ما اختنقت تحت تأثير سيطرة العسكريات(18). وليس أقلّ لفتاً للانتباه، مقارنة المدن الإسلامية بالمدن الإمبراطورية. وفي هذا النمط تبرز المقارنة بين القسطنطينية وإسطنبول. وفي هذا المجال المقارن تتميز القسطنطينية عن إسطنبول بأنها كانت أقلّ مركزية. ثم إنّ الفروق بين الحياتين الخاصة والعامة كانت أقلّ بروزاً(19).
إنّ حياة المثال/ الأمة ظلت قويةً، في الوقت الذي ظلت فيه أكثر بعداً عن التحقق. بمعنى أنّ المثال يستمر في الوقت الذي يبدو تحقُقُهُ مستحيلاً. وكانت لهذه النقائض نتائجها الواسعة؛ فمن جهة ظلت البنى في المجتمعات مستقرة، ومن جهةٍ أُخرى كانت هناك ديناميات خاصة لهذا التراوح بين الحركة والثبات. وتبرز في هذا المجال الميول الثورية للفرق المدينية على وجه الخصوص. وكما يشير لذلك برنارد لويس، ما ظهرت هناك مفاهيم وتعريفات للثورة. بيد أنّ إرنستغلنر أظهر فيتحليله لدورات ابن خلدون في عمله التأريخي أنّ ذلك التاريخ كانت له قواعد ومجريات في ثباته وحركياته. فالذي كان أنه مع تعاظم مسؤوليات الحكام ظهرت الإمكانيات لخلعهم من طريق التمرد والثورة. وعلى ذلك التقت الفِرَق مع القَبَليات والتي كانت تثور على الفساد أو عندما تكون الأنظمة ضعيفة(20). إنّ هذه الميول تتعلّق بطبيعة الفِرَق ذاتها، والتي لعبت دوراً كبيراً في التاريخ الإسلامي. وهذه الظاهرة ذاتها تعلِّل أيضاً التصرفات النقيض المتمثلة في الانكفاء على الداخل والابتعاد عن العالَم الدنيوي الحركي.
على أنّ هذا التطور العميق للفِرَق وللطرق الصوفية لا يصح تعليله بوصفه دليلاً على ضعف التوجه الأُممي أو العالمي. بل إنها كانت بمثابة ردود أفعال على الانتشار الهائل للإسلام. ولذلك كانت هناك الفروق البارزة بين الشِيَع في الإسلام من جهة، والفِرَق الدينية في الحضارات الأُخرى من جهة ثانية.
إنّ الفرادة البادية في الفِرَق الإسلامية تكمن في سرعة تحولاتها باتجاه الحركية السياسية. كانت تتحول نحو المركز للتغيير الجذري أو التحويل الكبير. ومن جهةٍ ثانية كانت فِرَقٌ أُخرى تنصرفُ عن العمل(السياسي) إلى الانعطاف على الذات والاهتمام الاجتماعي. وهذا شأن الطرق الصوفية والأُخرى الشيعية. وهو انعطافٌ عنى أيضاً إمكان التحفز والعودة إلى العمل السياسي. ولا تستند هذه التحولات إلى عقائد الفرق فقط؛ بل ومن اندفاعها لإنشاء حضارةٍ أُخرى تتناغمُ مع المقولات الخاصة. إنّ أحد أبعاد تلك التطورات ذلك التدامُج بين السياسي والديني ضمن الجماعة. ولذلك فإنّ الشرعية الدينية للحاكم ظلّت مسألةً رئيسةً، وقضيةً بارزةً لدى المتدينين. وهذا التوجه يمكن له في الظروف غير الملائمة أن يتغطى بأغطيةٍ كثيفة؛ بحيث لاتبدوالاهتمامات السياسية؛ لكنّ هذا العامل يظلُّ حاضراً في كل المجتمعات الإسلامية. وهو يظهر لدى الفِرَق أكثرمما لدى الجماعة الكبرى، وبخاصةٍ الفِرَق الشيعية. ففي ظروفٍملائمة يمكن لإحياءٍ شيعيٍّ أن يستنهض الأبعاد السياسية للدين. ومن ذلك انضمام جماعات قَبَلية كبرى إلى الإسلام أو إلى دائرته الحضارية.
