معاني ودلالات الثوران الديني في اليهودية المعاصرة

laura-siegal-EaFcpzpQuYU-unsplash.jpg

بقلم فوزي البدوي

 

كل العرب هنا طابور خامس ينتظر لحظة الانقضاض علينا، ومن ثم فلا يجب الاحتجاج بتطبيق أحكام "غير توشاف" גר תושב أو " الغرباء المقيمين في أرض إسرائيل " عليهم؛ بل يجب إبادتهم وترحيلهم

مائير كاهانا

ربما لا نجانب الصواب إذا قلنا: إن اليهودية هي من أكثر الديانات قابلية للثوران الديني إذا ما فهمت من هذه العبارة على أنها «العودة إلى الذات وخصوصياتها الضيقة؛ «ولكن ضآلة ثقل اليهود الديموغرافي هو ما يحجب في أحيان كثيرة هذه الحقيقية.لقد سعت اليهودية التوراتية دوما من خلال الصياغات أو المرويات اليهوية والألوهيمية إلى الدفاع عن فرادة الشعب اليهودي، من خلال ذلك المفهوم الشائع " مفهوم الشعب المختار "، واستمر ذلك طوال الحقبة التلمودية الوسيطة ليشتد بداية من عصر الأنوار فيما عرف بالهاسكالاه اليهودية، التي عرفت انطلاقتها في ألمانيا بالأساس قبل أن تغزو شرق أوروبا وغربها لاحقا، ثم لتعرف نهايتها مع إيذان قضية دريفوس  بانتهاء وهم الاندماج، وهو ما فهمه تيودور هرتزل حينما كتب عن "دولة اليهود"، وحينما أطلقت النازية رصاصة الرحمة أخيرا على وهم الهاسكالاه، ليرتد الشعب اليهودي إلى تصوراته القديمة مستقوية هذه المرة بعقدة ذنب أوروبية، وتغطية سياسية ومدد عسكري أوروبي أمريكي يحصنها ضد كل استهانة بأية قوانين دولية أو غيرها.

 

  1. الهاسكالا والثوران الدينى الأول

كانت الهاسكالاه  نتيجة طبيعية للآفاق التي فتحتها العقلانية الأوروبية  والثورة العلمية، وما حملته معها من قيم جديدة في مجال الأخلاق والسياسية،  ونتيجة طبيعية للدرس الفلسفي المتعلق بنظرية العقد الاجتماعي، مثلما  توسع فيها الفلاسفة الفرنسيون واعتنقها " المستبد العادل" فريديرك الكبير الثاني حاكم بروسيا (1740/1786). وكان هؤلاء اليهود يعرفون باسم" المسكليم " الذين اتخذوا من برلين معقلا لهم بقيادة  موشيه مندلسون (1729- 1786) الذي قام - أسوة بمارتن لوثر بترجمة الأسفار الخمسة إلى اللغة الألمانية، والدعوة- في كتابه "أورشليم أو السلطة الدينية في اليهودية" (1)- إلى ديانة فردية لا تخضع للدولة ومنفصلة عنها، وسعى صحبة أتباعه إلى محاولة إخراج اليهود من عزلتهم الغيتوية من خلال التربية والتعليم وتشرب الثقافة الدنيوية الألمانية؛ بغية التحرر من أسر تعريف لليهود بأنهم شعب من" المنبوذين" Paria كما يقول ماكس فيبر، واستعان مندلسون  بصديقه دافيد فريدلاندر David Friedlaender في هذا العمل،  وفريدلاندر هذا  لا يدرك الكثيرون أنه من أوائل الذين اشتغلوا بالدراسات الإسلامية، ومهدوا الطريق لما سيعرف لاحقا في بداية القرن التاسع عشر داخل الأوساط اليهودية المنفتحة باسم " علم اليهودية" Wissenschaft des Judentums ،أو الدراسة العلمية لليهودية وهو ما عرف بالعبرية آنذاك باسم " حوخمات يسرائيل " أو حكمة إسرائيل חכמת ישראל ،وقد ظهر هذا الاصطلاح الجديد بين مثقفي اليهود ونخبهم المتنورة بين سنتي 1810 و1820 من القرن التاسع عشر للرد على بوادر المعاداة للسامية التي عاودت الظهور بقوة، وكانوا قد فصلوا أهدافهم فيما كتبوه في المجلة التي اتخذوها لسان حالهم، وهي " مجلة علم اليهودية " Zeitschrift fur die Wissenschaft des Judentums الصادرة سنة 1822 .

وقد بادر إلى تحقيق هذا الهدف جماعة من اليهود الألمان على وجه الخصوص، الذين لم يكونوا يرون أنفسهم في صدام مع الحضارة الجرمانية والغربية عموما، وإنْ كانوا يخافون من أن يؤدي الاندماج في هذه المجتمعات إلى اختفاء ما به يكون اليهودي يهوديا، والواقع أن هذه الاشكالية كانت دوما إشكالية اليهود في كل مجتمع عاشوا فيه؛ فالاندماج كان يعني لدى اليهود المحافظين من معارضي اليهودية الإصلاحية الطريق الأولي نحو الذوبان. وهكذا آلت جماعة مدرسة " علم اليهودية" على نفسها الرجوع إلى التراث اليهودي لغة وأدبا وفلسفة؛ لتتولاه  بالدرس والتمحيص والنقد، وكان لهذا الرجوع أياد بيضاء على الدراسات الإسلامية في جزء منها؛ لما كان من صلات بين التاريخ اليهودي الوسيط والإسلام ، حتى إن الكثير من زعماء هذا

التيار كانوا رؤوس الاستشراق الحديث ورعاته، وقد تحكمت في تطور هذه الحركة عوامل عدة على ما يذكره المختصون، يمكن اعتمادها للتمييز بين الأجيال المتلاحقة(2)، وهي:

  1. تطوير دراسة التوراة والاستنارة اليهودية لدى كل الجاليات اليهودية في أوروبا وحيثما وجدت.

  2. إشاعة الدراسات الإنسانية في هذه البلاد وفي كل الأصقاع التي يمكن لليهود فيها أن يتمتعوا بنصيب من التعليم .

  3. الاهتمام بمنزلة اليهود السياسية والاجتماعية والدينية في هذه البلدان والعمل على تدعيمها والرفع منها .

  4. الرفع من شأن الجانب الثقافي والديني بين اليهود والحد من شأن الخلافات الداخلية بين اليهود أنفسهم .

  1. حرب 1967 وظهور " الحازارة بتشوفا "(3)

 

ولكن محاولات الاندماج فشلت شيئا فشيئا وانهارت أحلام المدافعين عنه،  وذهبت أفكار موشيه مندلسون وأمثاله أدراج الرياح، وتمكنت اليهودية التقليدية من الوقوف في وجه اليهودية الإصلاحية، ثم جاءت الصهيونية المناهضة للدين جملة، والباحثة عن حلّ للمشكلة اليهودية في سياق النزعة القومية ونظرية الدولة الأمة؛ لتحاول أن تجد سبيلا  لما كان يسميه الصهيوني الماركسي بوروخوف بالهرم المقلوب، ثم ما لبثت أن وجدت الصهيونية حلا لخلفيتها اليهودية، أو قُل: وجدت اليهودية التقليدية حلا لصلتها بالحركة الصهيونية من خلال العمل النظري الجبار الذي قام به الربي إسحاق إبراهام إسحاق كوك ثم ابنه تسفي يهودا كوك، من أجل إيجاد الأسس النظرية لما سيعرف بالصهيونية الدينية، وكان لهذا الربي الإشكنازي فضل القيام بأول صياغة لاهوتية تجعل للصيونية مكانا فيها، ونظر للصهيونية على أنها تحقق للزمن الماشيحاني، وكان هذا التأويل خشبة الخلاص التي تعلق بها كل من المتدينين والصهاينة بعد فترة طويلة من العداء المستحكم، حتى صار هذا التيار -بدءا من الثمانينات- هو التيار الغالب على اليهود وعلى الإسرائيليين بالذات الذين حملوا لواء "اليهودي الجديد" (4)

فالتيار الحريدي المناهض للصهيونية ولدولة إسرائيل لأسباب عقائدية صرفة إن قبل العيش في إسرائيل فإنه سرعان ما تلقى زخماً فكرياً وأيديولوجياً مهما بفعل الشخصيتين السابقتين (5) الذيْن حاولا إيجاد صيغة لتشرب اليهود العلمانيين والصهيونيين القوميين داخل إطار اليهودية الحريدية، بوصفهم الشكل المتعين للخلاص في مرحلة معينة حتى وإن لم يكونوا يؤمنون بذلك، فكان موقف الأب شبيها -من بعض الوجوه- بموقف هيجل من بونابارت، ورأى الأب أن إصلاح العالم يتطلب فسح المجال للعلمانية وضروب الاستهتار بالدين في مرحلة أولى، ورأى أن "الزخارف الخارجية لحياة الأمة -"ومنها اللغة، والوعي السياسي، والممارسة العملية- ليست إلا تحضيرا" لانبعاث الإلهام الإلهي مجددا، ولهذا السبب رحبت الصهيونية العلمانية به أملا في استيعابه؛ ولكنها تناست أنه كان يفعل الشيء نفسه معها، وكان يعتقد -كما هو واضح في كتاباته- أن للصهيونية العلمانية دورا إيجابيا تؤديه في عملية الخلاص، وأن ما تفعله لا يخلو من معنى إلهي وقيمة خلاصية، والحركة الصهيونية -بمجرد الاستيطان في أرض إسرائيل وتطبيقها ما يسمى بالعمل العبري- إنما تنفذ الخطة الإلهية، وعند التواصل بين الصهيونيتين سيدرك العلمانيون المعنى الروحي والخلاصي لمنجزاتهم.

