ترجيح ابن الرّامي البنّاء للأقوال في كتابه «الإعلان بأحكام البُنيان»

أحكام البنيان.jpg

علي العلوي | أستاذ بالمعهد العالي لأصول الدين، جامعة الزيتونة، تونس.

 

التّعريف بابن الرّامي البنّاء:

اسمه ونسبه ونشأته:

هو محمّد بن إبراهيم اللّخمي عُرف بابن الرّامي، ويعرف أيضاً بمحمّد البنا(1).

ويُفهم ممّا ورد بكتابه أنّه من أبناء تونس، وبها نشأ ودرس في النّصف الثّاني من القرن السّابع هجري، وأنّه أخذ عن أعلام ذلك العصر، إلّا أنّه لم يتّبع الخطط العلميّة أو التدريسيّة؛ بل انصرف إلى صناعة البناء التي أتقنها ومهر فيها، وأضاف إليها دراية تامّة بأحكامها الشرعيّة وآدابها المرعيّة(2) فاختاره قُضاة زمانه خبيراً فيما يتّصل بهذه المهنة من قريب أو بعيد(3) 

وذكر ابن الرّامي عدداً من العلماء الذين لقيهم، وجملة من القُضاة الّذين عمل معهم أو أدركهم ولم يعمل معهم، ومن بينهم:

ـ قاضي الجماعة إبراهيم بن حسن بن علي بن عبد الرّفيع الربعي التّونسي المُكنَّى بأبي إسحاق، والمتوفّى سنة 734هـ، وقيل: سنة 732هـ(4).

ـ القاضي أبو زيد عبد الرحمٰـن بن عثمان بن القطّان البلوي السّوسي، من أهل سوسة، تولّى قضاء الجماعة بعد أن عزل ابن عبد الرفيع للمرّة الأولى، وذلك في غرّة ربيع الآخر من سنة إحدى وسبعمائة (701هـ)(5)

ـ الفقيه القاضي أبو عبد الله محمّد بن أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن الحسين بن الغماز التّونسي، أحد العُلماء العاملين والقُضاة المتّقين العادلين، كان علّامة زمانه، وجمع إلى العلم الزّهد في الدّنيا، تولّى قضاء الجماعة في تونس فـي شهر ربيع الآخر عام 718هـ، في إحدى الفترات التي عُزل فيها ابن عبد الرّفيع، وتوفي سنة 785هـ(6).

٭ مفهوم التّرجيح لغة:

هو التمكين والتقوية والتفضيل، يقال: رجّحت الشيء: إذا فضّلته وقوّيته، وأصل ذلك من قولهم: رجح الميزان: إذا مالت إحدى كفّتيه، وإنّما تميل إذا ثقلت بالموزون(7)، ويُقال للحِلْم: الرجاحة؛ لأنّ العرب تصف الحلم بالثّقل، كما تصف ضدّه بالخفّة والعجل(8).

٭ مفهوم الترجيح اصطلاحاً:

عرّفه أبو الوليد الباجي (474هـ)(9)  بقوله: «الترجيح بيان مزيّة أحد الدّليلين على الآخر، ومعنى ذلك أن يستدلّ بدليل فيعارضه السائل بمثل دليله، فيلزم المستدلّ أن يرجّح دليله على ما عارضه به المستدلّ ليصحّ تعلّقه به»(10).

والدّارس للمحصول في علم الأصول يَلحظ أنّ تعريف الرّازي(11) للترجيح شبيه بتعريف أبي الوليد الباجي؛ لأنّ الرّازي عرّفه بأنّه: «تقوية أحد الطريقين على الآخر؛ ليُعلم الأقوى، فيُعمل به ويُطرح الآخر»(12).

وبناءً على هذا التّعريف الاصطلاحي للترجيح يُلحظ اعتماد ابن الرامي البنّاء منهج التّرجيح في كتابه.

نماذج حول ترجيح ابن الرّامي البناء:

الأنموذج الأوّل: الكلام في مهاريق ماء السّقوف إلى دور الجيران

ورد بكتاب ابن الرامي حول هذه المسألة ما يلي:

(«قال المعلّم محمد»: من العتبيّة(13) قال أصبغ بن الفرج (255هـ/840م)(14): سألت ابن نافع فقلت له: أرأيت الماء يسقط من سقف رجل على دار جاره، وذلك معروف قديم من مجرى جاره، ويضرّ ذلك بجاره الذي يسقط الماء في داره، ويريد أن يحتال له بقناة يعرفها قريباً من سقف صاحب الماء حتّى يلقى عن نفسه وعن داره، ويأبى صاحب الماء، قال: لا يصرف الماء عن حاله إلّا برضى صاحب الماء.

قال المعلم محمد: هذا جواب حسن؛ لأنّه إذا ألصقه بقناة يرفعها مع الحائط صارت تلك القناة تضرّ بالحائط وتندّيه)(15)

الـمُستفاد من قول ابن الرامي ترجيحه لقول ابن نافع، والدّليل على ترجيحه قوله معلّقاً: «هذا جواب حسن»، ويُلاحظ أيضاً تعليله لترجيحه بقوله: «لأنّه إذا ألصقه بقناة يرفعها مع الحائط صارت تلك القناة تضرّ بالحائط وتندّيه»، وتعليله كان بضرورة درء المفسدة ورفع الضّرر.

الأنموذج الثّاني: الكلام فيمن يمنع فضل ماء بئره

تحدّث ابن الرامي عن أحد الفلّاحين يملك في آخر حائطه(16) بئراً، فيحتاج جاره إلى سقي حائطه بفضل مائها، فهل يُسمح له بالسقي منها؟ ولحلّ هذا الإشكال نقل من الواضحة(17) لابن حبيب سؤاله لمطرف حول هذه المسألة، وجوابه له بإيراد قول الإمام مالك: «ليس ذلك له إلّا أن تكون بئره تهوّرت(18)، فيكون له أن يسقي بفضل ماء جاره إلى أن يصلح بئره، ويُقْضَى له بذلك، ويدخل حينئذ في تفسير الحديث: «لا يمنع نقع بئر»(19)، وليس له أن يؤخّر إصلاح بئره، ويؤمر بإصلاحه ولا يترك»(20).

وورد أيضاً حول هذه المسألة ما يلي:

(واختلف أيضاً هل يجب عليه في ذلك ثمن أم لا؟ على أربعة أقوال:

قال مالك: لأحد الرّجلين في البئر تكون لرجل في حائطه، فيحتاج جاره وهو لا شركة له في تلك البئر إلى أن يسقي حائطه بفضل مائه، فقال مالك: ليس ذلك له إلّا أن يشتريه منه، وإن انهارت بُنيانه، وله أن يسقي بغير ثمن، فإن لم يكن في بئره فضل فلا شيء لجاره. وقاله أصبغ وابن عبد الحكم(21).

قال المعلم محمد: القول الثاني من النّوادر عن مالك: أنّه يرجع عليه بالثّمن.

القول الثالث: وقال أشهب(22): إنْ كان ملياً(23) يأخذ منه الثمن وإن كان فقيراً أخذ فضل ماء جاره بغير ثمن.

القول الرّابع: قال أبو زيد(24) عن ابن القاسم(25): يقضى على جاره بفضل مائه بغير ثمن إلّا أن يكون للماء ثمن في ذلك الموضع فيقضى عليه بالثمن، وإلّا فلا يأخذ منه ثمناً.

وقال سحنون: عليه الثمن.