لقد كان من بين الظواهر البارزة في المجتمعات الإسلامية: أنّ تأثيرات الفِرَق على التطورات السياسية الداخلية اقترنت غالباً مع التأثير الخارجي للقبائل الضخمة المقبلة على الإسلام. وقد رأى كثيرون أنّ هؤلاء البدو هم الأكثر صفاءً وأمانةً لمثال الأمة الأصلي والباقي. وهذه الدورات المتمثلة في اقتران الدعوة الدينية بالموجات القَبلية والسعي من أجل إقامة نظامٍ أكثر استجابةً للمثال: هي مقولة ابن خلدون، التي عاد فدرسها حديثاً إرنستغلنر. تبدأ الدورة بظهور اندفاعة دينية جديدة تحملها عصبيةٌ قَبَليةٌ، تتحرك لافتتاح البلدات والمدن. وخلال ذلك تنهار البنى القبلية التي كانت سائدة، والتي تحاول ترميم سلطتها باستدعاء قبائل قاصية، لكنّ العصبية الجديدة تبذل جهداً أيضاً للجمع من حولها(21). إنّ هذه الدعوات والعصبيات القبلية تظهر من ضمن الاحتياطي الأصلي فيالجزيرة العربية، كما يمكن أن تظهر بين القبائل التي افتُتحت بلادُها حديثاً. وتعليل ذلك أنّ الدورات تحدث في مناطق التأسيس وفيمناطق الانتشار. ومن اللافت للانتباه أن قبائل كثيرة -كالقبائل المغولية على سبيل المثال- بعد اعتناق الإسلام تخلوا عن التصرفات القبلية المعتادة، وصاروا يتصرفون بدوافع دينية/سياسية. وهكذا صاروا نموذجاً ومثالاً لفرسان الدين الذين يتبعون الصراط المستقيم. وليس في الأقطار المفتوحة فقط؛ بل وفي الجزيرة العربية أيضاً. وبذلك فقد تحولوا إلى وحدات سياسية فعالة في الحضارة الإسلامية بشكلٍ عام، وفي بيئاتهم الاجتماعية والسياسية بشكلٍ خاص. وهذا العامل الحركي الذي صار فعّالاً ومؤثراً في الحضارة الإسلامية، وفي إنشاء الدول والكيانات، يضيف إلى الفروق مع الحضارات والكيانات الأخرى البارتريمونيالية والقَبَلية أو الفِرَقية التي لم تعرف هذه الخصيصة المؤثرة.
إنّ الملاحَظ من العرض السابق أين يكمنالنقص أو الضعف في مقاربَة ماكس فيبر للمسألة الإسلامية، وهو نقصٌ وضعفٌ ما نال من قوة تحليله وفهمه للإسلام فقط؛ بل وللحضارات الأُخرى غير الغربية. والضعف الذي نقصده يكمن في عدم التفريق بين بعدين للمسألة الدينية: الدين بوصفه شعائر وعقائد، والدين بوصفه عاملاً أساسياً في تشكيل المقولات والقيم والمؤسسات في الحضارة. وليس السياق ملائماً هنا لإيضاح الأسباب التي أدّت إلى تجاهل هذا الفرق في سوسيولوجيا الدين بشكل عام، وفي سوسيولوجيا ماكس فيبر بشكلٍ خاص... ولكي يكونَ واضحاً ما نقصده وبإيجاز نقول إنه في آسيا الوسطى وجنوب شرقآسيا( في الهند، وفي إندوينسيا وماليزيا) -وحتى نهاية القرنالتاسع عشر وبداياتالقرن العشرين-قد انتشر الإسلام بوصفه شعائر وعباداتٍ وعقائد وحسْب؛ بينما في مراحل النشوء في الجزيرة العربية وجوارها؛ فإنّ الإسلام ما كان نظاماً عقدياً وشعائرياً فقط؛ بل وكان أيضاً دافعاً باتجاه إنشاء حضارةٍ جديدة. وهذا مع أنّ الحكام الأسيويين عدُّوه أيضاً ديناً للدولة.
