اضطراب المعنى الديني في العالم الإسلامي اليوم

Optimized-islamic-spirituality-hero-740x493.jpeg

عادل بن خليفة بالكَحْلة

باحث في الأنثربولوجيا، جامعة تونس.

 

توطئة:

صحيح أن ما نراه من اِلْتباس المحمولات الدينية /الإسلامية مؤلم؛ إذ جعل الإسلام مؤيداً للتبعية ولصندوق النقد الدولي والتفاوت الاجتماعي، مثلما جعل لدى فقهاء السلطة بالقرن التاسع عشر مؤيّدا لدخول الاحتلال العسكري والتعليمي. وقد جعله في بداية القرن الواحد والعشرين مؤيدا لاغتصاب اسم النبي بعنوان خلافته السياسية، ولقمع الحريات ونشر الفوضى والتحالف الموضوعي مع قوة الشر الصهيونية والإمبريالية؛ فلقد صدق ما نقله حكيم الآدميين- محمد (صلى الله عليه وسلم)- من صيران »المعروف منكَرا والمنكَر معروفا«.

ولكن كل ذلك »إيجابي« جدّا، في السيرورة الجدلية لتحول الأمة الإسلامية نحو الأمة المقتدرة حضاريا؛ إذ إنّ فكرها السياسي والاقتصادي المتردّد والتبريري للخطأ والدكتاتوريّ والإكراهيّ أصبح ماثلاً أمامنا: »خلافةً« هوامية، أو »ديمقراطيةً«  تعني ضرب سيادة الأمة وتمكينها. وبذلك تتضح ضرورة الحسم النظري من أجل التقويم بحدّ الممارسة التاريخية التقدمية.

تسرّع الشباب سبباً لفخاخ الشيوخ:

ليس من العجيب أن تتورّط أخطاءُ الشباب المتسرّعة وغير المراجَعة في أخطاء الشيخوخة؛ فإذا تسرّع الشاب في مذكّرة تخرّجه بالقول إنّ » السلفية انتهت بنصّيتها... -في شأن حرية الإنسان ومسائل كثيرة أخرى- إلى مواقف هي إلى العقلانية الاعتزالية أقرب منها إلى جملة المذاهب الجبرية: الجهمية والأشعرية والحلولية « ؛ فإنّ ذلك سيجعله يتسرع في شيخوخته بالتحالف مع ما توهّم أنه أقرب إلى العقلانية وأقرب إلى الاعتزالية؛ ليضرب الفضاء الأشعري (ريفيّا وحضريّا) ديمغرافيّاً ومشروعيّاً، إذا كان يتوقع أن الموهوم قابل للتوجيه العقلاني والاحتواء البراغماتي. وليس المبتدئ في حاجة إلى مناقشة » جبرية « أشعرية و»عقلانية« سلفية، و» سببية« تيموية اقترب منها » الفكر العلمي الحديث مع ديكارت « في زعمه. وفي كلّ ذلك كان خرّيج الفلسفة بكلية الشريعة بدمشق لا يعود إلى المصادر الأشعرية رأساً لينصفها؛ بل إلى نُقُول عنها، وإن كان يعود إلى المصادر التيموية رأساً ليؤوّلها اعتزالياً تعسّفاً.

 لقد كان الشاب القادم من الفضاء المغربي ناقماً على خذلان المؤسسة الأشعرية المغربية للحركة الوطنية، فوقع ببداية سبعينيات القرن العشرين في هجرة وهمية إلى تيموية هُوَامية، دون مراعاة لقواعد البحث العلمي. وذلك ما وفر الاستعدادات النفسية العميقة للوقوع في وهم إمكانية احتواء السلفية الجهادية لتوظيف سبُعيتها من أجل »عقلانية« ديمقراطية هوامية على الفضاء الشامي عام 2011 .

هذه أخطاء الشاب خرّيج الفلسفة، أمّا أخطاء الباحث المؤرخ فلا تقلّ فداحة علمية.                                                                                         فهو لا يبدأ بتحديد مفهوم »القيادة« قبل دخوله في كتاب » القيادة والسلطة (1)«ليجتمع لديه الذاتي والموضوعي، والابتساري والتعسفي. والسلاطين السلاجقة الثلاثة الأوائل لديه يصبحون ذوي »روح جهاد « ص (52)، رغم أن إسلامهم في بدايته مازال هشّا، ورغم أنهم أميّون وأشباه أميّين، وليسوا بالضرورة ملتزمين بكل معايير الإسلام العملية، وأميتهم تمنعهم من التفريق بين  » الجهاد« و »السَّبُعيّة«، ورغم أن هؤلاء السلاطين »العظام« لا يملكون فقهاً سياسياً ولا إرادة وحدوية معلنة في خطابهم وأثرهم التاريخي نجد الباحث والمؤرخ الشاب يعدهم جامعين العالم الإسلامي على »وحدته السياسية«. 