قال المعلم محمد: قول ابن القاسم أظهر وأقرب للحديث في قوله: إن كان للماء ثمن فيُقضى عليه بالثّمن لقول النبيّ ! : «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفس منه(26)»(27).

يبرز ترجيح ابن الرامي في هذه المسألة بكلّ وضـوح، والدّال عليه هو قوله: «قول ابن القاسم أظهر وأقرب للحديث»، فابن الرامي اختار قول ابن القاسم من بين أربعة أقوال: أوّلها مالك واتبعه فيه أصبغ وابن عبد الحكم، وثانيهما لمالك أورده ابن أبي زيد القيرواني بالنّوادر والزيادات، وثالثها لأشهب بن عبد العزيز، ورابعها لابن القاسم من سماع أبي زيد.

وقد علّل ابن الرامي ترجيحه لقول ابن القاسم بتلاؤمه مع الدّليل الأصولي الثاني وهو السُّنَّة النبويّة.

اعتماد ابن الرامي القياس كدليل أصوليّ

ـ المسألة الأولى: مفهوم القياس:

٭ معنى القياس:

عرّفه الشيرازي بقوله: «واعلم أنّ القياس حمل فرع على أصل في بعض أحكامه بمعنى يجمع بينهما»(28)، وعرّفه الغزالي بأنّه حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من إثبات حكم أو صفة أو نفيهما عنهما(29).

وأورد الآمدي تعريفه اللغوي فقال: «أمّا القياس فهو في اللّغة عبارة عن التقدير، ومنه يُقال: قستُ الأرض بالقصبة وقست الثّوب بالذّراع؛ أي: قدّرته بذلك»(30)، ثمّ جاء بتعريفه الاصطلاحي، فوضّح أنّ المختار في حدّ القياس أن يُقال: إنّه عبارة عن الاستواء بين الفرع والأصل في العلّة المستنبطة من حكم الأصل(31)

وبيّن القاضي البيضاوي أنّه إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علّة الحكم عند المثبت(32).

وأورد الأصفهاني تعريف ابن الحاجب للقياس لغةً واصطلاحاً، فقال: «القياس في اللّغة التّقدير والمساواة، وفي الاصطلاح: مساواة فرع لأصل في علّة حُكمه»(33).

والأظهر أن يرجّح تعريف ابن الحاجب؛ لجمعه بين المفهومين اللّغوي والاصطلاحي للقياس، ولتميّزه بالإيجاز، فهو جامع مانع.

٭ أركـانـه:

اتّفق أغلب الأصوليّين على أنّ أركان القياس أربعة: الأصل والفرع وحكم الأصل، والوصف الجامع(34)

ولقد شرح علي حسب الله هذه الأركان الأربعة كما يلي:

المقيس عليه: وهو ما نصّ على حكمه، ويسمّى الأصل.

المقيس: وهو ما يراد إلحاقه بالأصل في الحكم ويسمّى الفرع.

الحُكم: وهو ما حكم به النصّ على الأصل.

العلّة: وهي ما بُني عليه الحكم في الأصل وتحقّق في الفرع(35)

ـ المسألة الثّانية: اعتماد ابن الرامي القياس كدليل أصوليّ:

إنّ القياس دليل أصوليّ معتمد عند الكثير من أئمة المذاهب وعلماء الأصول، وهو من أدلّة المذهب المالكي، وقد أشار إلى هذا أحمد بن محمد بن أبي كف في منظومته التي شرحها محمد يحيى بن عمر المختار بن الطالب عبد الله في كتاب سمّاه: «إيصال السّالك في أصول الإمام مالك»، حيث قال: [الرجز].

أَدِلَّةُ المَذْهبِ، مَذْهَبُ الأَغرْ

مالكُ الإمَامُ سِتّـةَ عَشَـرْ

نصُّ الكِتابِ ثمَّ نـصُّ السنّه

سنَّـةُ مَـنْ لَـهُ أَتَمُّ المِنَّـهْ

ثُمَّةَ إِجْمَاعٌ وقَيْـسٌ وعمَلْ

مَدِينَةُ الرَّسُولِ أَسْخَى مَنْ بَذَلْ

وقوْلُ صَحْبِـهِ والاستحسانْ

وهو اقتضاءُ مَـا لَـهُ رُجْحَانْ

وقِيلَ: بلْ هوَ دَلِيلٌ يَنْقَـذِفْ

فِي نفسِ مَنْ بالاجْتِهَادِ مُتَّصِفْ1

(36)

والمتتبّع لما ورد بكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» لابن الرامي يلحظ استدلاله بالقياس، وفيما يلي أنموذجان حول هذا الاستدلال:

أ ـ الأنموذج الأوّل: [الكلام في أرباب الدّرب، إذا اجتمعوا على إصلاح دربهم وأبى بعضهم]:

ورد بكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» حول هذه المسألة ما يلي:

(قال المعلم محمد ـ رحمه الله تعالى آمين ـ : ومن كتاب مسائل سُئل عنها الفقيه القاضي أبو عبد الله بن الحاج فأجاب: إذا اتّفق الجيران على استئجار من يحرس زرعهم أو جنّاتهم، فأبى بعضهم من ذلك فإنّه يُجبر على الاستئجار معهم، وبذلك أفتى محمد بن عتاب في الدّرب يتّفق الجيران على إصلاحه ويأبى بعضهم من ذلك، فإنّه يُجبر من أبى أن يؤدّي ما جاء عليه من إصلاح الدّرب مع جيرانه.

قال المعلم محمد: وقد نزلت هذه المسألة عندنا كثيراً، فسألني بعض أهل درب أرادوا إصلاح دربهم أن يفرض عليهم ما يصلحون به دربهم، ويُجبر من أبى أن يُؤدّي مع جيرانه ما يلزمه، فأخبرتُ بذلك الشّيخ الفقيه القاضي أبا إسحاق بن عبد الرّفيع ـ وفّقه الله تعالى ـ : هل يجبر من أبى على أن يؤدّي ما يلزمه أم لا؟ فقال لي: لا يُجبر أحد على ذلك، ولا يصلح شيء من الدّرب حتّى يجتمعوا على ذلك.

قال المعلم محمد: (وهو أظهر للقياس في مسائل كثيرة؛ لأنّ أصل المذهب أنّه لا يُجبر الشّريك أن يعمل شيئاً مع شريكه في أصل يكون بينهما من دار أو جنان أو فدان أو جدار، فأحرى في الزّقاق فيما لا يملكه، فلا يجبر أحد على ذلك)(37)

إنّ العبارة الدّالة على استدلال ابن الرّامي بالقياس هي قوله: «وهو أظهر للقياس في مسائل كثيرة»، وعمله التأصيلي يتمثّل في قياس عدم جبر شريك على إصلاح درب في حيّ سكنيّ على ضابط فقهيّ في المذهب المالكي، وهو عدم جبر الشّريك على فعل شيء مع شريكه في أصل يكون بينهما من دار أو جنان أو فدان أو جدار.

ويلحظ المعلم محمد أنّه إذا لم يجز جبر الشّريك على فعل شيء مع شريكه فيما يملكه معه، فمن باب أولى أن لا يجوز جبره على القيام بعمل فيما لا يملكه وهو الزقاق، وقد عبّر عن هذا المعنى بقوله: «فأحرى في الزّقاق فيما لا يملكه».

ب ـ الأنموذج الثّاني: [الكلام في التّداعي في التّخوم]:

ورد بكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» حول هذه المسألة ما يلي: (قال المعلّم محمّد: لا يخلو هذا التّخم(38): إمّا أن تكون الأرض متساوية في الارتفاع، أو تكون أرض أحدهما أعلى من أرض الآخر.

