النزعة التوفيقيّة الدينيّة في مدرسة الإسكندرية الفلسفيّة القديمة «أوريجين نموذجاً»

الفلسفة-الإغريقية-1.jpg

مصطفى النشار | أستاذ الفلسفة القديمة بكلية الآداب، جامعة القاهرة.

أولاً: البيئة التوفيقيّة في مدرسة الإسكندرية:

إنّ الدارس للبيئة الفكرية الإسكندرية في القرون الميلادية الثلاثة الأولى يلحظ بوضوح سيادةَ نزعةِ التوفيق بين المتناقضات؛ إذ يجد محاولات للتوفيق بين الأديان الشرقية واليونانية، التوفيق بين الدين اليهودي والفلسفة اليونانية، التوفيق بين الدين المسيحي ـ حين ظهوره وازدهاره ـ وبين الفلسفة. وربما يعود ذلك في اعتقادي إلى تلك الروح الشرقية التي تميل دائماً نحو الوسطية، الساعية دائماً إلى التوفيق بين المتناقضات.

وفي اعتقادي أن هذه النزعة التوفيقية قد ظهرت وازدهرت في الإسكندرية، سواء لدى أهل البلاد الأصليين أو لدى المستوطنين اليونان لأسباب متباينة؛ فبالنسبة للمواطن السكندري المصري ـ صاحب التراث الشرقي الهائل والتاريخ القديم الممتد والمليء بصنوف متعددة من الحكمة الأخلاقية والدينية ـ كان عليه أن يتفاعل بالضرورة مع هذه الثقافة الوافدة الغازية الجديدة، وأن يقف أمامها شامخاً متحدياً بتراثه وتقاليده الفكرية العريقة ومبادئه الدينية، ولم يكن أمامه إلا أن يواجه الفكر بالفكر، والدين بالدين، والعِلْم بالعلم، ولمَّا كان الفكرُ اليوناني غيرَ الفكر المصري، والأديانُ اليونانية غير الأديان المصرية، والعلوم اليونانية مختلفة عن العلوم المصرية؛ فقد كان عليه أن يتلمس مصريته فيما أتوا به إليه؛ أعني كان عليه أن يركّز ـ في نقله عن اليونانيين ـ على ما يتفق مع روحه الفكرية الأصيلة. ولا يخفى علينا أن بالفكر اليوناني ـ رغم تميّزه بالنظرة التجريدية من جانب، والعلمية الموضوعية من جانبِ آخر ـ عناصرَ شرقيةً لا شك فيها؛ فاتصال اليونان منذ فجر فلسفتهم بمصر القديمة لم يعد مثار شكّ من أحد(1) فطاليس وفيثاغورس وديمقريطس وأفلاطون اتصلوا بمصر وزاروها ونقلوا عنها الكثير، والمعروف أن فيثاغورس كان فيلسوفاً وزعيم ديانة بحسب التقليد الشرقي، وكذلك كان أفلاطون الذي اعترف بسبق الشرق وعظم تقاليده الدينية (2)

أما من جهة المستوطن اليوناني فقد كان عليه حتماً أن يتوافق مع هذه البيئة الشرقية الجديدة التي حلَّ فيها، ورغم تلك الأسوار المزعومة التي نصبها اليونانيون حول أنفسهم منذ البداية في «الموسيون»؛ فإن اللقاء بينهم وبين المواطن المصري كان حتمياً في النهاية، ومن ثم فقد كان على اليوناني أن يبحث هو أيضاً عن مواطن الاشتراك والالتقاء بين الفكر الذي أتى يحمله، وبين الفكر المحلي الذي وجده يحيا من جديد، ممثلاً في ازدهار الهرمسية وظهور الفكر اليهودي، وفي ازدهار الديانة المصرية القديمة وتمسك أتباعها بها في مواجهة أصحاب الديانات المنزلة سواء من اليهود أو من المسيحيين بعد ظهور المسيحية.

كان على المفكر اليوناني الأصل ـ الذي استوطن الإسكندرية ـ إذن أن يحاول هو أيضاً التوفيقَ بين فكره النظري المجرد عِلْمِيِّ الاتجاه، وبين هذه الروح الشرقية الحاملة لتراث فكري وعلمي وديني عريق. إن عليه هو أيضاً أن يعتز بالقديم ويعود إليه، ولم يكن القديم في هذه الحالة يعني أكثر من إعادة إحياء أفكار فيثاغورس وأفلاطون، خاصة وأنهما ـ كما قلنا فيما سبق ـ من ذوي الاتجاه الروحي في فلسفتهما، ومن حملة التراث الشرقي والمتأثرين به في الفلسفة اليونانية. ومن ثم فلم يكن غريباً في هذا العصر أن يظهر أفلاطونيون جددٌ أو فيثاغوريون جدد. فماذا قدّم هؤلاء أو أولئك في مجملهم سواء أكانوا من المصريين أم من اليونايين، سواء أكانوا من أنصار أفلاطون أم من أتباع فيثاغورس؟!