ويبدو أن حرب 1967 وما رافقها من انتصار في ستة أيام وضم أراضٍ جديدة قد نُظر إليه على أنه تأكيد للمعجزات الإلهية، وإشارة انطلاق لاستيطان الأراضي الجديدة من أجل إنشاء إسرائيل "هاشليماة" أو إسرائيل الكاملة. وعدّ الاستيطان "ميتسفا "أي فرضا إلهيا لا تعادله أية "متسفا "أخرى. وهكذا تناسلت حركات استيطانية عبر أرض إسرائيل بالعرق والدم، وبادرت إلى تكتيك "خلق الأمر الواقع على الأرض؛ لإحراج حكومات اليمين التقليدي من بداياته وصولا إلى الليكود والأحزاب اليسارية، وصولا إلي حزب المعراخ، وكان شرف البدء لتلك الصهيونية المراجعية على يد بيغين وحركة حيروت التي سينتفض عليها اليمين الديني المتطرف منذ إخلاء مستوطنات ياميت؛ ولكن الكارثة ستكون بلا شك اتفاقية أوسلو التي ستجعل هذا اليمين الديني الحريدي المتطرف يلجأ شيئا فشيئا إلى الاغتيال السياسي داخليا وخارجيا، من خلال تحرك الفتوى الدينية لإضفاء المشروعية الدينية والهلاخية على أفعال سياسية بالأساس.

وقد كان لهذه الصياغات والتكتيكات الجديدة -للعلاقات بين الدين والصهيونية- أثر واضح في تصور العلاقة بين الدين والدولة، ولئن انتهت مرحلة العلاقة الأولى كما رسمت في عهد حزبي الماباي والمزراحي -فيما عرف بوثيقة الحفاظ على "الوضع القائم"- (6) فإن فصلا جديدا سيكتب، وقد وصف الباحث يشعياهو ليبوفتش هذه العلاقة الجديدة بأنها علاقة «بغاء مزدوج" بين الدولة والدين (7)

ويلاحظ كل متتبع لشأن العلاقة بين الديني والسياسي في إسرائيل أنها سارت منذ تلك المرحلة في اتجاه تسرّب الدين إلى كل مفاصل الدولة والحياة، وكان يجب انتظار حرب الأيام الستة كما رأينا لنشهد القادح الحقيقي لهذا الثوران الديني، فقد كان لهذه الحرب دور بالغ في إعادة ترتيب العلاقة بين الدين والدولة في إسرائيل في اتجاه مزيد من سيطرة اليمين الديني على مفاصل الحياة الإسرائيلية على ما بينه أكثر من باحث ومتخصص (8) .

 إن العلاقة بين الدين والدولة في إسرائيل علاقة معقدة، وهي تكشف عن مرحلة عدم التوازن المستمرة حتى اليوم كخصيصة من خصائص هذا النظام السياسي، وهي علاقة مرتطبة ارتباطاً وثيقاً بتاريخ الصلات بين الصهيونية السياسية والصهيونية الدينية في البداية، ثم تطورها سياسيا إبان قيام اسرائيل سنة 1948 وخصوصا الصلة بين حزب الماباي بقيادة بن غريون بوصفه امتدادا للحركة الصهيونية السياسية والكتلة الدينية بجناحيها المفدال واغودات يسرائيل بوصف الاولي امتدادا لحركة مزراحي و للصهبونية الدينبة، والثانية بوصفها ممثلة للنقاء التوراتي، ولا يمكن دراسة مشكلة الدين والدولة في إسرائيل دون الرجوع إلى رسالة بن غريون إلى حاييم سولوفيشيك Rav Hayim Soloveitchik ممثل اغودات يسرائيل آنذاك، المعروفة بوثيقة الـStatu-quo  التي أشرنا إليها آنفا والتي حددت العلاقة بين الطرفين وشروط انضمام اغودات يسرائيل إلى الحركة الصهيونية إلى حدود 1977 ،وذلك في مسائل التعريف بمن هو اليهودي؟ (9) إذ يبدو غريباً لدى البعض كيف أن هذه الدولة التي أريد لها أن تجمع شتات اليهود لم تصل حتى اليوم إلى تعريف من هو اليهودي، ومثال حالتي المواطن دانبال روفايزن والضابط بنيامين شاليت دليل واضح على ذلك ،ومن المسائل الأخرى مسائل الزواج المدني والزواج الديني والاجهاض والطلاق واحترام عطلة السبت واحترام أحكام الذبائح والأكل (الكاشروت) والتعليم بشقيه الديني والعلماني ومنزلة دار الحاخامية.

وقد هدد أحد نواب اغودات يسرائيل في الكنيست الأول إبان التفكير في وضع الدستور الإسرائيليى – الذي لم ير النور أبدا – قائلا: إن " الدستور لن يكون صالحاً الاّ متى تماهى كلياً مع التوراة، ونحن نعدّ كل دستور مخالف لهذا التصور تعديا على التوراة، وأننا ننبهكم ونحذركم إلى أن أية محاولة لوضع هذا الدستور بخلاف ما نرتئيه ستقود البلاد حتما إلى صراع إيديولوجي حاد لا صلح فيه ولا تنازل" (10)

وهذا الموقف هو ما دفع ابن غريون بحسه العملي إلى " تناسي" هذا الدستور والاستعاضة عنه بمجموعة من "القوانين الأساسية أو التوجيهية " المعروفة بالعبرية تحت اسم "حوقى هيسود" חוקי היסוד (11) حفاظا على هيمنة حزب الماباي وعلى وحدة البلاد والشعب في التصور الإسرائيلي والى حاجة الكتلتين الحزبيتين الكبيريتين الآن -أي المعراخ والليكود- الماسة للأحزاب الدينية في تشكيل الحكومات المتعاقبة لما يعاني منه النظام الانتخابي والسياسي الإسرائيلي من " إعاقة " دائمة بسب مبدأ الاقتراع النسبي، والحاجة دوما إلى حكومات ائتلافية، مما حكم على هاتين الكتلتين بعقد تحالفات سياسية مع الأحزاب الدينية والصغيرة و" مغازلتها " للحصول على الأغلبية، وهو ما صارت الأحزاب الدينية " تتمعش" منه بتهديدها الدائم باسقاط الحكومات والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها إذا لم يتم استرضاؤها بامتيازات مالية وقانونية، هي في الحقيقة " قضم " مستمر لكل الجوانب " المعلمنة " في الحياة الإسرائيلية رغم ضآلة حجمها البشري الذي لا يعكس أبدا وزنها السياسي، فنسبة المتدينن في إسرائيل لا تزيد عن 10% ،وإنْ كان هذا الرقم في ازدياد بسبب ما يسمي بالعبرية "حازاراه بيتشوفا؛ " أي " الصحوة الدينية" أو التوبة بالرجوع إلى أصول العقيدة، وهو أمر على  صلة -من بعض الوجوه- بظاهرة العودة إلى الدين، التي تعرفها كل الديانات اليوم في القارات الخمس تقريباً.