فإن كانا متساويتين فحكمهما كحكم الجدار بين الرّجلين يكون لمن حلف أنّه له دون من لم يحلف، فإن حلفا جميعاً أو نكلا جميعاً، يكون بينهما نصفين)(39).

إنّ المتأمّل في هذا المثال يلحظ اعتماد ابن الرامي على القياس، وذلك بقياس حكم ملكيّة التّخم في الأرض المتساوية في الارتفاع على حكم الجدار بين الرجلين، فقد ألحق المعلم محمد حكم التّنازع في ملكيّة تُخْمٍ في أرض متساوية الارتفاع بحكم التّنازع في ملكيّة الجدار بين الرّجلين، فبيّن أنّه لمن حلف دون من لم يحلف، وإن تساويا في الحلف أو النّكول كانا مشتركين فيه باقتسامه نصفين.

دراية ابن الرامي بالخلاف ومقارنته بين الأقوال والآراء واعتماده المنهج المقاصدي:

٭ المبحث الأوّل: دراية ابن الرامي بالخلاف واعتماده منهج المقارنة بين الأمّهات والأقوال والرّوايات:

درايته بالخلاف واستدلاله به:

إنّ حاجة الفقيه إلى معرفة أسباب الخلاف لا تقلّ أهميّة عن حاجة المفسّر إلى معرفة أسباب النّزول، وحاجة القارئ إلى معرفة أوجه القراءات، لذلك أورد الإمام الشّاطبي (790هـ/1388م)(40) قول الإمام مالك (179هـ/795م)(41): «لا تجوز الفتيا إلّا لمن علم ما اختلف النّاس فيه، فقيل له: اختلاف أهل الرّأي؟ قال: لا، اختلاف أصحاب محمّد ! وعلم النّاسخ والمنسوخ من القرآن ومـن حديث الرّسول ! »(42).

ومن خلال كلام الشّاطبي تبرز أهميّة معرفة الخلاف فيما لم يرد فيه نصّ قطعيّ من الكتاب والسنّة، أو لم يجمع عليه الصّحابة وعُلماء المسلمين.

وقد أدرك ابن الرامي البنَّاء أهميّة معرفة الخلاف داخل المذهب أو حتّى خارجه، فنجده كثيراً ما يستدلّ به، ومن استدلالاته بالخلاف ما يلي:

(الكلام في اختلاف أهل النّظر في العيوب والضّرر والشّهادة في ذلك):

ورد بكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» ما يلي: «قال المعلم محمد: واختلف في شهادة من ينظر في عيوب الدّور والأرجاء والطّبيب هل هي شهادة أو إخبار، واختلف أيضاً هل يُقبل في ذلك قول واحد أو اثنان، وهل يكون ممّن يُرضى قوله، عدلاً أو مسخوطاً؟ فقال ابن كنانة في العتبيّة: سألت مالكاً عمّن ينظر في العيوب هل يكتفي بقول واحد أو اثنين فقال مالك: إن وُجد اثنان كان أحسن، وإن لم يُوجد فيكتفي بقول واحد إذا كان ممّن يُرضَى ويُنْفِذ القاضي حكْمَه بقوله، وقال ابن حبيب: ينفذ القاضي الحكم بقول واحد في العيوب وبقول المرأة الواحدة فيما ينظر النساء، وبقول الطّبيب إن كان على غير الإسلام؛ لأنّها ليست بشهادة، وإنّما هي إخبار للقاضي، فينفذ حكمه بقول واحد منهم في شغله»(43)

وقد أورد ابن الرامي في هذه المسألة الخلاف بين الإمام مالك وابن حبيب صاحب الواضحة.

(الكلام في الشّجرة تكون في أرض رجل تعظم فروعها وتضرّ بجاره في أرضه):

ورد بكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» حول هذه المسألة ما يلي: «قال المعلم محمد: لا يخلو إمّا أن يكون عظمها ارتفاعاً في الهواء صاعداً أو تخرج فروعها على أرض جاره.

فإن كان عظمها ارتفاعاً صاعداً في الهواء فأظلّت بأرض جاره أو داره، فإنّها لا تقطع عنه؛ لأنّها كالبُنيان يبنيه الرّجل في أرضه وداره يمنع به عن جاره الشمس والريح فلا كلام لجاره في ذلك، وكذلك الشّجرة ما لم تمل عن هواء صاحبها إلى هواء جاره، قال المؤلّف: ولا أعلم في ذلك خلافاً. واختلف إذا خرجت الفروع إلى هواء جاره.

قال المعلم محمّد: قال ابن القاسم: إن كانا هما أنشآها فالمضرّة تقع فيما بينهما، وليس لأحدهما أن يضرّ بصاحبه، وإن كانا ورثاها أو اشترياها أو دخلت عليهما بفائدة ثمّ تقاسماها، فليس لمن عظمت الشّجرة في أرضه وانتشرت فيها حتّى أظلّتها ومنعته منفعتها أن يقطع ذلك، وذلك أن بقسمتهم أو اشترائهم إيّاها قد علماً أنّها شجرة تزيد وتعظم، فإذا عظمت وانتشرت عند أحدهما كما وصفنا، لم أر أن تشمر ولا أن تحول عن حالها وإن كثُر انتشارها؛ لأنهما على ذلك العلم بالعِظَم قَسَّمَا واشتريا.

القول الثّاني: قال أصبغ من العتبية: وقد سئل عن ذلك ابن نافع فقال: أمرها عندي سواء من أيّ الوجوه صارت إليهما بإنشاء أو شراء أو غيره إذا زادت انبساطاً أو ظلالاً شمرت منها؛ لأنّها ضرر تردّ على من دخلت عليه، ولا تجوز المقاسمة فيها كما وصفت، وإنّما تقسم الأرض بشجرها ثمّ تعدل بالقيمة والزّيادة والذّراع»(44)

والدّليل على دراية ابن الرامي بالخلاف في هذه المسألة استدلاله بقولين فيها، فالقول الأوّل لابن القاسم الذي يرى باقتسام الضّرر؛ أي: بدفعه معاً في صورة إنشائهما لها، أمّا إن حصلت لهما بالإرث أو الشّراء، فلا شيء عليهما.

والقول الثّاني: لأصبغ في العتبيّة الذي يرى ضرورة إزالة الضّرر ودرئه في جميع الحالات ودون استثناءات.

 

اعتماد ابن الرامي منهج المقارنة في كتابه «الإعلان بأحكام البُنيان»:

أ ـ مفهوم المقارنة:

لغة: هي التقريب بين الأشخاص أو الأشياء لبيان أوجه التّشابه والاختلاف بينها(45).

اصطلاحاً: هي النّهج الذي يُقارن بين الصّور المختلفة لصنف من الظواهر، أو نوع من الموجودات، أو عضو من الأعضاء، أو وظيفة من الوظائف. وطريقة المقارنة هي الأداة المُثلى في منهج علم الاجتماع(46).