لقد قدّموا فلسفات توفيقية اعتمدوا فيها على التوفيق بين القديم والجديد، ولم يدَّعوا أصالةً علمية أو فلسفية؛ فالفيثاغوريون الجدد New - Pythagoreans ـ على سبيل المثال ـ قدّموا فلسفة وفَّقت وجمعت إلى جانب آراءِ فيثاغورس القديمة آراءَ أفلاطون وأرسطو والرواقية(3)، ومزجوا كل تلك الآراء ببعض تقاليد الديانة الأورفية التي كان فيثاغورس معلمهم القديم مجدداً في عقائده؛، حيث آمنوا بضرورة مراقبة الروح وتطهيرها في هذه الحياة الدنيا حتى تكون مستعدة للحياة الخالدة، ومن ثم فقد جمعوا في فلسفتهم الجديدة بين احترام العقائد القديمة والإيمان بها، وبين الحماس الذي تولّد عندهم بفعل العصر الذي عايشوه، والذي كان جلُّ الاهتمام فيه منصباً على الإصلاح الخُلقي والحياة الروحية.

إن پلوتارخ Plutarch (50 ـ 125م) ـ وكان أحد زعماء الفيثاغورين الجدد ـ رفض نزعة الأبيقوريين الإلحادية(4)، في الوقت الذي تأثر فيه بالثنائية الفارسية القائلة بإلٰهين؛ إلٰه للخير ويدعى «أهورا مزدا»، وإلٰهٍ للشر ويُدعى «أهريمان». لقد أغنى بلو تاريخ التراث الإغريقي الذي جُبل عليه من خلال تأثره بديانات وفكر الشرق القديم، ولم يتخل عنه «بكل ميراث العبادات المصرية الإيزيسية»(5).

وعلى النمط التوفيقي نفسه سار أتباع ما يسمى الأفلاطونية المحدثة، وقد امتدّت هذه النزعة التوفيقية إلى أتباع الديانات في الإسكندرية، سواء الأديان التراثية كالهرمسية، حيث ظهر لديهم وبدا في كتاباتهم مسألة التوفيق بين تعاليم هرمس الهرامسة وبين الفلسفة الفيثاغورية والأفلاطونية، أو الأديان السماوية؛ حيث ساد التوفيق بين الفلسفة اليونانية وبين تعاليم التوراة لدى اليهود وخاصة فيلون السكندري، كما سادت النزعة التوفيقية نفسها عند أتباع المسيحية، وخاصة لدى مدرسة الموعظين، وعلى رأسها كلمنت وأوريجين السكندريين.

إن النزعة التوفيقية التي سادت في البيئة الفكرية السكندرية نتج عنها في النهاية غلبة الطابع الديني وسيادة الروح الشرقية. وقد يبدو هذا الأمرُ غريباً بعدما كانت الغلبة في القرون الثلاثة السابقة على الميلاد للتقدّم العلمي الذي أحرزه علماء الإسكندرية بتأثير «الموسيون» ومنشآته؛ حيث كانت النزعة السائدة هي استقلال العلوم في البداية عن الدين؛ بل وعن الفلسفة أيضاً، استقلالاً كاد يكون تاماً، وخاصة في فترة تأسيس المكتبة والموسيون وازدهارهما منذ أواخر القرن الرابع وحتى منتصف القرن الثاني قبل الميلاد!

ثانياً: مكانة أوريجين بين مفكّري المسيحية ونبذة عن حياته

لقد ظهرت البذور الأولى للفلسفة المسيحية في الإسكندرية على يد مجموعة من المفكّرين عادةً ما نميّز فيهم بين من عرفوا بالغنوصيين، الذين كان ازدهارهم في أواسط القرن الثاني الميلادي وكان أشهرهم باسيليدس وفالنتينوس، ومرقيون، وكانوا يعتنقون مذهباً يقوم على التوفيق بين آراء دينية متعارضة، امتزج فيها التراث الشرقي القديم ـ وخاصة الفارسي والمصري الهرمسي ـ بالتراث الفلسفي اليوناني، وخاصة فلسفتي فيثاغورس وأفلاطون، وحاولوا ـ من خلال هذا وذاك ـ تقديم قراءة عرفانية للكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد، وبين مَنْ عُرِفوا بالموعظين الذين ذاع صيتهم بوصفهم مدرسة المدافعين عن الدين، وقد قدّموا أول محاولة جادة لتنظيم تعليم مسيحي، يكون مؤهّلاً ـ باتساعه وشموله وعقلانيته ـ لمنافسة تعاليم وتعليم المدارس الوثنية بالإسكندرية، وكان أشهر وأهم أعلام هذه المدرسة كلمنت وأوريجين السكندريين.

وإذا كان يقال دائماً: إن كلمنت هو الذي أعطى دفعة قوية لمدرسة الموعظين بالإسكندرية في بدايتها بل ويُعدُّ هو مؤسسها الحقيقي(6)؛ فإن المسيحية ـ بفضل تلميذه أوريجين ـ لم تعد دين سلوى وراحة للنفوس فحسب؛ بل أضحت فوق ذلك فلسفة ناضجة كاملة النماء ودعامتها الكتاب المقدس؛ ولكنها تعتز باعتمادها على العقل(7) ومن هنا فإنه يعدُّ بحق أول مسيحي يستطيع أن يرسم الحدود الفاصلة بين العقل والوحي رغم أنه استخدم قدراته الفائقة في مواصلة طريق أستاذه في التوفيق بينهما.