      والواقع أن سيطرة " أصحاب الأردية السوداء" -كما يسميهم إيلان غريلسامرIlan Greilsammer -قد عرفت مرحلتها الذهبية بدءا من 1977 مع وصول مناحيم بيغين وحزب حيروت إلى الحكم (1977-1984) ،حتى إن الإسرائيليين بصفون ما حدث بالانقلاب ( هامعباخ) ودخول أغودات إسرائيل للحكومة، ثم مع حكومة الوحدة الوطنية (1984-1990)  وصولا إلى المرحلة الشارونية والليكودية المستمرة حتى اليوم مع بعض الانقطاع، ومنذ ذلك التاريخ مافتئوا يحصدون التنازلات، ويشددون الخناق على الحياة السياسية والاجتماعية والدينية في إسرائيل، من خلال قراءة توراتية وتلمودية لمفهوم الأرض والشعب، تشجع على بناء المستوطنات بشكل عشوائي وعنيف ويعادي العرب من منطلقات عقائدية، كما تقوم به حركة غوش إيمونيم وصولا إلى المجرمين من حركة "شبان التلال " .

ويشدد هؤلاء المتطرفون الارهابيون على الطابع اليهودي للدولة ومرافقها، بكيفية تسببت في استعداء جزء من يهود " الشتات" في اصطلاحهم؛ إذ مال متدينو اسرائيل من جماعات " شاس " و"ديغل هاتوراه"  -بعد انشقاقهم عن اغودات يسرائيل وغيرهم من الجماعات اليهودية المتشددة- إلى فرض التصور الهلاخي (الفقهي) المتشدد فيما يتعلق بتعريف اليهودي وأحكام الزواج وغيرها بشكل أزعج معتنقي اليهودية الليبيرالية والإصلاحية في الولايات المتحدة وأوروبا وبشكل يهدد مصير عرب الخط الاخضر كما تجد الجماعات العلمانية صعوبة كبيرة في التصدي" لأصحاب الأردية السوداء هؤلاء"، وزاد الأمر تعقيدا وصول اليمين المسيحي والمحافظين الجدد إلى مقاليد الإدارة الأمريكية زمن بوش الابن، ليزداد إحكام الطوق مليا حول العرب الفلسطينيين؛  لما هو معروف من الصلات بين  الصهيونية  والمسيحية الصهيونية  وخلفياتها الألفانية .

وهكذا فإن مسألة هذة العلاقة ظلت في حكم " تأجيل البت والتنفيذ" منذ البداية، وحين بدأت أولى ملامح معالجتها نحا ذلك منحى الانتصار للدين ومحاصرته للدولة، ولكن يبقى مفبدا لنا أن نفهم أن كل هذه الاختلافات وعمقها لم تؤد إلى منطق التكفير والتصفيات الجسدية بينهم إلا نادراً جداً، ولم تؤد إلى ضرب جهاز الدولة؛ لأنهم تعلموا من تاريخهم ربما أنه متى " تَنَازَعُوا فشلُوا وذهَبَتم رِيحُهمْ ". وكانت حادثة اغتيال رابين بمثابة الزلزال الذي هز كيان اليهود الإسرائيليين وغيرهم في كل أصقاع الأرض؛ إذ إنها نادرة المرات التي امتدت فيها يد اليهود لاغتيال يهود آخرين من منطلق الفتاوى الدينية المرتبطة بالصراعات السياسية على ما سنوضحه .

إن هذه القوى الدينية ما زالت بعيدة عن الإمساك بمعاقل القرار في الدولة، ولمّا تصل سلطتهم بعد إلى الحد الذي يمكن وصف إسرائيل تبعا له بأنها دولة دينية خالصة؛ بل لا تزال نواة القرار الحقيقية والنهائية في يد المؤسسة العسكرية والأحهزة الإستخبارية المعلمنة في جوهرها، وهي تسير وفق منطق خاص شيئا ما، ولا يمكن لرجال السياسة الكبار أن يكون لهم دور حقيقي ما لم يمروا " بالمؤسسة العسكرية أو الأمنية " باليتم " تعميدهم" ؛ إذ بجب ألا ننسى أن إسرئيل هي مجتمع عسكري بالأساس، وقديما سئل ابن غريون عن حدود إسرائيل وهل هي الحدود التوراتية؟ فأجاب بما هو معروف متواتر من أن " أفضل مفسر للتوراة هو الجيش الإسرائيلي وحيثما توقف هذا الجيش فثمة أرض إسرائيل ".

ولقد أفرد الباحث ماريوس شاتنر في كتابه الأخير عن "الوجه الآخر لإسرائيل "(12) حيزا مهما لدراسة هذه الإشكاليات الحقيقية في المجتمع الإسرائيلي التي غطاها طويلا الصراع العربي الإسرائيلي، وهذه الإشكاليات الحقيقية هي إشكاليات العلمانيين والمتدينين، وقد تتبعها ماريوس شاتنر منذ ظهور الحركة الصهيونية في روسيا حوالى 1880 ،وحتى قيام إسرائيل في 1948 ،متوقفاً عند نشأة ما يعرف بالصهيونية الدينية مع الربي حاييم كوك وابنه من بعده الذيْن قدما صيغة من صيغ التعايش بين الحركة الصهيونية السياسية القومية والديانة اليهودية في صورتها الماشيحانية، بعد أن كان الصراع بين التدين والعلمنة مزمنا طوال القرنين التاسع عشر والعشرين، وعرف زخمه الكبير منذ حركة الهاسكالاه اليهودية، وقد تتبع بالتحليل دقائق الصراع بين المتدينين والعلمانيين في مواقف ابن غوريون اللامبالية بضحايا المحرقة، ورفض منح الجنسية الإسرائيلية لليهودي الذي يعتنق المسيحية، وهذه الملاحظات هي التي دفعت ماريوس شاتنر إلى البحث فيما أسماه بالإضافة التي قدمتها اليهودية لصفة الإسرائيلية محاولا الإجابة عن أسئلة ظلت محرقة في الضمير الإسرائيلي حتى اليوم، وهي أسئلة: من هو اليهودي؟ أو دلالات وجود دولة يهودية أو معنى اليهودية نفسها.

إن إسرائيل الأخرى التي تحدث عنها ماريوس شاتنر هي إسرائيل مخيفة ومرعبة بالنسبة إلى مستقبل الشعب اليهودي، ولذلك كتب كتابه بقلم غير المحايد التي كررها أكثر من مرة، وهو يدرك أن النظام الانتخابي الإسرائيلي إنما يجعل من الحياة السياسية الإسرائيلية رهينة، قوة دينية رهيبة لا تتناسب وجحمها الحقيقي، ويتوقف عند ما يعدّه الظاهرة الأخطر من التدين التقليدي ممثلة في الأوساط الحريدية، ويعني بذلك الأوساط الاستيطانية القومية الدينية، التي قد تؤدي بإسرائيل إلي التهلكة فهي التي حاولت اغتيال البروفيسور زئيف شتيرنهال، واغتالت رئيس الحكومة الإسرائيلي إسحاق رابين بمساعدة المؤسسة الدينية الاستيطانية وغلاة الأحبار بفتاوي، مثل فتاوى "دين روديف "و"دين موسير" وغيرها.

إن هذه الحركات تتنامى في إسرائيل بسرعة، لتنشر مناخا من التطرف والعنف والحقد، في وقت يعرف فيه الجميع في إسرائيل أن الحل لن يكون إلا سياسيا مع الفلسطينيين، وأنه يتطلب تضحيات جسام من الأرض والأيديولوجيات، يبدو أن التيار القومي الديني الاستيطاني ليس مستعدا لسماعها أو الانتباه إليها، ويجد ماريوس شاتنر صعوبة في فهم هذا الارتباط الانتحاري بين اليهودية والقومية في صيغتها الاستيطانية الراديكالية، وقد أدي تحليله إلي عدّ الصيغة التي ابتدعها ابن غوريون لحل المشكلة بين الماباي والمفدال -فيما عرف بالوضع القائم- هي التي مهدت لتواصل سوء الفهم التاريخي الحاصل حتى اليوم ومنع إسرائيل من وضع دستور، ويرى أن الفشل الحالي "للقوى الديموقراطية" إنما هو نتاج لهذا الفشل التاريخي الأول الذي أبقي الباب مفتوحا أمام صعود القوى اليمينية الدينية وابتزازها للدولة، ويرى أن تواصل هذا المأزق التاريخي من شأنه أن يؤثر على المشكل الآخر مشكل حلّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يعرف هو أيضاً صعودا لقواه اليمينية والدينية مما يشكل عثرة كبيرة أمام حل الصراع سياسيا ويحوله إلى صراع ديني من الطرفين. وبالرغم من تشاؤمه الآني فإنّ شاتنر حافظ على بعض الأمل عندما عد أنّ مستقبل الصراع قد يكون مختلفا لو تم إيجاد صيغة من صيغ الجمع بين اليهودية التقليدية وعصر الأنوار اليهودي، يقف في وجه البربرية عوض الارتماء في أعضاء خليط قاتل من القومية والدين، التي نبه إلى مخاطرها البروفيسور يهوشواع ليبوفيتش منذ 1967 حينما حذر من مخاطر العمى التاريخي الذي تسببت فيه انتصارات عسكرية برقية، مهدت بدورها لنشأة التطرف اليميني الديني، وتناسل حركات كاخ وما نهج نهجها وقد بين أحمد الطيبي عضو حركة بلد أنه لا يمكن أن توجد دولة يهودية وديموقراطية في الوقت ذاته؛ لأن واو المعية لا معنى لها فإما أن تكون ديموقراطية أو غير ديمقراطية؛ لأنها بالنسبة إلى العرب يهودية، وبالنسبة إلى اليهود ديموقراطية، وفي ذلك اختزال لكل المشكل .