ومن المعاصرين من أطلق على مصطلح المقارنة المقابلة؛ إذ اعتبرها من آليات تجديد المنهج وتقويم التراث، فالدكتور طه عبد الرحمٰن بيّن أنّ «المقابلة تكون من وجهين اثنين أحدهما مقابلة الشّيء بما يوافقه، فتكون حقيقة هذه المقابلة هي المطابقة بين الشيئين» والثّاني مقابلة الشيء بما يخالفه، فتكون حقيقة هذه المقابلة هي المعارضة بين الشيئين»(47)

ب ـ اعتماد ابن الرّامي منهج المقارنة:

إنّ الدّارس لكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» يلحظ مقارنة ابن الرامي بين الأقوال، وذلك بالترجيح بينها بأن يقول: «هذا القول أحسن»، أو: «هذا القول هو الأظهر قياساً». كما يتبيّن القارئ لهذا الكتاب أيضاً أنّ ابن الرامي يُقارن بين الروايات والأقوال في المصادر، كقوله مثلاً: «هذا القول مثل قول ابن القاسم في المدوّنة»، وفيما يلي أنموذجان حول مقارنة ابن الرامي:

1 ـ الكلام في ضرر الاطّلاع من الكِواء(48) والأبواب والقضاء في ذلك:

ورد بكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» حول هذه المسألة ما يلي: (من المدوّنة قال سحنون: قلت لابن القاسم: «أرأيت إن كان له على جاره كوة قديمة أو باب قديم ليس له فيه منفعة وفيه مضرّة على جاره، أيُجبر أن يغلق ذلك على جاره، قال ابن القاسم: لا أُجبره على ذلك؛ لأنّه أمر لم يحدثه عليه وذلك أمر قديم لا أعرض له، ولم أسمعه من مالك، ولكنّه رأيي»(49).

قال المعلم محمد: وفي الواضحة ما قال ابن القاسم(50).

وابن الرامي قارن في هذه المسألة بين قولين وبين مصدرين؛ لأنّه بيّن التشابه بين قولي ابن القاسم في المدوّنة وابن حبيب في الواضحة.

2 ـ الكلام في يسير العيب وكثيره وإعداد ثمنه:

ورد بكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» حول هذه المسألة ما يلي:

(قال المعلم محمد: وقال الشيخ أبو محمد بن أبي زيد 5 : «العيوب في الدور على ثلاثة أوجه، أحدها: عيب خطير يستغرق معظم الثمن أو يخشى منه سقوط الحائط المدعى فيه، فهذا وشبهه يثبت له الردّ به، ويرجع بجميع ثمنه. والثّاني: عيب يسير لا ينقص من الثمن فهذا لا تردّ الدّار به ولكن يرجع بقيمته كصدع يسير في الحائط ونحوه. قال المعلم محمد: وهذا شبيه لما قاله في المدوّنة»)(51)

إنّ مقارنة ابن الرامي في هذه المسألة كانت بين قول ابن أبي زيد القيرواني وما ورد بالمدوّنة، إلّا أنّه لم يبيّن في أي ّ الأمّهات ورد قول ابن أبي زيد القيرواني؛ إذ أغفل هذا الأمر، كما لم يشر إلى صاحب القول في المدوّنة.

المبحث الثّاني: المنهج المقاصدي لابن الرامي:

ـ المسألة الأولى: تعريف مقاصد الشّريعة وبيان أهمّيتها:

مقاصد الشريعة: هي الأهداف التي قصدها الشّارع في جميع أحكامه أو معظمها، فالشّارع الحكيم لمّا شرّع الأحكام قصد منها حفظ مصالح النّاس، بجلب النّفع لهم، ودفع الضّرر عنهم، والمراد بالنّفع ما يراه الشارع نفعاً، والضرّ ما يراه ضرّاً، وليس ما يراه النّاس نفعاً لهم، ولا ما يراه النّاس شرّاً لهم، فإنّ الإنسان قد يرى ما ليس بنافع نافعاً، وقد يرى ما يكون غير ضارّ ضارّاً؛ لأنّه ينظر بما يوحي به هواه، ولذلك كان الشّرع حاكماً لا محكوماً عليه.

فكلّ ما جاء به الإسلام من عقائد، وعـبادات، وتشريعات، ومبادئ ونظم وآداب، وسلوك إنّما يتوخّى تحقيق مصالح النّاس، وحاجاتهم الضّروريّة، والرّفاهيّة لهم، وسعادتهم في الحياة الدّنيا، وسعادتهم الخالدة في حياتهم الأخرى، والعلماء مجمعون على ذلك، والفقه الإسلامي في جميع مذاهبه قائم عليها، والمصالح أنواع ثلاثة:

• النّوع الأوّل: المصالح المعتبرة: وهي المصالح التي شهد الشارع باعتبارها، فتحريم الشارع للخمر دليل على ملاحظة هذه المصلحة، ومثلها المصالح في حفظ النّفس والمال، حيث شرع الله تعالى لحفظها القصاص وقطع اليد.

• النّوع الثّاني: المصالح الملغاة: وهي المصالح التي شهد الشّرع ببطلانها؛ لأنّها ـ وإن لبست ثوب المصلحة ـ في حقيقتها مفاسد ومخاطر، وهي مصالح لا يصحّ بناء الأحكام عليها باتّفاق العلماء.

• النّوع الثّالث: المصالح المُرسلة: وهي المصالح التي لم يشهد لها من الشّرع نصّ معيّن باعتبارها بعينها، ولا نصّ معيّن بإلغائها وبطلانها، وهي المصالح التي أطلق عليها الأصوليّون المصالح المرسلة، أي: المطلقة غير المقيّدة بنصّ خاصّ(52).

وجمهور العلماء اعتبروها حجّة شرعيّة، ومصدراً وأصلاً من أصول الأحكام في الوقائع التي لا نصّ فيها من قرآن أو سُنَّة أو إجماع ولا يجري فيها قياس أو استحسان(53).

ـ المسألة الثانية: المنهج المقاصدي لابن الرامي:

لاكتشاف هذا المنهج وتحقيقه لا بدّ من استخراج القواعد الفقهيّة التي يستدلّ بها ابن الرامي في كتابه «الإعلان بأحكام البُنيان».

وهذه القواعد يجب أن تكون مرتبطة بمقاصد الشارع، كقاعدة «الضّررُ يزال»(54) و«لا ضررَ ولَا ضِرار»، و«درءُ المفاسدِ مقدّم على جلبِ المصَالح»(55)

فالدّارس لكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» يلحظ كثرة استدلال ابن الرامي بقاعدة «الضرر يُزال» وفيما يلي نماذج حول هذا الاستدلال:

الأنموذج الأوّل: الكلام في الجدار الثّاني:

ورد بكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» ما يلي:

(قال المؤلّف: وهو الجدار يكون لرجل واحد وهو سترة للآخر فينهدم أو يُريد هدمه ابتداء هل يُجبر على إعادته أم لا يُجبر؟ فنقول: هذا الحائط لا يخلو من ثلاثة أقسام:

إمّا أن يكون حائطاً قويّاً لا يخشى سقوطه فيريد ربّه هدمه.

أو يكون حائطاً ضعيفاً يخشى سُقوطه، فيريد ربّه هدمه.

أو يكون قد انهدم بأمر من الله تعالى.

القسم الأوّل: هو أن يكون حائطاً قويّاً لا يخشى سقوطه، فيريد ربّه هدمه.

قال المعلم محمد: إذا أراد صاحب الحائط القويّ هدمه، فلا يخلو: إمّا أن يُريد بهدمه ضرراً، أو منفعة لنفسه، فإن أراد بهدمه الضّرر فلا يهدمه، قال ابن القاسم في العُتبيّة والمجموعة: ليس له هدمه إلّا بوجه يعلم منه أنّه لا يريد الضّرر، وقاله أشهب وابن نافع وابن كنانة ومطرف وابن الماجشون، وبه أخذ ابن حبيب لقول النبيّ ! : «لَا ضَرَرَ وَلَا ضرارَ»(56)،(57).