ورغم أن زنكي أقرب إلى الأمية الثقافية والفقهية وأبعد عن الأخلاقية السياسية، وخلافة النبي الانتحالية؛ نجده يعدّ قيادته »قيادة صالحة، مرنة، ذكية، مخلصة، مجاهدة، تعرف كيف توجه الحركة إلى هدفها المطلوب« ص (54)، بينما كانت قيادته واقعيا قيادة براغماتية، توريثية، عائلية،  لا علاقة لها بالإخلاص؛ لأنها تبحث عن الانفراد بالمجد، ولا علاقة لها بالجهادية؛ لأن زنكي لم يقدّم قراءة في هذه المقولة. ولذلك كان بحثه عن الغلبة من أسباب تمكّن الصّليبيين؛ إذ لم يكن الإيلاف الإسلامي والتحالف الإقليمي من أولوياته، وكانت سلطته غير قائمة على »الشّورى« فضلاً عن »الولاية العامّة«، فهي دكتاتورية فردانية عائلية، ذات مسعى مَجْديّ، لا غير. ولذلك من الطبيعي أن يسمح خطأ المؤرخ الشاب »التنويري«  بأن يُلْتَقف فيصبح » كتيبة نور الدين زنكي« لإقامة دولة »إسلام هوامي«، سَبُعيّ لا علاقة له بدستور النبي (الصحيفة). والمؤرخ الشاب  لا يتفطن لمخالفته لقواعد البحث العلمي الدنيا عندما يقول: إن »العثمانيين اعتنقوا الإسلام بإخلاص بالغ« ص(58)، فالإخلاص مقولة نفسية باطنية، لا يمكن للمؤرخ أن يحدد معاييرها. وهو يقول بحماسة: »إنهم جاؤوا استجابة لنداء تاريخي« دون أن يتفطن أن هذه الجملة ليس لها محمول علمي مطلقا. فالعثمانيون الأوائل كانوا أقرب إلى الأميّة الثقافية والفقهية، ولم تؤسس الخلافة العثمانية فلسفة، بل قمعت الحضور اليتيم لعلاء الدين الطوسي ومنعته من التفلسف(2)، وعاشت الماتريدية على أيديهم تدهوراً، على عكس نموّها العظيم  بالهند. وهو لا يتفطن إلى عدم خلافية الخلافة العثمانية، فلم تخلف النبي في روح دستوره (الصحيفة) من حيث »الربعة« أي الاستقلال الذاتي للأفراد والجماعات  بالدولة، و»الولاية العامة« المتمثلة في انتخاب »النقباء«  و»الشّورى«، بل كانت »الخلافة« وراثية، دكتاتورية، منفردة بالمجد الفردي والعائلي والعرقي، ولم تعرف إنقاذاً للحضارة الإسلامية (في العلوم الطبيعية والتقانية والإنتاج الاقتصادي...)، ولم تعرف الفلسفة والازدهار في الفنون التشكيلية كالهند المغولية. وقد كان المؤرخ الشاب متجاهلاً في كل كتاباته للإمبراطور أكبر، الفقيه والرسّام والفيلسوف وموحّد الهند ومنشئ الدستور والتعايش بين الأديان.

وتبدو ذاتية المؤرخ الشاب وعدم علميته في تناوله للقيادة العباسية، فيعدها »حارساً أميناً لوحدة العقيدة الإسلامية« (ص50)، دون أن يبيّن محمول »الحراسة« ولا معنى »الأمينية«. وقد تغاضى عن قهر المنصور لأبي حنيفة ومالك بن أنس وقهر المتوكل للمعتزلة، حاصرا القهر العقيدي العباسي في »المأمون والواثق اللذين التزما خط الاعتزال« (ص50). ورغم أن المتوكل عاقب المعتزلة الذين كانوا ضد معتزلة السلطة بجريمة لم يقوموا بها، لم »يندّد« المؤرخ الشاب بقهرية الخليفة المعربد، المتوكل. وقد رأى أن الوحدة هي وجود خليفة واحد، بينما يخالفه بعض الفقهاء -حتى العباسيين- في ذلك؛ فمن الممكن بحسب هؤلاء البعض وجود »إيلاف« بين مجموعة من الخلفاء.

وقد رأس المؤرخ الشاب أن »عدداً من خلفاء بني أمية على قدر طيب من الالتزام« (ص48)، ولا نعرف عددا في ذلك سوى وحدانية عمر بن عبد العزيز. ورأى في ''المعارضة'' ردّ فعل، وليس وجودا أصيلا في الإسلام وخلافة النبي سياسيا، فهي »سبيل لتدمير السلطة المركزية وتفتيت الوحدة« (ص33)، ولم يكن عثمان مخطئا في شيء من وجوده السياسي. وقد نفى وجود معارضة من أبي ذر الغفاري، وقد »نفاه الخليفة إلى صحراء الربذة مقطعا إياه قطيعا من الغنم وصرمة من الإبل«في الآن نفسه (!)؛ بل كان المنفى » بإرادة من أبي ذرّ نفسه« (!) (ص35).