 

  1. الثوران الديني وفتاوى الدم .

 

قليلون هم من يعرفون عمق الارتباط بين  اليهودية المعاصرة  ونظام الفتاوى، بل ربما لن نكون من المغالين إذا ما قلنا: إن اليهودية هي ديانة الفتوى بامتياز، فلقد استمر الوجود الديني لليهود في مختلف بقاع العالم من خلال أدب المفتي والمستفتي؛ إذ تكفي الإشارة إلى رسالة ابن ميمون ليهود اليمن، أو الفتاوى التي كانت تطلب من الربي حنانئيل القيرواني و نسيم غاوون القيرواني من أكاديميات صورا وبومباديثا في بلاد الرافدين، وأدب الإفتاء هذا هو الذي عرف باسم "تشوفوت وشئيلوت" שאלות ותשובות (13)، وتشهد عليه مدونات خيالية من حيث العدد، وكان عمل الإفتاء شغل طائفة "البوسكيم" ،وهي عبارة تعني طائفة من الربيين اليهود الذين يصدرون الأحكام الهلاخية في مسألة ما .

والحقيقة أن مشكلة الفتوى الدينية لتشريع أعمال سياسية ظاهرة ملازمة للتاريخ السياسي والديني لدولة إسرائيل تعكس علاقة مرتبكة بين الدين والدولة منذ النشأة بل وقبلها، وقد عبر -عن حقٍّ الربي يهوشواع ليبوفيتش عن هذه العلاقة بقوله: إن إسرائيل هي دولة لائكيه ولكن ذات سمعة دينية سيئة "(14) .وقد أشار أكثر من سياسي وباحث في ذكري مقتل إسحاق رابين إلى أن احتمال تكرر الاغتيال السياسي أمر وارد جدا داخل الأوساط اليهودية المرتبطة بالفكر الديني الحريدي، كما أن حوالي أكثر من نصف الشعب الإسرائيلي يشاطرونه هذه الفكرة بحسب نتائج بعض مراكز الأبحاث، وأشار أكثر من باحث إلى أن بذرة الخطيئة قد زرعتها الجماعات الماشيحانية، وهي -وإن كانت قليلة العدد- بمثابة الخطر القاتل والمدمر لمستقبل إسرائيل.

وقد كان هذا الخطر مصدر تفكير عدد من الكتاب الإسرائيليين قبل غيرهم أمثال ماريوس شاتنر وعمنون كابليوك وإيلان غرايلسامر، وخصوصا مايكل كاربين وإينا فريدمان(15)؛ فاهتموا بمسألة الاغتيال السياسي وربطوها باليمين الديني "المتطرف" المتناسل من رحم التيار الحريدي والصهيونية السياسية، وصولا إلى منظمة كاخ، وما تلاها من المنظمات المرتبطة فكريا بها، التي تصنف باليهودية الإرهابية لدى الأجهزة الدولية المتابعة لنشاطها.

والحقيقة أن الاغتيال السياسي في اليهودية لم يكن أمرا حديثا (16) بالرغم مما يوحي به اغتيال رابين، ولكن كان لاغتيال رابين وقع الصدمة في المجتمع الإسرائيلي الذي اعتاد أن يرى الاغتيال يحدث خارج حدوده، وكان هو المبادر إلي تصفية خصومه؛ ولكنه صار يعيشه ماثلا أمامه وداخل الجماعة اليهودية، فقد مر زمن طويل منذ أن أقدمت الهاغانا على ما سماه بالاغتيال السياسي الأول بتصفية الكاتب والشاعر والصحفي يعقوب إسرائيل دي هان Jacob Israël de Haan (17)المناهض للصهيونية، والقريب من الأوساط العربية، أثناء الانتداب البريطاني، وصار الأمر يتعلق بتصفية الإخوة بعضهم لبعض بحسب عبارة إيهود سبرينزاك (18) "קם איש על אחיו "كما مر وقت طويل منذ تصفية ابن غوريون، لحمولة باخرة الأرغون ألتالينا، وما نتج عنه من اقتتال بين جنود التساهال وأعضاء منظمة الأرغون (19) أو محاولة اغتيال البروفيسور زئيف شتارنهال Zeev Sternhell أستاذ العلوم السياسية والمناهض للاستيطان (20)

      لقد جاء مقتل رابين ليضع إسرائيل أمام حقائق جديدة أولها سطوة التيار الديني، الذي أعطته حرب 1976 زخما شديدا، فيما عرف آنذاك بظاهرة الصحوة الدينية أو الحازاراه بتشوفا חזרה בתשובה (حرفيا التوبة)، التي أشرنا إليها، وانتشار للروح الماشيحانية التي سرعان ما تخبو لتنبعث من جديد، كما كان الحال دوما في التاريخ اليهودي، فما حدث لم يكن في الحقيقة عملا من أعمال واحد من الغيورين أو الزيلوت -بحسب الاصطلاح التاريخي- الذين عرفهم التاريخ اليهودي قديما كما يقول سبرينزاك؛ بل صار عملا تباركه مرجعيات حاخامية معتبرة، وليس عملا فوضويا لبعض الأوساط الحريدية الراديكالية؛ بل صادر عن مرجعيات صارت تتمرد على الدولة وتدعو الجنود إلى العصيان وعدم الانسحاب من "يهودا والسامرة" حسب عبارتها، أو من أية أراض تنسحب منها إسرائيل بمقتضى اتفاقات سياسية، وتفتي بجواز القتل خارج إطار قوانين الدولة، ويبدو أن اتفاقات أوسلو وما تلاها كانت الفرصة الذهبية التي شجعت نمو التيارات الحريدية العنيفة المنادية بالاعتماد على المرجعية الدينية لمناهضة الدولة وقوانينها.

في مقال كتبه حاييم كوهين بعنوان هلاخا خطرة تساءل عمن يحق له من اليهود إصدار الفتاوي (21)، والسبب في ذلك أن المجتمع الإسرائيلي اليهودي يعيش فوضي الإفتاء نفسها التي يعرفها العالم الإسلامي السني على وجه الخصوص، وذلك منذ الخلل الذي تسبب فيه دافيد بن غريون-بحسب عبارة ابراهام أبيتبول- حينما التجأ إلى مفهوم "الوضع الراهن " الآنف الذكر بوصفه الصيغة التي سمحت له بالحصول على تأييد الصهيونية الدينية وعدم اعتراضها على قيام الدولة، وقد أدى هذا الغموض شيئا فشيئا أو هذا الالتباس التاريخي إلى ظهور ما كان كامنا فيه من تناقضات وإحراجات .

وهنا سنتأمل أنموذجين لما يمكن أن ينجر عن الثوران الديني اليهودي: أولهما داخلي متمثل في جادث رئيس الوزراء الإسرائيلي اغتيال إسحاق رابين سنة 1995، وثانيهما خارجي، يتمثل في اغتيال القيادات الفلسطينية بوصفها من ملحقات مبدأ دين رودف من وجهة نظر هلاخية .

لقد قتل إسحاق رابين سنة 1995 على يد إيغال عمير وهو طالب جامعي في جامعة بار أيلان، وقد تبين لاحقا أنه عضو في منظمة أيال أو منظمة الدفاع اليهودية، التي ترجع تاريخيا إلى منظمة " الياكا" المعروفة منذ أحداث غيتو فرصوفيا، إلا أن صيغتها المعروفة سنة 1995 ترجع إلى ارتباطها الفكري والروحي بحركة كاخ بزعامة مائير كاهانا، وحركة كاهانا حي التي أسسها ابنه بنيامين، وكلاهما مات مقتولا. وقد أشار هذا القاتل إلى أنه كان يعمل وفق ما يطلبه منه رئيس الجناح العسكري لحركة كاخ السابق أفيفاي رافيف، والذي كان عضوا لجهاز " الشين بيت " أو الأمن الداخلي المكلف بالشعبة اليهودية الشهيرة داخل هذا الجهاز، والتي يوكل إليها -بحكم وظيفتها- متابعة ورصد المنظمات اليهودية المتطرفة، وكان أفيفاي هذا عضوُ المنظمة الإرهابية يعلم بنية عمير قتل رابين؛ بمعني أن هذا الجهاز نفسه كان مخترقا بعملاء مزدوجين، وفي أفضل الحالات متعاطفين مع الفكر الديني المتطرف(22).