وُلد أوريجين بالإسكندرية في عام 185م لأسرة وثنية اعتنقت المسيحية، ورغم أن اسمه متصل بالميثولوجيا المصرية القديمة ـ ومعناه «ابن حور» أو «عطية حورس» ـ فإن من المحقق أنه نشأ على المسيحية. لقد كان والده مثقفاً يمتلك مكتبة حافلة بالمؤلفات في مختلف فروع المعرفة، وقد تعلم عنه أوريجين الكتاب المقدس، بقدر ما أخذ عن كلمنت العلوم والفلسفة.

ولما بلغ أوريجين السابعة عشرة من عمره هبّت على حياته الكثير من المصاعب؛ فقد حل الاضطهاد بالكنيسة المصرية، فاضطر أستاذه كلمنت إلى وقف تعليمه بمصر ومغادرتها، وفي الوقت ذاته قبض على والده بتهمة أنه مسيحي وحكم عليه بالإعدام، وقد أثرت هذه الحادثة الأخيرة بالذات على أوريجين كثيراً جداً؛ ولقد حاول أن يشارك أباه في السجن والاستشهاد، لولا أن منعته أمُّه بالقوة وبإخفاء ملابسه.

وقد اكتفى مضطراً بأن يبعث إلى أبيه برسائل حارة يشجّعه فيها على الاحتمال والثبات على العقيدة، وكان مما كتبه: «حذار أن ترجع عن آرائك من أجلنا»، ولما أعدم الأب صار هو مسؤولاً عن أمه وإخوته الست الأصغر منه. وقد بعث استشهادُ الأب المزيدَ من التقوى والإيمان والصلابة في نفس الابن، فاتجه كليةً إلى الزهد، وعاش حياة التقشف، فأكثر من الصوم، وقلل عدد ساعات النوم، وافترش الأرض، ومشى استجابةً، وعرّض نفسه للبرد والعري، وأخيراً عمد إلى خصي نفسه طاعة للآية الثانية عشرة من الإصحاح التاسع عشر من إنجيل متّى، بعد أن تزمَّتَ في تفسيرها أشدّ التزمت»(8).

ولقد أهلته الحياةُ الزاهدة إلى أن يدعو رفاقه من تلاميذ كلمنت ـ الذي كان قد غادر مصر وقتئذ ـ إلى الالتقاء مرة أخرى في المدرسة، فالتقوا به، والتفوا حوله، مما دعا الأسقف إلى تعيينه ليحل محل أستاذه وهو لا يزال في الثامنة عشرة من عمره، وكان ذلك في عام 203م، وقد نجح أوريجين نجاحاً كبيراً في اجتذاب التلاميذ(9)، واستطاع ـ بعلمه وبلاغته ـ أن يعلّم الكثير من الطلاب، سواء من المسيحيين أو من الوثنيين.

وقد أصاب أوريجين في هذه الأثناء شهرةً واسعة في أرجاء العالم المسيحي، ولعل هذه الشهرة وذلك النجاح كانا السبب فيما حدث من عداء بين الأسقف ديمتريوس ـ الذي كان قد شمل أوريجين بعطفه ورعايته وعينه خلفاً لكلمنت ـ وبين أوريجين نفسه؛ فقد غلب على ديمتريوس الضعف البشري حينما رأى نجم أوريجين يزداد صعوده يوماً بعد يوم في سماء الإسكندرية والعالم المسيحي، فكتب إلى جميع الأساقفة حتى خارج مصر يصفه لهم ـ بعد ما امتدحه سابقاً ـ بالطيش والسفه(10).

ويبدو أن ذلك كان السبب وراء رحيل أوريجين عن مصر، حيث اتجه إلى اليونان خاصة أثينا، وزار كذلك روما، وبلغت شهرته هناك حد أن أسقف قيسارية وغيره قد ناشدوه أن يرتحل إليهم، وظل هذا الأمل يراودهم لفترة طويلة(11)، ومع ذلك يبدو أن إقامة أوريجين لم تطل في روما، وفضَّل العودة مرة أخرى إلى الإسكندرية، فعاود تلاميذهُ الالتفاف حوله، وانضم إليهم بعض تلاميذ المدارس الفلسفية الأخرى وبعض أعضاء الفرق الغنوصية.

وقد شُغل أوريجين في ذلك الوقت بمسألة البعث التي كانت مثار خلاف شديد بين الكنيسة من جهة، وبين الوثنيين والمسيحيين المبتدعين من جهة أخرى، فكتب فيها أوريجين إحدى رسائله؛ ولكنه فيما يبدو قد شعر بالحاجة إلى الاستزادة من آراء الفلاسفة، فذهب ليتعلّم الفلسفة على يد أمونيوس ساكاس، وتعرّف هناك على أفلوطين، ويقال: إن كل ما استفاده أوريجين هو «التأثر بالوجهة المخالفة للمسيحية من الأفلاطونية»(12)؛ فإن ثقافته الفلسفية ـ كما تبدو من مؤلفاته ـ لا تمتاز بشيء من الدقة أو السعة عن ثقافة أستاذه كلمنت؛ فآراؤه في أرسطو والرواقيين وأبيقور هي آراء أستاذه نفسها. وربما امتاز عنه فقط في أنه كان أعرف منه بأرسطو، وذلك تأثراً بأمونيوس ساكاس، الذي كان مشغولاً بمحاولة التوفيق بين آراء أفلاطون وآراء أرسطو.