ويستفاد من هذه المسألة أنّ ابن الرامي طبّق المنهج المقاصدي عندما استدلّ بالقاعدة الفقهيّة «لا ضرر ولا ضرار»، وأصل هذه القاعدة حديث نبويّ، والرّسول ! مبلّغ عن ربّه، فهو يطبّق مقصد الشّارع الحكيم في إبعاد الضّرر عن عباده، وتحقيق كلّ ما يسعدهم ويجلب المصلحة لهم.

الأنموذج الثّاني: الكلام فيمن أراد أن يحدث حانوتاً:

ورد بكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» حول هذه المسألة ما يلي:

قال المعلم محمد: من العتبيّة من كتاب السّلطان قال عبد الملك بن الحسن(58): قلت لعبد الله بن وهب عن الرجل يفتح في ناحية من داره حوانيت إلى سكّة من سكك النّاس، ولرجل دارٌ تُقابل تلك الحوانيت وبابه مفتوح إلى ذلك الزقاق يُقابل تلك الحوانيت، فشكى الجار أن الحوانيت تضرّ به فيمن يخرج من خَدَمِهِ وأهله، فهل يمنع؟

قال ابن وهب: إن كانت طريقاً سالكة، وسكّة واسعة حتّى يكون هو وغيره من المارّين في الفتح والمرور بها في النّظر سواء فله أن يفتح ما شاء من الحوانيت وغيرها، وقال أشهب مثله في كتاب السّلطان من العُتبيّة أيضاً(59).

ثمّ أورد ابن الرامي فتوى أخرى لابن الحاج بقوله: (ومن أسئلة الفقيه القاضي أبي عبد الله بن الحاج: سئل عمّن فتح حانوتاً قبالة باب دار لرجل آخر، وأنّه يطلع منه على أسطوان الدّار، فأجاب القاضي أبو عبد الله: تأمّلت السؤال ويؤمر بانِي الحانوت أن ينكب(60) عن قبالة باب جاره؛ لأنّ ضرر الحانوت شديد، وقد نهى رسول الله ! عن الضرر.

قال المعلم محمد: وهذا خلاف ما قاله ابن رشد في أوّل المسألة والله أعلم.

قال المعلم محمد: وأنا أرى بما قال في هذه الفتوى، ولستُ أرى بما قاله ابن رشد(61)

ويُستفاد من قوله هنا ترجيحه لفتوى القاضي أبي عبد الله بن الحاج؛ لأنّه رأى أنّها تتلاءم مع مقاصد الشّارع في درء مفسدة عظيمة، وهي كشف صاحب الحانوت والجالسين عنده عن دار جاره.

المبحث الثّالث: ابن الرامي المجتهد المستقلّ:

رغم كثرة استدلاله بأمّات كُتب المذهب المالكي، واعتماده النّقل كمنهج من بداية مؤلّفه إلى نهايته، نُلاحظ أنّ ابن الرامي يتدخّل بترجيح الأقوال وإبداء رأيه والتعليق والمقارنة، وفيما يلي أنموذجان يدلّان على استقلال ابن الرامي بالاجتهاد.

أ ـ الأنموذج الأوّل: الكلام في ضرر الكمّادين(62) وهزّ الأرحية(63):

ورد بكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» حول هذه المسألة ما يلي: (ومنه قال المعلم محمد: سألت الفقيه أبا عبد الله محمد بن الغمّاز ـ وفقه الله ـ في رجل أراد أن يعمل في داره رحى، وطلب أن يبعد من حائط الجار في الرحي حدّاً يبعد به عن حائط الجار، فقال لي: ليس في ذلك حدّ، أنتم أهل المعرفة تعرفون ذلك كم يبعد الرحى عن حائط الجار، وهذا لا نعلم فيه حدّاً.

قال المعلم محمد: والذي عندي في الذي يُريد أن يعمل في داره رحى يتباعد عن حائط الجار ثمانية أشبار من حدّ دوران البهيمة إلى حائط الجار، ويشغل ذلك بالبناء، إمّا ببيت أو بمخزن أو بمجاز لا بدّ في ذلك من حائل بالبناء بين دوران البهيمة وحائط الجار؛ لأنّ البناء يحول بين المضرّة وبين حائط الجار(64)

والملاحظ تدخّل ابن الرامي في هذا المسألة بإبداء رأيه لا سيّما وهو مختصّ في فنّ العمارة والبناء، والدّليل على إبداء رأيه، قوله «والذي عندي».

فبعد أن سأل الفقيه أبا عبد الله محمد بن الغمّاز عن المسافة التي يجب أن يتركها من يريد أن يستخدم رحى في داره، بينه وبين جاره، بيّن له أنّه الأدرى بالجواب؛ لأنّه مختصّ في هذا الميدان، فاجتهد في المسألة بقوله: «والذي عندي في الذي يريد أن يعمل في داره رحى يتباعد عن حائط الجار ثمانية أشبار من حدّ دوران البهيمة إلى حائط الجار»(65).

ب ـ الأنموذج الثّاني: الكلام في ضرر الاطّلاع من الكِواء(66) والأبواب والقضاء في ذلك:

ورد حول هذه المسألة بكتاب «الإعلان بأحكام البُنيان» ما يلي: (قال المعلم محمد بن إبراهيم: الكواء على قسمين، قديم ومُحدث، ففي سدّ القديمة قولان، والمشهور منهما بقاؤها على حالها.

وفي سدّ المُحدثة قولان: المشهور عدم بقائها.

قال المؤلّف: القول الأوّل في سدّ المحدثة من المدوّنة، قال سحنون: قلت لابن القاسم: «أرأيت لو أنّ رجلاً بنى قصوراً إلى جنب داري ورفعها عليّ، وفتح فيها أبواباً وكوّة يُشرف منها على عيالي وعلى داري، أيكون لي أن أمنعه من ذلك في قول مالك 5 قال: نعم، إنّه يمنعه من ذلك، قال مالك: وقد قال ذلك عمر بن  الخطّاب 3 أخبرنا بذلك ابن لهيعة أنّه كتب إلى عمر بن الخطّاب 3 في رجل أحدث غرفة على جاره، ففتح فيها كوى، فكتب إليه عمر بن الخطّاب 3 أن يوضع وراء تلك الكوى سرير، ويقوم عليه رجل، فإن كان ينظر إلى ما في الدّار منع من ذلك، وإن كان لا ينظر لم يمنع من ذلك.

قال المعلم محمد: وفي السرير قولان:

قال ابن أبي زمنين: السرير: فرش الغرفة.

وقال ابن شاس في الجواهر له: السرير هو: السّلم، وقيل: السرير هو الكرسيّ وما شاكله.

قال المعلّم محمد: والذي عندي في حدّ ارتفاع ما يطلع عليه: أكثره خمسة أشبار، وأقلّ ارتفاعه أربعة أشبار(67)

فابن الرامي اجتهد في هذه المسألة وكان مستقلّاً في إبداء رأيه بتحديد حدّ ارتفاع ما يُصعد عليه لاختبار مدى اطّلاع الجار على أسرار جاره.

والعبارة الواردة بكتابه والدّالة على استقلاله بالاجتهاد هي قوله: «والذي عندي حدّ ارتفاع ما يطلع عليه».

والملاحظ أنّه لم ينقل هذا الرّأي من أيّ مصدر آخر، ولم يأخذه من أيّ فقيه سابق؛ إذ لو فعل ذلك لبيّنه كما كان يفعل في كلّ المسائل التي يعتمد فيها النّقل أو التّرجيح.