وقد أشار إيغال عمير إلى دوافع قتله لرابين بالقول: إنه شاهده في أكثر من مكان وكان قريبا منه أكثر من مرة، ولم تخامره فكرة قتله إلا عندما رسخت في ذهنه أنه قد صار بمثابه الخائن الذي يستحق تطبيق عقوبة الهلاخا اليهودية المعروفة ب"دين رودف"(23) توأم العقوبة الثانية المعروفة في الهلاخا اليهودية "بدين موسر" ويبدو أن شيوع هذه الفتوى والمماهاة بين رابين "والرودف" كانت شائعة، إلى حد أنه لا يمكن ربطها بربيّ واحد في ذلك السياق التاريخي؛ فقد كان هناك في إسرائيل مناخ عام بعد اتفاقية أوسلو يشجع على العنف الداخلي، ويستسهل تكفير السياسيين، شارك فيه بعض السياسيين اليمينين أنفسهم ومن بينهم رئيس الوزراء السابق أريال شارون .

والحقيقة انه بالرجوع إلى الموارد الدينية فإن الباحث يعثر على نص هذه العقوبة الأولى في التلمود البابلي من مبحث سنهدرين في فقرته( 73 أ ) والرودف هو من يطارد شخصا أدي فعله إلى تعريض حياة اليهود إلى خطر القتل، حتى وإن أدى ذلك إلى تعريض حياة المنقذ نفسه إلى الخطر، وقد أفاض الربي موشيه بن ميمون في المشنة توراة أو "اليد حازقاه" في وصف هذا الحكم وموجباته وشروطه، وتركز النقاش التلمودي حول عبارة " يدفع آخرا إلى قتله " (24)وهى إحدى المواضع القليلة التي في التلمود التي تبيح القتل خارج أي إطار هلاخي أو شرعي من ضرورة وجود سلطة تسمح بذلك بحسب هؤلاء الذين أجازوا قتل رابين.

والرودف أيضا هو من يطارد شخصا لقتله؛ لما اقترفه في حق اليهود، وهو ما فتح الباب أيضا إلى قتل العرب من خلال تأويل هذا العمل على أنه من أفعال الدفاع الذاتي، التي لا تستحق سلطة قضائية لإعلانها، والإشكال الذي يطرح نفسه داخل الأوساط الهلاخية هو كيفية التثبت مما إذا كان " الرودف" متأكدا من أن من سيقتله قد شرع في القتل حقا أو شّبه له .

ويذهب بعض من يدقق في هذه المسألة إلى أن الربي شابيرا -وهو ممن حرض على رابين- لم يكن يعتقد أن رابين سيلقى حقيقة هذا المصير أما من ربط بين مقتل رابين ومفهوم دين موسير(25) فقد أشار إلى الحكم التلمودي الذي ينزل بحق اليهودي الذي يشي باليهودي أو يبيعه إلى غير اليهود من الأغيار، ويعرض نفسه أو ماله إلى التلف والقتل، وهو ما ينطبق على رابين الذي شُبه أثناء الحملة عليه بأنه واحد من جماعات اليهود المتواطئين مع النازية، وهذا يفترض أن الأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع هي أملاك يهودية تم التفريط فيها، وأنها بمثابة قتل لليهود من الأغيار بمساعدة يهودية، وهو أمر لا يمكن فهمة بطبيعة الحال إلا داخل الفكر الاستيطاني الحريدي الذي يعدّ الاستيطان فريضة والأراضي ملكا لليهود وجزءاً من "إسرائيل هاشليماه".

وقد فسر أكثر من واحد من غلاه الاستيطان خطأ ما ذهب إليه بعض من أفتى بالقتل من اليهود مثل الربي عوفاديا يوسف רב עובדיה יוסף(26) الزعيم الروحي لحركة شاس الذي رأى أن فريضة "الفيكواح نفش" (=حفظ النفس ) أهم من الأرض، وردوا عليه ذلك بأن الخطأ الذي يقع فيه عامة اليهود هو جعله النفس البشرية أو اليهودية أهم شيء في سلم القيم، وهو خطأ؛ بل المهم في سلم الأوليات هذا هو الخضوع المطلق لأوامر الله، وليس الحفاظ على النفس؛ بل إنه ليس من الضروري في بعض السياقات التاريخية اللجوء إلى القضاء أو المحاكم لتنفيذ هذه الأوامر .

والحقيقية أن فتوى دين روديف إنما تنطبق في أيامنا على الفلسطينين دون سواهم، وإذا كان من المشروع قتل اليهود فمن باب أولى وأحرى أن يقتل الفلسطيني. وفي هذا برع حاخامات اليهود في الفتاوى المنادية بقتل الفلسطينيين وتبرير قتلهم؛ حتى رفع باروخ جولدشتاين مجرم الحرم الإبراهيمي في الخليل -الذي قتل عشرات من المصلين أثناء ركوهم بدم بارد- إلى مرتبة سامية بوصفه مثلا اعلى في التصدي لهؤلاء الذين يذكّرون الإسرائيليين في كل مرة أنهم غرباء عن هذه الأرض وانهم عابرون في كلام عابر.

وليس غريبا أن يأخذ الصراع العربي الإسرائيلي منحى دينيا في إسرائيل، وكان كتاب الربي يحيال وايزمان "الشتات الإسماعيلي" (27)خير معبر عن هذا الجو؛ إذ أعاد التذكير بالأصول الدينية للصراع العربي الإسرائيلي، وأن الصراع الحالي ليس إلا وجها من ذلك الصراع القديم بين إسحاق وإسماعيل، كما ذكر الحاخام يتسحاق بن زئيف في مجلة "عولام هحسيدوت" في مقال أعاد رسم حقيقة الصراع من وجهة نظر اليمين الديني بقوله: "منذ القدم وحتى الأبد لن تتواجد أمة أشد عداوة من العرب للشعب اليهودي، هذا ما قاله الرمبام (= أي الربي موشيه بن ميمون) في النص المشهور الذي وجهه إلى يهود اليمن، وهذا ليس بالغريب؛ فهو قد عرف العرب على حقيقتهم ومدى مكرهم ودهائهم، والغريب في الأمر أنه وعلى الرغم من مرور مئات السنوات على كتابة تلك الوثيقة، فالأمور ما زالت على حالها ولم تتغير، والعرب يطبقون ما قاله الرمبام حرفيا، لن تتواجد أمة أسوأ من العرب تجاه الشعب اليهودي، نواياهم سيئة، ويهدفون دائما إلى تصغيرنا وإيجاد الطرق لإزهاقنا".

ويضيف متحدثا عن المقارنة بين السبي البابلي وما يسميه بالسبي في بلاد الإسلام " : إن أصعب سبي مر على الشعب اليهودي هو السبي زمن أبناء إسماعيل، حيث تعاملوا مع اليهود بقساوة ووحشية، وهذا ما نتعلمه من وثيقة الرمبام، والتي جاء فيها: “معلوم لديكم يا يهود اليمن والذين تسكنون ما بين العرب أن الله وضعنا ما بين العرب ليعذبونا ويحاولوا إزهاقنا، حيث قال الرب "أعداؤنا جناة " ، لن تتواجد أمة أسوأ من العرب تجاه الشعب اليهودي، نواياهم سيئة، ويهدفون دائما إلى تصغيرنا وإيجاد الطرق لإزهاقنا"، حتى إن الملك داود صاح قائلا: "ويل لي، لأنني سكنت مع أهل القدر " نحن حتى الآن ما زلنا نتعذب ونعاني من عبودية أبناء إسماعيل وكذبهم، وذلك بدرجة أكثر مما نتصور، وما تتصوره الخليقة ولكن علينا بالصبر. . . . إن السبي في فترة الإسماعيليين أصعب من سبي مصر؛ لأنه في سبي مصر -وعلى الرغم من العبودية التي لحقت بنا- كانوا يطعموننا ويلبسوننا، ولكن السبي فترة الإسماعيليين لم يكتفوا بالاستعباد؛ بل عاملونا بوحشية، ولم يدفعوا لنا الأجر؛ بل على العكس طالبونا بدفع الأجر، ولكن ما السبب في كل تلك العبودية؟ الجواب قاله الرمبام: “سيدتنا سارة أخطأت حينما عذبت هاجر، وإبراهيم أخطأ حينما لم يردع سيدتنا سارة من تعذيب هاجر، ولهذا الباري سمع صوت بكاء وعذاب هاجر وأخرج منها أبناء إسماعيل ليكونوا وحوشا؛ ليعذبوا شعب إسرائيل بشتى الوسائل والطرق، وهم يستمتعون بتعذيب اليهود، وجاء أن اليهود وقبيل السبي بعد خراب الهيكل، توجهوا إلى شعب إسماعيل وطلبوا منهم المأكل والمشرب وكان لهم ذلك، حيث أطعموهم السمك واللحم، وبعد أن اكل اليهود ماتوا ؛ لأن الإسماعيليين وضعوا فيه السم ".  (28)