أما المعارضة على عثمان »فسببها« شخص اسمه »عبد الله بن سبأ«؛ فالمعارضة غير ممكنة في إسلام المؤرخ الشاب. وهكذا أدى هذا الخطأ القاتل - بعد أقل من 50 سنة - إلى ظهور الدولة السلفية الجهادية بالعراق والشام، دون قصد واع من المؤرخ الشاب، فهي شرعنة طفولية للدكتاتورية، وقتل رمزيّ لدستور النبي وولاية الأمّة فيه.

وقد عدّ المؤرخ الشاب دولة النبي »دولة يثرب« بإطلاق، في حين أنها لم تكن كذلك إلاّ بداية، وعدّها دولة »مهاجرين« و» أنصار« فحسب، في حين أن الدستور وعدّها مفتوحة: »ومن تبعهم فلحق بهم« (في ديباجة الدستور). وقد أغفل المؤرخ الشاب أن جلّ الكيانات السياسية بعد الرسول لم تكن دستورية، وهي هنا – بالأقل – لم  تَخْلف النبي، فلم تكن خلافة له، وذلك تأسيس للدكتاتورية المطلقة. وقد رأي المؤرخ الشاب أن كل معارك النبيّ »غزوات«، في حين أن »الغزو« هو دخول في حِمى الغير، ولم يدخل الرسول في بدر وأحد والخندق حِمى غيره. وبذلك صوّر المؤرّخ الشاب النبيّ دون قصد غازيّا، ككل قبائل عصره، معيدا لإنتاج سبُعية العرب. وهكذا أسس قبل أقل من 50 عاما لـ»غزوات« السلفية الجهادية وشرعن لها دون قصد. فحتى قرار النبيّ فتح فارس السّاسانية والحِمى البيزنطي إنما كان دفاعا استباقيّا ضدّ قرار ساساني- بيزنطي سابق باستئصال الدين الإسلامي ودولته، وكانت مؤتة وتبوك ضمن الحِمَى الإسلامي المحمدي آنئذ.

وفي عدِّ المؤرخ الشاب لدولة النبي » دولة هجرة« (ص10) مارس خطأ نِسْبيّا؛ إذ سيؤوله الاستعداد السَّبُعي / الأعرابي دولة »مهاجرين« من جميع أنحاء العالم في بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين.
 

 «التمكين» : تمكين الحزب أم تمكين « الشعب »؟

في الآية القرآنية الشريفة: { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ( 5 ) ونمكن لهم في الأرض ( 6 ) } (سورة القصص، الآية 5 و6)، نلاحظ أن » التمكين« مرتبط عضوياً بالاستضعاف والإمامة العامة  والوراثة الجماعية. فالتمكين القرآني لا علاقة له بأهل القوّة المالية أو السياسة، بل يهمّ »المستضعفين« فقط، فالإرادة الإلهية في التمكين، حسب سورة القصص، متعلّقة » بالمستضعفين« وحدهم.

والجعل الإيجابي (التمكيني) لهؤلاء » المستضعفين« سابقا يقتضي الإمامة الجماعية (»أئمة «)؛ أيّ أن الإمامة الاحتكارية (سورة التّوبة، الآية 12) ستجتثّ لتصبح الأمة ممارسة للإمامة الجماعية.

والإمامة الجماعية تشمل أَرَانَيْنِ(3) :

  • أران الولاية العامّة: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (سورة التوبة، الآية 71)؛ أي أران المشاركة السياسية اليومية والشاملة فوق الحمى السياسي في » الأمر الجامع« (المؤمنون، الآية62)، وهو لا يستثني جنساً من الجنسين أو طبقة أو عرقاً أو طائفة مذهبية.
  • أران الشورى: (أو الإمامة الخاصة الجماعية)، وهو أران منبثق من الولاية العامة؛ أي أن الولاية العامّة تبلور انتخابيّاً ولاية الأمر؛ أي الولاية التي تتطلب عزيمة (أو »قرارات« باللّغة المعاصرة) عاجلة في الأمر الداخلي والأمر الخارجي. فالشورى منبعثة من » بيننا« : {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (سورة الشورى، الآية 38). وبذلك ستكون الإمامة الخاصة الفردية قرينة للإمامتين الجماعيتين.

من سوء الحظّ أن مسألة » التمكين« أصبحت في الفكر الديني الإسلامي الراهن تعني تمكين الحزب؛ أي ماذا يملك من مقاعد بالبرلمان وماذا يملك من حقائب وزارية. وباعتبار أن التمكين أصبح حزبيّا، فلا مانع من أجل الوصول إليه ثمّ تثبيته من التنسيق مع القوة الإمبريالية، ومن الإبقاء على العلاقة القانونية بحلف شمال الأطلسي، ومن العلاقة القانونية بدولة إسرائيل، فالتّقية مع القوة الإمبريالية والتّقية مع دولة إسرائيل ضروريتان من أجل ضمان » التمكين« الحزبي.