على كل حال لقد استقر أوريجين في الإسكندرية فترة استمرت اثنتي عشرة سنة، عكف فيها على الدراسة والكتابة والإشراف الجاد على مدرسته، وإن ظل الصراع بينه وبين ديمتريوس قائماً؛ فقد استطاع الأول الإفلات من قبضة الثاني في عام 23(13) متّجهاً إلى فلسطين، حيث رُسّم قسّاً على يد أسقفي قيسارية وأورشليم. ولكن ديمتريوس عاقبه على ذلك بأن عقد مجمعاً ضم الأساقفة والقسيسين، وأصدر المجمع قراراً بطرد أوريجين من الإسكندرية، وحرمانه من العودة إليها أو الإقامة فيها، كما قرر من خلال عقد مجمع ثانٍ بالإسكندرية تجريده من وظيفته(14) ولم يأبه أوريجين لذلك؛ فقد رحّب به تلاميذه في قيسارية، وهناك أنشأ مدرسة جديدة تخرج منها الكثير من تلاميذه، وقد كتب في تلك الفترة دفاعه الشهير عن المسيحية المسمى «ضد كلسوس ـ Contra Celsus»، الذي وضعه رداً على الفيلسوف الوثني كلسوس، وقد بدا فيه مدى تأثره بأفلاطونيي الإسكندرية، كما بدا فيه فكره اللاهوتي بصورة ناضجة(15).

وقد بلغ من كرم أوريجين في هذا الكتاب أن أقر بقوة الحجج التي أدلى بها خصمه؛ ولكنه رد عليها بقوله: إن كل صعوبة وكل فكرة بعيدة عن المعقول في العقيدة المسيحية يقابلها في الوثنية آراء أصعبُ منها وأبعد منها عن العقل، ولم يستنتج من ذلك أن كلتا العقيدتين باطلة؛ بل استنتج أن الدين المسيحي يعرض أسلوباً للحياة أنبل مما يستطيع أن يعرضه محتضر يدعو لعبادة الأصنام(16).

وحينما امتد اضطهاد المسيحيين إلى قيسارية في عام 250م قبض على أوريجين، وكان وقتئذ في الخامسة والستين من عمره، ومُدَّ على الألواح، وقُيّد بالأغلال، ووضع في عنقه طوق من الحديد، وبقي في السجن أياماً طوالاً، ولكن الموت عاجل ديسيوس ـ الذي قبض على أوريجين ـ فأطلق سراح أوريجين، غير أن حياته لم تطل بعد ذلك أكثر من ثلاث سنين؛ لأن التعذيب ألحق ضرراً شديداً بجسمه بعد أن هَدَّ الزهدُ المتواصل قواه، فمات فقيراً كما كان حينما بدأ يعلِّم الناس(17)، وكان موته في عام 254م، ورغم موته فقيراً فإنه كان أعظم المسيحيين شهرة في زمانه.

ثالثاً: فلسفته التوفيقيّة

أ) تصوّره للعلاقة بين الدين والفلسفة:

لعلَّ نقطة البداية في فلسفة أوريجين تكمن في بلورة تصورٍ واضح حول العلاقة بين الدين والفلسفة، وقد تبلور هذا التصورُ لدى أوريجين في كتابه «المبادئ الأولى» حينما قال: «حيث إن العقيدة واضحةٌ صريحة يجب الاستمساك بها ونظمها في مجموعة متسقة يبرهن على أصولها بالعقل؛ وحيث العقيدة غير صريحة أو حيث لا عقيدة فالباب مفتوح أمام العقل للمناقشة والتحصيل»(18)

ويبدو واضحاً من ذلك أنه يعتقد ـ مثل سابقه كلمنت ـ بأن العقيدة هي الأصل، وأن الفلسفة تُعدُّ خادمة لها؛ فإعمال العقل لديه مرهون بعدم وجود نص واضح وصريح في العقيدة يمكن العمل بموجبه؛ فإن وجد هذا النص فينبغي أن يقتصر دور العقل على البرهنة على صحة المعتقد الوارد في النص وبيان أصوله العقلية. أما إذا لم يوجد النص الديني الذي يمكن العمل بمقتضاه، فهنا فقط يكون الباب مفتوحاً للاجتهاد العقلي، فيحصل العقل ويناقش كيفما شاء!

وفي ضوء هذا التصور السابق يناقش أوريجين آراء الفلاسفة السابقين وخاصة الأفلاطونيين، فيقول ـ على سبيل المثال ـ : إن جميع أولئك الذين يسلِّمون بوجود عناية إلٰهية يقرون بوجود إلٰه غير مخلوق خلق كل شيء، وأما إن لهذا الإلٰه ابناً فلسنا وحدنا الذين نقول بذلك، وإن كان هذا مما لا يُصدق في نظر الفلاسفة اليونانيين أو الأعاجم، ومع ذلك قال بعضهم بشيء من هذا القبيل حينما قالوا: إن كل شيء قد خلقه عقل الله وكلمته؛ بَيْدَ أننا نؤمن بذلك تصديقاً لمذهب أُوحي به من السماء.. أما الروح القدس فلم يخطر لأحد في بالٍ غير أولئك الذين يعرفون الشريعة والأنبياء، ويؤمنون بالمسيح»(19)