كما يمكن اتخاذ فتاوى الربي يوئيل بن نون نموذجا على ذلك، فمن الفتاوى التي بسوقها هذا الربي وآخرون من غلاة منظري اليمين المتطرف أصحاب الأردية السوداء المؤيدين مثلا لحركة غوش ايمونيم من خلال مماهاة العرب والفلسطينيين بالعمالقة في التوراة، فهم يفهمون حرفيا الرواية التوراتية التي تذهب إلى أن العمالقة كانوا يغيرون على الإسرائيليين في التيه، وينقضون على الضعفاء والعجزة لذلك أمر الله الشعب اليهودي بقتل العمالقة رجالا ونساء وأطفالا؛ بل أن يمحو ذكر العماليق من على وجع الأرض ولم يزل أعداء اليهود -مثل هامان وتوركيميدا أثناء محاكم التفتيش- يعدون من نسل العماليق، وعماليق هذا الزمان هم العرب، وقد رحب حاييم دروكمان(29) -حاخام مستوطنة كريات موتسكن شمال تل أبيب- بتشويه اثنين من رؤساء البلديات الفلسطينيين متمثلا بسفر القضاة " هكذا يبيد أعداء إسرائيل "

كما دافع الربي "حاييم تسوريا" عن الحبر السابق بقوله: "ثمة في كل جيل عمالقة، أما عمالقتنا فهم العرب الذين يعرضون وجودنا القومي في أرض أسلافنا، وكرر "أن التعايش بين الأكثرية اليهودية والأقلية العربية في أرض إسرائيل بحيث لا تتعرض أهداف الشعب اليهودي التاريخية ولا وجود إسرائيل كدولة يهودية للخطر لمن الأمور الخلافية. . . فإذا ما أردنا أن نحول دون سفك الدماء سفكا متواصلا فليس ثمة إلا حل واحد: نقل سكان إسرائيل العرب إلى الدول العربية. وهذا الحل حل رفيق إذا ما قيس بالحل النهائي الذي يعده العالم العربي لنا،  إن هدف علاقات حسن الجوار مع عرب أرض إسرائيل ليس هدفا وهميا فحسب؛ بل هو يتعارض أيضا مع المشروع الاستيطاني في أرض إسرائيل؛ فقد جئنا لهذه الأرض لنرثها؛ لأنها أرضنا لا أرض مئات الألوف من العرب الذين يعيشون فيها كالورم الخبيث في قلب الدولة. . . علينا أن نستوطن داخل المناطق العربية الكثيفة السكان ونستولي على أراضيهم ونهين مشاعرهم الوطنية. . . علينا ألا نكف عن تذكير أنفسنا وتذكير شعبنا بأنه إما أن يقيم العرب أو اليهود في أرض إسرائيل أما أن يقيم فيها الشعبان فلا "(30)

غير أن أبلغ صور الإرهاب المتدثر بالدين هو -بلا منازع- ما ورد في خطبة مائير كاهانا الشهيرة في الكنيست في 2 مارس 1988 وفيها نجد تحديدا للأخطار التي تواجه إسرائيل حسب رأيه، و تذكر بالويلات التي عرفتها مصر زمن الفراعنة، والتي لا يراها الحمير أو الفراعنة من اليهود العلمانيين واليساريين وهلم جرا ، وأولها متمثلا بتفسير سياسي للآية " 4 من الإصحاح 22 من التكوين (وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إبراهيم عَيْنَيْهِ وَابْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ) وقد فسر الأحبار سبب أمر إبراهيم لغلاميه المرافقين بالبقاء مع الحمار بأنهما لم يريا ما رآه هو في الأفق البعيد؛ أي كناية عن عدم قدرتهم على رؤية المستقبل " فَقَالَ إبراهيم لِغُلامَيْهِ: «اجْلِسَا أنْتُمَا هاهنا مَعَ الْحِمَارِ، وأما أنَا وَالْغُلامُ فَنَذْهَبُ إلى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ ثُمَّ نَرْجِعُ إلَيْكُمَا».

وانتهي هذا المتطرف إلى ضرورة التعامل الراديكالي مع العرب بالترانسفير والقتل بتهمة محاولة افتكاك أرض إسرائيل، كما يحق استعمال مبدأ الرودف أو الموسير على الفلسطينيين أيضا منبها في نقاط واضحة إلى الأوهام الإسرائيلية فيما يلي:

  1. القول بأن العربي الإسرائيلي هو عربي طيّب يجب مساعدته؛ لأنه مخلص لإسرائيل وهو مختلف عن الفلسطيني الإرهابي والمخرب هو كلام خاطئ، وعلى هؤلاء أن يدكروا أن المولوتوف الفلسطينية ومولوتوف القرى العربية واحدة .

  2. القول بأن العربي الإسرائيلي هو فلسطيني مقيم في أرض إسرائيل وهو مضطهد بين ولاءين، ولا يمكن أن يخون إسرائيل هو كلام خاطئ، وينبه الإسرائيليين قائلا: احذروا، لا ولاء للفلسطينيتين أينما كانوا إلا لمنظمات التخريب الفلسطينية.

  3. القول بأن على الإسرائيليين تفهم هذا الفلسطيني المظلوم والمضطهد؛ لنخرج به من أزمته حتى نجعله يحس بأننا نحبه ونحترمه بأن نوفر له العمل والغاز والكهرباء والتعليم والصحة هو وهم، وعلى الإسرائيليين تذكر انهم الجهلة الذين ورد ذكرهم في قول أرميا في التوراة 5: 21 اسْمَعْ هَذَا أَيُّهَا الشَّعْبُ الْجَاهِلُ وَالْعَدِيمُ الْفَهْمِ الَّذِينَ لَهُمْ أَعْيُنٌ وَلاَ يُبْصِرُونَ. لَهُمْ آذَانٌ وَلاَ يَسْمَعُونَ" أو هم من ورد ذكرهم في التثنية 32: 6 هَل تُكَافِئُونَ الرَّبَّ بِهَذَا يَا شَعْباً غَبِيّاً غَيْرَ حَكِيمٍ؟ أَليْسَ هُوَ أَبَاكَ وَمُقْتَنِيَكَ هُوَ عَمِلكَ وَأَنْشَأَكَ؟ .

واختتم كاهانا خطابه بقوله " ألم تفهوا أنه بمثل هذه الأفعال ستضيع إسرائيل إلى الأبد، وعليكم أن تتذكروا دوما أيها الإسرائيليون ما يلي:

  1. لا وجود لعربي واحد يريد العيش في دولة يهودية .

  2.  لا وجود لعربي لا يرفض حق العودة لليهود إلى أرضهم .

  3. لا وجود لعربي يعدّ" هاتكفا "نشيده الوطني.

  4. لا وجود لعربي يعدّ يوم "هاعتسماووت " أي عيد "استقلال إسرائيل " يومه الوطني

  5. لا وجود لعربي في إسرائيل لا يعدّ نفسه جزءا من التمرد في "يهودا والسامرة "وغزة .

  6. كل العرب هنا طابور خامس ينتظر لحظة الانقضاض علينا، ومن ثم فلا يجوز الاحتجاج بتطبيق أحكام "غير توشاف" גר תושב أو " الغرباء المقيمين في أرض إسرائيل " عليهم بل يجب إبادتهم وترحيلهم.