وإذا كان » التمكين« الحزبي (بموجب هاتين التَّقِيَّتيْنِ) لا يستقيم مع البحث عن السيادة الوطنية على الموارد الباطنية وعلى العدالة الاجتماعية (إذ إن القوة الإمبريالية رأسمالية التوجّه الاقتصادي)، وعن معالجة موضوعات التحرر الفلسطيني، وعن مراكمة وحدة الشعوب الإسلامية ، ووحدة طوائف المسلمين، ووحدة الشعوب المناضلة ضدّ الامبريالية، فإنه يتطلب الانخراط في السياسات الإمبريالية وسياسات صندوق النقد الدولي ومجاملة الزعامات الإسرائيلية والمَجامع الصهيونية. فالتقية » التمكينية« تبيح المحظورات، وربما كان ذلك وقتياً، ولكنّ الإستراتيجية الحزبية ليست واضحة لتؤكد الوقتية، بل هي ضبابية وليست قائمة على أهداف محدّدة ولا توقيتات مضبوطة.

لقد أثبتت التجربة أن » التمكين« البرلماني ليست له إلا قيمة عددية، فلا قيمة كيفية له، ولقد مُرّرت في البرلمان في ظلّ هذا » التمكين« قوانين تناقض السيادة الوطنية ووحدة شعوب الإقليم ووحدة شعوب العالمين العربي والإسلامي، وأحبطت مشاريع قوانين تضادّ التطبيع مع إسرائيل والمجامع الصهيونية. ولم تُمَرّر مشاريع قوانين تكرّس العدالة الاجتماعية (طبقيّا وجهويّا) والسيادة الثقافية وقوّة الدولة.

كما أثبتت التجربة أن » التمكين« الوزاري كان يعني وجود وزير » تمكيني« دون تمكين حزبي بالوزارة؛ إذ ثبتت صلابة الدولة العميقة (4)؛ فالدولة العميقة هي التي تتحكّم بالوزارات وقراراتها، عازلة الوزير، ومطيحة حتّى بهيبته القانونية، فضلا عن صلاحياته. ولقد كان بإمكان الدولة العميقة أن تخرج الوزير » التمكيني« إخراج الوزير الضعيف، والوزير غير الكفء. ومن ثمة استطاعت أن تخرج حركة الإسلام السياسي في صورة الحزب الهاوي للسياسة، بل الممارس لها في هيئة كاريكاتورية. وفي الآن نفسه كانت الدولة العميقة تجعل من هذا الوزير مثبّتاً لمشروعيتها الماضية واللاحقة والأبدية، والمثبت لمشروعية الإبستيميّة الرأسمالية والتبعيّة والتطبيعية. وبذلك كان »التمكين« الحزبي ناسفاً للتمكين الشعبي (=القرآني)، ولم يكن إلاّ مطية لتمكّن بعض الأعضاء من التشغيل والمكانة الاجتماعية الرفيعة والاندراج بالدّارة المالية النفطية.

 

خطوات في الديمقراطية وأخرى في الانقلابية:

منذ البداية كان هناك ازدواج سياسي، وإن كان هذا الازدواج لا يتحمل مسؤوليته والوعي به إلا بعض القيادة آنئذ. فلقد كانت حقبة المؤسّس الأوّل في طريق الحزبية العلنية والمجال الانتخابي وتعميق المجتمع المدني والحوار داخله، ولكن في الآن نفسه، كان هناك»التنظيم الخاص(5) وهو ميليشيا لم يكن يعلم بوجودها بل حتّى بمشروعيتها جلّ المنخرطين، لها تدريباتها العسكرية من أجل إسقاط النظام بـ  » الغلبة« .

وقد شجعت دكتاتورية الدولة الوطنية، وموضة الانقلابية القومية، ظهور » القطبية« بما هي نزعة انقلابية ورغبة غلبة بواسطة عسكريين منخرطين بالجيش النظامي أو خارجه في ميليشيات مدرّبة. ولقد وجدت الفرَّاء والمَاوَرْدي في » الأحكام السلطانية«   يبرران أخذ السلطة (=» الأمر« ) بالشوكة والغلبة، كما برّر الغزالي رأس أكاديمية السلطة (=»المدرسة النِّظامية« ) التغلب، بل حتى تغلب غير الكفء وصغير السنّ والاحتكار العائلي للسلطة والاستظهار بالقوة العسكرية، في كتابه:» المستظهِريّ« .

وليست إبيستيمية حركة الإسلام السياسي الراهن في حاجة إلى الإعلان عن تبنيها للأطروحة السياسية الماوردية / النِّظامية / التيموية؛ إذ يكفي أن نعرف أنها تضفي المعصومية على كلّ الإرث التديني العباسي، بما فيه شقه السياسي. فالأخطر من التبني الواعي إنما هو التبني الضمني غير الواعي.