بعد تتبّع أقوال ابن الرامي ـ في كتابه «الإعلان بأحكام البُنيان» ـ يمكن الخروج بجملة من النّتائج، تتمثّل فيما يلي:

• الأولى: سلاسة اللّغة التي يكتب بها ابن الرامي؛ إذ هي بعيدة عن التّعقيد والغموض.

• الثّانية: كثرة المصادر التي اعتمدها في مؤلّفه وتنوّعها، فقد رجع إلى عدد كبير من كتب الفقه بأنواعها، المتقدّمة منها والمتأخّرة، حيث شملت مصادره كتب الفقه العامّة وكتب الأقضية والأحكام، وكتب الفتاوى، وكتب الوثائق، والكتب المتخصّصة في موضوع البناء.

• الثّالثة: تلخيصه المسائل وحسن عرضها وترتيبها عند تقديمها.

• الرّابعة: تأصيله للأحكام واستدلاله بأصول المذهب المالكي: كالكتاب، والسُّنَّة النبويّة، والقياس، والعمل التّونسي، والعرف والعادة.

• الخامسة: ربطه الأحكام بالقواعد والوقائع، وذلك بواسطة:

أ ـ ذكر النّوازل والفتاوى التي حدثت في عصره ممّا مارسه أو سمعه.

ب ـ بيان ما جرى فيه الحكم بتونس في المسائل التي يكون فيها خلاف في مذهبه.

ت ـ التمثيل على المسائل من الواقع الذي يُمارسه في مهنته ويُعايشه النّاس، وذلك مثل التمثيل على عيوب الدّور.

ث ـ بيان العُرف التونسي في بعض المسائل.

• السّادسة: ترجيحه للأقوال.

• السّابعة: مقارنته بين المصادر وبين الأقوال.

• الثّامنة: قدرته على الاستنباط والمناقشة وإبداء الرّأي.

• التّاسعة: استقلاله بالاجتهاد، خاصّة فيما يتعلّق باختصاصه.

• العاشرة: تمتّعه بحافظة قويّة مكّنته من استيعاب فتاوى عصره، ومن النّقل الصّحيح والمقارنة بين المصادر والمراجع التي اعتمدها.

• الحادية عشرة: تأثّره بعجوز المذهب: ابن رشد الجدّ في البيان والتحصيل، وبمالك الصّغير في النّوادر والزّيادات.


 

المراجع والمصادر :

(1)ابن الرّامي البنّاء: الإعلان بأحكام البنيان، 1/119، تحقيق ودراسة، عبد الرحمٰن بن صالح الأطرم، ط 1، 1416هـ/ 1995م، دار إشبيليا، الرياض، عبد الوهّاب، حسن حسني، كتاب العمر، م1/725، مراجعة وإكمال محمّد العروسي المطوي وبشير البكّوش، ط 1، 1990م، دار الغرب الإسلامي، بيروت.

 

(2)قال في صدر كتابه: «قال المعلم محمّد: ليعلم من قرأ كتابي هذا أنّي بنّاء أجير، فيعذرني إن وجد فيه خطأ في اللّفظ أو التّرتيب»: الإعلان بأحكام البُنيان، 1/122، وممّا يبرز درايته باختصاص البناء قوله في كتابه: «قال المعلم محمّد: والكوّة هي الطاقة التي تعمل في البيوت لرفع الحوائج، ولا تكون إلّا في الحائط الذي يكون مبنيّاً بالحجر والجير أو البغلي»، 1/147.

 

(3)عبد الوهّاب، حسن حسني، كتاب العمر، 1/725.

 

(4)انظر ترجمته في: ابن فرحون: الدّيباج المذهّب، ص89، ط. دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، (د.ت)، ـ مخلوف: الشجرة، ص207، ترجمة رقم 719.

 

(5)انظر ترجمته في: الزركشي: تاريخ الدّولتين الموحّديّة والحفصيّة، ص54، ط1، 1289هـ، مطبعة الدّولة التّونسيّة المحروسة. ـ ابن القنفذ القسنطيني: الفارسيّة في مبادئ الدّولة الحفصيّة، ص153، تقديم وتحقيق محمّد الشّاذلي النّيفر وعبد المجيد التركي، ط 1968م، الدّار التّونسيّة للنّشر.

 

(6)ابن فرحون، الديباج المذهّب، ص329. ـ الزركشي: تاريخ الدّولتين، ص54. ـ مخلوف: الشّجرة، ج1، ص255 ترجمة رقم 806.

 

(7)ابن منظور، لسان العرب، م1/1125، مادّة (رجح)، تقديم عبد الله العلايلي، إعداد وتصنيف يوسف خيّاط، ط. دار لسان العرب، بيروت، (د.ت). ـ الزبيدي: تاج العروس من جواهر القاموس، 2/141، مادة (رجح)، ط 1، المطبعة الخيريّة بجماليّة مصر، سنة 1306هـ.

 

(8)ابن منظور: لسان العرب، 1/1125.

 

(9)هو سليمان بن خلف بن أيّوب بن وارث التجيبي القرطبي المالكي، أبو الوليد من بيت علم ونباهة، تلقّى عن شيوخ الأندلس، ثمّ رحل إلى المشرق وعاد بعلم غزير، وله عدّة تأليف هامّة، منها: «المنتقى». وُلد سنة 403هـ وتوفي سنة 474هـ. ـ ابن كثير: البداية والنّهاية، 12/122.

ـ الضبّي: بغية الملتمس، 289، ترجمة رقم 777.

ـ ابن خلكان: وفيات الأعيان، 2/408، ترجمة رقم 275. ـ ابن فرحون، «الدّيباج»، 1/377 وما بعدها، ترجمة رقم 7.

(10)أبو الوليد الباجي، الحدود في الأصول، ص79، تحقيق نزيه حمّاد، ط 1، 1967م، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان.

 

(11)هو محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري، أبو عبد الله، فخر الدّين الرازي، الإمام المفسّر، أوحد زمانه في المعقول والمنقول وعلوم الأوائل، وهو قريشيّ النّسب، أصله من طبرستان، ومولده في الريّ وإليها نسبته، أقبل الناس على كتبه في حياته يتدارسونها، وكان يحسن الفارسيّة. (من تصانيفه: «مفاتيح الغيب»، مطبوع، و«معالم أصول الدّين» مطبوع). ـ ابن حجر: لسان الميزان، 4/426، ترجمة رقم 1311. ـ ابن كثير: البداية والنهاية، 13/55 ـ 56، ط 7، 1408هـ/1988م، مكتبة المعارف، بيروت. ـ طاش كبرى زاده: مفتاح السعادة، 1/445، ط 1، مطبعة دائرة المعارف النّظاميّة بحيدر آباد الدكن، الهند، (د.ت).

 

(12)الرّازي، فخر الدّين، «المحصول في علم الأصول، 2/443 ـ 444، ط 1، 1408هـ/1988م، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان.

 

(13)وتسمّى أيضاً «المستخرجة» لمحمد بن أحمد العتبي (255هـ): (وهي عبارة عن حصر شامل لمعلومات فقهيّة يرجع معظمها لابن القاسم العتقي عن مالك بن أنس، وهي برواية من جاؤوا بعده مباشرة، كما أنّها تحتوي على آراء فقهيّة لتلاميذ مالك وخلفائه): دراسات في مصادر الفقه المالكي، ص118.

