التسامح والحريات الدينية بين الدبلوماسية والدين

BxAU6AuCMAIbJri.jpg

نوكس ثيمس | المستشار الخاص للأقليات الدينية في الشرق الأدنى وجنوب ووسط آسيا.

لقد زرتُ سلطنة عُمان لأول مرة في شهر أبريل 2017، وبالإضافة إلى أنني تفاجأتُ بالجمال الذي تتحلى به البلاد، فقد أعجبتُ أيما إعجاب بالالتزام بالتسامح الديني والتعايش المتبادل بين الأديان في سلطنة عُمان. وقد استضافتني وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في جولة حول جامع السلطان قابوس الأكبر ببوشر، حيث ذهلت برؤية جدرانه وفسيفسائه ذات الظلال الزرقاء والذهبية الزاهية. وكما أشار مضيفنا من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، فإن مبدأ التسامح الديني والنمط المترتب لسلطنة عُمان في هذا المنحى يتجلّى من خلال النمط المعماري المتعدد للجامع الأكبر، والذي أيضاً يرحب بجميع المذاهب الإسلامية؛ مثل الإباضية والسُّنَّة والشيعة وغيرها؛ لممارسة عباداتهم. وخلال زيارتي أكدَّ لي مسؤولو الوزارة الرؤية الشاملة لجلالة السلطان لرعاية جميع المذاهب الإسلامية.

وشهدت سلطنة عُمان تدفقاً هائلاً من الأعراق المتباينة والمعتقدات الدينية المتعددة منذ أن حوّل جلالة السلطان قابوس سلطنة عُمان إلى دولة حديثة. وقد قمتُ بزيارة أماكن العبادة غير الإسلامية في مسقط، بما في ذلك العديد من الكنائس، بالإضافة إلى المعبد الهندوسي. وقد أعجبتُ بالجهود التي تقوم بها الحكومة لتلبية احتياجات هذه المجتمعات الدينية، والتي تعكس بجلاءٍ رؤية صاحب الجلال السلطان قابوس في التسامح والتعايش في السلطنة.

وتلتزم الولايات المتحدة كذلك بتعزيز التسامح الديني في الداخل والخارج، وظلت تحافظ طوال تاريخها على التزامها بصون الحرية الدينية، لا سيما عند نشأتها؛ ففي وثائقنا التأسيسية نجد أن فترة قيادة توماس جيفرسون قد مهدت الساحة للتنوع الديني والحقوق المتساوية لجميع الأميركيين، بغضِّ النظر عن دينهم؛ فما قام به من عمل لحماية الحرية الدينية هو أحد ثلاثة إنجازات تذكر له وهو في قبره. كما كتب الرئيس جورج واشنطن خلال أشهره الأولى إلى طوائف الأقليات واعداً إياهم بالمساواة والتعامل وفقاً للقانون. فعلى سبيل المثال، في رسالته إلى قادة الكنيس في رود آيلاند، كتب الرئيس جورج واشنطن: إن الولايات المتحدة لن «تقرّ بأي تعصب، ولن تساعد أي اضطهاد». وفي مباحثاتنا المبكرة في الخارج، وافق الرئيس جون آدمز (رئيسنا الثاني) على معاهدة طرابلس في عام 1797م التي تنصُّ على أن الولايات المتحدة ترى أن الصداقة مع الدول الإسلامية شيء في غاية الأهمية.

ولا تزال الولايات المتحدة إلى اليوم تلتزم بتعزيز الحرية والتسامح الديني. وقد ذكر الرئيس ترامب في مارس الماضي أن «أحد أخطر التهديدات التي تواجه الحرية الدينية هو تهديد الإرهاب»، وأن الولايات المتحدة ستعمل من أجل اليوم الذي «يستطيع فيه الناس الطيبون من جميع الأديان ـ من المسيحية والإسلام واليهودية والهندوسية ـ ممارسة عبادتهم وفق ما يرتضون». وقال نائب الرئيس مايكل بنس في مايو: إن حماية وتعزيز الحرية الدينية ستكون إحدى أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وفي دبلوماسيتنا في الخارج نشجع جميع البلدان على التقيد بالمعايير الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة لحماية حرية الدين والمعتقد، حيث تنصُّ المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي:

«لكل شخصٍ الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير دينه أو معتقده، والحرية في إظهار دينه أو معتقده والدعوة له وممارسة شعائره، سواء بمفرده أو بالاشتراك مع الآخرين، وفي الأماكن العامة أو الخاصة».

وترى الولايات المتحدة أن من الأهمية بمكان معاملة جميع الناس ـ بغضِّ النظر عن دينهم ـ على قدم المساواة، ولا ينبغي إجبار أحد على تغيير دينه أو إسكاته أو قتله بسبب معتقده.

وفي سعينا لذلك عملنا على حماية الطوائف الدينية من اليزيديين والمسيحيين والمسلمين من هجمات داعش. وقد قمنا على حث الحكومات على حماية حقوق جميع المواطنين؛ مثل البهائيين في إيران. وقد آثرنا مع بعض البلدان الأوروبية والآسيوية مخاوف بشأن المعاملة التمييزية ضد المسلمين. وفي بلادنا نسعى جاهدين لضمان الحرية الدينية للجميع، وتعمل وزارة العدل الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي على حماية الحقوق المدنية للجميع، ومنهم المسلمون الأمريكيون.

وترجو الولايات المتحدة أن تجد الفرصة للعمل مع سلطنة عُمان وغيرها من البلدان لتعزيز احترام الحرية الدينية والتسامح. ونحن نفعل ذلك مع قناعتنا العميقة بأن الحرية الدينية هي حق عالمي من حقوق الإنسان، وأن التسامح الديني أداة للسلام العالمي، وأن كل ذلك عناصر حاسمة للأمن والاستقرار والازدهار.

أخبار ذات صلة