و بذالك كان نص الإسلام السياسي المعاصر متناقضا: بين فكرة » شورى « مبهمة، غير واقعية، وغير مندمجة ضمن قراءةٍ كلية بنيانية للنص القرآني والممارسة المحمدية ( بما هي الممارسة السيادية في التمثل الإسلامي)، وعليه فهي فكرة غير خلاّقة للفعل السياسي ذي » الولاية العامة «.وهي أيضاً بين شهوة السلطة و» التمكين « الحزبي،  المشرعَنة بالإرث السياسي العباسي ( الإرث الماوردي/ النِّظامي/ التيموي )؛ فلقد كان الواضح والتفصيلي في هذا الإرث هو شرعية الغلبة والشوكة لا فكرة »الشورى« الضبابية والهامشية. فإذا ركّبت الإمكانية الشرعية للانقلاب (= الغلبة) مع إستراتيجية » التمكين « الحزبي وتَقِيَّة الديمقراطية، أصبح الانقلاب شرعيا إذا قام به أحد أعضاء الحركة العالمية؛ كحالة السودان عام 1989، رغم أنها كانت ضد سلطة شرعيةٍ دستوريًّا وانتخابياً وعملياً، إذ لم تكن معادية للحريات ولوجود الحركة نفسها، فيبارَك من جميع فروع الحركة في العالم الإسلامي؛ وإذا كان الانقلاب من غير أعضاء الحركة، كان مداناً وغير شرعي ، بكل المعايير الدينية والديمقراطية و» الكونية «. وإذا كانت الأيادي الإمبريالية هي التي كانت وراء الانقلاب غير » الشرعي « ينبغي ألا تدان، وإذا أدينت ينبغي ألا تسمّى، كما ينبغي عدم قطع العلاقات معها ؛ لأن  ذلك مخلّ بشروط التمكين »الحزبي« .

 

فتح الله كولن: وعي سياسي دكتاتوري بنوايا حسنة واتجاه اقتصادي رأسمالي متوحش:

يعتقد فتح الله كولن أن بعث الحياة في أمتنا لا يكون إلا بـ»روح ماضينا« (مجلة حراء(6)، يناير/فبراير 2016، ص2). ولكن هذا الماضي دون رؤية نقدية، فكل ماضيه معصوم. كما أن الماضي ليس هو الحل السحري لأزمات حاضرنا، في حين أن الحاضر  والمستقبل أهم.

يستشهد فتح الله كولن بمن يراهم رموز العدل عند المسلمين ومن هؤلاء »شهامة صلاح الدين التي أبداها لقلب الأسد ريتشارد، ذلك المتجبر« (حراء، م.س). هذا في حين أن صلاح الدين لم يكن شهما مع الفيلسوف شهاب الدين السهروردي، فقتله دون أن يرتكب جريمة ضد نظامه، ولا يغفر له "ذنب" التفلسف مثلما غفر لقلب الأسد، كأن السهروردي لا يحمل قلب إنسان. وليس صلاح الدين نموذجاً لنا – سياسياً - اليوم؛ لأنه كان مؤسساً لحكم وراثي، ولم يكن ذا نمط جمهوري، مثل دولة الخلفاء الراشدين ودول الخوارج ودولة الزنج ودولة القرامطة. ولم يؤسس اقتصاداً عدالياً، بل واصل في الاقتصاد التفاوتي واسترقاق الأعراق الأخرى، وقد حرّر القدس، ولكنه قدّم في الآن نفسه مدنا لبنانية  وفلسطينية مجاناً للصليبيين، ولذلك رجعت القدس محتلة(7) حتى حررها المماليك (الأسرة المالكة الموالية) بعد أكثر من 80 سنة !!

و قد جعل فتح الله كولن »ألب أرسلان« و»كيليج أرسلان« قدوتين له، ربما لأنهما تركيان، في حين أنهما كانا متسامحين مع العدو، ولم يكونا متسامحين مع شعبيهما، وكان حكمهما عسكريا /وراثيا/ عنصريا (منحصرا في عائلة من العنصر التٌّوراني)، وكان اقتصادهما مؤبداً للفقر، ولم تكن سياستهما تجاه الصليبيين ناجعة.