وفي الختام فإن هذا المناخ من التدين المتشدد هو الذي مهد لاغتيال رابين؛ لأن رابين هو مثال هذا الفرد من الشعب الغبي الجاهل وعديم الفهم الذي استحق أن تطبق عليه أحكام الروديف الهلاخية، ولا شيء يمنع في اعتقادي مستقبلا من أن يتنامى هذا التيار حتى يتحكم في مفاصل الدولة، خصوصا والمنطقة كلها تعرف حمى دينية يبدو أنها تضربها دوريا منذ أن عرفت القداسة، ولا شك أن ما يلاحظ من اشتداد عود اليمين المتشدد بفعل نظام التمثيل النسبي وميل المجتمع إلى التدين بفعل ظاهرة الحازاراه بتشوفا مع ظهور اختراق يميني ديني لمعاقل اليمين القومي ممثلا في ظاهرة المتطرف "موشيه فيغلين" Moshé Feiglin مؤسس حركة " أرضنا " ارتسينوا" وزعيم حزب " "منهيجوت يهوديت" وغيره ممن اكتسحوا مواقع متقدمة داخل حركة الليكود الحزب اليميني القومي بالأساس في تكتيك جديد لا يريد البقاء ضمن اليمين الراديكالي الهامشي، وإنما تفجير اليمين التقليدي ممثلا بالليكود من الداخل، وشعار هذه الحركة هو قلب لكل شعار الصهيونية السياسية كما أرادها تيودور هيرتزل، عندما تحدث عن دولة اليهود، أما شعار منهيجوت يهوديث القاتل فهو من "دولة اليهود إلى دولة يهودية " وموشيه فايغلين هو من كرر أكثر من مرة أن الصراع الحالي هو صراع ديني، يجب أن ينتهي بانهيار الإسلام، وأن خطا الولايات المتحدة في 11 سبتمبر هو أنها لم تبادر إلى تدمير مكة وإعلان حرب دينية ضد الإسلام؛ لأن كل تأخير في إعلان ذلك هو تأخير لحل المشكل سيكون ثمنه غاليا جدا .

إن هذا المقال هو محاولة للتوقف عند تحليل جزء من العقلية الإسرائيلية أرشحها في مستقبل الأيام لازدياد نفوذها بكيفية ستؤدي فيما أرى إلى انهيار حل الدولتين، أو لعله قد انتهى بانتهاء وهم إسرائيل دولة ديمقراطية لكل مواطنيها وتحولها التدريجي -ولكن الثابت- إلى دولة يهودية كما يتصورها اليمين الديني المتطرف ممثلا في حركات كاخ وكاهنا حي وغوش ايمونيم وكل اليمين القومي الليكودي، وهو ما كررته وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني أكثر من مرة وغيرها من غلاة الصهيونية القومية الدينية من خلال ترديد حلم آباء الترانسفير من ضرورة نقل عرب 48 إلى ما يعرف بالبديل الأردني  حيث يمكنهم تحقيقي أحلامهم وأحلام منتسبي اليمين الديني في أن تكون أرض إسرائيل خالية من الفلسطيني أولا، ومن العربى ثانيا، وهو فعليا الشعار الذي تتبناه حركة "الزعامة اليهودية " أو "منهيجوت يهوديت". .

 إن كل ثوران ديني إذا ما فهم على أنه ارتداد للخصوصيات الضيقة والهوية القاتلة مؤذن لا محالة بخراب الدين نفسه، ذلك أمر الله وسننه في الكون والاجتماع تستوي في ذلك كل الأديان فلا يظنن أحد أنه سيأوي إلى جبل يعصمه من الماء؛ إذ لا عاصم يومئذ من أمر الله.

..........

المصادر في 12 مجموعة:

 

(1)

وبالنظرإلى من تتوجه إليهم إسهامات هذه الاستنارة اليهودية، وبحسب ما يصيب هذه الأهداف العامة من تغير بحسب الموضع والزمن يمكن تقسيم علماء هذه الحركة التاريخية إلى أربع طبقات هي:

أ- طبقة المؤسسين -1822-1854 منذ ظهور مجلة ليوبولد تسونز مجلة علم اليهودية Zeitschrift fuer die Wissenschaft des Judentums قبل تحولها إلى المجلة الشهرية لتاريخ علم اليهودية Monatsschrift fuer die Geschichte und Wissenschaft des Judentums ،ثم تاسيس معهد الدراسات اليهودية واللاهوتية في مدينة برسلاو سنة 1854 ومن اعلام هذه المرحلة نذكر س.ج. راببوبورت S. J. Rapoport وليوبولد تسونز أو حسب اسمه اليهودي يوم طوف ليبمان Yom Tov Lippmann وكذلك شموئيل دافيد لوزاتو S. D. Luzzatto ونحمان كروخمال  Krochmal, Nachmanالمشهور اختصارا بـ"رناك " .

ب- طبقة أو جيل الترسيخ والتنظيم من سنة 1896-وحتى 1925 تاريخ اكتشاف وثائق الجينيزاه القاهرية سنة 1896 وظهور اول محاولة لجمع وتهذيب ما خلفته مدرسة علم اليهودية ومن اعلام هذه المرحلة نذكر كلا من ابراهام جايجر Geiger وشلومو مونك Munk وموريتز شتاينشنايدر Steinschneider ونقتصر على هؤلاء لأنهم ممن عرفت الدراسات الاسلامية والعربية اهتماما خاصا

ت- الجيل الثالث وهو جيل الجمع والتهذيب الممتد من 1896 إلى سنة 1925 تاريخ افتتاح معهد الدراسات اليهودية في الجامعة العبرية في القدس بفلسطين المحتلة ومن اعلام هذه المرحلة في مجال الدراسات العربية الاسلامية واليهودية نذكر جورج فايدا وكلود كاهن وج كيستر وغيرهم كثير

ث- جيل التجديد والنمو من سنة 1925 إلى أيامنا هذه وهو جيل الانتقال من علم اليهودية إلى مرحلة الدراسات اليهودية كما يطلق عليها اليوم ومن أعلام هذه المرحلة فيما يتعلق بالدراسات العربية والإسلامية ذات الصلة باليهودية نذكر كلا من ساسون سوميخ ومائير كيستر ودافيد ايالون ويوسف سادان ويهوشواع بلاو وموشيه جيل وسارة شترومسة وأوري روبين ومايكل ليكر والبار ارازي ممن تعج بهم الجامعات الإسرائيلية ومراكز الدراسات اليهودية العربية في الجامعات الأوروبية والأمريكية.

(2)

[1] حول أثر هذا الربي ودور حركة المزراحي أيضا في إشاعة فكره انظر ما يلي:

[1] Gellman, E. (1991). Essays on the thought and philosophy of Rabbi Kook. Rutherford: Fairleigh Dickinson University Press.

Kaplan, L., & Shatz, D. (1995). Rabbi Abraham Isaac Kook and Jewish spirituality. New York: New York University Press.

Blumenfield, S. M., Tuchman,. (1966). Rabbi Avraham Yitzhak Kook lover of G-d and Israel. Dreamers and builders of Zion ; 3. New York: Department of Education and Culture of the Jewish Agency,.

(3)

[1] حول هذاالمفهوم الأساسي في تاريخ الصلات بين الدين ةالسياسية في إسرائيل انظر على سبيل المثال

Greilsammer, I. (2013). Le statu quo religieux en Israël : des lignes de front mouvantes. Ethnologie française, 43(4), 633‑640.

[1] هو من الشخصيات المثيرة للجدل في إسرائيل بسبب ارائه الحرة والمناهضة للسياسات الاسرائيلة من أشهر كتبه

Leibowitz, Yeshayahu. (1985). Judaïsme, peuple juif et état d'Israël. Paris: J.C. Lattès.

أما عنه فانظر

Leibowitz, Yeshayahu, & Algazy, Joseph. (1994). La mauvaise conscience d'Israël : entretiens avec Joseph Algazy. Paris: Le Monde éditions.

Gérard, R. (1985). Leibovitz (Yeshayahou) Judaïsme, peuple juif et Etat d’Israël. Archives de sciences sociales des religions, 60(2), 276‑277.

 

[1]  انظر مثلا ما كتبه كل من:

Enderlin, Charles. (2013). Au nom du Temple : Israël et l'irrésistible ascension du messianisme juif (1967-2013). Paris: Seuil.

Greilsammer, Ilan. (2004). Autorité religieuse institutionnelle et autorité religieuse charismatique : le cas de l'État d'Israël.

Greilsammer, Ilan. (1991). Israel, les hommes en noir : essai sur les partis ultra-orthodoxes. Paris: Presses de la Fondation nationale des sciences politiques.

[1] هذا من أخطر مواضيع الهوية في إسرائيل تاريخيا وحوله انظر

Cohen, Asher, & Susser, Bernard. (2000). Israel and the politics of Jewish identity : the secular-religious impasse. Baltimore, Md.: Johns Hopkins University Press.

Kraines, Oscar. (1976). The impossible dilemma : who is a Jew in the State of Israel? New York: Bloch Pub. Co.