 

(14)هو أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع مولى عبد العزيز بن مروان، أبو عبد الله، سكن الفسطاط، روى عن الدّاروردي ويحيى بن سلّام وغيرهما، وصحب ابن القاسم وابن وهب وأشهب وتفقّه بهم. من مؤلّفاته: «تفسير غريب الموطّأ» و«آداب الصّيام، والمزارعة، «والردّ على أهل الأهواء». ولد بعد سنة 150هـ، وتوفي سنة 225هـ بمصر، وقيل: سنة 224هـ. ـ ابن فرحون: الدّيباج 1/299 ـ 300 ـ مخلوف: الشجرة، 66، ترجمة رقم 58. ـ الزركلي: الأعلام، 1/333.

 

(15)ابن الرامي، الإعلان بأحكام البُنيان، 2/417.

 

(16)(الحائط: الجدار؛ لأنّه يحوط ما فيه، والجمع: حيطان، والحائط أيضاً هو: البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار، وجمع حوائط، وفي الحديث: «على أهل الحوائط حفظها بالنّهار»، يعني: البساتين، وهم عامّ فيها).

ـ ابن منظور: لسان العرب، 2/188، مادّة (حوط).

 

(17) «الواضحة من مؤلفات عبد الملك بن حبيب السّلمي (238 أو 239هـ)، (يعدّ هذا الكتاب من أهمّ الكتب الفقهيّة في القرنين الثالث والرابع من الهجرة، وقد حظي بمكانة متميزة بصفة خاصّة في بلاد الأندلس». انظر: دراسات في مصادر الفقه المالكي، ص52.

ـ دراسات في مصادر الفقه المالكي، 52.

 

(18)ـ هار البناء هوراً: هدمه، وهار البناء يهور وتهور إذا سقط، وهورته فتهور وانهار: أي انهدم.
ـ ابن منظور: لسان العرب، 6/376، مادة (هور). وتهيّر البناء: تهدّم وسقط. ـ رضا، محمد، معجم متن اللّغة، 5/678. مادة (هور)، ط 1380هـ/ 1960م، دار مكتبة الحياة، بيروت.

 

(19) مالك، الموطّأ: كتاب الأضحية، باب القضاء في المياه، م20، ج2/745، حديث رقم 30. ابن ماجه: السّنن: كتاب الرهون، باب النهي عن منع فضل الماء ليمنع به الكلأ، م18/، ج2/828، وقد أخرجه بهذا اللّفظ عن حارثه، عن عمرة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله ! : «لا يمنع نقع البئر».

 

(20) ابن الرامي، الإعلان بأحكام البُنيان، 2/493.

 

(21) (هو محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين المصري، أبو عبد الله، سمع من أبيه وأشهب وابن القاسم وانتهت إليه الرّئاسة في العلم بمصر، ألّف أحكام القرآن، والوثائق والشّروط، وأدب القُضاة، وُلد سنة 182هـ وتوفي سنة 268هـ) ـ ابن فرحون: الديباج، 2/163 وما بعدها، ترجمة رقم 9. ـ ابن عبد البرّ: الانتقاء، ص 113، ط 1350هـ، مكتبة القدسي بمصر. ـ الزركلي: الأعلام، 6/223.

 

(22)ـ (هو أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي العامري المصري، أبو عمرو، فقيه ثبت، ورع، انتهت إليه رئاسة المذهب بعد ابن القاسم، صحب مالكاً وروى عن اللّيث والفضيل بن عياش، وأخذ عنه بنو عبد الحكم والحارث بن مسكين وسحنون وجماعة، وخرّج عنه أصحاب السّنن، وُلد حوالي سنة 145هـ، وتوفّي سنة 204هـ بمصر).
ـ عياض: ترتيب المدارك، 1/259 وما بعدها، ط 1، 1418هـ/1998م، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان. ـ ابن عبد البرّ: الانتقاء، ص ص51 و52. ـ مخلوف: الشجرة، ص59، رقم 26. ـ الزركلي: الأعلام، 1/333.

 

(23) المليءُ: الغنيّ. ـ سعدي أبو جيب: القاموس الفقهي: لغة واصطلاحاً، ص339 مادة (الملأ)، ط 1، 1402هـ/ 1982م، دار الفكر، دمشق، سوريا.

والملاءة بفتح الميم، من ملؤ يملؤ ملاءة، ج. مُلاء: الغنى وكثرة المال، وأن يملك الشخص من المال ما يسع ديونه. ـ قلعجي، محمد رواس: معجم لغة الفقهاء: عربي ـ إنجليزي، ص457، مادة (الملأ)، ط 2، 1408هـ/1988م، دار النفائس، بيروت، لبنان. ورجل مليء مهموز أيضاً على فعيل: غنيّ مقتدر ويجوز البدل والإدغام، وملُؤ بالضمّ ملاءة وهو أملا، أي: أقدرهم وأغناهم. ـ المقري الفيّومي: المصباح المنير، 2/798، كتاب الميم، باب الميم مع الّلام وما يثلثهما. 

 

(24) (أبو زيد: هو عبد الرحمٰن بن عمر بن أبي الغمر، رأى مالكاً ولم يأخذ عنه شيئاً، روى عن ابن القاسم، كان عالماً فاضلاً، فقيهاً مفتياً، ممّن روى عنه روح بن الفرج، وأبو زرعة، ويحيى بن عمر، توفي سنة 234هـ، ومولده سنة 160هـ). ـ عياض: ترتيب المدارك، 1/328. ـ ابن فرحون: الدّيباج، 1/472، ترجمة رقم 7.

 

(25) (هو عبد الرحمٰن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي المصري، أبو عبد الله، أشهر أصحاب مالك، روى عن اللّيث وابن الماجشون، وعنه أصبغ وسحنون وكثيرون، كان عالماً زاهداً سخيّاً شجاعاً، توفي سنة 191هـ وسنّه 63 سنة). ـ عياض: ترتيب المدارك، 1/250 وما بعدها. ـ ابن عبد البرّ: الانتقاء، 50. ـ ابن فرحون: الدّيباج، 1/465، رقم 2. ـ مخلوف: الشجرة، 58، رقم 24. ـ الزركلي: الأعلام، 3/323.

 

(26) البيهقي، السُنن الكبرى، 6/97 ـ 100: كتاب الغصب، باب لا يملك أحد بالجناية شيئاً جنى عليه إلّا أن يشاء هو والمالك. ـ أحمد بن حنبل: المسند، حديث عم أبي حرّة الرقاشي عن عمّه ^ ، 5/72 و 73.

 

(27) ابن الرامي، الإعلان بأحكام البُنيان، 2/495 - 496.

 

(28) الشيرازي، اللّمع في أصول الفقه، 96، ط 1، 1421هـ/2001م، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان.

 

(29)الغزالي، المستصفى، 2/228، ط 2، 1403هـ/1983م، دارالكتب العلميّة، بيروت، لبنان.

 

(30) الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، 3/201، تحقيق سيّد الجميلي، ط 2، 1406هـ/1986م، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان.

 

(31) م. ن، 3/209.

 

(32) القاضي البيضاوي، منهاج الوصول إلى علم الأصول، 137، تحقيق سليم شبعانيّة، ط 1، 1989م، دار دانية للطباعة والنشر، دمشق.

 

(33) الأصفهاني، بيان المختصر، 3/5، تحقيق محمد مظهربقا، ط 1، 1986م، جامعة أمّ القرى بمكّة المكرّمة.

 

(34) الشيرازي، اللّمع في أصول الفقه، 102. ـ بيان المختصر، 3/14. ـ حسب الله، علي: أصول التشريع الإسلامي، 124، ط 2، 1964م، دار المعارف بالقاهرة، مصر.

 

(35) حسب الله، علي: أصول التشريع الإسلامي، 124.