إن التقريب الذي يقوم به أوريجين في النص السابق ـ بين المسيحية وبين ما قال به الفلاسفة ـ واضحٌ من اتفاقه مع من يؤمنون منهم بالإلٰه غير المخلوق ومع من يؤمنون بالعناية الإلٰهية، ورغم ذلك التقريب فإن أوريجين يؤكد أن إيمانه ذلك إنما يقوم على التصديق بالوحي، وعلى ذلك فهو ينتقد كل ما لا يجده متفقاً مع ما جاء به الوحي؛ فهو على سبيل المثال ينتقد التمييز الأفلاطوني بين العالم المعقول ـ عالم المُثُل ـ وبين العالم المحسوس؛ فالعالم المحسوس ـ في نظره ـ ليس مجرد نظام يحاكي العالم المعقول، كما أن عالم المُثُل هذا لا وجود له إلا في المخيلة وحدها، فضلاً عن أنه من العسير أن نفهم كيف يمكن للمخلِّص أن يأتي منه، وكيف يمكن للقديسين أن يقيموا فيه(20).

والخلاصة أن أوريجين حاول إقامة بناء عقائدي متفق مع ما يقوله الفلاسفة، في الوقت الذي رفض فيه آراء وحجج الفلاسفة في القضايا التي يختلفون فيها مع عقيدته؛ فهو إذن قد اقتصر على أخذ ما يدعم به عقيدته من آراء الفلاسفة وحججهم ورفض ما عدا ذلك.

ب) منهجه في تأويل آيات الكتاب المقدس

لقد كان أوريجين يعتقد بأن فَهْم الكتاب المقدس إنما هو وظيفة الإنسان، وليس كل إنسان بقادر على أن يفهم جوهر العقائد ويحل المسائل المحيرة فيها؛ ولذلك فإن مهمة تفسير الكتاب المقدس تقع على عاتق العارفين (أي الروحيين الحاصلين على الغنوصية أو العرفان)؛ لأنهم يَنْفذون إلى المعاني الخفية، ولا يتوقفون ـ كالمؤمنين العاديين ـ عند ظاهر النص أو حروف الكتابة. إن العاديين يتصورون الله والملائكة والبعث والثواب والعقاب تصوراً مادياً؛ بينما العارفون يستطيعون إدراك ما خفي عن أفهام العامة. لقد كان أوريجين يرى أن عبارات الكتاب المقدس لها معنيان؛ أحدهما ظاهري حرفي والآخر عميق روحي، وبينما يتوقف العامة عند الأول؛ فإن العارفين ـ وهم الفئة الأقل ـ يغوصون ليدركوا الثاني(21)، ولذلك فقد سُمي بصاحب عقيدة الإيمان المزدوج(22)

لقد اتجه أوريجين إلى التأويل المجازي، وأصبح أحد أعلامه في الإسكندرية، لقد اختار إذن الطريق الأعمق؛ طريق العارفين في تفسير الكتاب المقدس؛ ذلك الطريق القائم على رفض التفسير الحرفي والتشكيك في نتائجه، واعتماد التأويل العقلي الذي يستند إلى التفسيرات المجازية الرمزية.

ومن نماذج تأويلاته العقلية لآيات الكتاب المقدس تأويله لما جاء في سفر التكوين: «في البدء خلق الله السموات والأرض»؛ فقد رأى أن (في البدء) هنا لا تعني «في بدء الزمان»؛ بل في المبدأ؛ أي في الكلمة؛ لأن الله ثابت لا يتغيّر مِنْ لا خلق إلى خَلْقٍ، ولا من خَلْقٍ إلى لا خلق، فهو يزاول قدرته ويجود بخيريته منذ الأزل، وسيستمر في ذلك إلى الأبد. إن الله ملك الوجود، فكيف يمكن أن يبقى بلا رعية وقتاً ما. الله خلق الأرواح منذ الأزل وسيحفظها إلى الأبد؛ لأنه ثابت في ماهيته وتدبيره.

وهو يرى أنه لا حرج من أن تكون الأرواحُ أزليةً أبدية كالله. وفي الواقع تختلف عنه بأمرين جوهريين: أحدهما، التغيّر وإمكان التقدّم والتأخر في الصلاح؛ فالمخلوقات حاصلة على الخير لا بذاتها؛ بل كعرض منضاف إليها، فزوال هذا العرض عنها ممكن. وهذا أصل الشر والله بريء منه. أما الأمر الثاني فهو أن الله روح محض بينما الأرواح المخلوقة متصلة جميعها بأجسام تميّزها بعضها عن بعض(23).

ومن هذا النموذج التأويلي يتضح أن أوريجين قد فتح الباب على مصراعيه لمناقشة مشكلة الخلق: هل هو من عدم؟! أتمّ في الزمان؟! أم تمّ خارج الزمان؟! ومشكلة خيرية الله ومدى كمالها؛ فهل الخير بالذات يمكن أن يتوقف عن فيض خيريته وإظهارها منذ الأزل؟! إن ذلك أمر مرفوض لديه؛ لأنه لا يتصور أن تظل خيرية الإلٰه كامنة فيه من دون أن تتجلّى في خلقه ورعيته!