إنّ الفترة الكلاسيكية لانتشار الإسلام تمتد بين القرنين السابع والتاسع للميلاد، ويبقى التساؤل: ما مدى إنفاذ الذين اعتنقوا الإسلام للشعائر والعقائد، ومدى الإنفاذ من جانب الفاتحين أنفسهم. لكنْ في هذه الحقبة تكونت المسلَّمات والمسبقات والأصول للحضارة الجديدة. ويشمل ذلك العصرين الأُموي والعباسي، وهي الأمور التي عالجناها في الفقرات السابقة. وخلال هذين العصرين تكونت الحضارة الجديدة، وتحددت الأمور المؤسساتية. بما فيذلكالسلوكات الخاصة للتصرفات الدينية، وكذلك لدى الفِرَق الدينية الفرعية. وخلال هذه الحقبة وما تلاها ما كانت بالكاد الجوانب العقدية والشعائرية -فضلاً عن الحضارية- قد ظهرت في جنوب وجنوب شرق آسيا(22). لقد تكونت واستقرت الجوانب الدينية في تلك الأصقاع فحسب. ثم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وحتى الحرب العالمية الثانية بدأت تظهر الجوانب التوجيهية النظرية والسلوكية الإسلامية، والتي رمت إلى التحويل الحضاري. وقد بحث Levtzion هذه الأمور في إفريقيا الإسلامية(23). وقد أوضح لفتزيون الفروق بين المسائل العقدية والشعائرية من جهة، والأُخرى التشريعية من جهة أخى. هناك فرقٌ واضحٌ بين الكيانات التقليدية والأُخرى التي سمتْ نفسها جهادية في إفريقيا وخارجها.
إنّ الإشارات السابقة مهمة عندما يُرادُ التمييز -في سوسيولوجياالدين-بين الأبعاد الدينية والعوامل الأُخرى المتعلقة بالحضارة. وقد خطى ماكس فيبر خطوات في هذا المنحى. فقد خصص معظم عمله لبحث العلائق في أديان معينة مع النظم العقدية من جهة، ودينامياتالحضارت الكبرى من جهة أخرى.وهوقد تجاوز في ذلك كلاسيكياتالسوسيولوجيا وبخاصةٍ عند دوركهايم، وذلك فيما بين الرمزيات بشكلٍ عام،والدينيات الخصوصيةبشكلٍ خاص؛ لكنه في مقاربته الجديدة والعميقة تلك؛ فإنّ فيبر ما اهتمّ بشكلٍ كافٍ بالتبادُلات العميقة بين الدين والحضارة.
الحواشي
كتبتُ أنا أيزنشتات عدة مقالات في كتب شلوخترSchluchter عن الديانات الأسيوية عند ماكس فيبر.
عندي دراسةٌ عن العصر المحوري (1982).
كتب N. Levtzion عن ذلك (1907).
قارن بالملاحظة الأولى في هذا المقال.
قارن بـB.S. Turner, Weber and Islam (1974
S.N. Eisenstadt, Political Systems of Impires, 1969
D. Pipes, Slave Soldiers and Islam (1981), P. Crone, Slaves on Horses (1980).
M. Cook, Mohammad (1980), M. Hodgson, The Venture of Islam(1974).
قارن بهودجسون، في الملاحظة السابقة، ولابيدوس (1969).
رودنسون: محمد (1971).
برنارد لويس: الإسلام في التاريخ (1973)، ولابيدوس: انفصال الدولةعن الدين (1975).
كوك وكرون: الهاجرية (1977).
دراسات كوك وكرون ولابيدوس السالفة الذكر.
م. شارون: الراياتالسود من الشرق (1983).
هاملتونغب: دراسات في حضارةالإسلام(1972).
كرون: عبيد فرسان، الملاحظة رقم 7، وأيالون: المماليك (1973)، وإتزكوفتز: الإمبراطورية العثمانية والتقاليد الإسلامية (1972).
أيزنشتات(1977).
غويتاين (1966)، وأشتور (1975).
أيزنشتاتوشاخار (1956).
برنارد لويس: مفاهيم الثورة (1975)، وغلنر (1981).
قارن بالملاحظة رقم 20.
أحمد (1979).
لفتزيون (1979).