و هو يقتدي أيضاً بمحمد الفاتح، وهو كان يملك إيجابية عظيمة هي القضاء على الخطر البيزنطي الذي دام 8 قرون، ولكنه لم يكن جمهورياً على الطريقة الراشدية، ولا مساواتيا على الطريقة العمرية، ولم يوقف مد التخلف الإسلامي، بل استمرت الأمة في نومها الحضاري، وقد حرمت الدولة العثمانية الفلسفة والعلوم الطبيعية، ولم تنتج فيلسوفاً واحداً. وفتح الله كولن -(مثل خصمه الإيديولوجي)- يحنّ إلى » فتح« للعالم الإسلامي، كأنه عالم » كفر« و» اعتداء« على الإسلام، ويجعل محمد الفاتح » فاتحاً متوّجاً بلقب الخليفة الأوحد ، والرمز الوحيد للعالم الإسلامي أجمع « (حراء، م.س). فهو لا يؤمن ظاهرياً بالوحدة التعددية للعالم الإسلامي (وحدة فيدرالية، وحدة كنفيدرالية...)، ولا يؤمن بالقرار الديمقراطي لشعوب العالم الإسلامي لتحقيق تلك الوحدة، فذلك سيكون في نظره بفتح عسكري وقتل، كما حدث » لفتح القاهرة وقتل أميرها المملوكي« (م.س). ومازال كولن لا يعرف شيئاً اسمه النظام الجمهوري (أو نظام »الألفة« كما قال المسلمون القرامطة)، بل مصرّ على أن» الخلافة« العثمانية هي » خلافة« لسياسة النبي وسياسة الراشدين، وهي ليست بخلافة بالمرة؛ لأن خليفة المرء هو الوريث لكل ما يخص الميت أو المسافر، فهذا سليمان القانوني قتل وزيرَه وإخوَتَه من أجل تثبيت حكمه (الذي كان فيه الفضل الأكبر للوزير)، ولم يكن خليفة لعدالة النبي والراشدين، وكان مفرطا في عدد زوجاته، وقتله بالظنّة والشبهة .

و وعي سياسي مثل هذا سيعيد إنتاج الأزمة الأناضولية وأزمة بلاد الترك عموما (آسيا الوسطى+الأناضول)؛ لأنه لا يستطيع مطلقاً أن يغير الواقع بفكر ماضوي تعصبي، غير نقدي مثل هذا. ورغم أهمية الحيوية الاقتصادية والاستثمارية لجماعة "خدمت" ودورها المحوري في التحول الاقتصادي الأناضولي؛ فإنها حيوية/رأسمالية، حيوية "الدُّولة؛ أي الاحتكار الاقتصادي والتفاوت (="البخس")، وليس بإمكانها إيقاف تفاقم إفقار الشعب الأناضولي...

ويرى صاحب جماعة  »خِدْمَت« أن »بالسوق وحده، وداخل الفضاءات الّتي ينتجها السوق يمكن للإسلام أن يحقّق كامل إمكانياته «1. ولكنّ المغالطة تبدو هنا – بدايةً - في كلمتي »كامل« و»وحده«، كما أنّ بلدًا من العالم الثالث يعاني الكثير من الفقر والهامشية الطبقية والجهوية، والعطالة عن العمل، لا تناسبه مبادرات رأسمالية، لا تنفع إلّا أصحابها وعدداً محدوداً من المستخدمين. فحتّى أسعار الدراسة في مدارس الجماعة غالية جدّا، علاوة على أنّها تعيد إنتاج التّبعيّة الثّقافية، خاصّة المؤسّسة المدرسيّة الأمريكيّة.

لا بد للنخبة التركية أن تثور على تعصبها الأتاتركي؛ لأن أتاتورك رمز التبعية الثقافية والاستنساخ الرأسمالي الرديء، وأن تثور على وهم خلافة العثمانيين للنبي محمد، وأن تنتج حكمتها(فلسفتها) التي غابت قرونا.

في مقابل ذلك لم يكن وعي الجمهورية الإيرانية مرتبطا بماض صفوي ولا قاجاري؛ لأنه يحمل قطيعة مطلقة مع الدولة الإيرانية السابقة لها. فعندما نراجع خطاب مؤسسي تلك الجمهورية؛ لن نجد أسماء سلاطين كما يفعل كولن وأردوغان وداود أوغلو(8)، بل إن وعي الجمهورية الإيرانية مرتبط بمعالم ثورية (لا سلطوية): ثورة التبغ، الثورة الدستورية، ثورة مصدّق الكاشاني، ثورة 1978-1979. ولذلك هو وعي مستقبلي، قابل للتحسين، بل للتحطيم  وإعادة البناء دون خوف. وهو وعي مرتبط بالفلسفة (ابن سينا، الموسوي،صدر الدين الشيرازي...)، والفلسفة هي إعمال العقل دون ارتهان للماضوي ولا للراهن...

قد يكون كولن بريئاً من الانقلابية، في حين أن خصيمه الإيديولوجي  أقرب إليها؛ لأنه قبل انقلاب نظيره في السودان وانقلاب الميليشيات على النّظام العربي، وتُؤيد الغلبة والشوكة بمخيمات التدريب على الحدود الجنوبية. ولكن سذاجة كولن الفكرية لن تستطيع القضاء على الدكتاتورية الأناضولية ذات المساحيق الديمقراطية، بل قد يستطيع المنفلتون من الانضباط تأويل تعصبه السلجوقي-العثماني باتجاه الانقلابية.. وذلك ما قامت به المدرسة النظامية السلجوقية من قبل؛ إذ كان كتاب "المستظهري" مشرعنا للدكتاتورية باسم الدين،    وهو منها براء؛ لأن النبي لم يكن دكتاتوريا، وهو صاحب دستور وصاحب مساواة، وهو الذي غاب اسمه عن خطاب »خِدمت وخصيمتها«، في حين حضرت أسماء السلاطين التورانيين "العظماء"بقوّة في الخطابين.