إن هذه القضايا التي يثيرها أوريجين تثبت مدى تأثره بالفلسفة اليونانية وإن لم يقع كلية تحت تأثيرها، فقد ظل مسيحياً يحاول الرد على حجج فلاسفة اليونان، وخاصة تلك الحجة التي كانوا يرددونها حول استحالة خلق العالم؛ لاستحالة التسليم بإلٰه عديم الفعل والقدرة؛ فهو ـ ومن دون أن يذهب مذهب الرواقيين في العود الأبدي ـ قد قرر أن الله خلق قبل هذا العالم الأرضي عوالم أخرى مسلِّماً في ذلك بنوع من التصور الدوري للزمن(24).

وهو حينما يسلم بهذا التصور الدوري للزمن ويحاول التوفيق بينه وبين عقيدته قد تأثر بآراء الفلاسفة الرواقيين وبآراء فيلون حول الكلمة Logos، فهو حين يتحدّث عن تغيّرات الكلمة في الخلق أو التجسّد، يتحدّث عنها ليس بوصفها تغيّرات في الكلمة بحد ذاتها؛ وإنما بوصفها ظواهر مردها إلى الاختلاف في أهلية الموجودات القابلة لأن تستقبل الكلمة(25).

وعلى الرغم من أن محاولات أوريجين التوفيقية بين عقيدته الدينية وبين ما تأثر به من آراء رواقية وأفلاطونية وفيثاغورية قد ظلّت في إطار مسيحي يعلي من شأن العقيدة دائماً؛ فإنه قد عُدَّ في نظر الأساقفة من المخالفين للعقيدة المسيحية الأصيلة في نقاط عديدة؛ أولها: ميلُه إلى القول بقدم العالم ظناً منه أن حدوث العالم يستلزم التغير في الله. ومنها ثانياً: قوله بسبق وجود نفس المسيحي والنفوس البشرية بالإجمال ووضع الخطيئة الأصلية في حياة سابقة. ومنها ثالثاً: إنكاره لأبدية الجحيم، وقوله بالخلاص العام الشامل للشياطين أيضاً (26)

ج) آراؤه التوفيقيّة في النفس والأخلاق والمصير:

يرى أوريجين أن الله قد خلق النفوس كاملة كما تقتضي العدالة الإلٰهية، وإن كان ثمة تفاوتٌ بينها فإن هذا التفاوت يرجع إلى حرية النفس ومدى ارتباطها بالجسد. إن نفساً واحدة استطاعت أن تنتفع حقاً من حالة الكمال الأولى فاتحدت بالله، ولذلك استحقت أن تكون نفس المسيح التي عصمت نفسها من كل زلة.

أما سائر النفوس الأخرى فقد تراخت في تأملها لله، وانكفأت على ذاتها باحثة عن لذة تلتذ بها، وتتفاوت النفوس في هذا التراخي والالتذاذ، وهي تفقد من كمالها بقدر تراخيها وانخراطها في الالتذاذ، ومن ثم كانت منها نفوس البشر ونفوس الشياطين. إن هذه النفوس فقدت أجسامها اللطيفة النيّرة التي خلقها الله بها، واتصلت بالأجسام المادية الثقيلة المعروفة لنا، فبدأ الانحطاط، ودخلت عالم المصائب والآلام منذ الخطيئة الأولى(27)

إن تأكيد أوريجين للأصل الإلٰهي للنفوس كلها يجعله يؤمن ـ كفيلسوف وكرجل دين مسيحي في الوقت نفسه ـ أن الخلاص من الخطايا والآثام التي ترتكبها النفس ما زال ممكناً؛ لأن النفس لا تزال تحتفظ بحريتها، رغم أنها أصبحت حرية منقوصة بما ارتكبته من آثام وخطايا، وهي بهذا القدر ـ الذي لا تزال تمتلكه من الحرية ـ يمكنها استعادةُ كمالها الأوَّلي.

إن هذه الحرية تمكِّن حتى النفوس الساقطة من النهوض من كبوتها، حتى إذا ما عادت إلى طهارتها الأولى تلاشى العالم المحسوس المخلوق لتطهيرها، وانتظمت مادته عالماً آخر تبعاً لسقطة أخرى وهكذا.

ولعلنا نلاحظ هنا مدى تأثر أوريجين بأفلاطون رغم استخدامه الاصطلاحات المسيحية كالخطيئة والنفوس الساقطة.. إلخ. كما نلاحظ أيضاً مدى تمثله لعقيدة الفلاسفة القائلين بالدورات الكونية والعود الأبدي، وإن كان يحاول أن يوفق بين هذه الآراء الفلسفية وبين عقيدته الدينية مستخدماً منهجه في التأويل؛ فيقول إنه: «إذا رجعنا إلى الكتاب المقدس ووجدناه ينص على أن للعالم أولاً وآخراً؛ فهِمْنا ذلك عن عالمنا الراهن وعن كل عالم من العوالم المتعاقبة منذ الأزل... إن الكتاب المقدس يتحدث عن سماوات جديدة وأرض جديدة... وهذا يعني أن المادة تتحول من عالم إلى عالم آخر مختلف، و(مختلف) هنا تعني أن العوالم المتعاقبة ليست متماثلة كما ارتأى القائلون بالدور من اليونانيين؛ ولكنها متباينة، وخاصة من جراء الحرية ـ التي تحدث عنها ـ فإنها تمنع التكرار، ونحن نعلم بالإيمان أن تجسد المسيح حدثٌ فذٌّ لا تكرار له»(28)

ونلحظ فيما سبق تمسك أوريجين بالحرية كخاصية من خصائص النفس الناطقة، وكأساس يستند إليه في التمييز بين إيمانه بالدورات المتعاقبة للعوالم وبين إيمان فلاسفة اليونان!