(4)

[1] راجع الخطاب في

 

[1] حول هذه القوانين يمكن مراجعة كبير الاختصاصيين الفرنسيين في مسائل القانون في إسرائيل كلود كلاين فيما يلي

Klein, Claude. (1977). Le Caractère juif de l'Etat d'Israël : étude juridique. [Paris]: Cujas.

Klein, Claude. (1983). Le système politique d'Israël (1re éd. éd.). Paris : Presses universitaires de France.

Klein, Claude. (1990). Le droit israélien. Paris : Presses universitaires de France.

Klein, Claude. (1996). La démocratie d'Israël. Paris: Editions du

(5)

[1]  راجع كتابه المهم الأخير

Schattner, Marius. (2008). Israël, l'autre conflit : laïcs contre religieux. Bruxelles : A. Versailles.

وحول صلات اليمين الديني القومي بالتيارات الدينية راجع كتابه الاخر

Schattner, Marius. (1991). Histoire de la Droite israélienne : de Jabotinsky a Shamir. Bruxelles : Editions Complexe.

 

 

(6)

[1] Epstein, I. (1968). Studies in the communal life of the Jews of Spain : as reflected in the Responsa of Rabbi Solomon ben Adreth and Rabbi Simon ben Zemach Duran ([2d ed.). New York: Hermon Press.

Mann, J. (1970). The responsa of the Babylonian geonim as a source of Jewish history. Tel-Aviv: Zion.

Haas, P. J., & Society of Biblical Literature. (1996). Responsa : literary history of a rabbinic genre. Atlanta, Ga.: Scholars Press.

[1] انظر تحليلاً لهذه العبارة «Etat laïque de mauvaise réputation religieuse» ودراسة معمقة لصلة الدين بالسياسة في إسرائيل فيما كتبه ميشال ابيتبول  

Abitbol, M. (2007). Démocratie et religion en Israël. Cités, (12), 15‑32.

 

(7)

[1]  انظر ما كتبه مايكل كاربين حول الموضوع

 -Murder in the Name of God : The Plot to kill Yitzhak Rabin, by Michael Karpin and Ina Friedman. New York : Metropolitan Books, 1998.

[1] انظر حول تاريخ الاغتيالات ما كتبه نحمان بن يهودا

Ben-Yehuda, N. (2012). Political Assassinations by Jews: A Rhetorical Device for Justice. SUNY Press.

 

[1] انظر ما كتبه بالعبرية كل من شلومو نقدمون وشاؤول ماصليح

נקדימון, שלמה, מיזליש, שאול. (1985). דה האן : הרצח הפוליטי הראשון בארץ ישראל. תל-אביב: מודן

[1] والعبارة أيضا هي عنوان كتاب لايسار هارئيل والكتب حول الاغتيال السياسي والتطرف الديني جيدة ومهمة نذكر من بينها

Sprinzak, E. (1999). Brother against brother : violence and extremism in Israeli politics from Altalena to the Rabin assassination. New York: Free Press.

Diamond, L., & Sprinzak, E. (1993). Israeli democracy under stress. Boulder, CO: Lynne Rienner Publishers.

Sprinzak, E. (1986). Fundamentalism, terrorism, and democracy : the case of Gush Emunim underground. Washington, DC: Smithsonian Institution, the Wilson Center.

Sprinzak, E., & Institute of Human Relations (American Jewish Committee). (1986). Gush emunim : the politics of Zionist fundamentalism in Israel. New York: American Jewish Committee, Institute of Human Relations.

Stern, J. (2003). Terror in the name of God : why religious militants kill (1st ed.). New York:

[1]  ألتالينا هو اسم الباحرة التي حملت أسلحة الأرغون واتخذت تسميتها من اسم قلم الصهيوني اليميني القومي فلاديمير جابوتنسكي وقد أغرقها بن غوريون بعد قرار توحيد المنظمات الصهيونية الثلاثة الأرغون وشتارن والهاغانا ضمن جيش الدفاع الإسرائيلي وأمام رفض مناحيم بيغين أعطي الأمر بإغراقها ونتج عن الاقتتال وفاة يهود من الطرفين

[1] انظر على سبيل الاطلاع

 L’historien israélien Zeev Sternhell visé par un attentat. (s. d.). Le Monde.fr. Consulté 7 juillet 2013, à l’adresse http://www.lemonde.fr/proche-orient/article/2008/09/25/l-historien-israelien-zeev-sternhell-vise-par-un-attentat_1099251_3218.html

 

(8)

[1] هي دراسة جيدة يستحسن الاطلاع عليها

« Dangerous Halakhah » by Haim Cohen. (s. d.). Consulté 20 Juin 2016, à l’adresse http://www.come-and-hear.com/supplement/free-judaism-cohen.html

[1] وقد سمح له في السجن أن يعيش حياة طبيعة بل وتزوج فيه وتمتع بحرية الاتصال وكان موضوع حملة قادها اليمين لاستيطاني لإطلاق سراحه باعتباره بطلا من أبطال إسرائيل لأن قام بفعلته بحب ما تفتضيه أصول الهلاخا اليهودية وهو ما يهمنا في هذا السياق وقد نبه ايتامار بن غفير عضو هيئة المطالبة بإطلاق سراحه إلى انه إذا كان مقبولا عند بعض الأوساط اليهودية إطلاق سراح" المخربين" الفلسطينيين كما يصفهم الاعلام الصهيوني فمن باب أولي واجري إطلاق يهودي متدين مسجون بدون ذنب

[1] راجع هذه المعطيات في

Top rabbi: Din rodef on anyone ceding land. (s. d.). Haaretz.com. Consulté 7 juillet 2016, à l’adresse http://www.haaretz.com/print-edition/news/top-rabbi-din-rodef-on-anyone-ceding-land-1.127153

 

(9)

Knesset to debate rabbi’s « rodef » remarks. (s. d.). Haaretz.com. Consulté 7 juillet 2013, à l’adresse http://www.haaretz.com/news/knesset-to-debate-rabbi-s-rodef-remarks-1.127163

רמב"ם, יד החזקה - הלכות רוצח ושמירת נפש פרק א' הלכה ח'‏רמב"ם, משנה תורה, הלכות רוצח ושמירת נפש פרק א' הלכה ט"ו‏

[1] רמב"ם, יד החזקה - הלכות רוצח ושמירת נפש פרק א' הלכה ח'‏רמב"ם, משנה תורה, הלכות רוצח ושמירת נפש פרק א' הלכה ט"ו‏

[1] Karpin, M. I. (1998). Murder in the name of God : the plot to kill Yitzhak Rabin. New York: Metropolitan Books.

[1] Azoulay, Y., & Ravia, H. The legacy of Maran Hacham Ovadia Yosef : stories, anecdotes and inspiration (Saka Edition ed.).

(10)

Knesset to debate rabbi’s « rodef » remarks. (s. d.). Haaretz.com. Consulté 7 juillet 2013, à l’adresse http://www.haaretz.com/news/knesset-to-debate-rabbi-s-rodef-remarks-1.127163

רמב"ם, יד החזקה - הלכות רוצח ושמירת נפש פרק א' הלכה ח'‏רמב"ם, משנה תורה, הלכות רוצח ושמירת נפש פרק א' הלכה ט"ו‏

[1] רמב"ם, יד החזקה - הלכות רוצח ושמירת נפש פרק א' הלכה ח'‏רמב"ם, משנה תורה, הלכות רוצח ושמירת נפש פרק א' הלכה ט"ו‏

[1] Karpin, M. I. (1998). Murder in the name of God : the plot to kill Yitzhak Rabin. New York: Metropolitan Books.

[1] Azoulay, Y., & Ravia, H. The legacy of Maran Hacham Ovadia Yosef : stories, anecdotes and inspiration (Saka Edition ed.).

(11)

[1] Weitzman, R. Y. (2006). The Ishmaelite Exile. Jerusalem; Nanuet, N.Y.: Jerusalem Publications Feldheim.

[1] راجع مادة هذه المجلة في الكثير من المواقع العربية التي تناقلت نفس المادة على سبيل المثال: مجلة يهودية عنصرية تنشر مقالاً يمس بالعرب ويسيء للنبي العربي الكريم

 (s. d.). Consulté 20 Juin 2016, à l’adresse http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=print&board=60&msg=1156771593&rn=

 

(12)

[1] Haim Drukman. (2014, juillet 4). In Wikipedia, the free encyclopedia. Consulté à l’adresse http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Haim_Drukman&oldid=564587869

[1] Yedidya Segal. "Neither Arabic nor arabs. "Nekuda, Noq, May 16, 1980, pp. 12-13"

وراجع نفس المادة في موقع جريدة الديار التالي

http://www.charlesayoub.com/more/701687/0

 

 

أخبار ذات صلة