 

الاستظهار بالسلاجقة وجند الترك أو بالويغور والشيشان من أجل الغلبة:

كان الترك في عهد صاحب المستظهري -أبي حامد الغزالي- باعترافه هو »يتهجمون على مخالفة أوامره ونواهيه، ويتعدّون الحدود المرسومة لهم فيه«، وكانوا »في حركاتهم لا يترددون إلا خلف شهواتهم. وإذا هاج لهم غضب أو حركتهم شهوة أو أوغر صدورهم ضغينة، لم يبالوا بالإتباع، ولم يعرفوا إلا الرجوع إلى ما جبلوا عليه من طباع السباع«(9) .

ورغم ذلك، كان رأس أكاديمية السلطة (المدرسة النظامية) يشرعن اتخاذ العائلة العباسية للترك شوكة؛ إذ إن الإمام »يجب أن تكون له شوكة«، و» شوكته لا تزيد على الطاعة المشروطة على الأرقاء والعبيد في حق ساداتهم، لا على الطاعة المفروضة على المكلفين لله ورسوله«(10) فهو يعترف أن الاسترقاق مخالف لعبودية الله ومخالف لحالة التكليف الضرورية بسنن النبي، وعليه فاتخاذ شوكة الترك ليست من شريعة الله ورسوله في شيء.  

فالمهم في نظر منظّر الدكتاتورية –الغزالي- هو ألا ينسلخ موفرو الشوكة من الترك والويغور والشيشان وغيرهم، عن »إهاب الإسلام« (11) ، و»الإهاب« هو الجلدة، أي الظاهر، فهم »لا يغيرون العقيدة عن الموالاة ولو قطّعوا إربا« (12) ، والواحد منهم نجده »عفّر خدّه في التراب متواضعا، ووقف وقوف أذل العبيد على بابه ]أي باب »الخليفة«  [، وانتهض ماثلا على رجليه عند سماع خطابه«(13) وهذه العبودية التركستانية المطلقة للخليفة (سواء كانت بالقرن الخامس الهجري أو القرن الواحد والعشرين الميلادي) هي نفسها »الجهاد«، لأنها هي التي تؤدي إلى أن يكون »النضال دون حوزة ] الخلافة[ جهادا في سبيل الله نازلاً منزلة جهاد »الكفار« (14)؛ إذ إن كل معارض للخليفة أو معترض عليه هو »كافر« .

وبذلك فإن التركستانيين - وغيرهم من أصحاب الشوكة- إذا ترددوا »خلف شهواتهم« بسبي نساء العراق وسوريا واغتصابهن، و»هاج لهم غضب« فدمّروا التدمير الفظيع وقتّلوا التقتيل الإبادي، وكانت لهم ضغينة على المسيحي والإيزيدي والصابئي، فحطّموا معابدهم أو أكرهوهم على الإسلام، وكانوا قليلي الالتزام »بأخلاق الدين« ، كان ذلك مباحاً لهم، فالمهم هو طاعتهم لأوامر »الخليفة« و»الأمير«، وحفظ »دولة الإسلام« السلفي، أمام »الكافرين« بها.  

  1. »المهاجرون« و»الأنصار« في حِمَى »الخلافة« السّلفية الراهنة:

6-1 - مشروعية »الغزو« والسبي والغنيمة:

         في السّيرة النّبويّة لمحمد بن عبد الوهّاب نجد محمداً متخيّلاً وهابيّاً؛ فنبيّ السلفية الجهادية له »غزوات« يقتحم أحمية الآخرين وله الحق في النهب والسلب واسترقاق الرّجال وسبي النّساء، وإكراههم على ''الإسلام''؛ أي الدّين السّلفي. فلا بدّ من اختلاق محمد آخر ذي سجايا أعرابيّة نهبيّة (فلا فرق بين النبي السلفي وبين زعيم قبيلة أعرابيّة مترحلة تعيش على القتل والنّهب والسّلب إذا قُمنا بمقارنة)، لتكون التَّحْمية السّلفيّة شرعيّة. هذا في حين أن القرآن الكريم ضد الاعتداء }ولا تعتدوا{ (المائدة:87) ، }فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم { (البقرة:194) ، والنبي بصريح القرآن »عبد« فلا يمكن له مخالفة الأمر الإلهي. فما تقوم به السلفية الجهادية مشروع؛ لأنّه تمثّل عمليّ لما قام به النبيّ السلفي الجهادي.

 فإذا كانت كلّ معركة قام بها الرسول هي »غزوة«  فستكون »غزوات« اليوم لأيّ داخليّ وأيّ خارجيّ مشروعة. وذلك رغم أنّ »الغزوة« هي الدخول لحِمى الآخر بينما لم يدخل الرّسول (ص)  حِمى غيره؛  إذ إنّ بدرًا وأحدًا والخندق في حمى دولته، وحتى مؤتة وتبوك أصبحتا في حماها.