إن تأكيده على تمتع النفس الناطقة بالحرية إنما يعني بالضرورة إيمانه بحرية الإنسان عموماً، وهذا يقودنا إلى تساؤل مهم: كيف أمكنه التوفيق إذن بين حرية الإنسان وبين إيمانه الديني بسبق علم الله بالحوادث والأفعال؟!

لقد قدّم أوريجين فيما نعتقد أول إجابة عن هذا التساؤل الجوهري في التفكير الديني، وهو السؤال نفسه الذي سيطرحه المتكلمون المسلمون فيما بعد، ويثيرون من خلاله مشكلة «الجبر والاختيار» التي نوقشت مناقشات مستفيضة، وهي بالطبع مشكلة لم تعرفها الفلسفة اليونانية، ولم تعرض على العقلية اليونانية عموماً.

يرى أوريجين أن علم الله ـ وهو الموجود اللامتنامي ـ بالحوادث وبكيفية استعمالنا للحرية يُعدّ أمراً مؤكداً، ولكن حرية الإنسان لا تتأثر بهذا العالم الإلٰهي؛ «فالكائن الأقل لا يجبر ضد حريته؛ إذ إن الجبر بالإضافة إليه يعني تحول طبيعته وهذا محال. وإذا انزعج إنسان ظاناً أن الضرورة قد تغلغلت في الأشياء من حيث إن الله لا يخطئ في علمه بالمستقبل؛ أجبناه أن الله يعلم ضرورة أن فلاناً سيريد الخير أو الشر، لكن لا بإرادة ضرورية، فالحرية مصونة والله لا يقيّدها سلفاً، ولكنه ـ وهو الخير بالذات ـ يوجّه الجميع للخير بفعل مستقل شامل هو العناية، ويدع لكلٍّ أن يطاوع التوجيه أو يتأبى عليه، ولو لم يكن الحال كذلك لأضحى الأمر والنهي والوعد والوعيد أموراً غير مفهومة، ولأضحت الحياة الدينية عقيمة»(29).

وقد حاول أوريجين ـ من جانب آخر ـ أن يرد في القضية نفسها على الغنوصيين، الذين يرون أن النفوس تولد مفطورة على طبيعة معينة إما خيرة وإما شريرة. ويستشهدون ببعض آيات الكتاب المقدس لتأييد دعواهم؛ مثل قول الله في التوراة: «سأقسي قلب فرعون»، «وسأنتزع قلوبهم الحجرية وأضع فيها قلوباً لحمية»، ومثل قول بولس الرسول: «إن الله يحدث فينا الإرادة والفعل».

إنه يرد عليهم بحجة عقلية دينية تستند إلى تلك الآيات نفسها، مفادها أنه «لو صحت دعوتهم لما احتاج الله أن يقسي القلوب أو يلينها، وأن يصفح أو أن يعاقب، ولما كان له أن يأمر أو ينهي؛ فمعاملة الله لنا تابعة لاستحقاقنا»(30).

أما طريق خلاص النفس من الجسد واتحادها بالله فيرسمه أوريجين على طريقة الغنوصيين؛ إذ يروقه أن يتخيّل ترحالها ـ كما يفعل الغنوصيون ـ فيمثّلها تتخلّص من المادة شيئاً فشيئاً، وتجتاز السماوات سماء بعد أخرى، فتعرف الكواكب، ثم ترقى إلى معرفة غير المنظورات، وترقى هذه حتى تصل إلى المرحلة الأخيرة وهي تأمل الله.

ونلحظ أن خاتمة هذا الطريق الصاعد للنفس إنما هو الوصول إلى السعادة الأخروية التي تتمثّل في معاينة الله وتأمله. إنها إذن سعادة معنوية روحية وليس بها أي صورة من صور اللذة الحسيّة.

وهكذا الحال عند أوريجين في تصوره للشقاء الأخروي الذي تلقاه النفوس العاصية؛ «فالشقاء الأخروي معنوي كله؛ إذ ليس الجزاء تأثراً موقعاً من خارج؛ ولكنه نتيجة لازمةٌ عن الخطيئة لزوماً طبيعياً. إنما يتوخّى الله من العقابِ العلاجَ والإصلاح؛ فالعقاب الذي ينزله بالخاطئ هو أن يجعله يستحضر في ذاكرته خطاياه كلها دفعة واحدة، فتشعل هذه الذكرى ضرباً من الحمى، تولِّد في نفسه مثلما يولِّد بعضُ الأهواء العنيفة من شهوة هائجة وغيرةٍ مُلحّة وحزن عميق. وثمة مصدر آخر للحزن والألم هو شعور الخاطئ بالحرمان من الله وفقدانه خيره الأعظم وغايته القصوى»(31)

إن الشقاء الأخروي إذن إنما هو عذاب للنفس، يتمثل في الحزن والألم الذي يعتصرها نتيجة تذكرها لخطاياها دفعة واحدة؛ إنه عذاب الضمير وهو «النار التي لا تنطفئ»، و«الدود الذي لا يموت» بحسب ما ورد في الكتاب المقدس. وبالطبع فإن حديث أوريجين عن المصير الذي سيلقاه الإنسان في الحياة الأخرى ـ على هذا النحو الذي يقصر السعادة والشقاء الأخرويين على النفس دون الجسد ـ إنما يثير قضية خلافية كبيرة هي قضية البعث: أيكون للنفس والجسم معاً أم للنفس فقط؟! فهو يرى ـ بحسب أقواله السابقة ـ أن البعث إنما سيكون للنفس فقط. وقد أخذ عليه رجال الكنيسة هذا الرأي وعدُّوه من ضمن آرائه التي تتضمّن خروجاً على العقيدة المسيحية(32).