 

(36) ابن الطالب عبد الله، محمد يحيى إيصال السّالك في أصول الإمام مالك، ص ص 38، 39، ط 1346هـ، المطبعة التّونسيّة، نهج سوق البلاط عدد 57 بتونس.

 

(37) ابن الرامي البنّاء، الإعلان بأحكام البُنيان، 1/309 ـ 310.

 

(38)ـ «التّخوم: الفصل بين الأرضين من الحدود والمعالم، والتّخم: منتهى كلّ قرية أو أرض، يقال: فلان على تخم من الأرض، والجمع: تخوم مثل: فلس وفلوس، وقال الفراء: تخومها: حدودها».

ـ ابن منظور، لسان العرب، 1/296، مادة (تخم).

 

(39) ابن الرامي البنّاء، الإعلان بأحكام البُنيان، ج2، ص486.

 

(40) (هو إبراهيم بن موسى بن محمّد اللّخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي: أصولي حافظ من أهل غرناطة، كان من أئمّة المالكيّة. من كتبه: «الموافقات في أصول الفقه»، مطبوع و «الاعتصام في أصول الفقه»).

 

(41) (هو مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري، أبو عبد الله: إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنّة وإليه تنسب المالكيّة، مولده ووفاته بالمدينة، صنّف الموطّأ، وله رسالة في الوعظ وكتاب في المسائل ورسالة في الردّ على القدريّة، وُلد سنة 93هـ الموافق لـ 712م، وتوفي سنة 179هـ الموافق لـ 795م). ـ ابن عبد البرّ: الانتقاء، 9 - 47. ـ عياض: ترتيب المدارك، 1/44 وما بعدها. ـ الزركلي: الأعلام، 5/257 - 258.

 

(42) الشاطبي، الموافقات، 4/160 - 161، ط  دار المعرفة، بيروت، لبنان، (د.ت).

 

(43) ابن الرامي، الإعلان بأحكام البنيان، ج1، ص ص 357، 358.

 

(44) ابن الرامي، الإعلان بأحكام البنيان، ج2، ص ص 649، 650.

 

(45) (André Lalande: Vocabulaire technique et critique de la philosophie: T1, p:154, 10 ème Edition (1968).

 

(46)ـ صليبا، جميل، المعجم الفلسفي، 2/406، ط 1982م، دار الكتاب اللّبناني ومكتبة المدرسة، بيروت، لبنان.

 

(47) عبد الرحمٰن، طه، تجديد المنهج في تقويم التراث، 45، ط 2، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، (د.ت).

 

(48) «الكوّ والكوّة: الخرق في الحائط، والثّقب في البيت ونحوه، وجمع الكوّة: كوًى، بالقصر نادر، وكواء بالمدّ وكوّى في البيت كوّة: عملها، وتكوّى الرّجل: دخل في موضع ضيّق فتقبّض فيه».

ـ ابن منظور، لسان العرب، 5/3964، مادة (كوى)، ط. دار المعارف بمصر، (د.ت).

 

(49) سحنون: المدوّنة، 4/395، كتاب تضمين الصنّاع، باب: في الرجل يُريد أن يفتح في جداره كوّة أو باباً، ط، دار صادر، بيروت، بالأوفست عن طبعة مطبعة السعادة، بمصر، سنة 1323هـ.

 

(50) ابن الرامي البنَّاء: الإعلان بأحكام البُنيان، 1/231.

 

(51) م. ن، ج1، ص ص336، 337.

 

(52) أديب صالح، محمد، مصادر التشريع الإسلامي ومناهج الاستنباط، 290 وما بعدها، ط 1، 1423هـ/2002م، مكتبة العبيكان.

 

(53) سلقيني، إبراهيم، مقاصد الشريعة العامّة، مقال نشر بمجلّة كليّة الدّراسات الإسلاميّة والعربيّة، ص10، العدد3، 1411هـ/1991م.

 

(54) السيوطي، الأشباه والنّظائر، 83 وما بعدها، ط 1، 1403هـ/1983م، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان. ـ ابن نجيم الحنفي: الأشباه والنّظائر، 94 وما بعدها، تحقيق وتقديم محمد مطيع الحافظ، ط 1، 1403هـ/1983م، دار الفكر، دمشق، الزرقاء، أحمد، شرح القواعد الفقهيّة، 125، القاعدة 19، ط 1، 1403هـ/1983م، دار الغرب الإسلامي، بيروت.

 

(55) المقري، القواعد، 2/443، القاعدة 201، تحقيق ودراسة أحمد بن عبد الله بن حميد، ط. مركز إحياء التراث الإسلامي بجامعة أمّ القُرى بمكّة. ـ الزرقا، أحمد، شرح القواعد الفقهيّة، ص ص151 ـ 152، القاعدة، 29.

 

(56) مالك، الموطّأ، كتاب الأقضية، باب القضاء في المرفق، م20، ج2/745.

 

(57) ابن الرامي: الإعلان بأحكام البُنيان، 1/163 - 164.

 

(58) (وهو عبد الملك بن الحسن بن محمد بن يونس بن عبيد الله بن أبي رافع، مولى رسول الله ! ، يكنّى أبا مروان، وقيل: أبا الحسن، ويعرف بزونان من أهل قرطبة، ورحل فسمع من أشهب وابن القاسم وعبد الله بن وهب وغيرهم من المدنيّين، كان فقيهاً في مذهب مالك، فاضلاً ورعاً، وقد غلب عليه الفقه ولم يكن من أهل الحديث، توفيّ سنة 232هـ وقيل: سنة 234 هـ).

ـ عياض، ترتيب المدارك، 1/375 - 376. ـ ابن فرحون، الدّيباج، 2/19، رقم 7.

ـ مخلوف، شجرة النّور الزكيّة، 74، ترجمة رقم 108.

(59) ابن الرامي، البنَّاء، الإعلان بأحكام البُنيان، 1/272 ـ 273.

 

(60) نكبت الرّيح نكوباً: مالت عن مهاب الرّيح العاديّة، ونكب عنه نكباً: مال عنه واعتزله،. ونكّب عنه: عدل وتنحّى، ونكّب الشيء: نحّاه.

ـ
إبراهيم مصطفى: المعجم الوسيط، 2/959، مادة (نكب)، ط 1381هـ/1961م، مطبعة مصر.

 

(61) ابن الرامي البنَّاء، الإعلان بأحكام البُنيان، 1/276 ـ 277.

 

(62) الكمّاد: هو القصّار الذي يدقّ الثوب ويحوّره، قال ابن منظور: وكمد القصّار الثوب إذا دقّه، وهو كمّاد الثوب.

ـ ابن منظور، لسان العرب، 5/3928، مادة (كمد)، ط. دار المعارف بمصر، (د.ت).

 

(63) الأرحية: جمع رحى، والرحى: الحجر العظيم، وهي التي يطحن بها وتُجمع رحى على أَرْحٍ، وأرحاء، ورحي، وفي جمعها على أرحية مقال، حيث عدها بعض اللّغويين نادرة، وكرهها بعضهم، ومنعها أبو حاتم وقال: هو خطأ، ابن منظور، لسان العرب، ج3، ص 1614.

 

(64) ابن الرامي، الإعلان بأحكام البُنيان، 1/217 - 218.

 

(65) م. ن، 1/217 - 218.

 

(66) شرحت هذه اللّفظة سابقاً. انظر: الصفحة رقم 97.

 

(67)ابن الرامي البناء، الإعلان بأحكام البنيان، ج1، ص ص 226، 228.

أخبار ذات صلة