«المهاجرون» و«الأنصار»: مقارنة بين الحمى في القرن7 والقرن21:

رغم أنّ المقاتلين الأجانب في سوريا يسمّون أنفسهم »المهاجرون« ويسمّون السّكان الأصليين » الأنصار« ليس هناك تماثل سوسيولوجي بين الوضعيّتين بالقرنين السابع والواحد والعشرين.

في حالة القرن السابع الميلادي - حالة دولة النبيّ - جاء الأنصار إلى العقبة الأولى، فتكوّن الأنصار قبل تكوّن المهاجرين. ثم ذهب الأنصار إلى العقبة الثّانية لطلب هجرة المسلمين المكّيين مع النّبي في مقايضة لأمنهم مع إطفاء الحرب الأهليّة التي كانت في يثرب.

وبالعكس في حالة القرن الواحد والعشرين الوَهْمِية كان » المهاجرون« قبل وجود »الأنصار«، وليس هناك طلب سوري من الأكثرية السّوريّة لهؤلاء »المهاجرين«. وفي حالة القرن السابع هناك نبي ولم يكن هناك خليفة، ولا ندري إن كان الخليفة الرّاهن»خليفة« فقط أم نبيًّا مؤسِّسا:

فقد كان في حالة القرن السابع دستور »الصّحيفة«، وليس هناك دستور مكتوب في حالة القرن الواحد والعشرين.

وينصّ دستور المدينة منذ البند الثاني على ما سمّاه » الرِّبْعة« (سلطة الاستقلال الذّاتي). أمّا في حالة القرن الواحد والعشرين فليس هناك رِبْعة، وكل نقاش أو رفض هو تمرّد على الخليفة أو »الوالي«، لأن »الخليفة« معصوم ينبغي أن يطاع، فهو »نبي« مؤسس في الحقيقة وليس  »خليفة « فقط.

وفي حالة القرن السّابع  لم يفقد سكّان يثرب سلطتهم، بينما في ولايات(15) السّلفية الجهادية يخسر السّكان الأصليون كلّ السّلطة، بل يقع حذف البلديّة والموظّفين الذين كانوا يشتغلون مع »الطّاغوت«، وربّما يعاقبون من أجل ذلك.

وفي حالة القرن السابع، بقي » الأنصار« أكثريّة ديمغرافيّة، وأكثريّة مالكة للثّروة تبعا لذلك. وفي القرن الواحد والعشرين، يمكن لأجانب السّلفيّة الجهاديّة »المهاجرين« أن يصبحوا أكثريّة بالمدينة أو القرية أو المدشرة السّوريّة والعراقيّة، وفي كلّ الأحوال يُغْرق رأسُ المال الذي يملكونه (عملة أجنبيّة، مَدَاخيل النّفط المنهوب…) كلَّ رأس المال المحلّي.

***

خاتمة:

يقف الفكر الإسلامي اليوم أمام آخر مرآة تاريخية. إنّه يرى أمامه نتائج تردّده، وعدم حسميّته، وانحيازه المتواري أو التبريري أو الصّريح للدّكتاتورية والانقلابية والغلبة والشّوكة، والاقتصاد التفاوتي والاحتكاري ، وعدم استيعابه للحداثة. إنّه يرى ذلك في مرآة التطبيق »الخلافي« والتطبيق »الديمقراطي«. فرغم آلام هذا الاكتشاف، ليس ممكنا تغيّرُهُ الجذري إلّا بها.

***

هوامش:

  1. خليل (عماد الدّين)، حول القيادة والسلطة، دار الهدى، تونس، 1989.
  2. انظر: سعادة (رضا)، مشكلة الصراع بين الفلسفة والدين ... إلى علاء الدين الطوسي والخواجة زاده، الدار العالمية، بيروت، 1981.
  3. الأران: Dynamic (Noun)
  4. مفهوم سوسيولوجي استنبطه عالم الاجتماع الأمريكي جون سكوت.
  5. هو »الخلايا النوعية« في بلاد المغرب بأوّل تسعينيات القرن العشرين.
  6. هي مجلة تنشرها جماعة »خدمت«
  7. ابن شدّاد، الأعلاق الخطيرة في أمراء الشام والجزيرة، وزارة الثقافة، دمشق 1991، ص 177 و178.
  8. يافوز (خاقان)، نحو تنوير إسلامي فتح الله كولن، منتدى العلاقات العربية الدوليّة، الدّوحة، 2016، ص47.
  9. داود أغلو، العمق الاستراتيجي.
  10. الغزالي (أبو حامد): المستظهري أو فضائح الباطنية وفضائل المستظهرية، دار الكتب الثقافية، الكويت 1983، ص182.
  11. (2) و(3) و(4) و(5) الغزالي (أبوحامد) م.ن، ص183.
  12. الغزالي (أبوأحمد)، م, ن, ص 183 أيضا
  13. الولاية: Gouvernance

أخبار ذات صلة