...............

المراجع:

  1. د. نجيب بلدي: تمهيد لتاريخ مدرسة الإسكندرية، دار المعارف بالقاهرة، ص 97.
  2. وأيضاً: Copleston (F.): A History of Philosophy, vol. 1 ـ part 2, Image Books, New York, 1962, p. 192-193.
  3. انظر بحثنا: المعجزة اليونانية بين الحقيقة والخيال، المنشور بالعددين 46، 47 لسنة 1986م بمجلة كلية الآداب ـ جامعة القاهرة، 1988م، وكذلك في كتابنا: نحو تأريخ جديد للفلسفة القديمة ـ دراسات في الفلسفة المصرية واليونانية، وكالة زووم برس للإعلام، القاهرة 1992م، ص 93 وما بعدها.
                1. Festugière: La Révélation d'Hermès Trismégiste, Paris 1943, pp. 14-18.
  4. Copleston: Op. Cit., p. 190.
                1. Zeller: Outlines of the History of Greek Philosophy, 13 ed., p. 312.
  5. انظر: رأفت عبد الحميد: الدولة والكنيسة ـ الجزء الثالث، دار المعارف بمصر ـ الطبعة الثانية، 1983م، ص 26 ـ 27.
  6. ول ديورانت: قصة الحضارة، الترجمة العربية لمحمد بدران، ج 3، م 3، منشورات الادارة الثقافية لجامعة الدول العربية، الطبعة الثالثة، 1973م، ص 313.
  7. المرجع السابق، ص 309.
  8. انظر:    The Encyclopedia Americana International, U.S.A., 1972, Vol. 20, p. 866.
  9. انظر: تفاصيل علاقة أوريجين بديمتريوس أسقف الإسكندرية في: رأفت عبد الحميد، الدولة والكنيسة ـ الجزء الثالث، دار المعارف بمصر، الطبعة الثانية، 1983م، ص 27 ـ 29.
  10. انظر: رأفت عبد الحميد، المرجع السابق، ص 312.
  11. يوسف كرم: تاريخ الفلسفة اليونانية، دار القلم ـ بيروت ـ دون تاريخ، ص 275.
  12. تذكر الموسوعة الأمريكية هنا أن ديمتريوس قد مات في عام 231م، وقد نعم أوريجين آنذاك بالهدوء (Ibid)، فهل كان إفلات أوريجين من قبضة ديمتريوس نتيجة لموته؟!
  13. رأفت عبد الحميد: المرجع السابق، ص 28.
  14. انظر: Copleston: Op. Cit., p. 41
  15. ول ديورانت: المرجع السابق، ص 312.
  16. المرجع السابق، ص 312 ـ 313.
  17. أوريجين: في المبادئ، نقلاً عن: يوسف كرم: تاريخ الفلسفة اليونانية، ص 276.
  18. أوريجين: المصدر السابق، ك 1 ـ ف 3، نقلاً عن: إميل برييه: تاريخ الفلسفة ـ الجزء الثاني، الترجمة العربية لجورج طرابيشي، بيروت، ص 316.
  19. المصدر السابق، ك 2، ف 3 ـ 8، نقلاً عن برييه: المرجع السابق، ص 316 ـ 317.
  20. انظر: ديورانت: المرجع السابق، ص 30.
  21. انظر: Cantor (N.): Medieval History: The Life and Death of a Civilization, New York 1963, p. 7 نقلاً عن: رأفت عبد الحميد: المرجع السابق، ص 30.
  22. انظر: Origen: On The First Principles, B. III Ch. V, in “Greek and Roman Philosophy”, Edited by Jason L. Sannders, the Free Press, New York, 1966, pp. 328-334, وكذلك: يوسف كرم: المرجع السابق، ص 277.
  23. انظر: برييه: المرجع السابق، ص 315 ـ 316؛ وراجع: أوريجين: في المبادئ، ك 2 ـ ف 3، 4.
  24. انظر: برييه: المرجع السابق، ص 316؛ وراجع: أوريجين: ضد كلسوس م 4 ـ ف 18.
  25. انظر آراء أوريجين في هذه الموضوعات في: Op. Cit., Ch. VI, pp. 335-342 وانظر كذلك: يوسف كرم: المرجع السابق، ص 278 ـ 279.
  26. انظر: يوسف كرم: المرجع السابق، ص 277.
  27. المرجع السابق، ص 278.
  28. نقلاً عن: يوسف كرم: المرجع السابق، ص 281.
  29. المرجع السابق، ص 278.
  30. نقلاً عن: يوسف كرم: المرجع السابق، ص 281.
  31. المرجع السابق نفسه.
  32. المرجع السابق، ص 283.
  33. انظر: أميرة مطر: الفلسفة عند اليونان، دار الثقافة للنشر والتوزيع بالقاهرة، بدون تاريخ، ص 427.

 

أخبار ذات صلة